أول خريطة جوية لكوكب خارج المجموعة الشمسية

الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)
الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)
TT
20

أول خريطة جوية لكوكب خارج المجموعة الشمسية

الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)
الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)

تمكَّن فريق بحثي دولي من المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) في تشيلي من رسم أول خريطة ثلاثية الأبعاد لغلاف جوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية.

وأوضح الباحثون في النتائج، التي نشرت الثلاثاء بدورية «Nature»، أن هذه الخريطة توفر نظرة غير مسبوقة على الأحوال الجوية لكوكب «تايلوس» (Tylos)، المعروف علمياً باسم «WASP-121b»، وهو كوكب خارجي عملاق يقع على بُعد 900 سنة ضوئية في كوكبة «Puppis»، ويُصنّف ضمن فئة «كواكب المشتري الحارة»؛ حيث يدور حول نجمه المضيف على مسافة قريبة جداً، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارته بشكل هائل.

ويلتف الكوكب حول نجمه المضيف بسرعة مذهلة؛ حيث يستغرق 30 ساعة فقط لإكمال دورة واحدة، وبناءً عليها يتعرض الجانب المواجه للنجم لحرارة شديدة، في حين يبقى الجانب المظلم أكثر برودة، ما يخلق أنماط رياح معقدة. ويتميز غلافه الجوي برياح عاتية، وعناصر كيميائية متحركة، مثل الحديد والصوديوم والهيدروجين، التي تتوزع بفعل تيارات نفاثة قوية.

واستخدم العلماء أداة رصد متقدمة على التلسكوب العملاق، التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي، لدراسة الغلاف الجوي للكوكب بمستوى دقة غير مسبوق. ومن خلال تحليل حركة العناصر الكيميائية عبر طبقات الغلاف الجوي، كشفت الخريطة، التي رسمها الفريق، تفاصيل مذهلة حول الرياح القوية التي تجتاح هذا الكوكب البعيد.

وأظهرت الدراسة أن الغلاف الجوي لـ«تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية، الطبقة السفلى التي تحتوي على ذرات الحديد التي تتحرك بفعل الرياح القوية، ناقلةً العناصر الثقيلة بين جانبي الكوكب المضيء والمظلم.

أما الطبقة الوسطى فتضم تياراً نفاثاً من الصوديوم يدور حول خط الاستواء بسرعات فائقة، وهو أول اكتشاف من نوعه لكوكب خارج المجموعة الشمسية. في حين تتكون الطبقة العليا من الهيدروجين المتسرب إلى الفضاء. ويُظهر التحليل أن الغلاف الجوي للكوكب يمتد لمسافات بعيدة، ما يجعله عرضة لفقدان المواد عبر الزمن، في ظاهرة تُعرف باسم «التبخر الهيدروديناميكي».

الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)
الغلاف الجوي لكوكب «تايلوس» مقسم إلى 3 طبقات جوية (المرصد الأوروبي الجنوبي)

وفقاً للباحثين، يتميّز هذا التيار النفاث بسرعته الفائقة؛ حيث يمتد عبر نصف الكوكب ويتحرك بسرعة هائلة تُقارن بالعواصف الأعنف التي شوهدت في نظامنا الشمسي. ويعتقد العلماء أن هذه الرياح القوية تلعب دوراً رئيسياً في توزيع الحرارة بين الجانب المضيء للكوكب، الذي يواجه النجم دائماً، والجانب المظلم الأكثر برودة.

ووفق الدراسة، فإن هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من تتبع الطبقات الثلاث لغلاف جوي لكوكب خارج مجموعتنا الشمسية دفعة واحدة.

وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تُمثل خطوة مهمة نحو فهم أجواء الكواكب الخارجية بشكل عام؛ حيث تتيح للعلماء فهم آليات توزيع المواد الكيميائية والحرارة في الأغلفة الجوية للكواكب العملاقة، كما تُمهد الطريق لدراسة تفصيلية لأجواء العوالم البعيدة، ما يُساعد في البحث عن كواكب صالحة للحياة في المستقبل.


مقالات ذات صلة

العلماء يكتشفون «أقوى دليل حتى الآن» على وجود حياة في كوكب بعيد

يوميات الشرق رسم توضيحي لكوكب خارجي يحتوي على محيط من الماء السائل (رويترز)

العلماء يكتشفون «أقوى دليل حتى الآن» على وجود حياة في كوكب بعيد

أعلن علماء فلك، الخميس، أنهم اكتشفوا «مؤشرات» تُعَدّ الأقوى حتى الآن على احتمال وجود حياة على كوكب خارج النظام الشمسي الذي تنتمي إليه الأرض.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق نجمة البوب الأميركية كاتي بيري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الحلم يصبح حقيقة»... نجمة البوب كايتي بيري تستعد للغناء في الفضاء

قالت نجمة البوب الأميركية كاتي بيري إنها تخطط للغناء في الفضاء ضمن فريق نسائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم طائرة تمر أمام القمر الوردي في ألمانيا أمس (أ.ف.ب)

لماذا سُمي قمر شهر أبريل بالوردي رغم لونه الذهبي؟

أفاد تقرير إخباري بأن قمر شهر أبريل يبدو أصغر من المعتاد. وعلى الرغم من تسميته «القمر الوردي»، فإن لونه سيكون أبيض ذهبياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق التوجّه نحو المصاير المحتومة (رويترز)

نهاية مأساوية جداً لكوكب ابتلعه نجم

مشاهدات جديدة من التلسكوب «جيمس ويب» تشير إلى أنّ فناء الكوكب حدث بشكل مختلف عما اعتُقد في البداية...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم استيقظ الثقب الأسود الضخم في قلب إحدى مجرّات كوكبة العذراء (ناسا)

«استيقاظ» ثقب أسود في كوكبة العذراء يثير اهتمام العلماء

استيقظ الثقب الأسود الضخم في قلب إحدى مجرّات كوكبة العذراء، وبدأ إنتاج نفثات من الأشعة السينية على فترات منتظمة تقريباً، وهو ما حيّر علماء الفلك.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رقصة التانغو تخفف تأثيرات علاج سرطان الثدي

رقصة التانغو ساعدت مريضات سرطان الثدي على استعادة التوازن والإحساس الطبيعي بعد معاناتهن من الاعتلال العصبي (جامعة ولاية أوهايو)
رقصة التانغو ساعدت مريضات سرطان الثدي على استعادة التوازن والإحساس الطبيعي بعد معاناتهن من الاعتلال العصبي (جامعة ولاية أوهايو)
TT
20

رقصة التانغو تخفف تأثيرات علاج سرطان الثدي

رقصة التانغو ساعدت مريضات سرطان الثدي على استعادة التوازن والإحساس الطبيعي بعد معاناتهن من الاعتلال العصبي (جامعة ولاية أوهايو)
رقصة التانغو ساعدت مريضات سرطان الثدي على استعادة التوازن والإحساس الطبيعي بعد معاناتهن من الاعتلال العصبي (جامعة ولاية أوهايو)

وجدت دراسة أميركية أن رقصة التانغو الأرجنتيني قد تساعد الناجيات من سرطان الثدي على استعادة التوازن والإحساس الطبيعي بعد معاناتهن من الاعتلال العصبي الناتج عن العلاج الكيميائي.

وأوضح الباحثون من مركز السرطان الشامل بجامعة ولاية أوهايو الأميركية أن الدراسة تفتح الباب أمام دمج الفنون الحركية في العلاج التأهيلي بوصفها أداة علمية فعالة، وليس فقط أنشطةً ترفيهيةً، ونُشرت النتائج، الخميس بدورية «People».

والاعتلال العصبي هو أحد الآثار الجانبية الشائعة للعلاج الكيميائي لسرطان الثدي، ويؤثر على الأعصاب في اليدين والقدمين؛ مما يسبب التنميل والحرقة وفقدان الإحساس، ويجعل الأنشطة اليومية أكثر صعوبة ويزيد من خطر السقوط. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 80 في المائة من الناجيات من السرطان اللواتي خضعن للعلاج الكيميائي يعانين من هذه المشكلة.

ركزت الدراسة على استخدام رقصة التانغو وسيلةً علاجيةً لتحفيز الدماغ على «إعادة التعلم» واستعادة الوظائف الحركية والحسية. واستُخدمت تقنيات علمية متطورة لمراقبة نشاط الدماغ قبل وبعد البرنامج العلاجي الذي استمر لمدة 8 أسابيع.

وأظهرت بيانات تجريبية أولية أن جلسات قصيرة من رقصة التانغو قد تكون أكثر فاعلية من التمارين المنزلية التقليدية في تحسين القدرة على تنفيذ «المهام المزدوجة»، أي الحركة والتفكير في الوقت نفسه، وهي مهارة ضرورية في الأنشطة اليومية مثل المشي والتواصل الاجتماعي.

وقارنت الدراسة تأثير جلسات صغيرة من رقصة التانغو بجلسات أكبر من التمارين المنزلية التقليدية، ووجدت أن التانغو حقق تحسناً أكبر في الوظائف المزدوجة؛ مما يشير إلى أن التحفيز المعرفي المصاحب للرقص والموسيقى له دور مهم في إعادة التأهيل.

وأظهرت قياسات النشاط الدماغي عبر أجهزة الاستشعار الموضوعة على رأس المرضى قبل وبعد البرنامج العلاجي علامات على إعادة تشكيل المسارات العصبية المرتبطة بالإحساس والحركة، وهي ما تُعرف بـ«المرونة العصبية».

ووفق الفريق، فإن من أكبر تحديات برامج العلاج الفيزيائي هو التزام المرضى بها لفترات طويلة، لذا سعى الباحثون لجعل البرنامج اجتماعياً وممتعاً لزيادة نسب الالتزام والمشاركة، وتبين أن الجانب الترفيهي والموسيقي في التانغو كان عاملاً مهماً في تحفيز الناجين على الاستمرار بالعلاج.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة ولاية أوهايو، الدكتورة ليز وورثن تشودري: «هذا النوع من العلاج لا ينقذ الأرواح فقط؛ بل يساعد الناجين على استعادة حياتهم والتفاعل مع العالم من حولهم بثقة أكبر. إنه يوفر لهم وسيلة ممتعة وفعالة لتحسين التوازن والقدرة على الحركة وتقليل الخوف من السقوط، مما يعزز جودة حياتهم بشكل عام».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «20 دقيقة فقط من رقص التانغو عدة مرات في الأسبوع قد تكون كافية لإعادة توصيل المسارات العصبية التي أُضعفت بسبب العلاج.

ونتوقع أن يكون لهذا الأسلوب فوائد أيضاً لحالات صحية أخرى مثل السكري، والخرف، وأمراض الأعصاب التنكسية، وحتى الشيخوخة».