«فوانيس الأمل»... عروضٌ مسرحية وموسيقية في رمضان ببيروت

«سيبانة فانوسي» تفتتح النشاطات وتُبقي على إحياء تقليد عريق

«سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)
«سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)
TT

«فوانيس الأمل»... عروضٌ مسرحية وموسيقية في رمضان ببيروت

«سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)
«سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)

الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان بدأت في بيروت. وهي ترتكز على عادات وتقاليد اجتماعية تتوارث بين الأجيال، وقد باتت جزءاً من المظاهر المُحبَّبة والمألوفة التي ارتبطت بتاريخ العاصمة.

ويثابر مدير جمعية «فانوسي»، مروان فرعون، منذ نحو 13 عاماً، على الاحتفال بواحدة من أهم هذه العادات؛ وهي «سيبانة رمضان». وينظّم في الأيام الأخيرة التي تسبق فترة الصوم نشاطات تتعلّق بالمناسبة. هذا العام، قرَّر إطلاقها بعنوان «فوانيس الأمل»، وتنبثق من برنامج «سيبانة فانوسي» التي يقيمها في موعدها السنوي. تتألّف هذه النشاطات من عروض مسرحية وألعاب وسوق رمضانية. وابتداء من 21 فبراير (شباط) الحالي حتى 23 منه، تنطلق فعاليات تتيح للأطفال، كما أهاليهم، مواكبة هذا التقليد في «أسواق بيروت».

«سيبانة رمضان» تستهلّ نشاطات شهر الصوم (جمعية فانوسي)

من الساعة 11 صباحاً حتى 9 ليلاً، سيُتاح الاستمتاع بأجواء «سيبانة رمضان» على مدى 3 أيام. يُعدّ هذا التقليد قديماً في بيروت، إذ كان أهلها يتحضّرون له في أواخر شهر شعبان، فيودّعون روتينهم اليومي للانصراف بعدها للتعبُّد والصيام. فكانوا يخرجون آخر يوم عطلة أسبوعية من شعبان إلى الحقول والبساتين والمنتزهات مع عائلاتهم وأولادهم وأصحابهم. يقصدون المناطق الحرجية البعيدة عن العاصمة للاستمتاع بأجواء الطبيعة. يعدّون المأكولات اللبنانية ويفترشون الأرض لتناول طعامهم.

تجتمع العائلات تحت ظلال الأشجار لتمضي مع أولادها يوماً كاملاً في أحضان الطبيعة. وتُرافق هذه «السيرانات»، كما كانوا يسمّونها قديماً، الألعاب وأجواء الغناء. فيطوون من خلال هذا التقليد صفحة الحياة المُعتادة باتجاه صفحة الصوم المبارك.

الاحتفاء بـ«سيبانة رمضان»... ونشاطات للأطفال (جمعية فانوسي)

ويشير مروان فرعون، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه يتمسّك بإقامة هذا التقليد سنوياً منذ عام 2013. ويتابع: «لم نغب سوى خلال الجائحة. يومها أقمناها افتراضياً لنبتعد عن التجمّعات».

يتضمّن برنامج «سيبانة فانوسي»، هذا العام، نشاطات ترضي جميع الأعمار. فيخصّص مساحة للمسرح الإنشادي وأخرى للدمى المتحرّكة. كما يطلّ الحكواتي، أحد رموز الشهر الكريم، ليروي قصصاً مشوّقة. ومن الأركان الأخرى التي تستحدثها الاحتفالية، سوق رمضان للهدايا والتذكارات والأشغال اليدوية؛ تشارك فيها مجموعات نسائية تبيع منتجات من صنعها.

ويوضح فرعون أنّ «سيبانة رمضان» مشتقّة من كلمة «استبانة»، أي الرؤية. فقد جرت العادة أن يقصد المسلمون شواطئ بيروت في مناطق الأوزاعي والروشة ورأس بيروت وغيرها، في 29 شعبان، لاستبانة هلال رمضان. فإذا تبيّن لهم الهلال، توجّهوا إلى المحكمة الشرعية للإدلاء بشهادتهم. ومع الوقت، استبدلت عند العامة كلمة «استبانة» بلفظة «سيبانة»، تسهيلاً وتبسيطاً للنطق بها.

في مسرح الدمى، سيستمتع الأطفال بمشاهدة قصة من وحي المناسبة بعنوان «صنّاع الهلال والدمى»، عن قصة الدمى التي خرجت في نزهة لاستبانة هلال رمضان، فيخبرونها بأنّ التمساح التهم القمر. عندها تفكّر في الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتتأكد من الأمر، وتدرك حينها بأن القمر لا يطلّ إلا قبل ساعات قليلة من وصول رمضان.

مسرح الدمى والحكواتي يتصدَّران المشهد (جمعية فانوسي)

جميع النشاطات والأفكار المُنظَّمة في الاحتفالية تعود إلى جمعية «فانوسي». ويتابع فرعون: «أبناء الجمعية، ومنهم التلاميذ، تطوّعوا للقيام بهذه المّهمّة. والنساء المُشاركات في (سوق رمضان) من بيروت ومختلف المناطق، آثرن الحضور عبر منتجات يحضّرنها ويُلصقن على أغلفتها عبارة (أهلاً رمضان)».

بدوره، يروي الحكواتي هاني رمضان قصصاً تتناول التفاؤل والأمل رغم الصعاب، في حين تُنظَّم مسيرات يومية تعرف بـ«الباراد» تنشر الموسيقى عند الثانية بعد الظهر والسادسة مساء.

ويشير المؤرّخ المحامي عبد اللطيف فاخوري، من جمعية «تراث بيروت» إلى أنّ ظاهرة التنزّه قبل حلول شهر رمضان عُرفت قديماً أيضاً في المغرب باسم «الشعبانة». ويرجح أنّ كلمة «سيبانة» باللهجة البيروتية، هي تصحيف لكلمة «شعبانة»، إذ إنّ قسماً كبيراً من العائلات البيروتية أتى من المغرب العربي.


مقالات ذات صلة

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

ضمن برنامجها لحفلات ليالي رمضان، استضافت الأوبرا المصرية حفلاً فنياً لاستعادة التراث والفولكلور الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق إفطار مبهر في المطرية يجذب الأنظار (الشرق الأوسط)

«إفطار المطرية» في مصر... حضور عالمي على «موائد الطيبين»

قطع الشاب العشريني عمرو عادل 148 كيلومتراً من محافظة بورسعيد (إحدى محافظات قناة السويس) إلى القاهرة للمشاركة في «إفطار المطرية».

رحاب عليوة (القاهرة )
يوميات الشرق فرقة «طبلة الست» قدّمت الفولكلور المصري وأغاني رمضان (وزارة الثقافة المصرية)

«طبلة الست» تستعيد الفولكلور المصري في ليالي رمضان

بأغاني الفولكلور المصري الصعيدي والفلاحي، وأغنيات حديثة، أحيت فرقة «طبلة الست» ليلة رمضانية ضمن برنامج «هل هلالك» الذي تنظّمه وزارة الثقافة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المسحراتي يتجوَّل قبل الفجر في مصر خلال رمضان (الشرق الأوسط)

طبلة تراثية وصيحات «حداثية»... المسحراتي في مصر يوقظ حنين الساهرين

استطاع المسحراتي في مصر الحفاظ على مكانته التاريخية رغم انتفاء دوره العملي، فمن خلال الجوال يستطيع الصائم ضبط منبّهه والاستيقاظ للسحور، هذا إنْ كان نائماً.

رحاب عليوة (القاهرة)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)
فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)
TT

الفولكلور الفلسطيني يزهو في ليالي رمضان بالأوبرا المصرية

فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)
فرقة كنعان تقدم الفولكلور الفلسطيني (وزارة الثقافة المصرية)

ضمن برنامجها لحفلات ليالي رمضان، استضافت الأوبرا المصرية حفلاً فنياً لاستعادة التُّراث والفولكلور الفلسطيني، من خلال حفل لفرقة الموسيقى والفنون الشعبية التي قدَّمت السبت، مقطوعات غنائية وحركية من الفولكلور الفلسطيني.

واحتضن المسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية سهرةً عربيةً لدولة فلسطين، بالتعاون مع سفارتها بالقاهرة، وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية، وأحيت الحفل «فرقة كنعان للثقافة والفنون» التي تضمّنت لوحات ومشاهد حركية من الفلكلور الشعبي وأعمالاً غنائية تراثية ووطنية حماسية أدى عدداً منها ليندا مهدي، ومايكل أُنسي، كما شارك بها العازفان زينة (بيانو)، ومصطفى قدورة (كمان)، وفق بيان للأوبرا.

ومن بين الأعمال الغنائية التي قدمتها الفرقة أغنية «القدس العتيقة»، و«ميدلي قولو لأمه»، و«من الشباك»، و«نسَّم علينا الهوا»، و«فيها حاجة حلوة»، و«إني اخترتك يا وطني»، وشهد الحفل تفاعلاً جماهيرياً مميزاً.

وتهتم «فرقة كنعان للثقافة والفنون» بتقديم الفلكلور والتراث الفلسطيني بالمحافل الدولية، كما أن الفرقة فازت في المركز الأول بمسابقة «إبداع الوطن العربي» التابعة لوزارة الشباب والرياضة المصرية لعام 2019.

وشاركت الفرقة من قبل في مهرجانات متخصصة كثيرة، منها «الطبول الدّولي» في مصر، ومهرجان أسوان الدولي للفنون، و«الموسيقى العربية» مع الفنان عاصي الحلاني، و«مهرجان دمنهور للفنون الشعبية»، وغيرها من المهرجانات والفعاليات داخل مصر وخارجها.

الفولكلور الفلسطيني في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة المصرية)

يأتي هذا الحفل ضمن برنامج السهرات العربية التي تُنظمها الأوبرا المصرية خلال رمضان، حيث أعلنت من قبل عن حفلات عدّة للفرق العربية والإسلامية، بالاتفاق مع سفارات الدول المختلفة.

إلى جانب الفرق العربية، نظّمت الأوبرا المصرية على مسارحها المختلفة في القاهرة والإسكندرية ودمنهور حفلات رمضانية متنوعة، من بينها عرض «الليلة الكبيرة» الذي أعلنت عنه، ومجموعة من الحفلات للإنشاد الديني، مثل حفل الشيخ ياسين التهامي، الأحد.

وتستمر حفلات الأوبرا المتنوعة خلال شهر رمضان، عبر إحياء ذكرى رموز الفن المصري مثل «كوكب الشرق» أم كلثوم، و«موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، من خلال فعاليات متنوعة، فقد استقبل مسرح أوبرا دمنهور ليلة رمضانية في حب «كوكب الشرق»، وشملت نخبة من أعمال أم كلثوم الشهيرة، من بينها «ألف ليلة و ليلة»، و«رق الحبيب»، و«لسه فاكر».

وعلى مسرح «معهد الموسيقى العربية» قدَّمت فرقة «الحور» مجموعة من الأناشيد الدينية والغناء والموسيقى ذات الطابعين الروحاني والديني، من بينها «عودي يا ليالي الرضا»، و«يا جد السلالة»، و«أسماء الله الحسنى»، و«ماشي في نور الله»، و«والله زمان يا رمضان»، و«ميدلي هاتوا الفوانيس يا ولاد»، و«وحوي يا وحوي».