مصر: «انتفاضة» درامية بعد توجيه رئاسي

ماسبيرو يستعد للعودة إلى مضمار الإنتاج الدرامي (الهيئة الوطنية للإعلام)
ماسبيرو يستعد للعودة إلى مضمار الإنتاج الدرامي (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

مصر: «انتفاضة» درامية بعد توجيه رئاسي

ماسبيرو يستعد للعودة إلى مضمار الإنتاج الدرامي (الهيئة الوطنية للإعلام)
ماسبيرو يستعد للعودة إلى مضمار الإنتاج الدرامي (الهيئة الوطنية للإعلام)

تقف مصر على مشارف «نفضة درامية»، أو «انتفاضة» لتصحيح مسار الأعمال الدرامية، عقب توجيهات رئاسية بأن تقوم الدراما بدور مع مؤسسات الدولة الأخرى في إعلاء القيم الأصيلة في المجتمع المصري، وعدم الاكتفاء بنشر «الغث والهزل»، وفق تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إفطار رمضاني قبل أيام.

على إثر هذه التوجيهات، تحرَّكت مؤسسات عدّة في مصر لوضع معايير واستراتيجيات للتعامل مع الدراما بحيث تحقق الأهداف المرجوة، وأعلنت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة أحمد المسلماني، عن عقد مؤتمر بعنوان «مستقبل الدراما في مصر» المقرر خلال أبريل (نيسان) 2025 بهدف مناقشة سُبل تطوير المحتوى الفني، بما يواكب التحديات المجتمعية، ويتماشى مع رؤية الدولة في تعزيز القيم الوطنية، كما أُعلن عن عودة الإنتاج الدرامي بماسبيرو بالشراكة مع مدينة الإنتاج الإعلامي.

وأعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهي أكبر الكيانات المنتجة للدراما في مصر (22 مسلسلاً خلال موسم رمضان الحالي) عن تشكيل لجنة تشكيلٍ للمحتوى تضمُّ نخبة من الشخصيات البارزة وأصحاب الخبرات في مختلف المجالات، بما يضمن التمثيل المتوازن لمختلف القطاعات والفئات، وتحقيق رؤية شاملة للارتقاء بالمحتوى الإعلامي.

ووجّه رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بتشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للإعلام والدراما المصرية، بما يسهم في تعزيز رسائلها الإيجابية تجاه الفرد والمجتمع، على خلفية ما تطرحه الأعمال الدرامية من مشاهد لا تعبِّر عن الواقع أو المجتمع المصري.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه المجموعة ستضمُّ جميع الجهات المعنية بملف الإعلام والدراما في مصر، وهي وزارة الثقافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، وكذلك الشركات المعنية في عملية الإنتاج ومنها الشركة المتحدة، بالإضافة إلى نخبة من المتخصصين في هذا المجال ومجالات أخرى بالجامعات المصرية؛ حتى يتسنَّى وضع تصوُّر علمي وموضوعي لمستقبل الدراما المصرية، من دون تقييد حرية الإبداع والفكر، حسب بيان لرئاسة مجلس الوزراء.

وإن كانت الخطوة الأخيرة أثارت جدلاً في الأوساط الإعلامية، حيث تساءل بعضهم عن علاقة الحكومة بالدراما، في حين أفصحت أصوات إعلامية أخرى عن ضرورة تقديم دراما يريدها الشعب وليست الدراما التي تريدها أو «تمليها الحكومة».

من جانبه، عَدّ الناقد الفني المصري طارق الشناوي «الموضوع مرتبطاً بزيادة سقف المسموح به في مناقشة كل القضايا»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن تتوقع أن يحدث في العالم كله أن تختفي الأعمال الرديئة، سواء كانت أغاني أو دراما أو مسرحاً أو سينما، هذه الأعمال ستظل موجودة، لا يمكن منعها، كما أن مصادرتها ليست حلاً، لكن ما يمكن أن يحدث أن تقوم الدولة بتهيئة المناخ لظهور أعمال جيدة تُعبِّر عن المجتمع بالشكل اللائق، مع الوضع في الاعتبار زيادة سقف الحرية في تناول الموضوعات المختلفة».

وتعرضت الدراما الرمضانية لهجوم من أكثر من صوت إعلامي و«سوشيالي» بسبب الألفاظ النابية ومساحة العنف و«البلطجة» المطروحة في بعض الأعمال، ويبقى أن وجّه الإعلامي والكاتب خالد أبو بكر رسالة لوزير الداخلية، يدين فيها الدراما الرمضانية ويُعدُّها لا تعكس واقع المجتمع بيد أنها تحرِّض على العنف والبلطجة.

في حين ترى الكاتبة الروائية والنائبة ضحى عاصي، عضوة لجنة الثقافة في مجلس النواب المصري، أن «مصر لا توجد فيها أزمة دراما، ولكن توجد أزمة إنتاج»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لدى مصر كُتَّاب مبدعون وممثلون ومخرجون ونصوص جيدة ومتنوعة وثرية، وهناك دليل على أن النصوص ليست مشكلة، فهناك أعمال جيدة جداً ظهرت في الماراثون الرمضاني».

وأشارت إلى أن «الأزمة الحقيقية تكمن فيمن يُنتج، من هو الذي يمتلك المال، ومن الذي يقرِّر ويختار أن يُنتج هذا العمل أو ذاك». موضحة أن «المنتجين أو المتحكمين في سوق الدراما في مصر هم الذين يختارون هذه النماذج التي يمكن أن تكون ليست الأفضل على المستوى الفني حتى»، وأشارت إلى أن «حلّ هذه المعضلة يكون بضخِّ أموال لإنتاج دراما جديدة بنصوص جيدة».

وفي خطوة جديدة أعلن أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عن عودة التلفزيون المصري لإنتاج الدراما بعد توقف لنحو 10 سنوات، موضحاً أن العمل الأول الذي سيُنتج بالتعاون بين ماسبيرو ومدينة الإنتاج الإعلامي سيكون عن سيرة رائد الاقتصاد المصري «طلعت حرب».

ويشهد الماراثون الرمضاني سباقاً بين عشرات الأعمال الدرامية، من بينها 22 عملاً تنتجها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تُبثُّ على قنوات ومنصات رقمية عدّة، من بينها «وتقابل حبيب»، و«ولاد الشمس»، و«جودر2»، و«شهادة معاملة أطفال»، و«إش إش»، و«الغاوي».


مقالات ذات صلة

مسلسلات جديدة تُنعش الشاشات بموسم الصيف في مصر

يوميات الشرق بوستر «حرب الجبالي» (إم بي سي)

مسلسلات جديدة تُنعش الشاشات بموسم الصيف في مصر

تبدأ قنوات مصرية عرض أعمال جديدة خلال الفترة المقبلة ليبدأ سباق «الأوف سيزون».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري الكبير عادل إمام (حسابه على «فيسبوك»)

فنانات مصريات يتحدثن عن كواليس عملهن مع عادل إمام

يحتفي الوسط الفني والإعلامي المصري ومتابعون على «السوشيال ميديا» بعيد الميلاد الـ85 للفنان المصري الكبير عادل إمام، الذي يوافق 17 مايو (أيار) الحالي.

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس مي سليم في كواليس التصوير (حسابها على {فيسبوك})

مي سليم: أُركز في الغناء بعد انشغالي لسنوات بالدراما

قالت الفنانة مي سليم إن ردود الفعل على أحدث أغنياتها المصورة «اتعلقت بيه» أسعدتها كثيراً، وشجعتها على التركيز في اختيار أغانٍ جديدة خلال الفترة المقبلة

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد فتحي في مشهد من مسلسل «اللعبة» (حسابه في فيسبوك)

أحمد فتحي: إضحاك الجمهور مسؤولية... ولم أندم على دور

أكّد الفنان المصري أحمد فتحي عدم ندمه على دورٍ قدَّمه، كاشفاً أنه تعرَّض لإخفاقات كثيرة ويتحمَّل ثمن اختياراته، وعدّ مهمّة إضحاك الجمهور «مسؤولية».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق شمعون في لقطة من مسلسل «عروس بيروت» (الشركة المنتجة)

تقلا شمعون: تجنبتُ مشاهدة النسخة الأصلية لمسلسل «امرأة»

تحدثت تقلا شمعون عن تجربتها في مسلسل «امرأة»، النسخة العربية من العمل التركي «كادن»، مثنية على طاقم العمل، واصفة إياه بأنه «جميل جداً».

«الشرق الأوسط» (مالمو (السويد))

بين الفن والسياسة... جورج كلوني وزوجته في معركة استرداد التاريخ

أمل كلوني تلتقي وزير الثقافة اليوناني لدعم استعادة رخام البارثينون من بريطانيا (غيتي)
أمل كلوني تلتقي وزير الثقافة اليوناني لدعم استعادة رخام البارثينون من بريطانيا (غيتي)
TT

بين الفن والسياسة... جورج كلوني وزوجته في معركة استرداد التاريخ

أمل كلوني تلتقي وزير الثقافة اليوناني لدعم استعادة رخام البارثينون من بريطانيا (غيتي)
أمل كلوني تلتقي وزير الثقافة اليوناني لدعم استعادة رخام البارثينون من بريطانيا (غيتي)

يكرّس النجم الأميركي وزوجته الحقوقية جهودهما لاسترجاع كنوز تاريخية ثمينة إلى موطنها الأصلي.

ولا يتوقف الممثل الحائز على «الأوسكار»، جورج كلوني، وزوجته المحامية والناشطة أمل كلوني، عن حملتهما الدؤوبة لاستعادة منحوتات «رخام إلغن» الشهيرة، والمعروفة أيضاً باسم «منحوتات البارثينون»، إلى اليونان، بعد أكثر من قرنين على عرضها في المتحف البريطاني بلندن.

ونقل موقع «إل بي سي» البريطاني عن صحيفة «تانيا» اليونانية، تصريحاً للممثل جورج كلوني، قال فيه بحزم: «ستعود، وأنا واثق من ذلك. لقد عملتُ أنا وزوجتي بلا كلل من أجل إعادة رخاميات البارثينون إلى موطنها، وسنواصل الضغط حتى يتحقق ذلك».

وتأتي هذه التصريحات في وقت يواصل فيه رئيس مجلس إدارة المتحف البريطاني، جورج أوزبورن، مفاوضاته مع الحكومة اليونانية حول مستقبل هذه القطع النادرة.

نقش رخامي من إفريز البارثينون. أثينا 438- 432 قبل الميلاد (المتحف البريطاني)

تعود قصة «رخام إلغن» إلى أوائل القرن الـ19، عندما أزال اللورد إلغن، الدبلوماسي البريطاني، هذه المنحوتات من أثينا خلال الحكم العثماني، ونقلها إلى بريطانيا. وهي تمثل جزءاً من الإفريز الذي يزين معبد البارثينون الأثري، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 2500 عام.

وعدَّ تقرير أصدرته «اليونيسكو» عام 2022، أن بريطانيا ملزمة قانونياً بإعادة هذه الكنوز إلى موطنها الأصلي.

وكان الممثل جورج كلوني قد دعم القضية أول مرة عام 2014 خلال ترويجه لفيلمه «The Monuments Men»، واصفاً استعادة الرخام بأنها «القرار الصحيح الذي لا بدّ من اتخاذه».

أما أمل كلوني، فأكدت أن القضية تمثل «صرخة من أجل العدالة»، وزارت أثينا في العام نفسه لتقديم المشورة القانونية للحكومة اليونانية.

وفي خطوة مهمة، أصدرت أمل كتابها «من يملك التاريخ؟» الذي يستعرض الحجج القانونية والأخلاقية لاستعادة هذه الكنوز التاريخية.

وكانت تصريحات جورج كلوني الأخيرة خلال مشاركته في عرض مسرحي على مسرح «برودواي» بعنوان «Good Night, and Good Luck» وهي دراما تاريخية أخرجها وشارك في كتابتها عام 2005.

وتثير القضية جدلاً سياسياً واسعاً، ولا سيما بعد تصريح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون عام 2014، حين كان عمدة لندن؛ إذ قال ساخراً: «من الواضح أن شخصاً ما بحاجة لإعادة رخام كلوني إلى مكانه»، ووصف دعم النجم لإعادة المنحوتات بـ«الأجندة الهتلرية» للكنوز الثقافية.

ورد كلوني على هذه التصريحات بسخرية قائلاً: «إنها مبالغة شديدة، مغسولة ببضع كؤوس من الويسكي»؛ (تعبير ساخر يعني أن الكلام يبدو وكأنه صدر تحت تأثير الكحول).

وفي 2022، علّقت وزيرة الثقافة البريطانية ميشيل دونيلان: «أفهم بعض الحجج، ولكن هذا طريق خطر وزلق».

وفي هذه المعركة، يحظى جورج كلوني بدعم عدد من المشاهير، من بينهم الممثلان ستيفن فراي وليام نيسون.