المخرجة اللبنانية إليان الراهب: لا أحب الأفلام الروائية

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن أعمالها الوثائقية تحمل طابعاً سياسياً

إليان أغلقت الأدراج على مشروعات أفلامها (الشرق الأوسط)
إليان أغلقت الأدراج على مشروعات أفلامها (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة اللبنانية إليان الراهب: لا أحب الأفلام الروائية

إليان أغلقت الأدراج على مشروعات أفلامها (الشرق الأوسط)
إليان أغلقت الأدراج على مشروعات أفلامها (الشرق الأوسط)

قالت المخرجة اللبنانية إليان الراهب، إن أعمالها الوثائقية تحمل طابعاً سياسياً، وإن الأفلام الوثائقية قامت بالتأريخ للحرب الأهلية، مؤكدة، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد فيلم غير سياسي، فالأفلام كلها تُعدّ سياسيةً بشكل أو بآخر». ولفتت إلى أن السينما اللبنانية تعاني بشدة، مشدَّدة على رفضها تقديم أفلام روائية؛ لعدم رغبتها في التعامل مع نجوم يعتقدون أنهم أهم شيء في الفيلم.

وتشارك المخرجة اللبنانية بـ«مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» بمصر للمرة الرابعة، وقد بلغ رصيدها السينمائي 8 أفلام وثائقية، ويعرض فيلمها «ليالي بلا نوم» حالياً عبر منصة «نتفليكس». وحول فيلم «ليالي بلا نوم» الذي يتناول قصة محارب سابق خاض الحرب الأهلية اللبنانية ويقوم بمراجعة لحياته تقول: «أردت تفكيك مواقف محارب سابق يقوم بمراجعة نفسه، ويروي قصته للشباب؛ لتوعيتهم بمخاطر الحرب حتى لا يكرروا أخطاءه».

المخرجة اللبنانية إليان الراهب أمام ملصق مهرجان الإسماعيلية (الشرق الأوسط)

ورغم حصول أحدث أفلامها «أعنف حب» على جائزة «تيدي» من مهرجان برلين في دورته الـ71، فإنها اضطرت لعرضه سراً في بيروت، مبررة ذلك بالقول: «كنت أعرف أن كثيرين لن يرحِّبوا به في لبنان وبعض الدول العربية، فهو فيلم جريء؛ لذا قمت بعرضه بصالة خاصة سراً، ودعوت عدداً محدوداً لمشاهدته، وهو عن لبناني عاش تجربة عنف في طفولته خلال الحرب الأهلية، بعدها هاجر إلي إسبانيا وعاش بهوية ثانية، وأنا أحببت أن أعيده للبنان، واستطاع أن يخرج من حالته بعدما نجح في أن يحكي قصته بكل حرية، والفيلم عُرض في تونس 5 مرات ولقي اهتماماً كبيراً، كما عُرض في كثير من المهرجانات».

تعدّ إليان ابنة الحرب؛ لذا عايشتْ ورصدتْ أفلامُها الحالةَ السياسية ليس في لبنان فقط بل في دول عربية أيضاً، مؤكدة أنه «لا يوجد فيلم غير سياسي، وإنما قد تأتي السياسة بشكل مباشر أو غير مباشر». وفي فيلمها «قريب بعيد» اتخذت من استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة منطلقاً لتحكي كيف تأثر الأطفال العرب باستشهاده، وكيف صاروا أكثر ارتباطاً بالقضية الفلسطينية. وعن فيلم «هيدا لبنان» الذي صوَّرته عقب مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري 2005 تقول: «تناولت الحراك الذي صار بتغيير حقبة معينة في تاريخ لبنان، من موضوعات الانتخابات، والعائلات، والطائفية، ومحاولة التمرد على السلطة الأبوية».

خلال مشاركتها بندوة في مهرجان الإسماعيلية (الشرق الأوسط)

وتعارض إليان مبدأ الهجرة خارج لبنان؛ لذا صوَّرت فيلمها «مَيل يا غُزيل» في بلدة عكار على الحدود السورية، كما تقول. وتدور أحداثه حول فلاح يبني بنفسه مملكته ليقيم بيتاً ومطعماً في وقت شهد حركة هجرة واسعة بين اللبنانيين، ليقدم هذا الفلاح وجهاً آخر للبنانيين الذين يتمسَّكون بالبقاء، مؤكدة أن «فكرة الفيلم بسيطة، لكن يوجد خلفها معنى فلسفي كبير». وتضيف: «شخصياً، لم أفكر في الهرب؛ لأننا السينمائيين يجب أن نروي قصصاً تسهم في تغيير المجتمع الذي نعيش فيه وتكون هذه القصص نابعةً منه، كما أن أوروبا لا تمنح أحداً الإقامة على طبق من فضة. قد أعيش بشكل أفضل، لكن بالنسبة للعواطف والأصدقاء والانتماء لهويتي لا أجدها سوى في بلدي».

وإلى جانب عملها مخرجةً، تقوم إليان بتدريس السينما في «الجامعة اليسوعية» كما تُدير مهرجان «أيام بيروت» ومهرجان «ريف» المختص بأفلام البيئة والريف، الذي يذهب بعروض أفلامه لكل مناطق الريف اللبناني، كما أنها عضو مؤسس بمنصة «أفلامنا» (بيروت دي سي سابقاً). وحول وضع السينما اللبنانية تقول: «لا توجد لدينا وزارة ثقافة تكون مسؤولة عن السينما، ولا يوجد دعم من أي نوع، وكل صانع فيلم مسؤول عن فيلمه بشكل ذاتي، لذا قد يستغرق الفيلم الواحد 10 سنوات حتى يرى النور».

يُقدِّم بعض المخرجين في بداية مشوارهم الفني أفلاماً وثائقية، ثم يتجهون للأفلام الروائية، لكن إليان الراهب لن تفعل ذلك أبداً مثلما تقول: «لا أحب الأفلام الروائية ولا أحب التعامل مع الممثلين الذين يعتقدون أنهم أهم شيء في العمل. نحن ليس لدينا (ستار سيستم) مثل مصر». وتتابع: «ورغم أنني جمعت في أفلامي بين التوثيقي والروائي، فإن المشاركين كانوا يؤدون أدوارهم كما هي في الواقع، وقد جاء ذلك ليخدم العمل الوثائقي، وعلى مدى الـ10 سنوات الأخيرة استطاع الفيلم الوثائقي أن يكون الأكثر نجاحاً في السينما العربية عبر أفلام شاركت بالمهرجانات العالمية».

ومنذ حربَي غزة ولبنان، أغلقت المخرجة اللبنانية دفاترها ومشروعات أفلامها لتعيشَ أزمةً حقيقيةً على أرض الواقع، وعن ذلك تقول: «لم أعد أعرف ما الذي نقوله للناس وهم يعيشون الواقع بكل وحشيته ولا يوجد أحد قادر على عمل شيء، نحن المخرجين كيف نصنع أفلاماً في ظل حرب وحشية خيالية، لو شاهدناها بفيلم سنقول هذا فيلم خيالي، وما الذي لديّ لأقوله، فكل شيء يحدث على مرأى من الجميع. إنني أعيش أزمةً وجوديةً، لا أرى أي مستقبل واضح، رغم أنني شخص إيجابي، ولا أريد أن أسبب إحباطاً لأحد».


مقالات ذات صلة

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

يوميات الشرق إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

جدّد حديث المخرج المصري عمرو سلامة عن الفنان المصري الراحل إسماعيل ياسين خلال حضوره ضيفاً على «ليك لوك 3» أزمة انتقاد رموز الفن المصري.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)

«سيد الناس» في مرمى الانتقادات لفرط «الشتائم» والألفاظ الجريئة

لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
TT

«سيد الناس» في مرمى الانتقادات لفرط «الشتائم» والألفاظ الجريئة

لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

فجرت الجمل الحوارية بمشاهد مسلسل «سيد الناس» انتقادات جمهور ومتابعي «السوشيال ميديا» التي انتشرت عبر صفحاتها مقاطع من المسلسل تظهر «لغة حوار مفعمة بالجرأة والصياح والشتائم»، بالإضافة إلى تداول صور لأبطال المسلسل تُظهرهم وهم في حالة غضب وصياح. إذ عَدَّ منتقدو العمل هذه اللقطات المجمعة خير دليل عن الحالة العامة التي ينتهجها المسلسل.

وحذَّر متابعون من تأثير «الحوارات العنيفة» التي تتضمَّن ألفاظاً نابية وشتائم على الأطفال، وسط مطالبات بعضهم بوقف عرض المسلسل الذي يقوم ببطولته عمرو سعد أمام مجموعة كبيرة من الفنانين من بينهم إلهام شاهين، وأحمد زاهر، وأحمد رزق، وخالد الصاوي، وبشرى، وريم مصطفى، وإنجي المقدم، ومنة فضالي، وأحمد فهيم، ونشوى مصطفى، وملك زاهر، ومحمود قابيل، وقصة وإخراج محمد سامي وسيناريو وحوار «ورشة قلم».

وتدور أحداث المسلسل في إطار دراما شعبية من خلال «الجارحي أبو العباس»، الذي يؤدي دوره عمرو سعد، والذي تنقلب حياته بعد وفاة والده فيجد نفسه أمام ثروة ضخمة وماضٍ مظلمٍ، ويصبح كذلك محاطاً بأعداء لا يرحمون، ما يدخله في صراعات ومعارك عديدة محفوفة بالمخاطر.

عمرو سعد بطل المسلسل (حسابه على فيسبوك)

وشهد موقع «فيسبوك» رفضاً كبيراً لتجاوزات المسلسل، وكتب حساب باسم «محمد عاطف» أن «قصة المسلسل خرجت من فانتازيا المواقع الإباحية، لزوج يخون زوجته مع زوجة شقيقها أمامها».

فيما كتب إسلام أغا أن مسلسل «سيد الناس يثير الاشمئزاز»، مشيراً إلى أن «الحوار في العمل الفني يجب أن يكون مستوحى من الواقع، وألا يكون نقلاً حرفياً له، وأن الحوار الذي يحتوي على ألفاظ خارجة يفقد تأثيره الفني ويصبح ثقيلاً على المشاهدة؛ لأنه ليس فناً بل نقل للواقع»، قائلاً إن «هذا المسلسل ينقل أسوأ ما في الواقع».

في حين كتب حساب باسم أبو هاشم الهاشمي عبر منصة «إكس» أن حلقة أمس من «سيد الناس» نالت سخط كل المصريين بالكلام البذيء والذبح والسكاكين والخيانة الزوجية، متسائلاً كيف سمحت الرقابة بها؟وتُبدي الناقدة خيرية البشلاوي حزنها على ما وصل إليه مستوى بعض الأعمال الدرامية، مؤكدة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الفن عادة يشد المجتمع لأعلى، ويخلق نوعاً من الرَّهافة في المشاعر حتى لو كان يطرح واقعاً خشناً؛ لأن ليس من الواقع أن نقدم دراما مليئة بالتدني والألفاظ السوقية لتكون واقعية».

وتضيف: «الفن إذا لم يرتقِ بذائقة الناس الفنية ويحترم نسق القيم السائدة فلا يستحق أن يكون فناً، لذا نحن لدينا أوجاع اجتماعية في صناعة الدراما، وهناك إحساس بالدونية يسيطر على بعض الكُتَّاب والمخرجين يجعلهم يقدمون نماذج منحطة، فالنساء اللاتي يقدمنها في المسلسلات تجلب العار. فليس هؤلاء كل النساء المصريات، وهم يعتقدون أن طرح النماذج المنحطة هو ما يحقِّق الجاذبية لأعمالهم، لافتة إلى أن هناك مناخاً عاماً يسيطر على صناعة الدراما بعدم تقديم دراما السِّيَر الذاتية، وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية الناجحة».

الملصق الدعائي لمسلسل «سيد الناس» (الشركة المنتجة)

وعدَّ د. حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس، أن الدراما بالغة التأثير على المشاهد، وأن شهر رمضان يشهد زخم هذه المسلسلات مثلما يقول لـ«الشرق الأوسط» إن صُنَّاع هذه الأعمال يجب أن يكونوا على وعي باحترام الطابع الروحاني لهذا الشهر، وإن أي كلمة أو مشهد خارج يكون له تأثير سلبي على المتلقي. مضيفاً أن الأعمال الدرامية في الماضي كانت تحترم القيم الدينية والاجتماعية، بيد أن بعض صُنَّاع الدراما الآن يعتقدون أن هذه الألفاظ والمشاهد تجذب الجمهور من دون أي وازع لتأثيرها السَّلبي على المجتمع، وعلى النشء الذين يُردِّدونها مثل أبطالها.