الحرمان الاجتماعي والفقر يُسرِّعان الشيخوخة

تقدُّم العمر ينعكس في تركيبة البروتينات بالدم

للتغيرات في الوضع الاجتماعي تأثير ملموس في الشيخوخة (كلية لندن الجامعية)
للتغيرات في الوضع الاجتماعي تأثير ملموس في الشيخوخة (كلية لندن الجامعية)
TT
20

الحرمان الاجتماعي والفقر يُسرِّعان الشيخوخة

للتغيرات في الوضع الاجتماعي تأثير ملموس في الشيخوخة (كلية لندن الجامعية)
للتغيرات في الوضع الاجتماعي تأثير ملموس في الشيخوخة (كلية لندن الجامعية)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من كلية لندن الجامعية في المملكة المتحدة، أنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بظروف اجتماعية واقتصادية ميسورة، مثل ارتفاع الدخل أو ارتفاع مستويات التعليم، يواجهون خطراً أقل للإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر، ويُظهرون علامات شيخوخة بيولوجية أقل، في المقابل قد يُسرّع الحرمان الاجتماعي والفقر الشيخوخة ويُفاقمان خطر الإصابة بالأمراض.

ووجدوا أدلة على أنّ التغيّرات في الوضع الاجتماعي قد يكون لها تأثير ملموس في الشيخوخة البيولوجية، إذ كشفت البيانات عن أنّ الأشخاص الذين انتقلوا من مستويات تعليمية منخفضة في وقت مبكر من حياتهم إلى وضع اجتماعي متوسط ​​أو مرتفع في مراحل لاحقة منها، كانت لديهم تركيزات بروتينية معينة أكثر ملاءمة مقارنةً بمَن لم تتحسَّن ظروفهم.

ووفق نتائج الدراسة التي نُشرت في دورية «نيتشر ميديسين»، يبدو أنّ للتفاوت الاجتماعي تأثيراً مباشراً على الشيخوخة البيولوجية التي يعدُّها الخبراء العمر الحقيقي للإنسان. إذ وجد الباحثون أنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بمزايا اجتماعية أكبر، لديهم بروتينات أقل في دمائهم مرتبطة بالشيخوخة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالالتهابات وكفاءة عمل الجهاز المناعي.

قال المؤلّف الرئيسي للدراسة من كلية علوم الدماغ بجامعة لندن، البروفيسور ميكا كيفيماكي: «تقدّم هذه الدراسة دليلاً بيولوجياً قوياً على أنّ الظروف الاجتماعية تؤثر في وتيرة الشيخوخة»، مضيفاً في بيان، الجمعة: «لعقود، كنا نعلم أنّ المزايا الاجتماعية مرتبطة بصحة أفضل، لكن نتائجنا تشير إلى أنها قد تُبطّئ أيضاً عملية الشيخوخة عينها».

واستندت الدراسة إلى نتائج 4 دراسات طولية واسعة النطاق تتبَّعت المشاركين فيها لسنوات، وشملت مجتمعةً أكثر من 800 ألف مشارك.

وتضمّنت مقاييس التميّز الاجتماعي التعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي للأب، ومؤشرات مرحلة البلوغ مثل الحيّ السكني، والوضع المهني، أو دخل الأسرة. كما قيست مؤشرات الشيخوخة من خلال تشخيص الأمراض المعروفة بارتباطها بالشيخوخة، ومن خلال فحوص الدم التي تقيس بروتينات معيّنة منتشرة في بلازما الدم، في قياس يُسمى «تحليل البروتينات البلازمية المتقدّم».

في الدراسة الأخيرة، حُدِّدت نتائج الأمراض على مدى 10 سنوات وبعد أكثر من 20 عاماً، لمعرفة ما إذا كانت العوامل الاجتماعية في مرحلة مبكرة من العمر أو منتصفه تُسهم في الشيخوخة بعد سنوات.

ووجد الباحثون أنّ خطر الإصابة بـ66 مرضاً مرتبطاً بالعمر يتأثر في الميزات الاجتماعية. وبحساب متوسط ​​قائمة الأمراض، كان هناك خطر أعلى بنسبة 20 في المائة للإصابة بالمرض لدى الأشخاص ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، مقارنةً بالوضع الاجتماعي والاقتصادي المرتفع.

وبالنسبة إلى بعض الأمراض، بما فيها داء السكري من النوع الثاني، وأمراض الكبد، وأمراض القلب، وسرطان الرئة، والسكتة الدماغية، كان الخطر أعلى بأكثر من الضعف في المجموعة الأكثر حرماناً مقارنةً بالأكثر حظاً.

ووجد الباحثون أنّ مستويات 14 بروتيناً في البلازما تأثرت بالميزة الاجتماعية والاقتصادية، بما فيها البروتينات المعروفة بتنظيم الاستجابات الالتهابية والإجهاد الخليوي.

بدوره، أوضح البروفيسور توني ويس كوراي من جامعة ستانفورد الأميركية، والمؤلّف المشارك في الدراسة، أنّ «الشيخوخة تنعكس في تركيبة البروتينات بدمنا، والتي تشمل آلاف البروتينات المرتبطة بعمليات الشيخوخة البيولوجية في أجهزة عضوية متعدّدة. وتُعد هذه المؤشرات الحيوية مؤشرات على الصحة تُمكّننا من تقييم كيفية تأثير الاختلافات الاجتماعية في وتيرة الشيخوخة».


مقالات ذات صلة

التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

يوميات الشرق الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)

التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

توزيع الأشجار في المدن لا يقل أهمية عن عددها، إذ يمكن لتخطيط المساحات الخضراء بشكل مترابط أن يُسهم في تقليل معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة والشيخوخة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك حَبّ الشباب من أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً في العالم (جامعة كاليفورنيا)

الحبّة السوداء والخلّ علاج طبيعي لحَبّ الشباب

كشفت دراسة سريرية هندية عن فاعلية مزيج موضعي من الحبّة السوداء والخلّ في علاج حَبّ الشباب، مما يجعله بديلاً طبيعياً محتملاً للعلاجات التقليدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)

ما «الأمر الأساسي» الذي يغفل الآباء تعليمه لأطفالهم؟

العديد من الأطفال السعداء يكبرون ليصبحوا بالغين تعساء- هناك فرق بين الاستمتاع بالحياة في الصغر والاستعداد للاستمتاع بها كبالغين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا نساء يسرن في أحد شوارع مدينة دريسدن الألمانية (أ.ف.ب-أرشيفية)

استطلاع: 61 % من مسلمات ألمانيا يشكون من التعرض للتمييز العنصري

وفق استطلاع حديث، أفادت 61 في المائة من النساء المسلمات بألمانيا بأنهن تعرضن، خلال العام الماضي، للتمييز، مرة واحدة على الأقل شهرياً.

«الشرق الأوسط» (برلين)

منظف أقمشة صديق للبيئة... من الخشب والذرة

المنظف أظهر كفاءة مماثلة للمنظفات التجارية في إزالة البقع (الجمعية الكيميائية الأميركية)
المنظف أظهر كفاءة مماثلة للمنظفات التجارية في إزالة البقع (الجمعية الكيميائية الأميركية)
TT
20

منظف أقمشة صديق للبيئة... من الخشب والذرة

المنظف أظهر كفاءة مماثلة للمنظفات التجارية في إزالة البقع (الجمعية الكيميائية الأميركية)
المنظف أظهر كفاءة مماثلة للمنظفات التجارية في إزالة البقع (الجمعية الكيميائية الأميركية)

طوّر باحثون في الجمعية الكيميائية الأميركية منظفاً صديقاً للبيئة يعتمد على ألياف نانوية من الخشب وبروتين مستخرج من الذرة، في خطوة واعدة لتقليل الأثر البيئي للمنظفات المنزلية.

وأوضح الباحثون أن المنظف أظهر كفاءة مماثلة للمنظفات التجارية في إزالة البقع من الملابس والأواني، بل تفوق عليها في بعض الحالات. ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Langmuir».

وتتزايد المخاوف حول تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في المنظفات التقليدية على البيئة، خاصة تلك التي يصعب تحللها أو تؤثر سلباً على النظم البيئية.

وقد دفعت هذه المخاوف الباحثين إلى البحث عن بدائل طبيعية، إلا أن المحاولات السابقة واجهت تحديات تتعلق بارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة إزالة بقايا المنظف بعد الاستخدام، مما قد يتسبب في تلف الأقمشة والأسطح.

لمواجهة هذه التحديات، قام الباحثون بدمج ألياف السليلوز النانوية المستخرجة من الخشب مع بروتين «زين» (Zein) المستخرج من الذرة لإنشاء مستحلب طبيعي.

وتساعد هذه الألياف في جذب وإزالة البقع المختلفة بفضل قدرتها على التفاعل مع الماء والدهون، في حين يعمل بروتين «زين» على تثبيت المستحلب وحبس الزيوت، مما يعزز فاعلية التنظيف، وفق الباحثين.

وقارن الفريق أداء المنظف الجديد مع منظفات تجارية من خلال تنظيف أقمشة قطنية، وأوانٍ متسخة بالحبر وزيت الفلفل الحار ومعجون الطماطم.

وعند استخدام تركيز 1 في المائة من المنظف، كان أداؤه مقارباً لمسحوق الغسيل التقليدي، لكن عند رفع التركيز إلى 5 في المائة، تفوق على مسحوق الغسيل في إزالة البقع. كما أظهرت الفحوصات المجهرية أن المنظف لم يترك أي بقايا على الأقمشة بعد الغسيل، مما يشير إلى عدم تسببه في تلف الأقمشة.

وفي اختبارات تنظيف الصحون، أظهر المنظف الجديد فاعلية مماثلة للمنظفات السائلة التجارية، بل تفوق عليها عند استخدامه بتركيز 5 في المائة.

نتائج واعدة

وعلى سبيل المثال، أزال المنظف 92 في المائة من بقع الزيت عن أطباق الفولاذ المقاوم للصدأ، مقارنة بـ87 في المائة للمنظف التجاري المخفف بنسبة 1 في المائة. كما أكدت الفحوصات المجهرية عدم تركه أي بقايا على الأقمشة أو الأواني، مما يسهل شطفه ويمنع تلف المواد المستخدمة.

وبحسب الفريق، يتميز المنظف الجديد بتركيبته الخالية من المركبات الصناعية الضارة، مثل الفوسفات، مما يجعله آمناً على البيئة والاستخدام المنزلي. كما تعتمد تقنية تصنيعه على مواد طبيعية متوفرة بكثرة، مما يقلل من تكاليف الإنتاج مقارنةً بالمنظفات التقليدية؛ ما يجعله خياراً اقتصادياً للمستهلكين والشركات.

وأشار الفريق إلى أن هذا المنظف يمكن أن يكون حلاً مستداماً وفعالاً لتنظيف الملابس والأواني، مع تقليل الأثر البيئي، مما يفتح المجال أمام تطوير المزيد من المنتجات الصديقة للبيئة في المستقبل.