«الشميسي» و«شارع الأعشى»… وجهان لسبعينات الرياض في دراما رمضان

عودة لإحياء الأمكنة المنسيّة في أعمال سعودية خلال الموسم الرمضاني

عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)
عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)
TT

«الشميسي» و«شارع الأعشى»… وجهان لسبعينات الرياض في دراما رمضان

عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)
عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)

تلتقي الرياض مع عقد التسعينات بحكايات مطوّلة... مدينة تتغير، شوارع تُعاد هندستها، بيوتٌ تنفتح على تحولات اجتماعية لم تشهدها من قبل، وأحياء تعكس قصصاً متباينة عن سكانها. وفي قلب هذا المشهد، تتنوّع الحكايات ما بين حي «الشميسي» السكني التقليدي، وحي «منفوحة» التاريخي الذي تختلط به الأحلام مع الموسيقى والسينما والتجارة.

ومن هنا، تُعيد دراما رمضان 2025 إحياء هذه الأمكنة عبر مسلسلين سعوديين منتظرَين، هما «الشميسي» و«شارع الأعشى»، الأول دراما عائلية تتناول التحولات الطبقية والصراعات الأسرية، والآخر هو قصة تدور حول نساء المجتمع آنذاك وعلاقتهن بالفنون والأحلام في منفوحة، الحي الذي وُلد به الشاعر العربي ميمون بن قيس بن جندل الملقب بـ«الأعشى»، وارتبط اسمه بالمكان.

البوستر الرسمي لمسلسل «الشميسي» المستوحى من أحداث حقيقية (شاهد)

«الشميسي»... حنين متجدد

في السبعينات، كان حي الشميسي أحد الأحياء المليئة بالحياة في الرياض، حيث تُبنى البيوت بشكل متقارب، ويعرف الجيران بعضهم بعضاً بالاسم. وفي المسلسل يجد المشاهد نفسه داخل منزل عائلة سعودية تقليدية، من خلال قصة فهد الذي يواجه بعد وفاة والده عبئين ثقيلين: وصية يرفض أخواه تنفيذها، وسر دفنه والده مع أمه قبل رحيله. وهو عمل من بطولة: ريم عبد الله، وعبد الإله السناني، وعبد العزيز السكيرين، وبشير غنيم، وأحمد شعيب، وهبة الحسين، وعجيبة الدوسري وعبد الرحمن بن نافع.

يصور العمل حي الشميسي، بتقاليده القديمة، رغم التحديث العمراني الذي كان يزحف نحو قلب الرياض، بما انعكس على المعالجة الدرامية التي تُظهر هذه الهوية في تفاصيل الحياة اليومية، من الأسواق التقليدية التي حكمتها عادات البيع القديمة، والأحياء السكنية التي حافظت على عاداتها الأصيلة، حيث يحاول المسلسل إعادة تلك الأجواء الاجتماعية، والنساء اللواتي يضعن أولويات الأسرة فوق كل شيء، والشباب الذين بدأوا يلمسون حدود عالمهم ويتساءلون إن كان بالإمكان تجاوزه.

إلهام علي في دور «وضحى» بمسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)

«منفوحة»... عوالم الفن

أما الطرف الآخر من مدينة الرياض، فيوجد حي منفوحة، حيث كانت الحكايات تُحكى بطريقة مختلفة، والحياة لا تُختصر في جدران المنازل، بل في المقاهي، والأسواق، وعروض الأفلام، وهو ما يبدو ظاهراً في مسلسل «شارع الأعشى» الذي صدر قبل أيام إعلانه الترويجي الأول، وتبدو النساء فيه وهن يحلمن بعالم يتجاوز حدود الحارة، حيث تتابع البطلة أفلاماً عربية، وتحلم أن يكون لها مكان في ذلك العالم، حتى لو كان مجرد مقعد في قاعة عرض تضيئها شاشة عملاقة.

هذا المسلسل يأتي من الرواية الأصلية للكاتبة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى»، وهي قصة عن فتاة تعيش في منفوحة وتحلم بالحب، والحياة، والتحرر من القيود الاجتماعية. ومن خلال الدراما، نرى كيف أن الحلم يمكن أن ينشأ حتى في الأزقة البسيطة، التي تُباع فيها الصحف، وتُسمع الأغاني، ويجتمع الشباب لمناقشة الأفلام.

منفوحة لم تكن فقط مكاناً، بل حالة ذهنية، حيث يمكن للمرء أن يتخيل نفسه في أماكن أخرى، ولو عبر شاشة السينما. وفي «شارع الأعشى» يلحظ المشاهد ذلك، من خلال الفتيات اللواتي يجرؤن على الحلم، رغم التحديات الاجتماعية، وكذلك السينما والموسيقى بصفتها وسيلةً للهرب، وليس مجرد ترفيه، إلى جانب الطموح الذي يصطدم بجدران المجتمع، لكن يبقى له صوت في الأفق. وهو مسلسل من بطولة: إلهام علي، وخالد صقر، وريم الحبيب، وتركي اليوسف، وعائشة كاي، ولمى عبد الوهاب وبراء عالم، ونجوم آخرين.

دراما رمضان: بين الواقعية والحلم

ورغم أن كلا العملين يتناول الفترة نفسها وتدور أحداثهما في المدينة ذاتها، فإن المقاربة بينهما تكشف عن زاويتين متباينتين تماماً للحياة في الرياض خلال السبعينات، بما يُظهر تنوّع المشهد الاجتماعي ما بين بيئة وأخرى، كما أن المرأة تأتي بالعملين بصفتها العنصر الرئيس والمحرك للقصة؛ ما يجعل هذه المسلسلات لا تتحدث عن الماضي فحسب، بل يمكن عدَّها محاولة فهم لحياة السعوديين في تلك الحقبة، وفرصة لاكتشاف ماضي الرياض بكل تناقضاته الجميلة.

ومن المنتظر أن يكون رمضان هذا العام ليس مجرد موسم درامي، بل رحلة عبر الزمن إلى الرياض في السبعينات، حيث لكل حي حكاياته الخاصة التي تستحق أن تروى، من «شارع الأعشى» إلى «الشميسي» مروراً بالمسلسل الذي سبق عرضه «العاصوف» الذي كان هو الآخر قد تناول بجزئه الأول فترة مفصلية عاشتها الرياض في السبعينات، من طفرة اقتصادية غيّرت وجه المدينة، إلى لحظات مفصلية انعكست على تفاصيل الحياة الاجتماعية.

وما يجمع هذه الأعمال هو قدرتها على إعادة إحياء الرياض القديمة، بمشاهدها وأصواتها وحكاياتها، ما بين الحنين إلى الماضي والانجذاب نحو المستقبل.


مقالات ذات صلة

تركي اليوسف: أنا انتقائي… لذا ترقبني الجمهور في «شارع الأعشى»

يوميات الشرق تركي اليوسف ضيف شرف في شارع الأعشى (شاهد)

تركي اليوسف: أنا انتقائي… لذا ترقبني الجمهور في «شارع الأعشى»

يندر أن يتساءل الجمهور بتعطّش عن توقيت ظهور ممثل أثناء مشاهدة عمل درامي، بيد أن الفنان السعودي تركي اليوسف استطاع أن يثير هذا الفضول

إيمان الخطاف (الدمام)
الخليج ولي العهد السعودي لدى استقباله أمراء المناطق بقصر السلام في جدة مساء الأربعاء (واس)

ولي العهد السعودي ينوّه بجهود أمراء المناطق لتحقيق التنمية الشاملة

استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بقصر السلام في جدة أمراء المناطق، ونوّه بجهودهم لخدمة البلاد والمواطنين والمقيمين.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض مبانٍ تهدمت جراء غارة إسرائيلية على غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

«اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» تدين غارات إسرائيل على غزة 

أعربت «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية المشتركة» عن إدانتها واستنكارها الغارات التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (واس)

فرنسا وبريطانيا تشيدان باستضافة السعودية الحوار الأميركي - الروسي

أشادت فرنسا وبريطانيا بدور السعودية المهم في استضافة الحوار الأميركي - الروسي، ورعايتها المباحثات الخاصة بحل الأزمة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف في جدة الأربعاء (واس)

ولي العهد السعودي ورئيس وزراء باكستان يبحثان التطورات الإقليمية والدولية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع محمد شهباز شريف رئيس الوزراء الباكستاني، تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.

«الشرق الأوسط» (جدة)

تركي اليوسف: أنا انتقائي… لذا ترقبني الجمهور في «شارع الأعشى»

يميل اليوسف للأعمال التراثية ويعتقد أنها بحاجة لإنتاج عالي المستوى (الشرق الأوسط)
يميل اليوسف للأعمال التراثية ويعتقد أنها بحاجة لإنتاج عالي المستوى (الشرق الأوسط)
TT

تركي اليوسف: أنا انتقائي… لذا ترقبني الجمهور في «شارع الأعشى»

يميل اليوسف للأعمال التراثية ويعتقد أنها بحاجة لإنتاج عالي المستوى (الشرق الأوسط)
يميل اليوسف للأعمال التراثية ويعتقد أنها بحاجة لإنتاج عالي المستوى (الشرق الأوسط)

يندر أن يتساءل الجمهور بتعطّش عن توقيت ظهور ممثل أثناء مشاهدة عمل درامي، بيد أن الفنان السعودي تركي اليوسف استطاع أن يثير هذا الفضول، خلال مشاركته بمسلسل (شارع الأعشى) رغم قلة وتباعد مشاهده في شخصية «أبو فهد»، وفي كل حلقة، كان الجمهور يتساءل: «متى سيظهر تركي اليوسف؟»، ما يعكس ترقب الجمهور له.

يصف اليوسف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» دوره في العمل بأنه «مشاركة استثنائية»، أراد من خلالها دعم الوجوه الجديدة المشاركة في (شارع الأعشى). وكشف أنه كان منشغلاً حينها بتصوير مسلسله المقبل (أمي)، لكن إصرار «MBC» على مشاركته في العمل دفعه للقبول. وأضاف: «أنا ضيف شرف في المسلسل، لكن لم يُذكر ذلك في التتر ليكون نوعاً من التشويق لظهوري، وقد تابعت تساؤلات الجمهور حولي، وهذا ما أسعدني أكثر».

تركي اليوسف في شخصية أبو فهد في شارع الأعشى (MBC)

شخصية «أبو فهد»

يقدم اليوسف في المسلسل شخصية «أبو فهد»، الرجل المزواج، البسيط، الذي يتعامل مع الحياة بسعة صدر، وبسؤاله عن مدى تقاطعه مع هذه الشخصية يقول: «لا تشبهني أبداً، إلا أنني سعيد جداً بالأوصاف التي ذكرتها حول الشخصية، فهي تحديداً ما قصدته في أبو فهد، فهو رجل لا نستطيع الحكم عليه بأنه سلبي أو إيجابي، لكنه رجل رأيته على أرض الواقع، وعايشت من يشبهه».

ومن بعد الحلقة الـ18 من مسلسل (شارع الأعشى) أصبح تأثير تركي اليوسف واضحاً في العمل، بعد زواجه من عزيزة (لمى عبد الوهاب) التي تعد الشخصية الرئيسة في القصة، وهو زواج شهد تحديات كبيرة بالنظر للفارق العمري الكبير بينهما، مما يجعل الأحداث تنتقل لمسار جديد، وهنا يقول اليوسف «سيتعرض أبو فهد لجرح معين، وسينظلم ويقف الناس ضده».

تركي اليوسف ضيف شرف في شارع الأعشى (شاهد)

انتقائية فنية

ويبدي اليوسف دهشته من الأصداء الإيجابية العالية تجاه (شارع الأعشى)، حيث يتصدر قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة في السعودية وعدة دول عربية على منصة «شاهد». قائلاً: «رغم أنني لم أستطع تقديم بطولة في رمضان هذا العام كما هو معتاد، فإنني شعرت بمدى حرص الجمهور على وجودي... هذا التفاعل يجعلني أقدّر أكثر ارتباط الجمهور بي، خاصة بعد سنوات طويلة من العمل الفني».

وربما تطرح هذه التساؤلات احتمالية أن يكون تركي اليوسف مُقلاً في أعماله، وبسؤاله عن ذلك يقول: «بعد هذه التجربة الطويلة أصبح لدي نوع من الانتقائية، ولو كنت حاضراً في كل عمل فلا أعتقد أنني سأكون بهذه الصورة في عين الجمهور»، ولمح إلى قلة النصوص الجيدة، وارتفاع سقف خياراته، مشيراً إلى أن مجموعة من أعماله ما زالت محفورة في ذاكرة الناس، مثل (دمعة عمر) و(حياة ثانية) و(سوق الدماء)، مبيناً أنه لا يجد مثل هذه الأعمال الجيدة من حيث النص، والإنتاج، والإخراج، والممثلين، ونحو ذلك.

الأعمال التراثية

وبسؤاله عن مدى ارتباطه بالأعمال التراثية والتي تعود لحقبة زمنية قديمة، يجيب «أعشقها لأنها جزء من تراثي، ولكن دائماً التحدي يكمن في النص الجيد وكيفية تقديمه، إلا أنه في حال تواكبت الظروف بشكل ممتاز كما فعلت (MBC) في (شارع الأعشى) فإن النتائج مرضية... وأرجو أن تكون هناك كثافة في الأعمال المستلهمة من تراثنا السعودي».

اليوسف يعد الجمهور بتحولات صادمة في الحلقات المقبلة من المسلسل (الشرق الأوسط)

الوجوه الجديدة

وحول الوجوه الجديدة المشاركة في (شارع الأعشى)، يرى اليوسف أن كل الشباب أدوا أدوارهم بشكل جيد ولافت، مشيداً ببراء عالم الذي يراه أتقن اللهجة النجدية، ولمى عبد الوهاب بدور (عزيزة) وآلاء سالم بدور (عواطف)، وعبد الرحمن نافع بدور (ضاري) وكذلك باسل الصلي بدور (متعب)، ويضيف «كانوا مميزين وواعدين، وبطبيعة الحال فإن المملكة ولادة للمواهب، هؤلاء الشباب ينتظرون فقط الفرصة المناسبة لنراهم نجوم المستقبل».

شخصية صادمة

وفي ختام حديثه، كشف تركي اليوسف عن تفاصيل مسلسله الجديد (أمي)، الذي سيتم عرضه بعد العيد، قائلاً: «جسدت أبشع شخصية ممكن أن تُجسد في الدراما العربية، ولكنها شخصية جميلة درامياً، ودور جديد لإنسان يحمل عقداً منذ طفولته، وتعرض لعذابات عدة، مما جعل منه شخصية لا تُطاق تقريباً». ويضيف: «أشعر بأن جهازي العصبي تعب أثناء تأدية هذه الشخصية، وهو أمر نادراً ما يحدث معي، وربما لأن مسلسل (أمي) طويل، حيث شعرت بإرهاق كبير من هذه التجربة، فهي شخصية صادمة وقاسية».

وعاد اليوسف ليتناول (شارع الأعشى) الذي اعتبره استثناء في الدراما السعودية المقدمة خلال السنوات الأخيرة، مع كونه يأتي عن رواية الدكتورة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى»، التي يصفها بالكاتبة المبدعة، وأضاف: «أعتقد أن من واجبي بوصفي فناناً أن أكون حاضراً ما بين فترة وأخرى في مثل هذه الأعمال، وخاصة التراثية منها، والتي من النادر أن يتم إنتاجها بشكل جيد، وهو ما تحقق في (شارع الأعشى)».