«فنّ القاهرة»... أيقونات مصرية تزهو في حضرة الأجداد

المعرض يضمّ 3 آلاف عمل بأحضان المتحف الكبير

النسخة السادسة من «فنّ القاهرة» تضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي (الشرق الأوسط)
النسخة السادسة من «فنّ القاهرة» تضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي (الشرق الأوسط)
TT
20

«فنّ القاهرة»... أيقونات مصرية تزهو في حضرة الأجداد

النسخة السادسة من «فنّ القاهرة» تضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي (الشرق الأوسط)
النسخة السادسة من «فنّ القاهرة» تضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي (الشرق الأوسط)

على بُعد خطوات من تمثال الملك رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير، احتشد عشرات الفنانين ومحبّو الفنون، وبدأوا يتجوّلون بين أروقة ملتقى «فنّ القاهرة» الذي يُقام لـ5 أيام، حتى منتصف فبراير (شباط) الحالي، في حضرة الأجداد، والآثار المصرية القديمة. ويضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي، إلى جانب لقاءات تخصّ الفنّ وقضاياه حول العالم.

ويرى الرئيس التنفيذي للفعالية، الفنان المصري محمد يونس، أنّ لانعقاد الملتقى داخل المتحف المصري الكبير خصوصية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «رمسيس الثاني بما يمثّله من فنّ عريق وحضارة تاريخية يبدو مدخلاً ساحراً لزيارة ملتقى ضخم يحتفي بالفنّ الحديث».

تمثال الملك رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (الشرق الأوسط)
تمثال الملك رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (الشرق الأوسط)

ويشير يونس إلى أنّ شعار النسخة السادسة للفعالية «السلام لكل البلاد»، طُوِّر برؤية فنّية لينسجم مع هويتها البصرية، ويُعدّد الأزمات العالمية التي من أجلها ينشد الفنّ السلام في مواجهة الحروب والأزمات الاقتصادية.

واستحدثت نسخة هذا العام برنامج إقامة فنّية يُعرض نتاجه ضمن أعمال الفعالية، بالتعاون مع الفنان السوري نزار صبور، المُقيم في موسكو، الذي عرض مشروعه «نواميس مصرية» في أحد أروقتها، وتضمّ 30 عملاً مستوحى من أغطية التوابيت القديمة. ويقول صبور لـ«الشرق الأوسط»: «اخترتُ عدداً من أيقونات الفنّ في مصر أو مَن ارتبطوا بالثقافة المصرية، سواء ممن رحلوا عن عالمنا أو لا يزالون أحياء، ومنحت لكل فنان هوية خاصة مُستلهمة من تراثه الفنّي أو من أيقونات مصرية قديمة أو شعبية تلائم عالمه».

جانب من أعمال الفنانة السورية سعاد مردم بك (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال الفنانة السورية سعاد مردم بك (الشرق الأوسط)

يضمّ المشروع عدداً من فناني الغناء والطرب، منهم محمد عبد الوهاب وأم كلثوم التي صمَّم لها الفنان 3 أعمال؛ ونجمات استثنائيات منهن فاتن حمامة وسعاد حسني، والفنانة الاستعراضية شريهان، بالإضافة إلى النجم عادل إمام الذي وسم عمله بلقب «الزعيم» مكتوباً بخطّ اليد.

سعاد حسني وصلاح جاهين ضمن مشروع الإقامة الفنّية (الشرق الأوسط)
سعاد حسني وصلاح جاهين ضمن مشروع الإقامة الفنّية (الشرق الأوسط)

تقود الأعمال المُشاركة في الملتقى زوارها إلى رحلة بصرية غنيّة بين المدارس الفنّية والتقنيات المتنوّعة ما بين التصوير والغرافيك والنحت وغيرها من الوسائط، علاوة على التنقّل الزمني بين أعمال روّاد الفنّ في العالم العربي، إذ تُستضاف مقتنيات من «متحف الفنّ الحديث» لرائدات مثل تحية حليم وزينب السجيني، بالإضافة إلى تكريم اسم الفنان الراحل سمير رافع؛ أحد أبرز روّاد السريالية في مصر.

مُشاركة لافتة من الغاليرهات العربية (الشرق الأوسط)
مُشاركة لافتة من الغاليرهات العربية (الشرق الأوسط)

بالإضافة إلى ما يمثّله الملتقى من ثراء فنّي، فقد جدَّد طرح مسألة الفجوة بين الحركة الفنّية المنتعشة وحركة النقد التشكيلي المُواكب لها؛ وهو أحد الموضوعات التي تبنّاها «فنّ القاهرة» في دورة هذا العام من خلال إطلاق «ورشة النقد». ويقول مُنسّق ورشة النقد التشكيلي في «فنّ القاهرة»، الناقد الفنّي سيد محمود، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ هدفها هو «تأهيل جيل جديد للكتابة النقدية، من خلال ورشة متخصّصة تتيح للكتّاب الجمع بين تقنيات السرد الصحافي، واستيعاب النظريات والرؤى التي تُساعد على تحليل الأعمال الفنّية؛ وهي ورشة مجانية سجّل فيها عدد كبير من الأسماء، واخترنا قليلاً منهم لمنحهم فرصة لنقاش أوسع مع متخصّصين في النقد التشكيلي والممارسين، مثل الناقدتين الدكتورة أمل نصر والدكتورة هبة الهواري».

الفنان السوري نزار صبور وجانب من أعماله عن أم كلثوم (الشرق الأوسط)
الفنان السوري نزار صبور وجانب من أعماله عن أم كلثوم (الشرق الأوسط)

وعلى مدار أيام الملتقى، استضاف «فنّ القاهرة» عدداً من اللقاءات والنقاشات حول قضايا الفنّ، أبرزها لقاء جمع بين المؤرّخة وناقدة الفنّ الفرنسية، فاليري ديديه هاس، والخبير المصري الدكتور حسام رشوان، وأدارها الكاتب الصحافي المصري محمد سلماوي. ويشير منسّق الملتقى إلى أنّ «اللقاء ناقش إحدى أبرز المشكلات التي تُواجه الفنّ، وهي توثيقه، وتحدّيات إصدار الكتب الوثائقية الفنّية في العالم، وذلك من خلال مناقشة تجربة توثيق أعمال الفنانَيْن الراحلَيْن عبد الهادي الجزار ومحمود سعيد».

ونظَّم «فنّ القاهرة» خلال هذه الدورة برنامجاً اجتماعياً، كما تقول مديرته التنفيذية نور ألسكر: «يشمل تنظيم زيارات فنّية للضيوف ما بين جولات في متحف الفنّ الحديث، وقصر عائشة فهمي، ومجمع الأديان».


مقالات ذات صلة

العين الزرقاء وأسئلة لبنان الصعبة في معرض رمزي ملاط البيروتي

يوميات الشرق تدرّج رمزي ملاط في محاولة قراءة المجتمع من النظرة المبسّطة إلى التعقيد (الشرق الأوسط)

العين الزرقاء وأسئلة لبنان الصعبة في معرض رمزي ملاط البيروتي

شغلت الفنان اللبناني رمزي ملاط استفسارات مُرهِقة، مثل «كيف نتعاطى مع الريبة والمجهول؟». شعر بالحاجة إلى ملء فراغات الفَهْم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق لم ينسَ فنّه (جامعة تشيستر)

معرض لفنان مُصاب بألزهايمر نسيَ كلَّ شيء إلا الرسم

تُعرض لوحات لجون رينشو في معرض ستوكبورت التذكاري للفنون بإنجلترا؛ وهو فنان مشهور مُصاب بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تجربة فنّية مختلفة تقدّمها شيماء كامل في أحدث معارضها (الشرق الأوسط)

دفء البيوت وحكايات الجدّات في معرض بالقاهرة

تضع شيماء كامل المتلقّي أمام رؤيتها التي تريد بثّها في وجدانه؛ وهي رؤية استخلصتها من اتجاهات تشكيلية عدة، تتبدّى فيها الصور الجمالية في أشكال مُفعمة بالحركة.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق سيدات في سيارة... من صور المعرض (المتحف الوطني للتاريخ الأميركي)

معرض صور عن أميركا التي لا يحبّ ترمب رؤيتها

يقدّم «فوتوغراف أميركي» 200 صورة لعدد من أساطير فنّ الفوتوغراف، تمثّل جوانب من الحياة الاجتماعية منذ أواخر القرن الـ19 حتى اليوم.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
يوميات الشرق الفنانة آلاء عبد النبي تتحدث لزائرين عن بعض أعمالها في المعرض (421 للفنون)

​آلاء عبد النبي: «ذكرياتك عني كفاية؟» غيّر طريقة تعاملي مع أعمالي

لا تخفي الفنانة الليبية - البريطانية آلاء عبد النبي سعادتها بما حققه معرضها الفردي الأول، الذي نظّمه لها «مجمع 421 للفنون» في أبوظبي.

مالك القعقور (لندن)

قرصنة أفلام «العيد» تُجدد مخاوف صُنّاع سينما بمصر

من كواليس فيلم «نجوم الساحل» (الشركة المنتجة)
من كواليس فيلم «نجوم الساحل» (الشركة المنتجة)
TT
20

قرصنة أفلام «العيد» تُجدد مخاوف صُنّاع سينما بمصر

من كواليس فيلم «نجوم الساحل» (الشركة المنتجة)
من كواليس فيلم «نجوم الساحل» (الشركة المنتجة)

جدَّدت عودة ظاهرة قرصنة الأفلام مخاوف صُنَّاع سينما مصريين، من تأثُّر إيرادات الأفلام الجديدة التي طُرحت قبل أيام قليلة في صالات العرض بعمليات التسريب.

وتوفَّرت نسخ مُتباينة في الجودة للأفلام الأربعة المطروحة خلال موسم عيد الفطر، وهي: «سيكو سيكو»، و«نجوم الساحل»، و«الصفا الثانوية بنات»، و«فار بـ7 ترواح»، عبر الإنترنت، من خلال روابط نُشرت عبر مواقع إلكترونية تتيح نُسخاً من الأعمال الفنية، مع تبادل هذه الروابط عبر مجموعات مغلقة بتطبيق «تلغرام».

وأُتيحت جميع الأفلام في الأسبوع الأول من عرضها، بالتزامن مع تحقيقها ما يزيد على 90 مليون جنيه (الدولار يعادل 51.25 جنيه في البنوك) في أقل من أسبوع، وهي الإيرادات التي بدأت في التراجع مع انتهاء إجازة العيد وتوقُّف الحفلات الاستثنائية التي كانت تُنظِّمها دور العرض في الأيام الأولى لطرح الأفلام.

طه دسوقي وعصام عمر في العرض الخاص لفيلم «سيكو سيكو» (الشركة المنتجة)
طه دسوقي وعصام عمر في العرض الخاص لفيلم «سيكو سيكو» (الشركة المنتجة)

وكانت ظاهرة القرصنة قد تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مع تشديد الرقابة في الصالات السينمائية على تصوير الأعمال داخل القاعات، ومنع التصوير بأي وسيلة، والتأكيد في الإعلانات المختلفة قبل بدء عرض الأفلام على أنها تشكل «جريمة» يُعاقب عليها القانون.

وعدّ الموزع السينمائي محمود الدفراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة أصبحت بلا حلول من الناحية العملية في ظل التطور التكنولوجي الذي وفّر إمكانات للتصوير من داخل القاعات من دون الحاجة لإضاءة كشافات المحمول أو لفت الأنظار»، مشيراً إلى أن دور العرض لديها موظفون يقومون بجولات بالفعل خلال العروض، وبعضها مزود بكاميرات مراقبة.

وأضاف أن الحالات التي تُضبط لتصوير بعض المشاهد في الصالات، يتم الاكتفاء بحذف الفيديوهات التي تصوَّر، بسبب الضغط خلال أيام العيد، وصعوبة تنفيذ الإجراءات القانونية المُتَّبعة مع قِصَر الفترات بين الحفلات وزيادة أعدادها في توقيت الذروة.

وقال مدير غرفة صناعة السينما سيد فتحي لـ«الشرق الأوسط» إن الغرفة لم تتلقَّ أي شكاوى رسمية حتى صباح (الأحد) من المُنتجين مرتبطة بالتسريبات التي حدثت للأفلام.

وأوضح أنه في حال حصل التسريب عبر الإنترنت، يُجرى إبلاغ «مباحث الإنترنت» لاتخاذ الإجراءات القانونية، وحذف الروابط من الخوادم المختلفة، أما في حال البث عبر القنوات التلفزيونية، فإن الغرفة تُخاطب إدارات الأقمار الاصطناعية التي تُبثُّ من خلالها لإيقاف هذه القنوات، لعرضها مصنفاً فنياً لا تملك حقوقه.

الملصق الدعائي لفيلم «فار بـ7 ترواح» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لفيلم «فار بـ7 ترواح» (الشركة المنتجة)

ويُشير الناقد الفني محمد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معظم المحاولات التي اتُّخذت لمواجهة ظاهرة القرصنة، باءت بالفشل حتى الآن، الأمر الذي يتطلَّب العمل على تعزيز نشر الثقافة السينمائية بين الجمهور، والتأكيد على أنّ متابعة الأفلام بهذه الطريقة ستؤدي إلى خسائر تمنع تقديم أفلام جديدة».

وعلى الرغم من إقرار محمود الدفراوي بالخسائر التي تتعرض لها الأفلام بسبب القرصنة، فإن غياب الجودة العالية في النُّسخ المُسرَّبة، بالإضافة إلى تحقيق الأفلام الجزء الأكبر من إيراداتها في أول أيام طرحها بالصالات؛ أمور جعلت الخسائر محدودة خلال هذا الموسم.

رأيٌ يدعمه مدير غرفة صناعة السينما الذي يؤكد أن جمهور السينما سيظل متمسكاً بمشاهدة الأفلام في الصالات حتى مع تسريبها، لافتاً إلى أن خطورة القرصنة لا تكمن فقط في إتاحة الفيلم بلا مقابل لصُنَّاعه، ولكن أيضاً في تشويهه فنياً بعرض صورة سيئة تُفسد المعنى.

وهذه العمليات غير القانونية تتضمّن قرصنة أفلام المنصَّات المختلفة في عروضها الحصرية، بما يُضرُّ هذه المنصات بشكل واضح، كما يُضرُّ بقدرتها على جذب اشتراكات جديدة تدعم ميزانيتها في شراء مزيد من الإنتاجات الجديدة، مشيراً إلى أن هذا الأمر تكرر في موسم العيد مع الأفلام التي طُرحت عبر المنصات.

الملصق الدعائي لفيلم «الصفا الثانوية بنات» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لفيلم «الصفا الثانوية بنات» (الشركة المنتجة)

ويرى الدفراوي أن جزءاً رئيسياً من محدودية الأضرار في الموسم الحالي، يرجع إلى كون جميع الأفلام بميزانيات ليست كبيرة، وهو أمر سيكون مختلفاً مع الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة على غرار الأفلام المتوقع طرحها بموسم عيد الأضحى المقبل، لافتاً إلى قدرتهم عبر تتبع تقني على الوصول إلى الصالات السينمائية التي جرى التصوير منها وتشديد الرقابة عليها مستقبلاً لمنع تكرار وقائع التسريب.

ويُحذر عبد الجليل حسن، المسؤول الإعلامي لـ«الشركة العربية للإنتاج والتوزيع»، من تداعيات «العودة القوية للقرصنة» على صناعة الأفلام، ويتوقع أن يتكبَّد المنتجون خسائر ضخمة في حال تسريب أفلام الميزانيات الضخمة بجودة عالية عبر مواقع الإنترنت.

ويُضيف حسن في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة في الوقت الحالي تكمن في أن بعض عمليات التسريب لا تتوقف على الصالات بمصر، بيد أنها أيضاً تحدث في صالات بعض الدول العربية حيث تُطرح الأعمال بالتزامن مع طرحها في مصر».

ويشير حسن إلى أن «جميع المنتجين والموزعين يخسرون بنسب متفاوتة حسب تكلفة العمل، وتوقيت التسريب وجودته، وغيرها من الأمور».