مصر: توصيات رئاسية بإنتاج «دراما إيجابية»

السيسي طالب صُناع الفن بـ«عدم رعاية الغث والهزل»

الرئيس المصري خلال حفل الإفطار (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري خلال حفل الإفطار (رئاسة الجمهورية)
TT
20

مصر: توصيات رئاسية بإنتاج «دراما إيجابية»

الرئيس المصري خلال حفل الإفطار (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري خلال حفل الإفطار (رئاسة الجمهورية)

دعا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صناع الدراما، إلى تقديم «دراما إيجابية» باعتبارها عنصراً فعالاً في تشكيل الوعي المجتمعي وتقديم رسائل بناءة تدعم تطور الوطن، مؤكداً على ضرورة ألا يكون المحتوى المقدم للجمهور مقتصراً على الغث أو الهزل فقط، أو ما لا يساهم في بناء الأمة.

وخلال مشاركته في الإفطار السنوي للقوات المسلحة، الاثنين، تحدث الرئيس المصري عن ضرورة إسهام الأعمال الدرامية والإعلام في تعزيز الأخلاق والقيم المصرية الأصيلة، مشيراً إلى «أدوار أخرى للفن وليس مجرد وسيلة للتسلية».

وطالب السيسي صناع الفن بـ«عدم رعاية الغث والهزل فقط»، داعياً للبحث عن الصالح ودعمه، فيما أشاد بتجربة الفنان سامح حسين في برنامج «قطايف» المعروض على منصات مواقع التواصل الاجتماعي ويلقى ردود فعل إيجابية.

وكرد فعل سريع على تصريحات السيسي، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، (الثلاثاء) عن عقد مؤتمر بعنوان «مستقبل الدراما في مصر» في أبريل (نيسان) 2025 بهدف مناقشة سبل تطوير المحتوى الفني، بما يواكب التحديات المجتمعية، ويتماشى مع رؤية الدولة في تعزيز القيم الوطنية.

وحسب بيان الهيئة، فإن المؤتمر سيشهد مشاركة نخبة من الكُتّاب والمخرجين والمنتجين، إلى جانب خبراء في علم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد، للخروج بتوصيات تساهم في إعادة توجيه الدراما نحو تقديم أعمال تحمل رسائل إيجابية على أن يلتزم التلفزيون الذي يستأنف إنتاجه الدرامي هذا العام بالتوصيات مع وضعها ضمن استراتيجية «عودة ماسبيرو».

سيعقد مؤتمر داخل ماسبيرو من أجل مناقشة الدراما (الهيئة الوطنية للإعلام)
سيعقد مؤتمر داخل ماسبيرو من أجل مناقشة الدراما (الهيئة الوطنية للإعلام)

وتشهد الدراما الرمضانية هذا العام مجموعة من الأعمال التي تتضمن مشاهد عنف وتحريض وانتقام بجانب احتوائها على ألفاظ وإيحاءات عدّها البعض «غير مناسبة للعرض في رمضان»، فيما لم تواجه أي منها مشكلات مع الرقابة.

وقال الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق إن توجيهات الرئيس السيسي تعكس الدور الأساسي للفن في التأثير على المجتمع، موضحاً أن «الدراما ليست مجرد انعكاس للواقع، بل أداة يمكنها المساهمة في تغييره للأفضل».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة العنف والجريمة والانحراف الأخلاقي في الدراما لا تعني فرض قيود على الإبداع، بل تتطلب إعادة توجيه الرسائل الفنية لتكون أكثر توازناً، بما يخدم الهوية الثقافية المصرية».

فيما يشير الناقد الفني المصري، مصطفى حمدي، إلى التنوع الموجود في الأعمال الدرامية المعروضة في رمضان، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المسلسلات الاجتماعية قدمت قضايا حقيقية، لكن الواقع يشير إلى أن بعض الأعمال ضعيفة المستوى حظيت بانتشار واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

وأوضح أن «الدراما لا يجب أن تسير في اتجاه واحد، بل يجب أن تضم أنماطاً متنوعة تناسب مختلف الأذواق، مع ضرورة وجود إنتاج درامي يقدم رسائل إيجابية تعكس القضايا الحقيقية للمجتمع المصري».

ويرى الناقد أحمد سعد الدين أن «التحدي الحقيقي ليس فقط في توجيه صُنّاع الفن نحو تقديم أعمال إيجابية، بل في كيفية تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس»، لافتاً إلى أن الدولة كانت تمتلك ثلاث جهات رئيسية لإنتاج الدراما، وهي مدينة الإنتاج الإعلامي، وشركة صوت القاهرة، وقطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري، مما ساهم في تقديم أعمال درامية خالدة رسّخت القيم المصرية الأصيلة، لكن بعد توقف هذه الجهات تغيرت المعادلة.

وشدد على «أهمية عودة الدولة لدعم الإنتاج الدرامي، سواء عبر التلفزيون المصري أو من خلال تشجيع صُنّاع المحتوى الذين يلتزمون بتقديم أعمال ذات طابع ثقافي ومجتمعي هادف، خصوصاً أنها تدخل كل بيت مصري، مما يجعل مسؤوليتها أكبر في تقديم محتوى يحترم تقاليد المجتمع».

وأشار إلى ضرورة خلق بيئة إنتاجية تدعم هذا التوجه، موضحاً أن «عودة التلفزيون المصري للإنتاج، حتى لو بعدد محدود من المسلسلات، قد يكون له تأثير إيجابي في إعادة التوازن للسوق الدرامية، خصوصاً إذا أعيد تفعيل لجان مراجعة النصوص لضمان جودة الأعمال المقدمة».


مقالات ذات صلة

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

يوميات الشرق نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)

​أسيل عمران: «لام شمسية» يطرح تساؤلات شائكة عن الأمومة

بعد غيابٍ دام نحو 3 سنوات عن الدراما التلفزيونية تعود الممثلة السعودية أسيل عمران من خلال مسلسل (لام شمسية) الذي يشكّل أولى تجاربها في الدراما المصرية

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مسلسل «سيد الناس» يواجه اتهامات في بلاغ للنائب العام  (الشركة المنتجة)

بلاغ للنائب العام في مصر يطالب بوقف مسلسل «سيد الناس»

في خطوة تصعيدية ضمن توابع الاعتراضات على بعض موضوعات الدراما الرمضانية، تَقدَّم محامٍ مصري ببلاغ للنائب العام، يطالب فيه بوقف مسلسل «سيد الناس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق فتحي عبد الوهاب وأحمد عزمي من كواليس التصوير (الشركة المنتجة)

مسلسل «ظلم المصطبة» يُعيد دراما الريف إلى الواجهة بمصر

يُعيد مسلسل «ظلم المصطبة» الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الحالي، دراما الريف إلى الواجهة في مصر، بعد سنوات من غيابها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق سوسن بدر في لقطة من مسلسل «الباء تحته نقطة» (الشركة المنتجة)

سوسن بدر: «الباء تحته نقطة» يحتفي بقرار تعليم السيدات في الإمارات

أعربت الفنانة المصرية سوسن بدر عن فخرها بمشاركتها في المسلسل الإماراتي «الباء تحته نقطة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

​أسيل عمران: «لام شمسية» يطرح تساؤلات شائكة عن الأمومة

أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)
أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)
TT
20

​أسيل عمران: «لام شمسية» يطرح تساؤلات شائكة عن الأمومة

أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)
أسيل عمران في دور هبة أم بطل القصة الطفل يوسف (الشرق الأوسط)

بعد غيابٍ دام نحو 3 سنوات عن الدراما التلفزيونية، تعود الممثلة السعودية أسيل عمران من خلال مسلسل (لام شمسية)، الذي يشكّل أولى تجاربها في الدراما المصرية، بعد الأصداء الإيجابية التي حققها فيلمها المصري «ضي»، وكلا العملين من إخراج كريم الشناوي، الذي فتح لها باب المشاركة في الأعمال المصرية.

عن هذه التجربة تقول أسيل لـ«الشرق الأوسط»: «بعد فيلم (ضي) نشأت بيني وبين المخرج كريم ثقة متبادلة. لقد عملت سابقاً مع مخرجين كبار، وأؤمن بأن الممثل بحاجة إلى مخرج يستخرج منه مناطق دفينة قد لا يدركها في نفسه. لذلك أحرص دائماً على العمل مع المخرج الجيد، قبل قراءة النص، فهو عيني خلف الكاميرا».

دراما الواقعية

أوضحت أسيل أنها أثناء تصوير «ضي» شعرت برغبة كبيرة في البدء بعمل آخر، ولم تكن تريد لتلك التجربة أن تنتهي. لذا، حين حدثها كريم الشناوي عن «لام شمسية»، وافقت فوراً حتى قبل أن تطّلع على النص، إيماناً منها بحسن اختياره. وترى أسيل أن المشاهد العربي اعتاد نمطاً معيناً من الأداء، يتضمن صراخاً وانفعالات مبالغاً فيها، مضيفة: «لا أستطيع القول إن ذلك صحيح أو خاطئ، لكن مدرسة كريم الشناوي مختلفة تماماً، وواقعية تشبهنا كثيراً».

أسيل عمران تميل للدراما الواقعية التي يقدمها المخرج كريم الشناوي في أعماله (إنستغرام)
أسيل عمران تميل للدراما الواقعية التي يقدمها المخرج كريم الشناوي في أعماله (إنستغرام)

«لام شمسية»

يتناول مسلسل «لام شمسية» واحدة من أكثر القضايا حساسية في المجتمع، وهي البيدوفيليا (التحرش بالأطفال)، التي تُطرح للمرة الأولى في الدراما العربية. عن ذلك تقول أسيل: «القضية ليست هي الأساس، بل طريقة طرحها ومعالجتها درامياً... قبل التصوير حذرني البعض من الهجوم المحتمل على العمل نظراً لحساسية موضوعه، لكنني كنت مؤمنة بأن طريقة الطرح هي الفيصل، فمن الممكن أن نعالج موضوعاً دقيقاً بطريقة راقية وهادئة، أو نطرحه بأسلوب مستفز... والجمهور أصبح واعياً لذلك».

وتقدم أسيل في العمل دور هبة، أم الطفل يوسف (علي البيلي) الذي هو محور القصة، حيث تنفجر حادثة تعرضه للتحرش في حفل ميلاده، لتخرج الأمور عن السيطرة، وتشير أسيل إلى أن الجمهور سيكتشف جوانب غامضة في شخصية هبة خلال الحلقات المقبلة، بما يطرح قضية مهمة حول الأم التي لم تختر الأمومة عن قناعة، بل وضعها المجتمع أمام الأمر الواقع، وتضيف: «نحن دائماً نقول إن داخل كل أنثى غريزة الأمومة، لكن السؤال: ماذا لو لم تشعر بذلك؟».

أسيل والطفل عمر البيلي حيث تطرح في شخصية هبة تساؤلات شائكة حول الأمومة (إنستغرام)
أسيل والطفل عمر البيلي حيث تطرح في شخصية هبة تساؤلات شائكة حول الأمومة (إنستغرام)

اللهجة المصرية

وحول تجربتها في التمثيل باللهجة المصرية، أوضحت أسيل أنها لا تشعر بالقلق حيال ذلك، مضيفة: «بطبعي أتحدث بلهجة من أتكلم معه، وهذا أمر أفعله بشكل لاإرادي... فاللهجة المصرية بدأت تخرج مني بسلاسة أثناء عملي بمسرحية في موسم الرياض، ثم ترسخت خلال تصوير (ضي) الذي كان باللهجة الصعيدية». وتتابع: «ما زالت هناك بعض الكلمات التي يتم تصحيحها لي، وفريق (لام شمسية) يدعمني في ذلك بشكل كبير».

ورغم شهرة أسيل عمران في السعودية والخليج، فإنها لا ترى نفسها معروفة بالقدر ذاته في مصر، وفي ذلك تقول: «لا يتابع الجميع الأعمال الخليجية هنا، ويرجع ذلك لاختلاف اللهجة، لذلك أعد نفسي ممثلة جديدة في مصر، وأستكشف مدرسة مختلفة في الأداء». وتعود في حديثها إلى المخرج كريم الشناوي الذي تؤكد أنه يختار الممثل بناءً على الأداء والسلوك المهني معاً، مشيرة إلى أن أجواء التصوير في أعماله تتسم بالانضباط والاحترافية، وتعكس رؤيته الفنية بوضوح.

وبسؤالها عن سر غيابها عن الدراما المحليّة، تجيب: «أفتقد الجمهور السعودي، وأتوق لتقديم عمل محلي قوي... فالدراما السعودية أثبتت مكانتها، خصوصاً في رمضان هذا العام، لكنني لم أجد الدور المناسب بعد، ولا أرغب في تكرار ما سبق أن قدمته». وتختتم حديثها بالإشارة إلى أنها منفتحة على التجارب الجيدة أياً كانت، قائلة: «لا أعتقد أن على الممثل حصر نفسه في إطار محدد أو بقعة جغرافية معينة... وأنا ممثلة سعودية في أي مكان أعمل فيه».