جاء إعلان الفنانة صابرين تحضيرها لمسلسل «العدلية» عن أول قارئة للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية كريمة العدلية، وأنها تسعى إلى أن تخوض به سباق الدراما الرمضانية المقبل، ليجدد تساؤلات حول إمكانية نفاذ سيرة قارئات القرآن الكريم الشهيرات للدراما المصرية.
قالت الفنانة المصرية صابرين في تصريحات متلفزة حول مشاريعها المقبلة إنها وزوجها المنتج عامر الصباح يحضران لمسلسل يتناول سيرة أول قارئة قرآن كريم في مصر، وإنها تتمنى أن تشارك به في السباق الرمضاني، وأن يخرج المسلسل بشكل جيد.
وحول إمكانية تجسيد سيرة إحدى قارئات القرآن الكريم في الدراما المصرية، يقول الناقد الفني المصري، طارق الشناوي، إن «الفكرة نفسها إيجابية جداً في ظل مجتمع يهمش المرأة، وجزء منه لا يزال يردد كلمات مثل (صوت المرأة عورة)، في حين أن الشيخة كريمة العدلية حققت نجاحاً طاغياً، وكان اسمها يوضع بجوار أسماء كبار قراء القرآن الكريم».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المسلسل يشي بمعركة درامية مرتقبة؛ لأن المجتمع لديه موقف متعصب من المرأة، ويزداد هذا الموقف حدة حين نتحدث عن قراءتها للقرآن الكريم. والمشكلة أن هناك الكثيرين الذين يطوّعون الآراء الدينية للحصول على مكاسب شخصية لهم».
وأبدى الشناوي سعادته بفكرة تقديم حياة كريمة العدلية في عمل درامي، وقال: «أتمنى ألا يواجه هذا الأمر بمعوقات من جهات دينية»، لافتاً إلى أن هذه المعوقات لا تخص الدولة بقدر ما تعبر عن حالة اجتماعية تميل للتراجع الفكري.
ووصف الشناوي الفنانة صابرين بأنها «تجيد التشخيص، بدليل نجاحها الطاغي في تقديم مسلسل (أم كلثوم).
وأتصور أنها ستقدم الدور الجديد بشكل جيد جداً إذا كانت هناك كتابة حرفية تعتمد على الحقائق التاريخية، وأن يتوفر المخرج الذي يقدم عملاً فنياً يمر بالعديد من المناطق الحساسة التي يعيشها المجتمع».

وسبق أن قدمت الفنانة صابرين شخصية «كوكب الشرق» في مسلسل «أم كلثوم» عام 1999، من تأليف محفوظ عبد الرحمن، وإخراج إنعام محمد علي. وشاركت في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، أحدثها فيلم «بنات الباشا» الذي عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الماضية.
ويتوقع الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، أن «يتعرض المسلسل للهجوم»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أنه سيمر بسهولة لأسباب كثيرة، منها فتاوى لبعض الشيوخ المتشددين الذين يحرمون قراءة المرأة للقرآن الكريم بصوت جهوري، مستندين لمقولة مجهولة المصدر تقول إن (صوت المرأة عورة)»، ويوضح أن «هذه الفتوى ظهرت في نهاية الخمسينات من شيوخ متشددين، وما زالت هناك شرائح كبيرة في المجتمع تعتقد فيها وتروجها». ويثمّن سعد الدين إعلان صابرين التحضير لمسلسل حول الشيخة كريمة العدلية، ويعتبر أن هذه الخطوة «ستكون فارقة؛ فهي إما أن تفتح المجال لطرح سير القارئات والقراء درامياً، وإما أن تقابل بهجوم شديد وتغلق هذا الباب تماماً».
وينفي أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، تحريم قراءة المرأة للقرآن الكريم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بالعكس، كانت الصحابيات يقرأن القرآن الكريم، ويستشهدن به أمام الخلفاء، ومن يقول إن (صوت المرأة عورة) فهو مخطئ ويتقوّل على الدين»، وإن كان كريمة رفض التعليق على فكرة المسلسل حول قارئة القرآن كريمة العدلية، فإنه أكد أن «المرأة موجودة في أعلى المناصب في الوزارات، وتترأس دولاً، فكيف نقول الآن إنها عورة؟! هذه أفكار رجعية يجب أن نتجاوزها»، وأرجع أستاذ الشريعة عدم وجود قارئات للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية حالياً كما كان يوجد في السابق، إلى ما وصفه بأنه «ليس لموانع شرعية، وإنما بسبب الثقافة الذكورية التي تسيطر على المجتمع».
ويجيب الناقد الفني المصري، أحمد السماحي، على سؤال: هل تنجح سير قارئات القرآن الكريم في النفاذ للدراما المصرية؟ قائلاً: «طبعاً تنجح بقوة وبشغف، وستجد صدى واسعاً؛ لأن الجمهور سيتلقاها بكل حفاوة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «المهم كيف تنفذ هذه الموضوعات بطريقة صحيحة. أرجح هذه الفكرة وأدعمها، وأرى أن صابرين نجمة قادرة على تقديم أدوار مختلفة؛ لأنها فنانة موهوبة جداً، كما أنها محبوبة من قبل الأسر المصرية والعربية، وقد رأينا صابرين من قبل في مسلسل (الجماعة 2) قدمت شخصية زينب الغزالي، وشهدت نجاحاً كبيراً».
وقال: «إذا تم تنفيذ المسلسل بصورة صحيحة إنتاجياً وتمثيلياً وإخراجياً فسيلاقي نجاحاً كبيراً؛ لأن سير قارئات القرآن الكريم ليست معتادة في الدراما المصرية، وبالتالي سيكون هذا العمل سبقاً وانفراداً للجهة المنتجة».

