مصر: الأصوات العذبة لأئمة جامع عمرو بن العاص تجتذب المصلين

يعود تاريخه إلى سنة 21 هجرية

جامع عمرو بن العاص من الخارج (الشرق الأوسط)
جامع عمرو بن العاص من الخارج (الشرق الأوسط)
TT

مصر: الأصوات العذبة لأئمة جامع عمرو بن العاص تجتذب المصلين

جامع عمرو بن العاص من الخارج (الشرق الأوسط)
جامع عمرو بن العاص من الخارج (الشرق الأوسط)

اتفق الأصدقاء الثلاثة إبراهيم وعرفة ويوسف على تناول الإفطار سوياً في أحد المطاعم القريبة من جامع عمرو بن العاص قبل الذهاب إلى الجامع التاريخي لأداء صلاتي العشاء والتراويح به، لاستعادة ذكرياتهم المفعمة بالروحانيات والزحام خلال شهر رمضان المبارك.

خلا الجامع من زحامه المعهود والذي كان يمتد إلى ساحاته الخارجية خلال شهر رمضان في وجود الشيخ محمد جبريل، لكنه لم يخل من الأصوات العذبة التي تكرس المدرسة المصرية في الترتيل والقراءة كواحدة من أعرق المدارس في تلاوة القرآن الكريم بالعالم العربي.

يرفع إمام الجامع أكف الضراعة لله تعالى في آخر ركعات صلاة التراويح الـ23 ويدعو بصوت خاشع وشجي خلال القنوت «اللهم احفظ مصر وأهلها وأدِم عليها نعمة الأمان... وانصر المستضعفين في غزة» فيؤمن المصلون على دعائه بصوت عالٍ ومهيب كبقية فقرات الدعاء.

جانب من صلاة التراويح (الشرق الأوسط)

يفاجأ المصلون عقب انتهاء صلاة القيام أن القارئ محمد الجزار الذي كان يؤمهم ويمتعهم بصوته العذب والمحكم لا يزيد عمره عن 22 عاماً، فيبدون إعجاباً مسموعاً ويعقبون: «سبحان الله ما شاء الله». وهو ما يتكرر في أيام أخرى عند تقدم الشيخ عبد الرازق الشهاوي صاحب الـ27 ربيعاً لإمامة المصلين، وهو ما يعتبره الأصدقاء الثلاثة «أمراً إيجابياً للغاية ويؤكد أن مصر ولاَّدة للمواهب والأصوات العذبة»

ويقول إبراهيم مصطفى (40 عاماً)، موظف بالقطاع الحكومي في مصر ويقيم في مدينة السادس من أكتوبر، لـ«الشرق الأوسط»: «جئت رفقة أصدقائي من مكان يبعد نحو 30 كيلو متراً عن المسجد للاستمتاع بأصوات المقرئين والأجواء الروحانية المميزة التي يتسم بها المسجد، ورغم أن الزحام الذي كان يعرف به الجامع قبل 10 سنوات لم يعد موجوداً مع افتتاح مساجد أخرى كبيرة للصلاة، فإن جامع عمرو بن العاص لم يفقد بريقه ولا أجواءه المميزة خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

صحن الجامع عقب انتهاء صلاة التراويح (الشرق الأوسط)

بينما حرص يوسف الموظف بالقطاع الخاص والمقيم في حي فيصل بالجيزة كغيره على التقاط صور تذكارية لصحن المسجد وقبته الدائرية ومحرابه، وأعجبه حضور طلاب وافدين من دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا للصلاة فيه رغم بعد الجامع عن مدينة البعوث الإسلامية بالدّراسة.

وبني هذا الجامع الذي يقع بالفسطاط بحي مصر القديمة (جنوب القاهرة) سنة 21 هجرياً الموافق 641 ميلادياً وكان عند إنشائه مركزاً للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي بمصر، ومن ثم بنيت حوله مدينة الفسطاط التي هي أول عواصم مصر الإسلامية، ولقد كان الموقع الذي اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا الجامع في ذلك الوقت يطل على النيل، كما كان يشرف على حصن بابليون الذي يقع بجواره.

إحدى مشكاوات الجامع التاريخي (الشرق الأوسط)

وكان التخطيط المعماري الأصلي للجامع المُلقب بـ«الجامع العتيق» و«تاج الجوامع» يتكون من مساحة مستطيلة طولها نحو 45 متراً وعرضها نحو 27 متراً، وقد أحيط من جهاته الأربع بطريق، ولم يكن له صحن ولا محراب مجوف ولا مئذنة وكان به منبر، وقد بنيت جدرانه الخارجية من الطوب اللبن وكانت خالية من الزخارف، قبل أن يتم توسعته وتطويره خلال عصور إسلامية مختلفة. وفق الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

ويتكون الجامع حالياً من مدخل رئيسي بارز وصحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات سقوف خشبية بسيطة، أكبرها رواق القبلة، الذي يضم محرابين مجوفين يجاور كل منهما منبر خشبي، كما توجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر المماليك.

ساحة المسجد تجتذب الكثيرين (الشرق الأوسط)

وتوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة يرجع تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، أما صحن الجامع فإنه تتوسطه قبة مقامة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل، وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي.

ووفق حمدي محمد، المسؤول الإعلامي لصفحة إمام جامع عمرو بن العاص، الشيخ يسري عزام على «فيسبوك»، فإن هناك الكثير من المعجبين بأصوات مقرئي الجامع يأتون من أماكن بعيدة للاستمتاع بالأجواء الروحانية بالجامع خلال شهر الصيام.

عائلات مصرية تحرص على الذهاب للجامع (الشرق الأوسط)

وتستعين وزارة الأوقاف المصرية بأصغر قارئ معتمد بإذاعة القرآن الكريم الشيخ محمد الجزار لإمامة صلاة التراويح جنباً إلى جنب مع الشيخ عبد الرازق الشهاوي بالجامع خلال شهر رمضان فقط.

وفي منتصف صلاة التراويح يفسر الشيخ يسري عزام إمام الجامع بعض الآيات التي يقرأها الإمام في الصلاة أو يتحدث عن المناسبات الدينية التاريخية على غرار غزوة بدر.

ويتسع المسجد، وفق حمدي، لآلاف المصلين، فالصف الواحد برواق القبلة يتسع لـ300 مصلٍ، وهو ما يعني أن هذا الرواق وحده قد يستوعب 5 آلاف مصلٍ. ويضم 350 عموداً و99 شباكاً كأسماء الله الحسنى، و12 باباً كعدد شهور السنة.


مقالات ذات صلة

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

يوميات الشرق أتقن جوان رَسْم ملامح «فجر» وقدَّم مشهديات صامتة (مشهد من «تحت سابع أرض»)

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

أتقن الممثل السوري جوان خضر رَسْم ملامح «فجر» في مسلسل «تحت سابع أرض» الرمضاني وقدَّم مشهديات صامتة أغنت الحوار. نطق بعينيه. شخصية مُركَّبة حملت أكثر من تفسير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حسن عسيري خلال استضافته المطرب إيهاب توفيق (الشرق الأوسط)

حسن عسيري يستحضر حسَّه الكوميدي في برنامجه «بروود كاست»

في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدّث الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري عن كواليس برنامجه «بروود كاست».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

من مصر إلى لبنان وسوريا مروراً بالخليج، جولة على أكثر أغاني المسلسلات جماهيريةً واستماعاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العمل أهلٌ بتصنيفه بين الأفضل (البوستر الرسمي)

«بالدم»... مخاطرةٌ رابحة مع ملاحظات ضرورية

العمل لم ينل التنويه لمجرّد عواطف وطنية، فذلك مُعرَّض لأنْ تفضحه ثغر ويدحضه افتعال. أهليته للإشادة به مردُّها أنه أقنع بكثير من أحداثه، ومنح شخصيات قدرة تأثير.

فاطمة عبد الله (بيروت)

آلية جديدة لتقليل ألم ما بعد الجراحة لدى النساء

الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى خصوصاً لدى النساء (جامعة أريزونا للعلوم الصحية)
الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى خصوصاً لدى النساء (جامعة أريزونا للعلوم الصحية)
TT

آلية جديدة لتقليل ألم ما بعد الجراحة لدى النساء

الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى خصوصاً لدى النساء (جامعة أريزونا للعلوم الصحية)
الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى خصوصاً لدى النساء (جامعة أريزونا للعلوم الصحية)

توصل باحثون من جامعة أريزونا للعلوم الصحية في الولايات المتحدة إلى آلية جديدة قد تُحدث نقلة نوعية في تخفيف آلام النساء بعد العمليات الجراحية دون الحاجة إلى مسكنات أفيونية.

وأوضح الباحثون، أن هذه الآلية تركز على تثبيط تأثير هرمون «البرولاكتين» الناتج من التوتر النفسي قبل الجراحة، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «Proceedings of the National Academy of Sciences».

ويُعد الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى التي تواجه الكثير من المرضى، خصوصاً النساء. وتشير الأبحاث إلى أن التوتر النفسي قبل الجراحة يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون «البرولاكتين»، وهو هرمون يساهم في تعزيز حساسية الأعصاب المسؤولة عن نقل إشارات الألم إلى الدماغ. وينتج من ذلك تفاقم الألم بعد الجراحة؛ ما يصعّب عملية التعافي ويزيد الحاجة إلى استخدام مسكنات قوية مثل الأفيونات، التي قد تُسبب آثاراً جانبية خطيرة كالإدمان واضطرابات الجهاز الهضمي.

ويُفرَز هرمون «البرولاكتين» من الغدة النخامية، ويوجد طبيعياً بمستويات أعلى لدى النساء، ويُعرف بدوره في تحفيز إنتاج لبن الأم، وتطوّر الغدد الثديية.

وكشفت الدراسة عن دور حاسم لهذا الهرمون في تعزيز الألم بعد الجراحة لدى النساء؛ إذ يُعدّ التوتر النفسي الناتج من العملية الجراحية عاملاً تمهيدياً يُفعّل آلية تعتمد على «البرولاكتين»، تسهم في زيادة نشاط الأعصاب الحسية المرتبطة بالشعور بالألم، وبالتالي تفاقم حدته واستمراره بعد العملية؛ وهو ما يفسر سبب معاناة النساء من مستويات أعلى من الألم مقارنة بالرجال في مثل هذه الحالات.

واستندت هذه الدراسة إلى أبحاث سابقة للفريق أظهرت وجود فروق بيولوجية بين الرجال والنساء في آليات الشعور بالألم؛ إذ يتأثر نشاط الخلايا العصبية المرتبطة بالألم لدى النساء بهرمون «البرولاكتين»، بينما يتأثر لدى الرجال بهرمون «أوركسين».

تقليل مستويات «البرولاكتين»

وتمكن الباحثون من تقليل مستويات «البرولاكتين» بثلاث طرق مختلفة قبل الجراحة؛ ما ساعد في خفض الألم بشكل ملحوظ، الأولى عبر العلاج الجيني لتثبيط إنتاج البرولاكتين، والثانية من خلال استخدام دواء «كابرغولين» (Cabergoline) الذي يعزز إفراز الدوبامين؛ ما يؤدي إلى تثبيط البرولاكتين، في حين تمثلت الثالثة في تطوير مركب دوائي جديد يُعرف باسم «PL 200.019»، وهو جسم مضاد يستهدف البرولاكتين مباشرة.

وأظهرت التجارب تحسناً ملحوظاً في السيطرة على الألم لدى الإناث بعد العمليات الجراحية، حيث أدى تثبيط «البرولاكتين» قبل الجراحة إلى تقليل شدة الألم ومدة استمراره؛ ما يقلل الحاجة إلى استخدام الأفيونات ويسرّع التعافي ويحسّن جودة الحياة.

ويأمل الباحثون أن يتم اختبار دواء «كابرغولين» في تجارب سريرية قريباً؛ تمهيداً لاستخدامه علاجاً وقائياً يُعطى للنساء قبل العمليات الجراحية؛ ما قد يسهم في تقليل خطر تحول الألم الحاد إلى ألم مزمن، ويقلل من الاعتماد على المسكنات الأفيونية.