فنلندا تحافظ على لقب «أسعد دولة في العالم» للعام الثامن على التوالي

الأشخاص الأكثر سعادة في علاقاتهم وأكثرهم نجاحاً يرون في شريكهم ما لا يستطيع الآخرون رؤيته أو ما قد يتجاهلونه عادةً (رويترز)
الأشخاص الأكثر سعادة في علاقاتهم وأكثرهم نجاحاً يرون في شريكهم ما لا يستطيع الآخرون رؤيته أو ما قد يتجاهلونه عادةً (رويترز)
TT
20

فنلندا تحافظ على لقب «أسعد دولة في العالم» للعام الثامن على التوالي

الأشخاص الأكثر سعادة في علاقاتهم وأكثرهم نجاحاً يرون في شريكهم ما لا يستطيع الآخرون رؤيته أو ما قد يتجاهلونه عادةً (رويترز)
الأشخاص الأكثر سعادة في علاقاتهم وأكثرهم نجاحاً يرون في شريكهم ما لا يستطيع الآخرون رؤيته أو ما قد يتجاهلونه عادةً (رويترز)

للعام الثامن على التوالي، تصدّرت فنلندا قائمة أسعد دول العالم، وفقاً لتقرير السعادة العالمي لعام 2025، الذي ترعاه الأمم المتحدة. وعزا الخبراء هذا الإنجاز إلى سهولة الوصول إلى الطبيعة، ونظام الرعاية الاجتماعية القوي، والعلاقات الاجتماعية المتماسكة. وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

كوستاريكا والمكسيك ضمن العشر الأولى لأول مرة

تفوقت فنلندا على ثلاث دول إسكندنافية أخرى، بينما شهد التصنيف دخول كوستاريكا والمكسيك لأول مرة ضمن قائمة الدول العشر الأولى، بفضل الروابط الأسرية القوية التي عززت الشعور بالسعادة والرفاهية في المجتمع.

تراجع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى أدنى تصنيف لهما

في المقابل، تراجعت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى المركزين 23 و24، وهو أدنى ترتيب تسجله الولايات المتحدة في تاريخ التقرير. وأرجع الباحثون هذا التراجع إلى ازدياد الاستقطاب السياسي وانخفاض مستويات الثقة الاجتماعية.

البشر أكثر لطفاً مما نظن!

وكشف التقرير عن مفاجأة غير متوقعة؛ إذ وجد الباحثون أن الغرباء أكثر لطفاً بمقدار الضعف مما يظنه الناس.

وفي هذا السياق، قال جون هيليويل، الخبير الاقتصادي في جامعة كولومبيا البريطانية والمحرِّر المؤسس للتقرير: «الناس يكونون أكثر سعادة عندما يعيشون في بيئة يشعرون فيها بأن الآخرين يهتمون بهم».

أبرز نتائج تقرير السعادة العالمي 2025

انخفاض مستويات السعادة والثقة الاجتماعية في الولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا، مما أدى إلى زيادة الاستقطاب السياسي.

تناول الوجبات مع الآخرين ارتبط بشكل قوي بالرفاهية في جميع أنحاء العالم.

الأسر التي تضم أربعة إلى خمسة أفراد سجلت أعلى مستويات السعادة، خصوصاً في المكسيك وأوروبا.

تصنيف أسعد 10 دول في العالم لعام 2025

1. فنلندا (بمتوسط 7.736 من 10).

2. الدنمارك.

3. آيسلندا.

4. السويد.

5. هولندا.

6. كوستاريكا.

7. النرويج.

8. إسرائيل.

9. لوكسمبورغ.

10. المكسيك.

الترابط الاجتماعي مفتاح السعادة

وأكد جيفري ساكس، رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، أن السعادة تعتمد على الثقة، واللطف، والترابط الاجتماعي، داعياً الأفراد والمجتمعات إلى تعزيز هذه القيم.

من جانبه، قال يان إيمانويل دي نيف، مدير مركز أبحاث الرفاهية بجامعة أكسفورد: «في عصر العزلة الاجتماعية والاستقطاب السياسي، نحن بحاجة إلى إيجاد طرق تجمع الناس معاً، لأن ذلك ضروري لرفاهيتنا الفردية والجماعية».

وهكذا، بينما تتصدر فنلندا المشهد العالمي للسعادة، تبرز أهمية الترابط الإنساني والثقة في بناء مجتمعات أكثر سعادة وازدهاراً.



اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية عمره 8 ملايين عام

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
TT
20

اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية عمره 8 ملايين عام

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

أعلنت «هيئة التراث السعودية» عن اكتشاف أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية، وهو يبلغ أكثر من 8 ملايين عام، ويعدّ أطول السجلات المناخية عالمياً، وفق نتائج دراسة علمية حديثة، أجرتها في منطقة شمال شرقي مدينة الرياض، وأثبتت نتائجها أن أراضي السعودية كانت واحة خضراء قبل ملايين السنين.

وحددت نتائج الدراسة العلمية؛ الأولى من نوعها، التاريخ المناخي للجزيرة العربية على مدى 8 ملايين عام مضت، وأثبتت وجود مراحل مطيرة كثيرة ازدهرت فيها بيئة الجزيرة العربية وزادت كثافة غطائها النباتي وتنوعت الكائنات الحية فيها بشكل كبير، بخلاف طبيعة بيئة الجزيرة العربية في الوقت الراهن.

وخلال مؤتمر صحافي، عقد الأربعاء بمدينة الرياض، أعلن الدكتور عجب العتيبي مدير «الآثار» في «الهيئة»، عن نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة «نيتشر (Nature)» العلمية تحت عنوان: «الحقب الرطبة المتكررة في شبه الجزيرة العربية خلال الـ8 ملايين عام الماضية»، وذلك بالتعاون مع مجموعة جهات محلية ودولية تحت مظلة مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»؛ الذي يهدف إلى استكشاف التاريخ الطبيعي والبيئي للمنطقة.

د. عجب العتيبي مدير «الآثار» في «هيئة التراث» لدى إعلانه الاكتشاف المهم (تصوير: تركي العقيلي)
د. عجب العتيبي مدير «الآثار» في «هيئة التراث» لدى إعلانه الاكتشاف المهم (تصوير: تركي العقيلي)

وكشفت الدراسة العلمية عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض السعودية، عبر تحليل 22 متكوناً كهفياً تُعرف علمياً باسم «الهوابط والصواعد»، استخرجت من 7 دحول تقع شمال شرقي مدينة الرياض بالقرب من مركز شوية في محافظة رماح، وتعرف هذه الكهوف محلياً باسم «دحول الصِّمَان». ويُشير هذا السجل إلى تعاقب مراحل رطبة متعددة أدت إلى جعل أراضي السعودية بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية.

ووفقاً للنتائج، فقد كانت صحراء السعودية، التي تُعدُّ اليوم من أكبر الحواجز الجغرافية الجافة على وجه الأرض، حلقة وصل طبيعية للهجرات الحيوانية والبشرية بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا. وأوضحت الدراسة أن هذه الحقب الرطبة لعبت دوراً أساسياً في تسهيل تنقل وانتشار الكائنات الحية والثدييات عبر القارات المجاورة.

وتدعم نتائج هذه الدراسة، التي تتلخص في توفر الدليل على وجود مراحل رطبة متعاقبة عبر الـ8 ملايين عام الماضية، نتائج الدراسات الأحفورية السابقة في الحاجز الصحراوي العربي، التي تشير إلى وجود أنواع حيوانية تعتمد على المياه في المنطقة؛ منها التماسيح والخيل وأفراس النهر، فقد كان وجودها يزدهر في بيئات غنية بالأنهار والبحيرات، وهي بيئات لم تعد موجودة في السياق الجاف الحالي للصحراء.

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

وتكمن أهمية الدراسة في فهم أعمق وأدق للتغيرات البيئية التي مرت بها الجزيرة العربية، وتوفر الظروف المناسبة لانتشار الثدييات بالجزيرة العربية عبر العصور.

وتعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها، وقد شارك في فيها 30 باحثاً من 27 جهة مختلفة محلية ودولية؛ من أبرزها «هيئة التراث» و«هيئة المساحة الجيولوجية» السعوديتان، وجامعة الملك سعود، و«معهد ماكس بلانك» الألماني، وجامعة غريفيث الأسترالية، وجامعات ومراكز بحثية عدة من دول مختلفة؛ منها ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية.

واستخدم الباحثون أساليب علمية مختلفة لتحديد المراحل، وذلك عبر تحليل دقيق للترسبات الكيميائية في المتكونات الكهفية، شمل تحليل نظائر الأكسجين والكربون لتبيان مؤشرات تغيرات نسبة الأمطار والغطاء النباتي عبر الزمن؛ مما ساعد في الكشف عن الحقب المطيرة وتقلباتها الرطبة على مدى ملايين السنين.

وأجرى الباحثون تحليلاً لترسبات كربونات الكالسيوم باستخدام تقنيتَي «اليورانيوم - الثوريوم (U-Th)» و«اليورانيوم - الرصاص (U-Pb)» لتحديد تاريخ هذه المتكونات وكشف الحقب الرطبة بدقة، عبر تحديد مراحل رطبة عدة تميزت بغزارة هطول الأمطار؛ يعود أقدمها إلى أواخر عصر الميوسين منذ نحو 8 ملايين عام، مروراً بعصر البليوسن، حتى أواخر عصر البليستوسين.

جانب من مؤتمر إعلان نتائج الدراسة العلمية (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من مؤتمر إعلان نتائج الدراسة العلمية (تصوير: تركي العقيلي)

مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»

وجاءت الدراسة ضمن مخرجات مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»، وهو أحد المشروعات الرائدة لتعزيز البحث العلمي، وتوثيق التاريخ الطبيعي والثقافي لشبه الجزيرة.

ويهدف المشروع إلى الكشف عن الأبعاد البيئية والتغيرات المناخية التي أثرت على المنطقة عبر العصور، ودورها في تشكيل الجغرافيا والبيئة الطبيعية؛ مما يعزز فهمنا للتاريخ الطبيعي للسعودية.

ومشروع «الجزيرة العربية الخضراء»، مشروع علمي سعودي مشترك مع فريق بحثي عالمي يهدف إلى دراسة دلالات الوجود البشري في السعودية على مدى عصور ما قبل التاريخ، ويتميز بتطبيق مناهج علمية متعددة التخصصات؛ لاستخلاص أدق النتائج بشأن التراث الحضاري والبيئة القديمة للسعودية، وذلك بالشراكة مع جهات وقطاعات محلية ودولية عدة.

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

واستطاعت أعمال المشروع أن توثق، لأول مرة، التاريخ المناخي للجزيرة العربية منذ أواخر عصر الميوسين وحتى الوقت الحاضر، والكشف عن ازدهار بيئة الجزيرة العربية وكثافة غطائها النباتي خلال مراحل زمنية مختلفة؛ مما ساهم في انتشار الثدييات بالعالم.

وأكدت «الهيئة» على التزامها بدعم البحوث العلمية وتوسيع نطاق التعاون الدولي في هذا المجال، مع تسليط الضوء على أهمية استدامة الإرث الطبيعي والثقافي، وأنهما قيد الاستكشاف، مع وجود دراسات جديدة مقبلة ستسهم في إثراء المعرفة بشأن هذه الموضوعات.

ورغم هذه الاكتشافات المهمة، فإن الكهوف في السعودية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات والاستكشافات العلمية؛ إذ تمثل هذه النتائج مجرد بداية لفهم أعمق لتاريخها الطبيعي وثرائها البيئي.