فرقة أدونيس... بين «وديان» الموسيقى وسهولها والقمم

ألبوم جديد يحمل نسيجاً متعدّد الأمزجة والإيقاعات

جيو فيكاني ونيكولا حكيم وجويي أبو جودة وأنطوني خوري أعضاء فرقة أدونيس (إدارة أعمال الفرقة)
جيو فيكاني ونيكولا حكيم وجويي أبو جودة وأنطوني خوري أعضاء فرقة أدونيس (إدارة أعمال الفرقة)
TT

فرقة أدونيس... بين «وديان» الموسيقى وسهولها والقمم

جيو فيكاني ونيكولا حكيم وجويي أبو جودة وأنطوني خوري أعضاء فرقة أدونيس (إدارة أعمال الفرقة)
جيو فيكاني ونيكولا حكيم وجويي أبو جودة وأنطوني خوري أعضاء فرقة أدونيس (إدارة أعمال الفرقة)

تستوحي فرقة «أدونيس» ألبومها الجديد من الحياة بدروبها الشاقّة، بوديانها وسهولها وقممها الشاهقة. لم يُطلق الموسيقيون اللبنانيون الأربعة على مجموعتهم الغنائية عنوان «وديان» عبثاً. للألبوم حكايةٌ يشبه بطلُها البشرَ العاديين الذين يصلون إلى حافة الهاوية ويختبرون قعرها.

«الناس عموماً، والجيل الصاعد خصوصاً، يريدون موسيقى تشبه الحقيقة وكلاماً مقتبساً من الواقع، وهذا ما نحاول تقديمه». يتحدّث أنطوني خوري، مغنّي الفرقة، لـ«الشرق الأوسط»، عشية إطلاق ألبوم «أدونيس» السابع، والذي يضمّ 12 أغنية.

الرحلة عبر الألبوم والانتقال من أولى أغانيه إلى آخِرها، كما الخروج من مكانٍ صاخب مليء بالناس، والذهاب طوعاً نحو العزلة. لدى «أدونيس» حرصٌ على سرد الحكايات من خلال الموسيقى: «تتنوّع المشاهد أمام عينيْ بطل الألبوم. يسير نحو مكانٍ غير مأهول، يجد نفسه حيناً في الوادي السحيق فينتابه الخوف، وأحياناً على قمة الجبل فتتغيّر انطباعاته».

غلاف ألبوم «وديان» لفرقة أدونيس اللبنانية (إدارة الأعمال)

هذه المشهديّة الطبيعية المتبدّلة انعكست حتماً على مزاج الألبوم وألوانه الموسيقية. صحيح أنّ الهوية الأساسية هي «الإندي روك»، كما في «ناديني»، و«لو بدّك ياني»، إلّا أنّ للـ«RnB» مساحته كذلك في أغانٍ مثل «ما اعرفها». تخوض الفرقة أيضاً تجربة الـbaroque pop حيث يتداخل البوب الهادئ والموسيقى الأوركسترالية في أغنية «الطريق السريع». ومهما تعدّدت الأنواع الموسيقية في «وديان»، يبقى الثابت ذلك الدمج المتقَن والسلس بين الغربي والشرقي، والذي يبلغ ذروته في «خود ساعات».

وفق أنطوني، فإنّ الفرقة حريصة على الهوية التي عُرفت بها، منذ انطلاقتها قبل 14 عاماً؛ أي الروك الكلاسيكي المستقل والناطق باللهجة اللبنانية. لكن في مقابل هذا الثبات، ثمة كثير من التحوّلات. سارت «أدونيس» على إيقاع التجديد في موسيقاها. يعدّد أنطوني مفاتيح التطوّر: «أوّلاً نحب أن نتسلّى بالموسيقى ونصنع ما ليس متوقّعاً. ثم إننا نفتح دائماً باب التعاون مع موسيقيين آخرين آتين من خلفيّات ثقافية متعددة». هذا ما حصل في «وديان»، حيث كانت للمنتج الأردني عمرو الشوملي اليد الطولى في العملية الإنتاجية، إلى جانب المنتجيْن اللبنانييْن تَيم وروبير الأسعد.

في «وديان»، كما في سائر أعمال «أدونيس»، لا يقتصر اللهو بالموسيقى على اللحن، بل ينسحب على الكلام. ليس مستغرباً مثلاً أن تتداخل اللهجتان اللبنانية والأردنية في أغنية مثل «ما اعرفها»؛ «ما المانع في ذلك؟»، كما يعلّق أنطوني مبتسماً. هو الذي أمضى فترات طويلة في عمّان لإنجاز الألبوم، كان لا بدّ من أن يتأثّر باللهجة ويضمّنها إحدى الأغاني.

يتولى أنطوني إضافة إلى الغناء كتابة الأغاني وتلحينها (إدارة الأعمال)

يكتب الكلام مستنداً إلى موهبةٍ تتمازج فيها لغة الناس مع مستوى عالٍ من الشاعريّة. يؤلّف الموسيقى كذلك. أما المنتَج النهائي من ألبومات وحفلات، فلا يكتمل دون رفاقه الذين يستمدّ منهم أنطوني الطمأنينة والرغبة في الاستمرار؛ هم عازفو فريق «أدونيس» وشركاء الرحلة الطويلة: نيكولا حكيم، وجويي أبو جودة، وجيو فيكاني.

بعد إطلاق الألبوم، في 10 أبريل (نيسان) الحالي، تقوم الفرقة بجولةٍ تأخذها من أبوظبي والقاهرة، إلى أوروبا وكندا، مروراً بالرياض. كلّما حطّ أنطوني في المملكة العربية السعودية، استرجعَ سنواتٍ من طفولته ومراهقته أمضاها في منطقة الدمّام. «أذكر الهدوء والشعور بالأمان والسكون. في الخُبَر، حصل احتكاكي الأول بالموسيقى. هناك، قررت تطوير موهبتي ومنحتُها مساحتها». ومنذ ذلك الحين، لم يفارق الشاب الثلاثينيّ البيانو، لتنسكب كلماته فوق النغم لاحقاً وتكتمل الخلطة بصوته المتأرجح بين الأداء القويّ والنبرة الحزينة التي لا بدّ منها.

من إحدى حفلات الفرقة (إدارة الأعمال)

بما أنّ قبالة كل وادٍ جبل، لا تغيب الإيقاعات المرحة والراقصة عن الألبوم، كما في أغنية «نانسي». هي مستوحاة ببساطة من مزحة أطلقتها الفنانة نانسي عجرم عندما قالت إنها لا تحب الرقص. وحتى في أغنية مثل «خود ساعات»، والتي تتطرّق إلى الفراق والصمت بين الحبيبَين، لا مفرّ من إيقاع الفرح المستوحى من أغاني الفنانين اللبنانيين التي ضربت في فترة عام 2000.

يلفت أنطوني إلى أنّ العمل على ألبوم «وديان» استمرّ سنتَين، وقد تأخّر الإصدار بسبب ما مرّ به لبنان والمنطقة من عدوان إسرائيلي. ولكل مَن عبَروا وادي الحرب بصلابة وعزيمة، تُهدي الفرقة أغنية «أبطال»؛ «لأنّ الأبطال ليسوا فحسب مَن يقاتلون على الجبهة، بل كل مَن واصل أداء رسالته الإنسانية، رغم الخطر والخوف، كالأطباء والمُسعفين والطيّارين والصحافيين»، وفق تعبيره.

تتكلم «أدونيس» لغة الشباب اللبناني والعربي وتريد لأغانيها أن تشبه الواقع (إدارة الأعمال)

لا تقتصر التحيّات القلبيّة على أبطال الحرب، بل يخصّ أنطوني كذلك كلاً من جدّته جانو وابن أخيه تيمو بمعزوفتَين. «أثّرت بي وفاة جدّتي جانو كثيراً، وهي كانت في طليعة مَن شجّعوني على خوض الموسيقى، فقررت إهداءها هذه المعزوفة. ثم وُلد تيمو، الحفيد الأول في العائلة، الذي جاء ليذكّرنا بأنّ بعد الموت حياة، وبعد الوديان سهولاً».

الإرث، وانقضاء الزمن، والبقاء، واستدامة الطبيعة مقابل فناء الإنسان، كلّها موضوعات تعبر بين سطور أغاني «وديان». وعندما يُسأل أنطوني عن أولويات «أدونيس»، بعد 14 سنة على انطلاقتها، يعود ليشدّد على فكرة الإرث تلك، رغم أنّ الفرقة ما زالت شابّة. يقول: «نفكّر حالياً بالموسيقى التي سنترك خلفنا، نريد أن يليق ما نقدّم، الآن، بمَن قد يسمعوننا بعد 20 أو حتى 100 عام».

«أدونيس» في مهرجانات بعلبك الدولية عام 2022 (إدارة الأعمال)

يخطّط الشبّان الأربعة للاستمرارية كذلك، متحصّنين بشراكتهم المتينة وصداقتهم الحقيقيّة. يؤمنون بالانفتاح على فنانين آخرين آتين من خلفيات ثقافية متنوّعة ومن تجارب موسيقية مختلفة. «لا نقلق من المنافسة»، كما يقول أنطوني. «ننظر بفضول إلى التجارب الموسيقية الصاعدة، هي تُلهمنا وتحفّزنا على التحدّي والتجديد».


مقالات ذات صلة

الفنانة بانة لـ«الشرق الأوسط»: تبدّلت مفاهيمي للفن وقلبت الصفحة

الوتر السادس تشير إلى أن كلام الأغنية باتت تعطيه أهمية كبرى (بانة)

الفنانة بانة لـ«الشرق الأوسط»: تبدّلت مفاهيمي للفن وقلبت الصفحة

تدرج الفنانة بانة - وهي فلسطينية تقيم في البحرين - أغنيتها الجديدة «يا ويل» ضمن مشروعها الإلكتروني «إلكترونيات».

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس صابرين كشف عن تحضيرها لأغنيتين ستصدران قريباً (الشرق الأوسط)

صابرين النجيلي: أغنياتي وصلت للعالمية وأستحق لقب «صوت مصر»

قالت الفنانة المصرية صابرين النجيلي إنها تفضل صناعة أعمالها الفنية بشكل كامل (تأليفاً وتلحيناً وغناءً) حتى تقدم ما يروق لها ويليق بصوتها

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المغنية نينا زيزيك تمثل مونتينيغرو في مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 (أ.ف.ب)

بينها إسرائيل... 10 بلدان تلتحق بقافلة المشاركين في نهائي «يوروفيجن» (صور)

تأهلت عشرة بلدان جديدة أمس الخميس إلى نهائي «يوروفيجن»، بينها إسرائيل مع المتسابقة يوفال رافائيل، بعد أن قدم ممثلوها أداء قويا خلال الحفلة نصف النهائية الثانية.

«الشرق الأوسط» (بازل (سويسيرا))
يوميات الشرق رضا البحراوي (صفحته على فيسبوك)

مصر: «الموسيقيين» تُخفض عقوبات حمو بيكا ورضا البحراوي

قررت نقابة المهن الموسيقية المصرية تخفيض العقوبات التي أصدرتها ضد مؤدي المهرجانات محمد مصطفى الشهير بـ«حمو بيكا» ورضا درويش الشهير بـ«رضا البحراوي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المايسترو اللبناني أندريه الحاج (أندريه الحاج)

أندريه الحاج لـ«الشرق الأوسط»: الموسيقى خالدة وذاكرتنا الفنية تستحق التكريم

يُبدي الحاج أسفه لخسارة لبنان عدداً كبيراً من الموسيقيين الشباب بسبب الهجرة، ويقول: «لا تجوز الاستهانة بالموضوع إطلاقاً، فهؤلاء هم مستقبل الموسيقى اللبنانية».

فيفيان حداد (بيروت)

اختبار يشخّص أورام المخ في ساعتين

استخدم الفريق هذه الطريقة خلال 50 عملية جراحية لأورام الدماغ (جامعة نوتنغهام)
استخدم الفريق هذه الطريقة خلال 50 عملية جراحية لأورام الدماغ (جامعة نوتنغهام)
TT

اختبار يشخّص أورام المخ في ساعتين

استخدم الفريق هذه الطريقة خلال 50 عملية جراحية لأورام الدماغ (جامعة نوتنغهام)
استخدم الفريق هذه الطريقة خلال 50 عملية جراحية لأورام الدماغ (جامعة نوتنغهام)

طوّر فريق من العلماء في جامعة نوتنغهام البريطانية طريقة فائقة السرعة لتشخيص أورام الدماغ.

ووفق دراستهم المنشورة، الثلاثاء، في دورية «نيورو إنكولوجي»، استخدم فريق مستشفيات جامعة نوتنغهام هذه الطريقة خلال 50 عملية جراحية لأورام الدماغ لتقديم تشخيصات سريعة أثناء العملية.

وأظهرت طريقتهم الجديدة تُقلّص الوقت اللازم لتصنيف أورام الدماغ من ثمانية أسابيع إلى ساعتين فقط.

قال البروفسور مات لوز، عالم الأحياء من كلية علوم الحياة بجامعة نوتنغهام: «هذا الاختبار ليس أكثر دقة وسرعة فحسب، بل هو أيضاً أرخص من الطرق الحالية».

وأضاف في بيان نشر، الأربعاء، على موقع الجامعة: «تبلغ تقديراتنا نحو 450 جنيهاً استرلينياً للشخص الواحد، وقد تكون أقل عند توسيع نطاقه».

وأوضح أن هناك عدة أسباب لذلك، «فطريقتنا تُغني عن إجراء أربعة إلى خمسة اختبارات منفصلة، ​​مما يُقلل التكاليف، حيث نحصل على معلومات أكثر من الاختبار الواحد الذي نُجريه. والأهم من ذلك، أنها تُقدم النتائج للمرضى في الوقت المناسب».

وأفادت النتائج بأن هذه الطريقة حققت نسبة نجاح بلغت 100 في المائة، حيث وفّرت التشخيص في أقل من ساعتين من الجراحة، بالإضافة إلى تصنيفات مفصلة للأورام في غضون دقائق من القيام بعمليات التسلسل الجيني المستخدم في هذه الحالات.

ووفق الدراسة، يُشخَّص 34 شخصاً يومياً في المملكة المتحدة وحدها بنوع من أورام المخ، أي ما يعادل أكثر من 12 ألف حالة سنوياً. وقد يكون متوسط ​​معدل البقاء على قيد الحياة أقل من عام في حالات سرطانات المخ الأكثر عدوانية.

وتتطلب أورام المخ اختبارات جينية معقدة لتشخيصها، والتي يضطر الأطباء حالياً إلى إرسالها إلى مراكز تحليل مركزية. وقد يستغرق الحصول على النتائج الكاملة من ستة إلى ثمانية أسابيع أو أكثر، لإبلاغ المرضى بنوع الورم وتوقعات سير المرض.

ووفق باحثي الدراسة يُسبب هذا الانتظار الطويل صدمة نفسية شديدة للمرضى، كما أنه يُؤخر بدء العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي، مما قد يُقلل من فرص نجاح العلاج.

في الدراسة الجديدة، طوّر فريق الخبراء في نوتنغهام طريقة فائقة السرعة للتشخيص الجيني لأورام المخ، مما يُجنّبهم هذا التأخير.

تُغني التقنية الجديدة عن إجراء 4 أو 5 اختبارات منفصلة (جامعة نوتنغهام)

وقال الدكتور ستيوارت سميث، جراح أعصاب في مستشفى نوتنغهام الوطني: «كانت عملية تشخيص أورام الدماغ بطيئة ومكلفة في السابق. أما الآن، ومع التقنية الجديدة، فبإمكاننا تقديم المزيد للمرضى، إذ يمكننا الحصول على إجابات أسرع بكثير، مما سيؤثر بشكل أكبر على اتخاذ القرارات السريرية، في غضون ساعتين فقط».

وتقليدياً، كان الخبراء يفحصون العينات، حيث كان يتم تحديد الخلايا بصرياً. لكن في السنوات القليلة الماضية، تغيرت العملية، وأصبحت الأورام تُصنف بناءً على الحمض النووي والتشوهات الجينية، وهي عملية بطيئة عادةً بسبب القيود التكنولوجية.

وطوّر الباحثون طريقةً لتسلسل أجزاء محددة من الحمض النووي البشري على عمق أكبر باستخدام أجهزة التسلسل المحمولة من شركة «أكسفورد نانوبور تكنولوجيز».

وقال البروفسور لوز: «تتيح الطريقة الجديدة اختيار أجزاء الحمض النووي التي نحتاج إلى دراستها للإجابة عن أسئلة محددة، مثل نوع الورم وكيفية علاجه».

وأكد الدكتور سيمون باين، استشاري أمراض الأعصاب في المستشفى الوطني، أن «هذه التقنية ستُحدث نقلة نوعية في تشخيص الأورام»، مضيفاً: «إنها ثورية حقاً، فهي لا تزيد من سرعة توفر النتائج فحسب، بل تُحسّن أيضاً دقة التشخيص بشكل مذهل».

ويسعى الفريق الآن إلى تعميم هذا الاختبار في جميع فروع هيئة الخدمات الصحية الوطنية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.