اكتشاف ملابسات سرقة لوحة لفان دايك عام 1951

خبير فني بريطاني هو «اللص الأنيق»

ادّعى رامزي أنه اشترى اللوحة من كشك في سوق «هيميل هيمبستيد» بلندن (صندوق بوكليوش للتراث الحي)
ادّعى رامزي أنه اشترى اللوحة من كشك في سوق «هيميل هيمبستيد» بلندن (صندوق بوكليوش للتراث الحي)
TT
20

اكتشاف ملابسات سرقة لوحة لفان دايك عام 1951

ادّعى رامزي أنه اشترى اللوحة من كشك في سوق «هيميل هيمبستيد» بلندن (صندوق بوكليوش للتراث الحي)
ادّعى رامزي أنه اشترى اللوحة من كشك في سوق «هيميل هيمبستيد» بلندن (صندوق بوكليوش للتراث الحي)

في عام 1951، زار خبير فني بريطاني بارز قصراً فخماً في مقاطعة نورثهامبتونشير البريطانية، وشاهد عن كثب لوحات كبار الفنانين القدامى التي كانت مُعلقة في القصر، لكنه كان بمفرده بسبب مرض مالكه، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وبعد مرور 6 سنوات، دخلت زوجة مالك قصر «بوتون» التاريخي إلى متحف أميركي، حيث لفتت انتباهها لوحة فنية نابضة بالحياة لأمير ألماني من رسم أنتوني فان دايك، بدت مشابهة تماماً للوحة كانت موجودة في منزلها، ثم اكتشفت لاحقاً أنها اللوحة نفسها التي رسمها في القرن السابع عشر الفنان الفلمنكي الذي كان يعمل في بلاط الملك تشارلز الأول، والتي سُرقت منهم.

والآن، بعد مرور 35 عاماً على وفاته، تم الكشف عن الجاني، الذي كان هو نفسه خبير اللوحات إل جي جي رامزي، وفقاً للعمل الاستقصائي الذي قامت به الدكتورة ميريديث هيل، المحاضرة البارزة في تاريخ الفن بجامعة إكستر البريطانية.

وكان رامزي، الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير مجلة «Connoisseur» الفنية الرائدة، شخصاً يحظى باحترام كبير في ذلك الوقت، لكن هيل اكتشفت أدلة تُثبت أنه لم يكن سوى «لص أنيق»، قام، أثناء زيارته لقصر «بوتون»، بسرقة لوحة بورتريه الأمير فولفغانغ فيلهيلم من أسرة بفالتس-نويبورغ.

وُلد فولفغانغ في 1582 وكان ينتمي إلى أسرة نبيلة ألمانية، وهو معروف بدوره في السياسة الأوروبية في تلك الفترة، وتعدُّ هذه اللوحة من أعمال فان دايك المتميزة التي تتميز بالأسلوب الباروكي في تصوير الشخصيات الملكية والنبلاء، حيث كان معروفاً بقدرته على إظهار الفخامة والهيبة في أعماله.

وربما اعتقد رامزي أن أحداً لن يلاحظ اختفاء هذه اللوحة الصغيرة من «قصر فرساي الإنجليزي»؛ اللقب الذي أُطلق على قصر بوتون التاريخي بسبب تصميمه الفاخر وديكوراته المُبهرة الشبيهة بقصر فرساي في فرنسا، الذي كان مليئاً باللوحات والأثاث والمفروشات.

وفي عام 1954، بِيعت اللوحة في مزاد عبر «دار كريستيز» للمزادات في لندن، التي أكدت حصولها على شهادة «غولدشايدر» التي تقدم ضماناً بأن اللوحة أصلية ولها تاريخ معين أو مصدر موثوق.

وعلى الرغم من أن البائع كان مجهولاً، فقد اكتشفت هيل أنه تم تسليم اللوحة نيابةً عن رامزي من قبل تاجر يُدعى يوجين سلاتر من شارع بوند الشهير في وسط لندن، الذي يعد واحداً من أكثر الشوارع الفاخرة والمعروفة في المدينة، ويُشتهر بمتاجر العلامات التجارية الفاخرة والمجوهرات والتحف والمعارض الفنية، بالإضافة إلى كونه وجهة مفضلة للمشترين من النخبة والمشهورين.

واشترى أحد جامعي التحف اللوحة من المزاد مقابل 189 جنيهاً إسترلينياً، ثم باعها إلى تاجر آخر، الذي باعها عام 1955 مقابل 2700 دولار لجامعة تحف من نيويورك، الولايات المتحدة، تُدعى ليليان مالكوف، التي أعارتها في عام 1957 إلى متحف فوغ للفنون في جامعة هارفارد الأميركية.


مقالات ذات صلة

منطقة إيطالية تعرض 100 ألف يورو لكل من ينتقل إليها... بشرط

يوميات الشرق المبادرة طرحتها منطقة ترينتينو الجبلية على أمل تحسين القوة الاقتصادية (سي إن إن)

منطقة إيطالية تعرض 100 ألف يورو لكل من ينتقل إليها... بشرط

ستدفع منطقة ترينتينو للإيطاليين منحة لتجديد أحد المنازل المهجورة العديدة في المنطقة التي تلتقي فيها جبال الدولوميت بجبال الألب.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق رحلة كتبها المال وأكمل سطورها الشغف (إكس)

عامل تنظيف نوافذ في مَهمّة لإثبات أصالة لوحة لشكسبير لا تُقدَّر بثمن

أمضى عامل تنظيف النوافذ، ستيفن وادلو، أكثر من عقد في محاولة إثبات امتلاكه لوحةً أصليةً لا تُقدّر بثمن للكاتب المسرحي الشهير ويليام شكسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد قلَّما يتكرَّر (جامعة أوكلاند)

مشهد نادر لأخطبوط يمتطي أسرع سمكة قرش في العالم

المشهد النادر قبالة سواحل نيوزيلندا يُظهر أخطبوطاً من فصيلة «الماوري» يمتطي قرش «ماكو»، الأسرع في العالم الذي تصل سرعته إلى 46 ميلاً في الساعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق هناك 3 أسباب رئيسية للمشكلات بين الأزواج (أرشيفية - رويترز)

أكثر 3 أمور يتشاجر بشأنها الأزواج... وكيفية التعامل معها

الخلافات بين الأزواج واردة، لكن ما الأسباب الجذرية التي تُؤدي إلى خلافات متكررة بينهما؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يتناول المسلسل قصة حب تخرج عن المألوف (إنستغرام)

كاتبة مسلسل «نفس» إيمان السعيد: شخصياتي تعبُر من العتمة إلى الضوء

في «نفس»، يعبُر قلم إيمان السعيد إلى عالم الروحانيات والبُعد النفسي. تتحدّى وتواجه بمحتوى نص متمكّن يخرج عن المألوف، ويحمل التركيبة الرومانسية البسيطة. 

فيفيان حداد (بيروت)

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)
صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)
صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد (الشرق الأوسط)

رغم تنوع أصناف الكنافة وإغراءات أشكالها الحديثة، فإن «الكنافة البلدي» ما زالت تحتفظ بمكانتها في عدد كبير من أحياء وقرى مصر، لا سيما في شهر رمضان المبارك، حيث تعود إلى الظهور في الشوارع بشكل واضح بعد أشهر من التواري.

ويتم صنع الكنافة البلدي بالطريقة التقليدية اليدوية، إذ يقوم صانعها بصبها بطريقة حلزونية وبسرعة فائقة على الفرن، مما يجعلها تتميز بسماكة خطوطها مقارنةً بــ«الكنافة الشَعر» التي يجري صنعها آلياً وتحظى بانتشار واسع داخل البلاد.

صمود الكنافة البلدي أمام «التقاليع الجديدة» تفسّره الدكتورة نهلة إمام، مستشار وزير الثقافة لشؤون التراث غير المادي والمتخصصة في العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية بأكاديمية الفنون، بـ«وجود ذائقة مستقرة لدى المصريين».

وتقول إمام لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يظهر من وقت لآخر من طرق لعمل الكنافة في رمضان لا يمثل سوى بؤر بسيطة تَلوح هنا وهناك، لا أكثر، وهي مجرد موضة تأخذ وقتها وتختفي، ولا يصمد في النهاية سوى ما استقر في الذائقة والمزاج العام عند الناس».

الكنفاني محمد الأبيض (الشرق الأوسط)
الكنفاني محمد الأبيض (الشرق الأوسط)

وتتابع أن «فكرة الانجذاب للماضي أمر طبيعي، فالتعامل مع الطعام يعتمد بدرجة أساسية على ذائقة جرت تربيتها على مدار سنوات طويلة، وهي بالطبع وإن كانت تتسم بالتعدد لدى قطاعات المصريين المختلفة، والتي تتنوع بين الشيوخ والشباب والجدات والشابات، إلَّا أنها قادرة على العودة مرة أخرى لوضعها الطبيعي الذي تعرفه الأغلبية، وهكذا يحيا التراث وينتقل من جيل إلى آخر».

كما ترى أن «هذه العودة تنطبق على طرق عمل الحلوى، بما فيها الكنافة التي عرفها المصريون وكانوا يصنعونها بالمكسرات فقط، ثم صارت محشوة بالكريمة، والآن دخلتها عناصر جديدة مثل النوتيلا، والبستاشيو، في إطار ما نطلق عليه في الدراسات (التراث والموضة)».

وتشدد إمام على الفرق الكبير بين الكلمتين؛ فبينما «تظهر الأخيرة في مرحلة وتختفي، فإن التغيير في التراث يكون محدوداً، والتقاليع الجديدة لصناعة الكنافة تعد محدودة وتقتصر على طبقة معينة ووقت وأماكن محددة، وهي مطروحة بأسعار ليست في متناول الجميع».

عنتر أبو زيد، صانع كنافة بلدي بالجيزة (غرب القاهرة) يعزو سبب صمود كنافته قائلاً: «هي الأساس، كما أنها تتمتع بدرجة من الليونة تميزها عن سواها». ويؤكد أن كبار السن هم الأكثر إقبالاً عليها في المنطقة التي يعيش ويعمل فيها رغم سعرها الذي يتطابق مع سعر «الكنافة الشَّعْر»، حيث يبيعها بـ«50 جنيهاً مصرياً للكيلوغرام» أي بـ(دولار أميركي واحد).

عنتر أبو زيد يستمتع بصنع الكنافة البلدي (الشرق الأوسط)
عنتر أبو زيد يستمتع بصنع الكنافة البلدي (الشرق الأوسط)

ويربط أبو زيد بين الشعور ببهجة الشهر الكريم وبين صناعة الكنافة والقطايف في المنازل، فهي من وجهة نظره طقس لا غنى عنه لدى الأسر، وعنصر مهم ضمن تفاصيل اليوم الرمضاني والسهرات والموائد التي تجتمع حولها العائلات.

ولا يتفق الباحثون على الأصل التاريخي لصناعة الكنافة، فمنهم من يشير إلى ظهورها خلال العصر الأموي، وهناك من يقول إنها تعود إلى العصر الفاطمي والمملوكي، وقد انتقلت مع مرور الزمن إلى باقي طبقات المجتمع بعدما كانت حكراً على أبناء الطبقة الغنية والحكام، وصارت جزءاً من الطقوس المرتبطة برمضان، ومن هنا اكتسبت طابعها الشعبي.

ويؤكد أبو زيد أن «الكنافة الشَّعر تكتسح الأسواق، وتتم صناعتها طوال العام، وقد تعوَّد المصريون عليها، لكن الكنافة البلدي مطلوبة من زبائن معينين، ويأتون إليه من مناطق مختلفة لشرائها».

محمد الأبيض، صانع عجائن بالقاهرة ترتبط حياته منذ طفولته بصناعة الكنافة التي ورثها عن والده، وقد تعلمها على يديه منذ أن كان طفلاً، ولفت الأبيض إلى أسرار يجب الالتزام بها في عمل الكنافة، منها تركها يوماً كاملاً وتزويدها بكثير من السمن البلدي، مشيراً إلى أن الاستعجال في إعدادها بعد الشراء مباشرةً يؤدي إلى تحولها إلى كتلة من العجين، وهي في نظره تحتاج إلى نوع من الخبرة والتأني في تجهيزها.

محمد الأبيض ورث صنع الكنافة عن والده (الشرق الأوسط)
محمد الأبيض ورث صنع الكنافة عن والده (الشرق الأوسط)

ويفضل المصريون خلال شهر رمضان إعداد الكنافة البلدي أو الشَّعر أو القطايف يدوياً في منازلهم بطرق تحاكي المصنوعة في المتاجر الشهيرة، حيث تؤكد سها محمود، وهي أُم لـ3 أطفال مقيمة في القاهرة، أنها تستطيع شراء الكنافة الجاهزة من متاجر الحلوى المنتشرة حول منزلها، لكنها تفضّل عمل الكنافة بنفسها خلال الشهر الكريم لتدخل البهجة إلى بيتها.

وفي ختام حديثها لـ«الشرق الأوسط» تقول «إن الكنافة الجاهزة سعرها يعد منخفضاً مقارنةً بالأخرى المعدة في المنزل بحساب تكلفة الكنافة والسكر والمكسرات والإضافات الأخرى بجانب الوقت الذي تستغرقه، لكننا نبتهج بإعدادها وتناولها خلال مشاهدة مسلسلات رمضان».