دفء البيوت وحكايات الجدّات في معرض بالقاهرة

يضمّ 45 لوحة بمثابة مذكرات شخصية للفنانة شيماء كامل

تجربة فنّية مختلفة تقدّمها شيماء كامل في أحدث معارضها (الشرق الأوسط)
تجربة فنّية مختلفة تقدّمها شيماء كامل في أحدث معارضها (الشرق الأوسط)
TT
20

دفء البيوت وحكايات الجدّات في معرض بالقاهرة

تجربة فنّية مختلفة تقدّمها شيماء كامل في أحدث معارضها (الشرق الأوسط)
تجربة فنّية مختلفة تقدّمها شيماء كامل في أحدث معارضها (الشرق الأوسط)

بلوحاتها، تُوثّق مختلف مراحل عمرها؛ ترصد تبدُّل مشاعرها وتطوّرها. فتارة تستدعي الفنانة المصرية شيماء كامل الماضي بملامحه الجميلة وذكرياته المستقرّة في الذهن، مثل مراتع الطفولة، ودفء البيوت وحكايات الجدّات في الجنوب، وتارة أخرى تُعبّر في أعمالها عن الحاضر بكل ما يحمله من أنماط جمالية وإنسانية. وفي أثناء ذلك، تُقدّم حزمة متنوّعة من العناصر الفنّية والأساليب المتناغمة مع الواقع والخيال معاً.

وفي معرضها الفردي الجديد بعنوان: «تسجيل»، في غاليري «أركيد» بحيّ المعادي الهادئ (جنوب القاهرة)، تُقدّم الفنانة المصرية 45 عملاً تناولت من خلالها كثيراً من الأفكار والرؤى والمشاعر المتعلّقة بتحوّلات اجتماعية مختلفة، والتي تتلاقى في كونها سجلاً مرئياً لحياتها: «الرسم مثل مذكراتي الشخصية؛ أعدُّه عملية توثيق لتجارب الفنان وحواديته مثل الأديب الذي يوثّق حياته ورؤاه بالقلم».

الناس محور اهتمام الفنانة (الشرق الأوسط)
الناس محور اهتمام الفنانة (الشرق الأوسط)

ربما يكون عنوان المعرض - «تسجيل» - صادماً أو مغايراً لحقيقة أنّ الفنّ لا يمكن اختزاله في التسجيل؛ ولذلك هي كلمة مرفوضة من جانب المبدعين دوماً، وإنما بالنسبة إلى شيماء كامل، فالأمر مختلف، وفق ما توضح لـ«الشرق الأوسط»: «أُرحّب بهذه الكلمة؛ لأنها لا تعني بالنسبة إليّ النقل الحرفي، وإنما تعبّر عن إحساسي بالفنّ؛ فكل قطعة من أعمالي تحمل مشاعر وأفكاراً وذكريات خاصة عشتُها».

المصرية شيماء كامل في مرسمها (صور الفنانة)
المصرية شيماء كامل في مرسمها (صور الفنانة)

وتُضيف: «إنها لحظات من الصراع والتغيُّر والتبدُّل؛ فالرسم عندي ليس مجرّد عملية إبداعية، إنما عملية حفظ اللحظات والمشاعر التي من الممكن أن تضيع مع الوقت، فتوثّقها لوحاتي قبل هذا الضياع».

ولا تهتم الفنانة بالأسماء: «لا يعنيني عنوان المعرض أو أسماء اللوحات؛ فثمة كلمات مطاطية لا تدل على شيء. ما أهتم به هو اشتباك المتلقّي مع الأعمال عينها، ومع تجربتي التي أقدّمها إليه».

تصف تلك التجربة، كما رصدتها في المعرض: «يتضمّن لوحات من مجموعات رسمتُها منذ عام 2007 حتى 2025، ولم تُعرَض من قبل». وتتابع: «كنت أرسم وأرسم، وأترك بعض اللوحات جانباً؛ لأنني أرى أنه لم يحن الأوان لعرضها ولتفاعلها مع الجمهور. مرَّت السنوات، واكتشفتُ عدداً كبيراً من الأعمال وحيدة في المرسم؛ أتطلّع إليها من حين إلى آخر».

لحظات من الصراع والتغيُّر والتبدُّل (الشرق الأوسط)
لحظات من الصراع والتغيُّر والتبدُّل (الشرق الأوسط)

وفي لحظةٍ ما، شعرت شيماء برغبتها في فحصها وتأمّلها، فإذا بها تكتشف عناصر متشابهة بين الأعمال، رغم أنها رسمتها على مدى سنوات طويلة، فاستكملتها ووضعت اللمسات الأخيرة عليها بعدما شعرت أخيراً بأنّ اللحظة المُنتَظرة لعرضها قد حانت، وفق قولها. وتُضيف: «شعرتُ أنّ هناك شيئاً يُناديني لاستخراجها والانتهاء من أي أعمال لم أكن قدّمتها بعدُ في صورتها النهائية».

تتزاحم على المسطح المَشاهد والوجوه بانفعالات متباينة، وتختلف ردات فعلها بين كثير من اللوحات، وحتى ضمن اللوحة الواحدة؛ لتقدّم مجموعة كبيرة من الحالات التي يمكن أن يمرّ بها الناس: «العلاقات البشرية من الأشياء المهمّة بالنسبة إلى الفنان، يميل دائماً لتوثيقها، سواء كانت لها علاقة به مباشرة، أو لها علاقة بأشخاص آخرين حوله. من جهتي، يستهويني تجسيد الناس، خصوصاً من خلال البورتريهات؛ حيث الانفعالات والإيماءات والأسرار التي تبوح بها النظرات».

تستدعي الفنانة ذكريات الطفولة (الشرق الأوسط)
تستدعي الفنانة ذكريات الطفولة (الشرق الأوسط)

لا تعتمد الفنانة على التوثيق الدقيق الحرفي لذكرياتها كما تفعل الصورة الضوئية، وإنما تُقارب ذلك لخلق فضاء إبداعي يدلّ على دواخلها، ويحمل أفكاراً هائمة عنها. ووسط ذلك كله، تنبعث طاقة من الدفء من داخل اللوحات يمكن إرجاعها إلى استخدامها أسلوب الحكي المرئي الذي استلهمته من حكايات الجدّة في الصعيد: «عندما كنت أزور جدّتي، كانت تحتضنني بمشاعرها الفياضة وحكاياتها المشوقة التي تمزج الواقع بالخيال، والأساطير بالقصص الشعبية المتوارثة عبر آلاف السنوات».

تضع شيماء كامل المتلقّي أمام رؤيتها التي تريد بثّها في وجدانه؛ وهي رؤية استخلصتها من اتجاهات تشكيلية عدة، تتبدّى فيها الصور الجمالية في أشكال مُفعمة بالحركة، والدلالات الفنّية المتنوّعة، مُستخدمةً الأبيض والأسود في كثير من اللوحات؛ مما يؤكد الإحساس باستعادة الذكريات، ويعزّز من ذلك أيضاً استخدامها للألوان الأكريلك الهادئة التي تضع المتلقّي في حالة تفاعل مع مشاعرها وتجربتها الفنّية.


مقالات ذات صلة

عدسات تحكي روح المملكة... «حيّ عينك» و«حين يهمس الضباب» يوثّقان التحول والجمال البصري

يوميات الشرق «عمال الحرم» لمريم باسواد من مكة المكرمة (الشرق الأوسط)

عدسات تحكي روح المملكة... «حيّ عينك» و«حين يهمس الضباب» يوثّقان التحول والجمال البصري

استقبل «حي جميل» فعاليات معرضي «حيّ عينك» و«حين يهمس الضباب»، في إطار النسخة الثالثة من جائزة المملكة للتصوير الفوتوغرافي.

أسماء الغابري (جدة)
ثقافة وفنون الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)

أكثر من نصف مليون شخص زاروا معرض مسقط للكتاب في أسبوعه الأول

يمنحُ حضور طلاب وطالبات المدارس العمانية معرض مسقط الدولي للكتاب زخماً كبيراً للمعرض الذي يمتلئ بالزوار الذين قُدِّر عددهم بنحو نصف مليون زائر.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
يوميات الشرق بالوما بيكاسو مع إحدى لوحات والدها (نيويورك تايمز)

معرض لبيكاسو من ابنته

ساعدت بالوما بيكاسو الآن في تنظيم معرض لأعمال والدها في غاليري غاغوسيان بنيويورك.

روبن بوغريبين (نيويورك)
يوميات الشرق حسين فهمي أكد حبه للقراءة وارتباطه بها (مهرجان القاهرة السينمائي الدولي)

حسين فهمي لـ«الشرق الأوسط»: الكتاب رفيق دربي

أبدى الفنان المصري حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فخره وسعادته بالمشاركة بصفته متحدثاً رئيسياً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
ثقافة وفنون يحفل معرض مسقط الدولي للكتاب بنحو 211 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية (العمانية)

الفعاليات الثقافية تفتح مساحة للحوار في «معرض مسقط للكتاب»

استقطبت 211 فعالية في «معرض مسقط الدولي للكتاب 2025» حضوراً لافتاً من الجمهور المهتم الذي يتوافد إليه، توزعت بين ندوات حوارية وأمسيات ثقافية وعروض مسرحية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)

رجل يدهس أطفالاً باليابان... ويبرر للشرطة: «سئمت من كل شيء»

عناصر من الشرطة اليابانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة اليابانية (أرشيفية - رويترز)
TT
20

رجل يدهس أطفالاً باليابان... ويبرر للشرطة: «سئمت من كل شيء»

عناصر من الشرطة اليابانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة اليابانية (أرشيفية - رويترز)

ألقت الشرطة اليابانية القبض على رجل للاشتباه في قيامه بدهس سبعة أطفال بسيارته أثناء عودتهم إلى منازلهم، ما أدى إلى إصابتهم جميعاً، وأحدهم إصابته خطيرة.

وقال مسؤولون إن الشرطة تتعامل مع القضية على أنها محاولة قتل وليست قيادة متهورة، وذلك لأن المشتبه به، يوكي يازاوا (28 عاماً)، أخبر المحققين بأنه «سئم وتعب من كل شيء» وإنه قاد سيارته، اليوم الخميس، صوب الأطفال قاصداً قتلهم.

وقالت شرطة مقاطعة أوساكا إنه تم إلقاء القبض على يازاوا في مكان الحادث، وإنه يواجه اتهامات بالشروع في القتل. وأضافت أن أعمار التلاميذ المصابين تتراوح بين 7 و8 سنوات، وأنهم كانوا عائدين إلى منازلهم من مدرسة ابتدائية قريبة.

وأوضحت شرطة أوساكا أن فتاة (7 أعوام) أصيبت بكسر في الفك، بينما أصيب الستة الآخرون - وجميعهم من الصبيان - بجروح طفيفة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وأظهرت لقطات تلفزيونية مشهداً لسيارات إسعاف متوقفة في شارع خلفي ضيق، فيما كان المسعفون يقدمون الإسعافات الأولية للأطفال.

يشار إلى أن جرائم العنف نادرة في اليابان، ولكن في السنوات الأخيرة شهدت البلاد عدداً من الهجمات التي استخدمت فيها سكاكين أو متفجرات بدائية الصنع.