«النُّص»... كوميديا تستعيد حياة المصريين قبل 100 عام بعيون نشّال

نقاد عدّوه من أفضل مسلسلات النصف الأول لرمضان

أحمد أمين في أحد مشاهد مسلسل «النُّص» (الشركة المنتجة)
أحمد أمين في أحد مشاهد مسلسل «النُّص» (الشركة المنتجة)
TT

«النُّص»... كوميديا تستعيد حياة المصريين قبل 100 عام بعيون نشّال

أحمد أمين في أحد مشاهد مسلسل «النُّص» (الشركة المنتجة)
أحمد أمين في أحد مشاهد مسلسل «النُّص» (الشركة المنتجة)

يستعيد مسلسل «النُّص» عشرينات القرن الماضي خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، متتبعاً رحلة «عبد العزيز النُّص» النشّال الذي قرر التخلي عن السرقة وبدء حياة شريفة، لكنه يجد نفسه متورطاً في صراعات سياسية واجتماعية تجعله بطلاً شعبياً دون أن يقصد بعدما أسس حركة مقاومة وطنية ضد الاحتلال الإنجليزي.

المسلسل مستوحى من كتاب «مذكرات نشّال» للباحث أيمن عثمان، وكتب له السيناريو والحوار 3 مؤلفين هم: شريف عبد الفتاح، وعبد الرحمن جاويش، ووجيه صبري. وهو من بطولة الفنان أحمد أمين في شخصية «عبد العزيز النُّص»، بمشاركة أسماء أبو اليزيد، وصدقي صخر، وحمزة العيلي، ودنيا سامي، وعبد الرحمن محمد، وإخراج حسام علي.

وتتشابك الأحداث في المسلسل ليصبح «النُّص» شاهداً على عصره وفاعلاً رئيسياً في متغيراته، عبر خط درامي يعتمد أسلوب التشويق الممزوج بالكوميديا، طارحاً قضايا العدالة الاجتماعية والفساد في قالب كوميدي، مما يصنع تجارب غنية، عبر حكايات وشخصيات ثرية.

وعَدّ نقاد أن المسلسل الذي تدور أحداثه في 15 حلقة مرشح ضمن الأفضل في دراما النصف الأول من رمضان؛ لأسلوبه السلس وحكايته الممتعة وتجربته المختلفة عما هو سائد، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع «السوشيال ميديا».

وتمكّن مخرج العمل من تقديم معالجة بصرية تجسد أجواء زمن العشرينات من القرن الماضي، واختار إضاءة خافتة وألواناً ترابية في الملابس والديكورات، لتحقيق الفترة التاريخية، كما جرى التصوير عبر لقطات واسعة تظهر جماليات قاهرة العشرينات.

أحمد أمين وكتاب «مذكرات نشّال» المستوحى منه المسلسل (الشركة المنتجة)

ويقدم المسلسل في نهاية كل حلقة معلومات حقيقية من زمن الأحداث، على غرار قانون الآثار المصري القديم الذي كان يمنح الحفّارين الأجانب نصف الكنوز التي يتم اكتشافها، وأول سيارة دخلت مصر عام 1890 وكانت تستخدم في الترفيه والمغامرة، في حين بلغ عدد السيارات 250 ألف سيارة في العالم عام 1907.

وقالت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله إن «مسلسل (النُّص) يستحق لقب أفضل مسلسل كوميدي في النصف الأول من رمضان»، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل قدم تفاصيل مهمة عن زمن لم نعشه، كما يمنح المشاهد في نهاية كل حلقة معلومات مهمة موثقة، مثلما جاء في إحدى الحلقات أن بريطانيا العظمى لجأت لمصر لتستدين منها بعد خسائرها في الحرب العالمية الأولى، وأخذت جزءاً من الذهب، مما يكشف قيمة مصر اقتصادياً وعلمياً في ذلك الوقت».

وعبرت الناقدة المصرية عن «تميز شخصيات المسلسل البعيدة عن الافتعال، وأن تحولهم من لصوص إلى وطنيين يتم بشكل تدريجي منطقي بفضل سيناريو مهتم بالشخصيات كلها الذين يجمعهم (هارموني) في الأداء، ومن بينهم حمزة العيلي الذي قدم دوراً مميزاً، وكذلك صدقي صخر وأسماء أبو اليزيد، كما قدم أحمد أمين أداء يلائم شخصية (النُّص)، ولا يشبه ما قدمه من قبل».

حمزة العيلي قدم دوراً لافتاً بحسب نقاد (الشركة المنتجة)

ولفتت ماجدة إلى أن «الكوميديا بالمسلسل مختلفة عن الأعمال الأخرى، وبعيدة عن السذاجة والافتعال، بل نابعة من الموقف. والمخرج دقّق جيداً في تحقيق ملامح هذا الزمن من ملابس وألفاظ وحركة الشارع».

وأشاد متابعون عبر «فيسبوك»، من بينهم نجوان ماهر، بصنّاع المسلسل الذين اهتموا بكافة التفاصيل في أشكال المنازل والشوارع، وفي الملابس والأكسسوارات، مع الاهتمام بالتعبيرات والكلمات المتداولة في تلك الحقبة الزمنية.

وكتب الناقد الفني المصري أندرو محسن، عبر حسابه بـ«فيسبوك» أن المسلسل يتضمن مجهوداً كبيراً، وبه تفاهم واضح بين الممثلين، واستغلال جيد للزمن دون مبالغة أو استعراض، مع تحفظه على السيناريو لعدم وجود تطور للشخصيات، حسبما ذكر، لكنه أكد استمتاعه بمتابعة الحلقات، وإعجابه بالكوميديا والتفاصيل الفنية اللافتة.

في حين يرى الناقد الفني المصري سيد محمود أن «المسلسل له خلفية واقعية تاريخية لاعتماده على مذكرات (النُّص) الذي كان أحد أهم النشّالين في تلك الفترة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «أحمد أمين كممثل مثقف يميل لتقديم أفكار مختلفة وغير مطروقة». ورغم تحفظ محمود على ما وصفه بـ«التطويل في السيناريو»، فإنه يؤكد أن «المخرج كان موفقاً في اختيار ممثلين على درجة من الإجادة في تقديم شخصيات العمل».


مقالات ذات صلة

فنانات مصريات يتحدثن عن كواليس عملهن مع عادل إمام

يوميات الشرق الفنان المصري الكبير عادل إمام (حسابه على «فيسبوك»)

فنانات مصريات يتحدثن عن كواليس عملهن مع عادل إمام

يحتفي الوسط الفني والإعلامي المصري ومتابعون على «السوشيال ميديا» بعيد الميلاد الـ85 للفنان المصري الكبير عادل إمام، الذي يوافق 17 مايو (أيار) الحالي.

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس مي سليم في كواليس التصوير (حسابها على {فيسبوك})

مي سليم: أُركز في الغناء بعد انشغالي لسنوات بالدراما

قالت الفنانة مي سليم إن ردود الفعل على أحدث أغنياتها المصورة «اتعلقت بيه» أسعدتها كثيراً، وشجعتها على التركيز في اختيار أغانٍ جديدة خلال الفترة المقبلة

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد فتحي في مشهد من مسلسل «اللعبة» (حسابه في فيسبوك)

أحمد فتحي: إضحاك الجمهور مسؤولية... ولم أندم على دور

أكّد الفنان المصري أحمد فتحي عدم ندمه على دورٍ قدَّمه، كاشفاً أنه تعرَّض لإخفاقات كثيرة ويتحمَّل ثمن اختياراته، وعدّ مهمّة إضحاك الجمهور «مسؤولية».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق شمعون في لقطة من مسلسل «عروس بيروت» (الشركة المنتجة)

تقلا شمعون: تجنبتُ مشاهدة النسخة الأصلية لمسلسل «امرأة»

تحدثت تقلا شمعون عن تجربتها في مسلسل «امرأة»، النسخة العربية من العمل التركي «كادن»، مثنية على طاقم العمل، واصفة إياه بأنه «جميل جداً».

«الشرق الأوسط» (مالمو (السويد))
يوميات الشرق محمود عبد العزيز وبوسي شلبي في إحدى الفعاليات (حساب شلبي على «إنستغرام»)

اتهامات متبادلة بين ورثة محمود عبد العزيز وأرملته تثير ضجة في مصر

أثارت اتهامات متبادلة بين «أرملة»، و«ورثة»، الفنان الراحل محمود عبد العزيز، ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر.

داليا ماهر (القاهرة )

المخرج السعودي أيمن خوجة: أركز على الأعمال الجماهيرية

المخرج السعودي أيمن خوجة (الشرق الأوسط)
المخرج السعودي أيمن خوجة (الشرق الأوسط)
TT

المخرج السعودي أيمن خوجة: أركز على الأعمال الجماهيرية

المخرج السعودي أيمن خوجة (الشرق الأوسط)
المخرج السعودي أيمن خوجة (الشرق الأوسط)

أكد المخرج السعودي أيمن خوجة أنه يعمل راهناً على وضع اللمسات الأخيرة لثلاثة مشروعات سينمائية جديدة. وقال خوجة في حواره مع «الشرق الأوسط» إن «هذه الأعمال ستحمل الطابع الجماهيري والكوميدي، مع الالتزام بميزانيات محدودة، بغرض خلق صناعة سينمائية مستدامة تدر دخلاً حقيقياً، وتُحفّز المستثمرين على دخول هذا المجال بشكل أكبر».

وأضاف، على هامش حضوره عرض فيلمه «السينيور» ضمن مهرجان «مالمو للسينما العربية»، «هناك أيضاً فيلم قصير من بطولة الفنان وليد قشران يتم العمل عليه حالياً، ومن المتوقع البدء في تصويره نهاية شهر يوليو (تموز)، أو مطلع أغسطس (آب) المقبل على أقصى تقدير».

وتطرَّق المخرج السعودي لفيلمه «السينيور» وعرضه في الدنمارك، والإقبال الكبير على مشاهدته، على الرغم من طرحه بالصالات السينمائية العام الماضي، الأمر الذي جعله يشعر بسعادة من خلال المناقشات المتعددة التي أجراها مع الجمهور بعد عرض الفيلم.

وقال خوجة إن «التحدي الأكبر الذي واجهنا في فيلم (السينيور) كان الحصول على التمويل، حيث استغرق الأمر 8 أشهر للوصول إلى الميزانية المناسبة»، لافتاً إلى أن «الهدف منذ البداية كان إنتاج فيلم بجودة عالية، وقصة تحمل رسالة واضحة، دون تحميل العمل ميزانية ضخمة قد تعرقل تحقيق أرباح عند توزيعه، ولذلك تم التصوير خلال 18 يوماً فقط، مع تحضير دقيق استغرق شهرين لضمان أفضل نتيجة ممكنة».

أيمن خلال الاحتفال بعرض الفيلم في الدنمارك (الشرق الأوسط)

وأوضح خوجة: «إن جزءاً كبيراً من التركيز في فترة التحضير كان يستهدف تحقيق الواقعية في الحوارات والمَشاهد، حيث عملت مع الممثلين بشكل فردي لإعادة صياغة النصوص بما يعكس طبيعة المجتمع المحلي»، موضحاً أن «الهدف كان تقديم كوميديا تنبع من البيئة والهوية السعوديَّتين، من خلال ديكورات ومواقع تصوير واقعية، وشخصيات تعبّر عن التنوع الثقافي والاجتماعي داخل المملكة».

وأكد خوجة أن عرض فيلم «السينيور» على منصة «نتفليكس» في منطقة الشرق الأوسط كان له تأثير كبير في توسيع نطاق المشاهدة، حيث احتلَّ المركز الأول في السعودية لأسبوعين، ودخل قائمة العشرة الأوائل في دول عربية عدة مثل الأردن وعُمان والكويت.

وأشار إلى أن هذه الأرقام، رغم عدم الإعلان الرسمي عنها من «نتفليكس»، تشير إلى تجاوب واسع من الجمهور، وهو ما يؤكد أهمية المنصات الرقمية في الوصول إلى شرائح أوسع مقارنة بشباك التذاكر، حسب تعبيره.

ورداً على التصنيف الذي يُطلق أحياناً على أفلام مثل «السينيور» بأنها «تجارية»، قال: «أفضِّل مصطلح (أفلام جماهيرية)، لأن الهدف ليس مجرد الربح، بل إيجاد صناعة مستدامة تعيد تدوير رأس المال وتفتح آفاقاً جديدة للتمويل الذاتي».

وأضاف: «هذه الرؤية ستستمر في مشروعاتي المقبلة؛ للمحافظة على توازن دقيق بين المحتوى الترفيهي والقصة ذات الرسالة، مع محاولة تحسين التجربة الإنتاجية من حيث الميزانية وعدد أيام التصوير».

وأكد خوجة أن برنامج «ليالي الفيلم السعودي» الذي ترعاه «هيئة الأفلام» لعب دوراً محورياً في وصول الفيلم إلى مهرجانات دولية مثل مهرجان «مالمو» في الدول الإسكندنافية.

وعدّ «هذا النوع من الدعم الرسمي يُمثل دفعة معنوية ومهنية كبيرة لصناع الأفلام السعوديين؛ لأنه يفتح لهم نوافذ عرض جديدة خارج النطاق المحلي، ويسهم في تقديم السينما السعودية على نطاق عالمي بشكل مشرف».

وأشاد خوجة بالحضور الجماهيري الكبير الذي شهده عرض فيلمه «السينيور»، موضحاً أن القاعة كانت ممتلئة بالكامل، وهو أمر أدهشه وأسعده في آنٍ واحد، خصوصاً أن جمهور العرض كان متنوعاً من مختلف الدول العربية، وفق قوله.

وأضاف أن «التفاعل مع الكوميديا السعودية كان واضحاً في ضحكات الجمهور، وهو ما عكس تقبّلهم الفكاهة النابعة من الثقافة المحلية، مما يعزِّز أهمية الكوميديا بوصفها وسيلةً فنيةً قادرةً على العبور بين الثقافات».

وأكد المخرج السعودي أن تجربته في مهرجان «مالمو» حفَّزته بشكل كبير على المضي قدماً في صناعة أفلام جديدة، مشيراً إلى أن «الكوميديا تمتلك سحراً خاصاً لدى الجمهور، حيث يذهب الناس إلى السينما لكي يضحكوا ويمضوا وقتاً ممتعاً مع العائلة والأصدقاء»، مضيفاً أن «الكوميديا ليست سهلة كما يعتقد البعض، بل تتطلب دراسة عميقة وفهماً لأنواعها، وهو ما عمل عليه خلال التحضير لـ(السينيور)».

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

ولفت إلى أن النجاح في الكوميديا يتطلب كتابةً دقيقةً، وتكوين شخصيات متنوعة، وكل منها يملك طباعه وطريقته الخاصة في التفاعل، وهذا ما حرص على تحقيقه في الفيلم.

وأشاد بأداء بعض الشخصيات الثانوية في الفيلم، التي ظهرت لدقائق فقط، لكنها تركت أثراً كبيراً وضحكاً واسعاً بين الجمهور، مما يدل على أهمية بناء كل شخصية بعناية مهما كان حجم ظهورها على الشاشة.

وحول مشاركة الممثل المصري بيومي فؤاد في الفيلم، أوضح خوجة أن «الدور كان يتطلب وجود شخصية مصرية، وأن اختيار بيومي جاء نتيجة طبيعية، نظراً للعلاقة المتينة بين الشعبين المصري والسعودي، وكذلك لوجود ملايين المصريين المقيمين في السعودية»، مشيراً إلى أن «فؤاد أبدى إعجابه بالسيناريو منذ البداية، وأظهر احترافية وتواضعاً كبيرَين خلال التصوير، مما أسهم في رفع جودة الفيلم فنياً وفكرياً».

وحول الجدل المتعلق برسالة الفيلم وطريقة تناوله لقضية العلاقة بين السعوديين والمقيمين الأجانب، أكد خوجة أن «الفيلم سعى لتقديم صورة واقعية تُظهر التحديات التي يواجهها الجميع، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، بطريقة كوميدية تسلط الضوء على الواقع»، مشيراً إلى أن «اختيار القالب الكوميدي للفيلم ساعد على تمرير الرسالة دون إثارة الجدل أو سوء الفهم».

وعن رؤيته للفارق بين الأفلام الجماهيرية وأفلام المهرجانات أوضح أن «أفلام المهرجانات غالباً ما تركز على الجانب الفني والرسائل العميقة، لكنها لا تحقق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر، مما يُقلق المستثمرين. على النقيض من ذلك، الأفلام الجماهيرية تمتلك قالباً محبوباً من الجمهور، وبالتالي فهي أكثر قدرة على تحقيق عائد مادي يدعم استمرار الصناعة».