«وسط البلد» بمصر وجهة الباحثين عن «البهجة» في ليالي رمضان

شوارعها العتيقة ومقاهيها تجتذب العشرات كل ليلة

شارع سراي الأزبكية (الشرق الأوسط)
شارع سراي الأزبكية (الشرق الأوسط)
TT

«وسط البلد» بمصر وجهة الباحثين عن «البهجة» في ليالي رمضان

شارع سراي الأزبكية (الشرق الأوسط)
شارع سراي الأزبكية (الشرق الأوسط)

اتفق الصديقان محمود الصيفي وعرفة محمود على قضاء يوم مفتوح بعيداً عن أجواء المنزل، وقررا الإفطار في أحد مطاعم «وسط البلد» بالقاهرة، والاستمتاع بأجواء شوارع القاهرة الخديوية ليلاً، بحثاً عن البهجة في شهر مضان المبارك، وهو ما قد كان.

وفي حين يبحث كثير من زائري وسط القاهرة عن «ملابس العيد» الجديدة خلال أيام وليالي شهر رمضان، فإن آخرين يقصدونها بغرض الترفيه كحال الصديقين الصيفي ومحمود الموظفين بإحدى شركات القطاع الخاص.

شارع الألفي قبيل الزحام (الشرق الأوسط)

ويقول الصيفي، البالغ من العمر 31 ربيعاً، والمقيم بحي فيصل بالجيزة غرب القاهرة: لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدت قضاء ليلة أو أكثر من ليالي شهر رمضان المبارك وسط القاهرة الخديوية؛ حيث الأضواء اللافتة والزينة المتألقة التي تُضفي جمالاً إلى جمال المباني التراثية والتاريخية، خصوصاً بشارعي الألفي وسراي الأزبكية الموازيين لشارع 26 يوليو، والمخصصين للتنزه سيراً على الأقدام».

ميدان أحمد عرابي بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

في هذين الشارعين تتراص عشرات المقاهي، ومن بينها مقهى «أم كلثوم» بشارع سراي الأزبكية، الذي يزينه تمثال لـ«كوكب الشرق»؛ حيث يصدح صوتها في أرجاء المقهى «يا حبيبي تعالى وكفاية اللي فاتنا» وكأنها تنادي على محبيها من الزبائن العابرين والباحثين عن قضاء سهرة ممتعة ومنعشة بعد الارتفاع المباغت لدرجات الحرارة نهاراً في القاهرة، وملامستها حاجز الـ30 درجة مئوية.

وتنثر زينة وقطع ديكور رمضان المتلألئة والمتناثرة في أرجاء المنطقة أجواء مبهجة تعززها العصائر المنعشة، وتوقظها رائحة القهوة، وسط أحاديث متطايرة من كل جانب؛ حيث يشتد الزحام كلما اقتربت عقارب الساعة إلى منتصف الليل.

زينة رمضان تضفي أجواء مبهجة (الشرق الأوسط)

ويفضل كثير من زوَّار القاهرة الخديوية تناول السحور في مجموعات؛ إذ تطغى الأحاديث الصاخبة والساخرة بين الأصدقاء على مقاهي ميدان أحمد عرابي، الذي تغلفه المباني التراثية من كل اتجاه؛ حيث الفضاء الواسع والمنمق، وهي أجواء مميزة لا يعكر صفوها سوى إلحاح الباعة المتجولين الذين يعرضون بضائعهم الخفيفة، مثل العطور والساعات والأكسسوارات، وكذلك إلحاح عاملي كافيهات شارع الألفي الذين يتسابقون لاستضافة أكبر عدد من الزبائن.

شارع الألفي يستقبل العشرات يومياً (الشرق الأوسط)

ويقول محمد السيد، الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، لـ«الشرق الأوسط» ويعمل في أحد كافيهات شارع الألفي منذ 5 سنوات: «نعرف أهمية المنطقة التي تجمع ما بين النزهة بين العمارات القديمة ودور السينما والتسوق، زبوننا معروف لأن أسعارنا سياحية، وقد لا تناسب كثيرين». موضحاً أن العمل في ليالي رمضان يستمر حتى مطلع الفجر، في حين تبدأ التجهيزات والاستعدادات قبل أذان المغرب؛ حيث يفضل بعض الزبائن شراء الطعام الجاهز وتناوله عندنا».

مصريون يستمتعون بأجواء رمضان (الشرق الأوسط)

وطوّرت مصر خلال العقد الأخير عدداً من شوارع القاهرة الخديوية وفتحتها للتنزه لتعزيز العوائد الاقتصادية والحضارية أبرزها «الألفي» و«سراي الأزبكية» و«الشريفين والشربتلي».

وتبدأ القاهرة الخديوية من كوبري قصر النيل غرباً حتى منطقة العتبة شرقاً، ومن شارع رمسيس شمالاً حتى باب اللوق جنوباً، ويعود تاريخها إلى الخديو إسماعيل الذي زار باريس عام 1867، وطلب من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي هاوسمان -الذي قام بتخطيط باريس- بتخطيط القاهرة الخديوية، وبالفعل حوَّل هاوسمان القاهرة إلى تحفة حضارية، تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك باريس الشرق.

ليالي وسط القاهرة (الشرق الأوسط)

وهدف مشروع تطويرها إلى رفع كفاءة المباني التراثية للحفاظ على ثروتها من المباني المميزة، خصوصاً بعد انتقال المصالح الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ورفع الكفاءة الوظيفية للفراغات (ميادين وشوارع) عبر استخدام عناصر مميزة لتأثيث الموقع، بحيث تراعي الطابع المعماري والسياق التاريخي للقاهرة التاريخية.

ووفق موقع شركة «المقاولون العرب» التي تولَّت عمليات التطوير، فإن الأعمال شملت إزالة التشوهات البصرية وتوحيد ألوان الواجهات وأعمال الإضاءة وأعمال الأرضيات والمقاعد واللافتات الإرشادية والإعلانية والتشجير وسلال القمامة وعمل مسارات للدراجات ومسارات لذوي الهمم مع مراعاة حركة المشاة.


مقالات ذات صلة

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

ضمن برنامجها لحفلات ليالي رمضان، استضافت الأوبرا المصرية حفلاً فنياً لاستعادة التراث والفولكلور الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق إفطار مبهر في المطرية يجذب الأنظار (الشرق الأوسط)

«إفطار المطرية» في مصر... حضور عالمي على «موائد الطيبين»

قطع الشاب العشريني عمرو عادل 148 كيلومتراً من محافظة بورسعيد (إحدى محافظات قناة السويس) إلى القاهرة للمشاركة في «إفطار المطرية».

رحاب عليوة (القاهرة )
يوميات الشرق فرقة «طبلة الست» قدّمت الفولكلور المصري وأغاني رمضان (وزارة الثقافة المصرية)

«طبلة الست» تستعيد الفولكلور المصري في ليالي رمضان

بأغاني الفولكلور المصري الصعيدي والفلاحي، وأغنيات حديثة، أحيت فرقة «طبلة الست» ليلة رمضانية ضمن برنامج «هل هلالك» الذي تنظّمه وزارة الثقافة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المسحراتي يتجوَّل قبل الفجر في مصر خلال رمضان (الشرق الأوسط)

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

استطاع المسحراتي في مصر الحفاظ على مكانته التاريخية رغم انتفاء دوره العملي، فمن خلال الجوال يستطيع الصائم ضبط منبّهه والاستيقاظ للسحور، هذا إنْ كان نائماً.

رحاب عليوة (القاهرة)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)

براز الحيوانات قد ينقذ الأنواع المهددة بالانقراض

الباحثون عزلوا خلايا حية من براز مختلف الحيوانات (أرشيف - رويترز)
الباحثون عزلوا خلايا حية من براز مختلف الحيوانات (أرشيف - رويترز)
TT

براز الحيوانات قد ينقذ الأنواع المهددة بالانقراض

الباحثون عزلوا خلايا حية من براز مختلف الحيوانات (أرشيف - رويترز)
الباحثون عزلوا خلايا حية من براز مختلف الحيوانات (أرشيف - رويترز)

قالت مجموعة من الباحثين إن براز الحيوانات قد يستخدم لإنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض.

وتتعرض الحيوانات في جميع أنحاء العالم للخطر، حيث وصف بعض العلماء الخسارة الهائلة في الحياة البرية في العقود الأخيرة بأنها «إبادة بيولوجية».

ويستكشف الباحثون التابعون لجامعة أكسفورد الآن ما إذا كان بإمكانهم استخدام الروث لالتقاط التنوع الجيني للحيوانات والاستفادة منه.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أكد الباحثون أنه بالإضافة إلى غناه بالطعام غير المهضوم والبكتيريا والصفراء، يحتوي البراز أيضا على خلايا من الكائن الذي أودعه، والتي تتساقط من بطانة أمعائه.

وأشارت الأبحاث إلى أن بعض هذه الخلايا داخل البراز تظل حية لفترة طويلة.

وقالت البروفيسورة سوزانا ويليامز، التي قادت فريق الدراسة، إنهم عزلوا خلايا حية من براز مختلف الحيوانات، من الفئران إلى الفيلة، وإن النتائج «تبدو إيجابية للغاية» على الرغم من أنها ما زالت في مراحل مبكرة.

ولفتت إلى أنهم يأملون أن تُستخدم هذه الخلايا لتعزيز التنوع الجيني في الأنواع المهددة بالانقراض مما يعزز من فرص بقائها.

وأطلق الباحثون على هذا النهج اسم «الإنقاذ الجيني».

وأشاروا أيضا إلى أنه، إذا أمكن استنبات خلايا من البراز وتنميتها، فإن ذلك يفتح الباب أمام إمكانية أخرى وهي «إنتاج حيوانات كاملة باستخدام التقنيات الحديثة».

وتشمل هذه التقنيات الاستنساخ، حيث تُزرع نواة خلية في بويضة متبرعة، ويُمرر إليها نبض كهربائي، ثم يُزرع الجنين الناتج في رحم بديل لإنتاج توأم وراثي للحيوان الأصلي.

وربما يكون الأمر الأكثر إثارة هو إمكانية إعادة برمجة الخلايا لتصبح أي نوع من الخلايا. والأهم من ذلك، أن الأبحاث التي أُجريت على الفئران أشارت إلى إمكانية تحويل هذه الخلايا إلى حيوانات منوية وبويضات، ما يعني إمكانية استخدامها في تقنيات التلقيح الصناعي لإنتاج ذرية.

لكن الباحثين أقروا بأن هذا النهج لا يخلو من التحديات، حيث إن البراز يحتوي على أكثر من مجرد خلايا حيوانية ونفايات عضوية، فهو «البيئة الأكثر كثافة بالبكتيريا التي يمكن جمع الخلايا منها»، بحسب قولهم.

ولفت الفريق إلى أنه يعمل بالفعل على إيجاد حل لإزالة البكتيريا بطريقة آمنة.