المنشدون والمولوية يعيدون الحميمية لليالي رمضان في مصر

الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
TT

المنشدون والمولوية يعيدون الحميمية لليالي رمضان في مصر

الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)

أعادت فِرق الإنشاد الديني والمولوية، التي تختصُّ بفنون الموسيقى الروحية والمديح والذِّكر، الحميمية إلى الليالي الرمضانية في مصر، عبر أكثر من حفلٍ شارك فيه مُنشدون بمصاحبة فرق الرقص المولوي.

فقد احتشد جمهور الأوبرا في المسرح الصغير، الأربعاء، للاستمتاع بليلة رمضانية أحيتها فرقة بصمة للإنشاد الديني بقيادة الفنان محمد حسن، وبمصاحبة فنانين قدَّموا رقصة المولوية، وقدمت الفرقة مجموعة مميزة من الأعمال الرمضانية والإنشادية، من بينها «ميدلي أغاني رمضان»، و«مديح سيدنا النبي»، ووصلة بعنوان «مناجاة»، و«رمضان جانا»، و«أشتاق يا الله»، و«قصدت باب الرجا»، و«جل المنادي»، و«خليك مع الله»، وسط تفاعل جماهيري لافت.

إحدى فرق الإنشاد تحيي ليالي رمضان (وزارة الثقافة المصرية)

وفي قبة الغوري بالقاهرة الفاطمية، أحيا الفنان علي الهلباوي وفرقته حفلاً غنائياً، قدّم خلاله مجموعة من الابتهالات والإنشاد الديني ممزوجاً بالموسيقى الحديثة، في تجربة تجمع بين التراث والتجديد.

وعَدّ الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، «فِرق الإنشاد الديني والمولوية جزءاً أصيلاً من طبيعة شهر رمضان، ومن ثَمّ تُكثف حفلاتها في أكثر من موقع، سواء في الأوبرا أو المراكز الثقافية بالقاهرة الفاطمية خلال الشهر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه إلى جانب ذلك فهناك مشروعات مهمة تحاول الحفاظ على التُّراث وإعادته من جديد، مثل «الليلة الكبيرة».

وتابع سعد الدين: «حين تستعين المواقع الثقافية والمسارح بالتنورة أو المولوية أو المنشدين فهذا يُعدّ جزءاً من الطقوس الرمضانية، لما تُقدِّمه من شحنة روحانية وأجواء حميمية في رمضان، فهذا هو الموسم الطبيعي لها، لذلك يُقبِل عليها الجمهور بشكل واضح».

وتُقدم فرقة الحضرة المصرية أمسيتين في دار الأوبرا المصرية بمشاركة المنشد المغربي جواد الشاري، تحت عنوان «مدائح النيل والأطلسي... ليلة مصرية مغربية»، وذلك مساء الجمعة، 14 مارس (آذار) الحالي على المسرح المكشوف، ومساء الاثنين 17 مارس على مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية».

وتتضمَّن الأمسيتان قصائد المديح التراثية، منها ما تقدمه فرقة الحضرة مثل «المحمدية» للإمام البوصيري، و«يا جمال الوجود»، و«هل دعاك الشوق يوما للسري»، و«هنا الحسين»، و«يفديك قلبي»، وما يُقدِّمه المُنشد المغربي جواد الشاري، من قصائد المديح المغربية منها «قل للذي لأمني»، و«جمال الذات»، و«عبد بالباب». وتُقدِّم الفرقة مع المُنشد المغربي مزيجاً من المدائح والذِّكر من تُراث الساحات والزوايا الصوفية في مصر والمغرب، وفق بيان لدار الأوبرا المصرية.

تأبين مؤسس فرقة المولوية المصرية (وزارة الثقافة)

ونظّم صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية أمسية رمضانية في قبة الغوري بحي الأزهر، لتأبين المُنشد الراحل عامر التوني، مؤسس فرقة المولوية المصرية، وتضمَّنت الأمسية التأبينية استعادة أعمال الفنان الراحل ومقاطع من آخر ألبوماته في الإنشاد، بالإضافة إلى عرض فيلم قصير عن مشواره وفلسفته في فنون الإنشاد وتأسيسه لفرقة المولوية المصرية. وتضمَّنت الأمسية عرضاً للفرقة في تأبين قائدها.

وكانت وزارة الثقافة المصرية قد أعلنت عن برنامجٍ احتفالي خلال ليالي رمضان في أكثر من موقع بمصر، تضمّن كثيراً من الحفلات المُرتبطة بالإنشاد الديني التي يُصاحبها في أحيان كثيرة رقصة المولوية.


مقالات ذات صلة

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

يوميات الشرق صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

رغم تنوع أصناف الكنافة وإغراءات أشكالها الحديثة، فإن «الكنافة البلدي» ما زالت تحتفظ بمكانتها في عدد كبير من أحياء وقرى مصر.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق المغني دالي شبيل يؤدي عروضه خلال حفل ختام مهرجان مدينة الأنوار (إ.ب.أ)

المدينة القديمة بتونس تستضيف مهرجاناً موسيقياً في رمضان

استعرضت فرقة «كواترو سطمبالي» إيقاعاتها بين جدران المعهد الوطني للتراث بالمدينة القديمة في تونس، ضمن فعاليات مهرجان «ضوي المدينة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق سوسن بدر في لقطة من مسلسل «الباء تحته نقطة» (الشركة المنتجة)

سوسن بدر: «الباء تحته نقطة» يحتفي بقرار تعليم السيدات في الإمارات

أعربت الفنانة المصرية سوسن بدر عن فخرها بمشاركتها في المسلسل الإماراتي «الباء تحته نقطة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مدحت صالح يختتم ليالي الأوبرا الرمضانية (وزارة الثقافة المصرية)

مدحت صالح يُسدِل ستارة حفلات «ليالي رمضان» مُقدِّماً جميل أغنياته

شدا مدحت صالح على المسرح الكبير في الأوبرا بأشهر أغنياته برفقة عازف البيانو والموزّع الموسيقي عمرو سليم، والفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد عامر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تاريخ من العراقة والحكايات (تصوير: غازي مهدي)

«المظلوم» في جدة... حارةٌ كثُرت حولها الأساطير والحكايات

في أيام رمضان، يُقبل الزوار على حارة «المظلوم» التي شهدت أسوةً بقرى في المدينة التاريخية فعاليات توزَّعت على جميع الأحياء، تشمل عروضاً ثقافيةً وتفاعليةً.

سعيد الأبيض (جدة)

سوزان فالادون... أول فنانة ترسم الرجل «مجرَّداً»

من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
TT

سوزان فالادون... أول فنانة ترسم الرجل «مجرَّداً»

من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)

كانت رسامة متفردة وامرأة مختلفة عن نساء عصرها. قد تسبقهن أو تتأخر عنهن. لكن سوزان فالادون (1865 - 1938)، وضعت ريشتها رهن إشارة كل امرأة وجدت في ملامحها شيئاً منها.

وفي المعرض الذي يُخصِّصه لها «مركز بومبيدو» في باريس، حالياً، تُطالع الزائر وجوه عشرات النماذج النسائية التي يبدو بعضها متمرداً؛ بل ومتهتكاً، وبعضها الآخر مترفعاً في قمة الأناقة والاحتشام. مَن هي تلك الرسامة التي لا نعرف عنها كثيراً على الرغم من أنها كانت غزيرة الإنتاج، بارعة الموهبة، عاشت في القرن الـ19 وتجاوزته حتى مشارف أربعينات القرن العشرين؟

سوزان فالادون رسامة النساء (موقع المعرض)

في سن الحادية عشرة، عملت سوزان، واسمها الأصلي ماري كليمانتين فالادون، خيَّاطةً ونادلةً وبهلوانةً تلعب على الحبال في السيرك، قبل أن تعرفها أوساط حي مونمارتر الباريسي بوصفها «الموديل» المفضلة للرسامين. كانت قد تعرضت لسقطة من فوق منصة عالية في السيرك سبَّبت لها أوجاعاً حرمتها من تلك المهنة. وجدت التعويض في الاستلقاء أمام رسامي عصرها الذين كانوا يومذاك نكرات قبل أن يصبحوا نجوماً. رسمها أوغست رينوار، ودو شافان، وهنري دو تولوز لوتريك... وغيرهم. وكان تولوز لوتريك هو من منحها اسم «سوزان».

سوزان فالادون (موقع المعرض)

وكما يقول المثل، فإن «مَن عاشر القوم 40 يوماً صار منهم أو صاروا منه»، وهي «صارت منهم»، فالشابة التي عاشت عمرها في أزقة مونمارتر وكانت تستلقي على منصة الرسم، راقبت أولئك الذين كانوا يرسمونها، ونهضت ذات يوم من أريكتها ووقفت أمام قماش اللوحة... تناولت الفرشاة وراحت ترسم وتقلِّد ما كانت تراهم يفعلون. صارت «الموديل» رسامة مثلهم، بيد أن الأمر استغرق وقتاً حتى الاعتراف بها من جانب النقاد بصفتها فنانة تستحق حمل هذا اللقب. وكان من بين مشجعيها الرسام البارز ديغا، على الرغم من أنه لم يرسمها مثل غيره.

رسمت صديقاتها (موقع المعرض)

تآلفت الفنانة مع تلك الحمَّى التي كانت تلفُّ المجتمع الباريسي عشية انتهاء قرنٍ وبزوغ قرن جديد. ارتادت الحفلات الراقصة وسهرات الكباريهات، ليلاً، وكانت زبونة مقيمة في المقاهي نهاراً. إنها الأماكن التي احتضنت ثورة فنية وثقافية واجتماعية ومنحت أسماءً مغمورة ألقاً سيدوم ولا ينطفئ. ووسط كل تلك الأسماء المبهرة، برزت سوزان رسامةً ذات خطوط حديثة وجريئة. فإلى جانب شغفها برسم النساء، كانت أول امرأة ترسم لوحة لرجل عارٍ.

لوحة تعاطف (موقع المعرض)

عانت الرسامة من التجاهل وقلة التقدير. لم تدرس الفن في «معهد بوزار (Institut Bozar)» بل صنعت نفسها بنفسها، وكانت على هامش الحركات المجدِّدة منها التكعيبية والتجريدية. بيد أن هذا المعرض يُعيد لها الاعتبار بوصفها من الأسماء التي ساهمت في ولادة الحداثة الفنية. لم تجد حَرجاً في تصوير الجسد البشري مجرَّداً؛ سواء الرجل منه والمرأة، بل وضعته في قلب أعمالها، عارضة الجسد من دون نيِّة في التلصُّص أو الاستعراض. كما برعت سوزان فالادون في رسم الوجوه «البورتريه» لكثير من النساء اللاتي كانت تصادفهنَّ في الحياة الباريسية. وحين لا تجد وجهاً يستثير حماستها، كانت ترسم نفسها. وكانت في العشرين؛ خارجة من ولادة طفل مجهول الأب، حين صوَّرت نفسها أول مرة. وبهذا، فإن في رصيدها عدداً من اللوحات التي تصوِّر ملامحها على امتداد السنين؛ من الصبا حتى ما بعد الكهولة. وفيما بعد، اعترف المهندس والرسام والناقد الإسباني ميكيل أوتريلو بأنه والد الطفل موريس ومنحه اسمه.

من لوحاتها (موقع المعرض)

اقترنت سوزان بسمسار البورصة بول موسيس، الأمر الذي منحها استقراراً مادياً سمح لها بالتفرغ لفنها ولتربية ولدها. بيد أن تلك الزيجة انتهت بعد مشاركتها في «صالون الخريف» بباريس ودخولها شريكة في تنظيمه. وفي العقود الأخيرة من حياتها اقترنت برسامٍ شابٍ كان صديقاً لولدها، وعاشت معه حياة صاخبة استمرت 30 عاماً.

ورسمت نفسها مع زوجها في لوحة «آدم وحواء» التي تُعدُّ من أشهر أعمالها. واللوحة اليوم من مقتنيات «متحف الفن الحديث» في باريس. وخلال تلك المدة صار ابنها موريس أوتريلو رساماً أيضاً، بيد أنه بات مدمناً على الكحول. ولمساعدته على الخروج من هذه الدوامة، اشترت مع زوجها قصراً في مدينة ليون عاشوا فيه وكان تحت رقابتها. وقد ترك الابن لوحات ذات قيمة للقصر وللطبيعة المحيطة به.

في كل امرأة شيء منها (موقع المعرض)

فرضت سوزان فالادون نفسها رغم كل شيء، وها هي لوحاتها تتجاوز المتاحف في باريس، وليون، وغرينوبل، وتصل إلى مركز «متروبوليتان» للفن في نيويورك، وعشرات المتاحف الصغيرة في المدن الأوروبية، بالإضافة إلى متحف مخصِّص لها في مسقط رأسها.

وهذا هو ما تكشفه لنا 200 لوحة، ورسم، وغرافيك، من الأعمال المعروضة في «مركز بومبيدو»، يتسابق الزائرون والسائحون لرؤيتها قبل الإغلاق المقرر للصرح الفني من أجل تصليحات تستغرق 5 سنوات.