ماذا يحدث عند وفاة أحد الركاب على متن الطائرة؟

يمكن أن يتعرض أحد الركاب للموت خلال السفر بالطائرة (رويترز)
يمكن أن يتعرض أحد الركاب للموت خلال السفر بالطائرة (رويترز)
TT

ماذا يحدث عند وفاة أحد الركاب على متن الطائرة؟

يمكن أن يتعرض أحد الركاب للموت خلال السفر بالطائرة (رويترز)
يمكن أن يتعرض أحد الركاب للموت خلال السفر بالطائرة (رويترز)

يمكن أن يتعرض أحد الركاب للموت خلال السفر بالطائرة، على الرغم من أن هذا الأمر «نادر جداً»، بحسب ما أكده عدد من أفراد طاقم الطائرات، وأيضاً دراسة أجريت عام 2013.

ونظرت الدراسة التي نشرتها مجلة «نيو إنجلاند» الطبية في مكالمات الطوارئ من خمس شركات طيران إلى مركز اتصالات طبية بين يناير (كانون الثاني) 2008 وأكتوبر (تشرين الأول) 2010، ووجدت أن 0.3 في المائة فقط من المرضى الذين تعرضوا لمشكلة صحية طارئة على متن الطائرات توفوا.

ومن جهته، قال جاي روبرت (40 عاماً)، وهو مدير مقصورة في إحدى شركات الطيران الأوروبية الكبرى وعضو طاقم سابق في طيران الإمارات، ويتمتع بخبرة تزيد على عقد من الزمان في العمل على متن الطائرات، إنه لم يشهد سوى حالة وفاة واحدة بنفسه مؤكداً أن الوفيات على متن الطائرات نادرة جداً وأن الناس أكثر عرضة للوفاة في الرحلات الطويلة بسبب العبء البدني لعدم الحركة لفترة طويلة.

وأشار إلى أن بعض أفراد طاقم الطيران لا يشهدون أي حالة وفاة على متن الطائرة طوال حياتهم المهنية.

لكن على الرغم من ندرة حدوث هذا الأمر... فكيف يتصرف طاقم الطائرة عند وقوع حالة وفاة في الجو؟

تحدثت شبكة «بي بي سي» البريطانية مع عدد من أفراد طاقم الطائرات وخبراء طيران آخرين حول كيفية التعامل عادة مع الوفيات أثناء الطيران، وما هي القواعد المتعلقة بالاحتفاظ بالجثث على متن الطائرات.

بحسب ماركو تشان، وهو طيار سابق، ففي حالة الطوارئ الطبية، يقوم طاقم الطائرة بتقديم الإسعافات الأولية وطلب المساعدة من أي راكب يعمل في المجال الطبي إن وجد، مع إجراء الاتصالات اللازمة في الوقت نفسه للحصول على تعليمات من أطباء الطوارئ على الأرض.

وأضاف: «إذا لزم الأمر، يقوم الطيار بتحويل الرحلة والهبوط اضطرارياً في أقرب مكان ممكن».

ويتم تحويل مسار الرحلة لإنقاذ حياة راكب ما في حالة الطوارئ الطبية، ولكن هذا لا يحدث عادةً إذا توفي الراكب بالفعل، حيث يقول خبراء الطيران وطاقم المقصورة إنه في هذه الحالة ليس هناك جدوى من تحويل المسار.

وتتبع معظم شركات الطيران إرشادات اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) حول ما يجب فعله إذا تم افتراض وفاة أحد الركاب، على الرغم من أن السياسات تختلف قليلاً حسب شركة الطيران.

«من المرجح جداً أن يتم وضع الجثة في مقعد فارغ»

وفقاً لإرشادات اتحاد النقل الجوي الدولي، إذا توفي الراكب ولم تنجح محاولات إنقاذه، فيجب إغلاق عينيه ووضعه في كيس كبير خاص بالجثث، إذا كان متاحاً، أو تغطيته ببطانية حتى الرقبة.

وينبغي نقل الجثة إلى مقعد بعيد عن الركاب، إذا كان ذلك ممكناً، ولكن إذا كانت الطائرة ممتلئة، فعادة ما يتم إعادة جثة الراكب إلى مقعده الخاص.

يقول إيفان ستيفنسون، الأستاذ المشارك في إدارة الطيران بجامعة كوفنتري: «في الطائرات الصغيرة التي تُستخدم عادة للرحلات القصيرة، لا توجد مساحة كافية على متن الطائرة لنقل الجثة بعيداً عن الركاب الآخرين. وهذا بالطبع أمر مؤسف للغاية وغير سار للغاية».

ويشير روبرت إلى أن الجثة لا يمكن وضعها في المطبخ، كما لا يمكن تركها في الممرات، أو وضعها في منطقة استراحة الطاقم خاصة في الرحلات الطويلة.

وعند وصول الطائرة لوجهتها، يقوم المسؤولون في المطار أو ممثل من شركة الطيران بالاتصال بأسرة الراكب إذا كان يسافر بمفرده لإبلاغهم بالوفاة.


مقالات ذات صلة

«رجل التنين» يكشف هويته بعد 90 عاماً من الغموض

يوميات الشرق العلم ينتصر على الغموض (متحف التاريخ الطبيعي)

«رجل التنين» يكشف هويته بعد 90 عاماً من الغموض

حدَّد باحثون هوية جمجمة بشرية غامضة عُثر عليها في ثلاثينات القرن الماضي، بعدما اعتُقد سابقاً أنها تعود إلى نوع بشري جديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الباندا خدمة فندقية (غيتي)

«الباندا على السرير» تُغضب السلطات الصينية وفندقٌ تحت التحقيق (فيديو)

تتضمَّن الخدمة جلب إحدى دببة الباندا الحمراء إلى غرفة الضيف صباحاً، لتتجوّل بحرّية داخلها، وتصعد إلى السرير...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حين تضيق الأمكنة... (حسابها في «إنستغرام»)

بريطانية تبحث عن بيت لأرنب عملاق مُستوحى من دمية طفولتها

صنعت لورين غيست الأرنب «بوسي» لتُظهر كيف يمكن لمقتنيات الطفولة أن تتحوَّل إلى «رموز ضخمة ذات أهمية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المذيع الموقوف خلال استعداده للتسجيل في أحد الفنادق - حسابه على فيسبوك

مصر: توقيف «يوتيوبر» بتهمة «نشر محتوى مخل»

أوقفت الأجهزة الأمنية في مصر «اليوتيوبر» سيد غنيم الذي يصف نفسه بـ«المذيع الفرفوش» على خلفية اتهامه بنشر مقاطع غير لائقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق أعضاء «مينتور العربية» خلال إطلاق دورتها السادسة (الشرق الأوسط)

«مينتور العربية» تُطلق دورتها السادسة بعنوان «التواصل الصحي»

شخصيات إعلامية وأكاديمية وفنية اجتمعوا في مركز «بيروت ديستركت» لإطلاق الدورة السادسة لمؤسسة «مينتور العربية».

فيفيان حداد (بيروت)

«رقم 23» مسرحية تضع العنف والسلطة بمواجهة الانتماء

المخرجة بيا خليل وبطلا العمل في تحية للجمهور (الشرق الأوسط)
المخرجة بيا خليل وبطلا العمل في تحية للجمهور (الشرق الأوسط)
TT

«رقم 23» مسرحية تضع العنف والسلطة بمواجهة الانتماء

المخرجة بيا خليل وبطلا العمل في تحية للجمهور (الشرق الأوسط)
المخرجة بيا خليل وبطلا العمل في تحية للجمهور (الشرق الأوسط)

الشعور بالغرابة يطبعك منذ اللحظة الأولى لدخولك صالة عرض «رقم 23» على مسرح «المونو» في بيروت. فالحضور يُدعى للجلوس حول خشبة ضيّقة لا يتجاوز طولها مترين، فيتوزّعون على كراسٍ تصطفّ تحت جدران سوداء رُسمت عليها بالطبشور الأبيض فتحات صغيرة. وللمرّة الأولى، تتبدَّل مقاعد المسرح لتصبح الأساسية فيها ثانوية، ويكون مُشاهد العمل على بُعد سنتيمترات من الممثلين.

وعلى مدى نحو 30 دقيقة، يتابع الحضور عملاً تراجيدياً يتلوَّن بالعبثية والواقعية في آن. المسرحية هي مشروع تخرّج الطالبة بيا خليل، فازت من خلاله بجائزة «مونو الذهبية». وتدور أحداثها التي كتبتها وأخرجتها، في السجن؛ وقد استوحتها من عمل للكاتب المسرحي الفرنسي جان جينيه، واختارت أن تضع لها نهاية بطريقتها، فتأتي تكملة للمسرحية الأصلية «هوت سيرفيانس» أو «حارس الموت»، كما هي معروفة بالعربية.

الممثل طوني فرح يجسّد شخصية السجين (الشرق الأوسط)

يؤدّي بطولة المسرحية طوني فرح بدور السجين، وجو رميا بشخصية السجّان. يحكي موضوعها عن العنف والسلطة وصراعات عدّة تشوب العلاقات الاجتماعية في السجن كما في الحياة العادية. نسبة إصغاء لافتة يُسجّلها الجمهور طوال عرض العمل، وربما جلوسه قريباً إلى هذا الحدّ من الممثلَيْن يُشعره وكأنه يشارك بشكل غير مباشر، فيتفاعل مع مجرياتها لا شعورياً، بصرخة مخنوقة حيناً، وصمتٍ تام لا تكسره سوى حركة جسده المائل يميناً ويساراً. وهو ما يتيح عدم تفويت أي لحظة، فيلتقط كل إشارة أو مشهد انفعالي.

بالنسبة إلى بيا خليل، فإنّ قصة جان جينيه لامستها جداً، مما حضّها على اتخاذها مشروع تخرّج لها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «عنت لي كثيراً، ولا سيما أننا في لبنان كنا نعيش أجواء الحرب. فخاطبَتْ هواجسي ومخاوفي، وولَّدت عندي تحدّياً لترجمتها بوضع نهاية لها على طريقتي. وأجريت على القصة الأصلية تنويعاً فنّياً انعكس ثراءً على مشهديتها البصرية».

يقدّم الممثلان طوني فرح وجو رميا أداءً لا يقتصر على التمثيل؛ بل يتجاوزان حدود لغة الجسد وملامح الوجه ليجذبا المُشاهد بجهد فيزيائي. فهما يتصارعان ويتشابكان بالأيدي، يهاجم بعضهما بعضاً ليشعر الحضور كأنه على حلبة مصارعة حقيقية. ولعلّ الحذاء الثقيل الذي يرتديه السجين (لوفران) على هيئة أغلال تقيّد حركته، يرمي بثقله على المُشاهد منذ بداية العمل. أما السجّان (جو رميا)، فيمارس عليه كل أنواع السلطة التي يتمتَّع بها، وهي كناية عن أساليب تعذيب وقهر نفسي وجسدي، فيقطع أنفاس المُشاهد بأداءٍ قاسٍ، يهيمن على علاقة متشابكة بين السجين وسجّانه.

تعلّق بيا خليل: «إنها مشاهد تُشبه ما نعيشه في حياتنا اليومية، هناك من يتحكّم في الإنسان ويفرض عليه قوانينه. وضيق المساحة التي تدور فيها مجريات المسرحية يعبّر عن تقلّص الحرّيات في حياتنا إلى حد شعورنا بالاختناق. لذلك حاولت أن أُسيّج المكان الضيّق بالناس، كأنهم مسجونون بدورهم لا يستطيعون التحرّك».

مواجهات تدور بين السجين والسجّان في «رقم 23» (الشرق الأوسط)

وبالفعل، يشعر المُشاهد بالضيق وثقل المكان، فيساوره القلق نفسه الذي يُحرّك شخصيتَي الممثلَيْن.

السجين (لوفران) محكوم عليه بالإعدام. وقبل تنفيذ الحكم يحاول البوح بأسباب ارتكابه جريمته. فهو قد تخلَّص من زميله لأنه كان ينافسه على زعامة السجن. وبما أنّ هذا المكان هو الوحيد الذي يُشعره بالأمان، فكان لا بدَّ من أن يحافظ على مكانته فيه مهما كلّفه الأمر.

وهنا توضح بيا خليل الرسالة التي تحملها المسرحية: «رغبت في التأكيد على أن الإنسان على استعداد للقيام بأي شيء من أجل الشعور بالانتماء، وهو أكثر ما يمكن أن يؤذيه ويودي به إلى الحضيض».

خلطة موضوعات اجتماعية تتناولها مسرحية «رقم 23» لتؤلّف عناوين عريضة، من بينها: الحب، والحقيقة، والأمل، والحزن، والغيرة، والخيانة، فتدفع بمُشاهدها إلى تمضية وقت تفكير وتأمُّل يفرضه إيقاع المسرحية.

يدور العمل في أجواء تطغى عليها العتمة، بينما حركة الممثلين يحكمها البطء والمواجهات العنيفة. وتستخدم بيا خليل أدوات مسرحية عدّة تحمّلها رسائل مختلفة، من بينها الورود التي تُنثر في نهاية العمل، فتسقط على المُشاهد من سقف الصالة. أما الطبشورة التي يمسكها السجّان عند فقدان سجينه، فتعبّر عن الشوق. وتوضح: «أردتُها رسالة واضحة تحفّزنا على رسم طريقنا بأنفسنا. فنحن وحدنا مَن يستطيع التحكّم في قراراتنا ومستقبلنا، وهو ما يزودنا بقدرة على التغيير بدل الاستسلام».

نهاية غير سعيدة اختارتها بيا خليل لقصة كتبها جان جينيه. وتختم: «ليست جميع النهايات في حياتنا سعيدة، ورأيتُ أنّ هذه الخاتمة ترتقي بنا إلى أعلى المراتب بعد الحياة. وهي نوع من الحرّية لسجين أُعدم في عمرٍ فتيٍّ. فهو لا يتجاوز الـ23 عاماً، الرقم الذي نراه محفوراً على صندوق خشبي يحمل أغراضه في السجن، وبالتالي يعنون المسرحية؛ لأنه يشير إلى عدد سنوات حياته».