اكتشاف بقايا كائن مفترس جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام

كان يتربع على قمة السلسلة الغذائية

تصوّر تقريبي للمفترس «باستيتودون» الذي جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام (سلام لاب)
تصوّر تقريبي للمفترس «باستيتودون» الذي جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام (سلام لاب)
TT
20

اكتشاف بقايا كائن مفترس جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام

تصوّر تقريبي للمفترس «باستيتودون» الذي جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام (سلام لاب)
تصوّر تقريبي للمفترس «باستيتودون» الذي جاب صحراء مصر قبل 30 مليون عام (سلام لاب)

في اكتشاف يعيد كتابة تاريخ الحياة البرية في العصور القديمة، عثر فريق بحثي مصري على جمجمة شبه مكتملة تعود إلى نوع جديد من الحيوانات المفترسة التي عاشت قبل 30 مليون عام في صحراء الفيوم بمصر، وفق دراسة حديثة.

وأوضح الباحثون أن هذا الاكتشاف لا يقتصر على تقديم صورة جديدة عن مفترسات ما قبل التاريخ، بل يكشف أيضاً عن كائن مذهل يُدعى «باستيتودون»، كان يتربع على قمة السلسلة الغذائية في بيئة غابات خصبة قبل أن تتحول إلى الصحراء التي نعرفها اليوم، حسب نتائج الدراسة حول الاكتشاف، التي نشرها الفريق البحثي، الاثنين، بدورية «Journal of Vertebrate Paleontology».

وينتمي «باستيتودون» إلى مجموعة «الهياينودونتا»، وهي فصيلة مفترسة ظهرت قبل ظهور الحيوانات الحديثة مثل القطط والكلاب والضباع.

وتقول الدكتورة شروق الأشقر، الباحثة الرئيسية للدراسة والفريق البحثي بمركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة «سلام لاب»، إن «(باستيتودون) يمثل أحد أشرس آكلات اللحوم التي عاشت في صحراء الفيوم قبل 30 مليون سنة».

الدكتورة شروق الأشقر الباحثة الرئيسية للدراسة والفريق البحثي بمركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة (سلام لاب)
الدكتورة شروق الأشقر الباحثة الرئيسية للدراسة والفريق البحثي بمركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة (سلام لاب)

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «تسمية هذا النوع بـ(باستيتودون) جاءت على شرف الإلهة المصرية القديمة (باستيت)، التي كانت رمزاً للحماية والمتعة والصحة الجيدة، وتم تصويرها برأس قطة. وتم اختيار هذا الاسم لأن التحليلات التي أجريت على الكائن أظهرت نقصاً في عدد الأسنان مثل القطط، أما الجزء الآخر من التسمية (أودون) فهو كلمة في اليونانية القديمة تعني (سن)».

وباستخدام تحليلات الانحدار الإحصائية الدقيقة، استطاع الفريق تقدير وزن «باستيتودون» بحوالي 27 كيلوغراماً؛ مما يضعه في فئة الحجم المتوسط بين أقرانه من «الهينودونتات»، وقريباً في حجمه من الضبع أو النمر الحديث. وأظهر تحليل الجمجمة أن هذا الحيوان كان بحجم الفهد، مما يجعله أحد المفترسات الرئيسية في عصره. وامتلك «باستيتودون» أسناناً حادة وفكاً قوياً يشيران إلى نظام غذائي يعتمد على افتراس الحيوانات الكبيرة، مثل الرئيسيات البدائية وأجداد الفيلة وأفراس النهر، في بيئة كانت آنذاك غابات خصبة قبل أن تتحول إلى صحراء.

وعن أهمية الاكتشاف، تشير الأشقر إلى أنه «ساهم في إعادة تصنيف حفريات تم اكتشافها في الفيوم قبل 120 عاماً كانت قد وُضعت ضمن مجموعة أوروبية وأُطلق عليها اسم (تيرودون)؛ ليتم التعرف عليها الآن كنموذج جديد من (الهياينودونتا) الأفريقية. وبناءً على التصنيف الجديد، أطلق العلماء على هذا الكائن اسم (سيخميتوبس) تيمّناً بالإلهة المصرية (سيخميت)، التي يُرمز لها برأس الأسد وترتبط بالحرب والقوة».

الدكتور هشام سلام مؤسس مركز الحفريات بجامعة المنصورة خلال الرحلة الاستكشافية بمنخفض الفيوم (سلام لاب)
الدكتور هشام سلام مؤسس مركز الحفريات بجامعة المنصورة خلال الرحلة الاستكشافية بمنخفض الفيوم (سلام لاب)

أثبتت الدراسة أن كلاً من «باستيتودون» و«سيخميتوبس» ينتميان لسلالة تطورت في أفريقيا قبل أن تنتشر إلى أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية. وأوضحت الدراسة أن «الهياينودونتا» كانت تسيطر على النظم البيئية في أفريقيا لفترات طويلة، وكانت من أضخم الحيوانات آكلة اللحوم على الأرض قبل 18 مليون عام، لكن التغيرات المناخية وتبدّل البيئات في القارة الأفريقية أديا إلى انقراضها نتيجة المنافسة مع أسلاف القطط والكلاب الحديثة.

وتشير الأشقر إلى أن «الاكتشاف يبرز تأثيرات التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي والهجرات المناخية للكائنات الحية، ويساهم في فهم تأثير التغيرات المناخية على السلسلة الغذائية، وسبل التكيف الممكنة للكائنات الحية، ويبرز ضرورة التدخلات العلمية لحماية التنوع البيولوجي وضمان استدامته في ظل التحديات المناخية المتزايدة».

وكشف الدكتور هشام سلام، مؤسس مركز الحفريات بالجامعة، أن الاكتشاف يرجع لعام 2020، خلال رحلة استكشافية لفريق «سلام لاب» لمنخفض الفيوم.


مقالات ذات صلة

أفاعي سلّوت في ولاية بهلا بسلطنة عُمان

ثقافة وفنون 5 قطع ثعبانية من موقع سلّوت الأثري في سلطنة عُمان

أفاعي سلّوت في ولاية بهلا بسلطنة عُمان

بدأ استكشاف تاريخ سلطنة عُمان الأثري في النصف الثاني من القرن الماضي، وأدّى إلى العثور على سلسلة من المواقع الأثرية تعود إلى أزمنة سحيقة

محمود الزيباوي
يوميات الشرق الكشف قد يُغيِّر فَهْم التاريخ (جامعة دورهام)

كنز من العصر الحديدي قد يُغيّر تاريخ بريطانيا

كُشِف عن أحد أكبر وأهم كنوز العصر الحديدي التي عُثر عليها في المملكة المتحدة على الإطلاق، مما قد يُغيّر فهمنا للحياة في بريطانيا قبل 2000 عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق قد يكون عمر النحت على كتلة حجرية أكثر من 200 ألف عام (مجلس مدينة ماربيا)

نقوش صخرية غامضة قد تُعيد كتابة تاريخ البشرية في أوروبا

اكتشف علماء الآثار في إسبانيا ما قد يكون أقدم النقوش الصخرية المعروفة التي صنعها البشر، ويُحتمل أن يعود تاريخها إلى أكثر من 200 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لغز بناء الأهرامات ما زال يحير العلماء  (تصوير: عبد الفتاح فرج)

زاهي حواس ينفي وجود أعمدة تحت الأهرامات

نفى آثاريون مصريون الأنباء المتداولة بشأن «اكتشاف مدينة ضخمة أسفل أهرامات الجيزة»، وعدّوا ذلك «ضرباً من الخيال العلمي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

تحوّل صديقان بريطانيان من «كاشفي معادن» إلى «سجينين» بعد أن أُدينا بسرقة أحد أكبر الكنوز المكتشفة في تاريخ الجزر البريطانية بقيمة نحو 4 ملايين دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
TT
20

هل أخفق أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا؟

أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

شارك الفنان المصري أحمد مكي في موسم دراما رمضان هذا العام بمسلسل «الغاوي»، الذي نقله من عالم الكوميديا التي قدمها عبر شخصيات «الكبير»، و«جوني»، و«حزلقوم»، في مسلسل «الكبير أوي» خلال 8 مواسم، إلى الدراما الاجتماعية الشعبية.

وتباينت التعليقات «السوشيالية»، والآراء النقدية حول تحول مكي من الكوميديا إلى الدراما الاجتماعية؛ فبينما هناك مَن يرى البعض أن خروج مكي من لون واقتحامه لآخر يُحسَب له، قال آخرون إنها «مغامرة كبيرة»، وكان لا بد من التمعُّن في اختيار عناصر العمل، خصوصاً السيناريو؛ فهل «أخفق» أحمد مكي بابتعاده عن الكوميديا وتقديمه لدور شعبي؟

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

الناقد المصري محمد عبد الخالق يرى أن مكي لم يخفق بابتعاده عن الكوميديا، حتى ولو رأى البعض أن مسلسله «الغاوي» لم يحقق النجاح المتوقَّع، فقراره بالتغيير والابتعاد عن اللون الذي أحبه الجمهور صائب وجريء، بل وواجب على أي فنان حقيقي أن يبحث دائماً عن تحدٍّ جديد.

ويضيف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط»: «الممثل الحقيقي هو الذي يستطيع أن يقنع المشاهد بأي دور»، لافتاً أن «التصنيف يكبل الفنان ويحد من إبداعه ويتركه حبيس قالب محدد، وهو ما لا يقبل به أي فنان مجتهد».

ويشير عبد الخالق إلى أن مسلسل «الغاوي» نجح وقدم حالة مختلفة عن كل ما شاهدناه في رمضان 2025؛ فنحن لا نطلب الكمال في أي عمل إبداعي، بل نطلب التجديد والتجريب والمحاولة، على حد تعبيره.

الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان المصري أحمد مكي في لقطة من مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

ويجسد مكي في المسلسل شخصية «شمس»، الذي ينتمي لأحد الأحياء الشعبية، ويقرر الابتعاد عن نمط حياته المعتاد ويتحول من «بلطجي» إلى شخص آخر يساعد الناس، وذلك بعد تعرضه لأزمة كبيرة في حياته تتمثل في وفاة زوجته، محاولاً تقديم نموذج جديد من خلال دوره يبرز سمات الشخصية الشعبية النبيلة.

ويشارك مكي في بطولة «الغاوي»، عائشة بن أحمد، وأحمد بدير، وولاء الشريف، ومحمد لطفي، والمسلسل من تأليف محمود زهران، وطارق الكاشف، وإخراج محمد العدل الشهير بـ«ماندو العدل».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن مكي لم يخفق في الابتعاد عن الكوميديا، ولكنه أخطأ في اختياره، فالفنان بإمكانه الابتعاد عن لون بعينه وتقديم آخر بشكل أفضل، وربما يظل في لونه ويكون رديئاً، ومكي قدم الكوميديا في الجزء الثامن من «الكبير أوي» ولم ينجح، على عكس الجزء السابع، لكن مكي، في «الغاوي»، أخفق في اختيار النص والإخراج، والأداء، بجانب «الاستظراف».

ويوضح الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الغاوي» من الأعمال التي جعلتنا نتوقع في البداية أننا أمام عمل عميق وجميل، لكننا اكتشفنا أنه متعثر على كل المستويات.

مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
مكي قدم دور البطل الشعبي في مسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وتصدَّر اسم مكي ومسلسل «الغاوي» الترند بمواقع التواصل، عقب طرح البرومو الترويجي للعمل قبيل عرضه في النصف الثاني من رمضان، وتوقع متابعون أن يحقق مكي حضوراً لافتاً عبر إطلالته الجديدة.

وتقول الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله إن «مسلسل (الغاوي) جيد، وبه تصوير وتمثيل مختلف لمكي، حيث قدم شخصية البطل الشعبي النبيل بشكل رائع»، لكنها أوضحت أن السيناريو ينقصه بعض التفاصيل، «مثل دور الشرير النمطي».

الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)
الفنان أحمد مكي (حسابه بموقع «فيسبوك»)

واستنكرت خير الله استبعاد الناس للمسلسل من الأعمال الأكثر أهمية هذا الموسم، موضحة أن به جهداً كبيراً بالمشاعر الإنسانية، بجانب ابتعاد العمل عن الاصطناع والألفاظ الفجة، ومن الإجحاف وضعه في خانة واحدة مع مسلسلات أخرى لم تجد رواجاً وقبولاً.

الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)
الفنان أحمد مكي يتصدر الملصق الترويجي لمسلسل «الغاوي» (الشركة المنتجة)

وذكرت خير الله في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن جمهور مكي كان يعتقد أنه سيسير على نهج «الكبير» لسنوات أطول، لكن النقلة التي قدمها خالفت توقعاتهم، وأحدثت فجوة بينه وبينهم؛ خصوصاً أنهم كانوا ينتظرون منه تقديم دور «الكبير» مجدداً، أو عمل آخر كوميدي بشكل عام.

وكان متابعون قد قالوا إن «سقف طموحاتهم تجاه مكي كان أكبر مما قدمه في (الغاوي) من ناحية الأداء واختيار فريق العمل والنص، إلا أنهم أشادوا بصوت المبتهل التنزاني يحيى بيهقي الذي قدم شارة العمل. واعتاد مكي المنافسة في دراما رمضان منذ سنوات، إلا أنه في المقابل لم يقدم أعمالاً سينمائية منذ تقديمه لفيلم (سمير أبو النيل) قبل 12 عاماً».