مصر تعول على «المتحف الكبير» لتعزيز «قواها الناعمة»

ترمب أحدث المدعوين بعد زعماء آيرلندا والنرويج والدنمارك

المتحف المصري الكبير أهم مشروع سياحي مصري في القرن الـ21 (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير أهم مشروع سياحي مصري في القرن الـ21 (الشرق الأوسط)
TT

مصر تعول على «المتحف الكبير» لتعزيز «قواها الناعمة»

المتحف المصري الكبير أهم مشروع سياحي مصري في القرن الـ21 (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير أهم مشروع سياحي مصري في القرن الـ21 (الشرق الأوسط)

تواصل مصر استعداداتها المكثفة لتنظيم حفل افتتاح باهر لـ«المتحف الكبير»، في 3 يوليو (تموز) المقبل، مُعوّلة على إسهام المتحف في تعزيز «قواها الناعمة».

وفي حين تعكف لجنة مُشكّلة من مجلس الوزراء المصري على إعداد سيناريو الاحتفال، تواصل مصر الرسمية توجيه الدعوات لزعماء العالم وقادته. وفي هذا السياق، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء السبت، الدعوة للرئيس الأميركي دونالد ترمب للمشاركة في افتتاح «المتحف الكبير»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي.

وكان الرئيس السيسي قد دعا، خلال جولته الأوروبية الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كلاً من سايمون هاريس رئيس الوزراء الآيرلندي، وهارلد الخامس ملك النرويج، وفريدريك العاشر ملك الدنمارك، لحضور حفل افتتاح «المتحف الكبير».

ويقع المتحف المصري الكبير في ميدان الرماية بالقرب من أهرامات الجيزة (غرب القاهرة)، على مساحة 117 فداناً، ويعرض للمرة الأولى المقتنيات الكاملة للفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة أثرية.

مصر تراهن على «المتحف الكبير» في تعزيز قوتها الناعمة (الشرق الأوسط)

الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «(المتحف الكبير) هو جزء مهم من قوة مصر الثقافية، وله تأثير على مكانتها ليس سياحياً فقط، بل سياسياً أيضاً؛ كونه نتاجاً للقوة الناعمة».

وعدّ عبد البصير المتحف «أعظم مشروع ثقافي في القرن الـ21»، مشيراً إلى أن «الجميع ينتظر افتتاحه؛ كونه يُمثّل أحدث نسخة من المتحف المصري في التحرير، كما أنه يرتبط بمنطقة الأهرامات التي تضمّ هرم خوفو، العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع». وتابع أن «(المتحف الكبير) و(متحف الحضارة) ومنطقة الأهرامات تشكل معاً مثلث السياحة المصرية، فـ(المتحف الكبير) يتفرّد بعرض كنوز توت عنخ آمون، في حين يستضيف (متحف الحضارة) المومياوات الملكية».

وفي نهاية ديسمبر الماضي، قال الرئيس المصري إن «كبرى الدّول طلبت حضور حفل افتتاح (المتحف الكبير)». وأضاف خلال زيارة تفقدية إلى مقر أكاديمية الشرطة، أن «(المتحف الكبير) سيكون علامة في تاريخ المتاحف ليس فقط على مستوى مصر»، مشيراً إلى أنه «أكبر متحف لحضارة واحدة، وهي الحضارة الفرعونية».

رأس تمثال (الشرق الأوسط)

وقال الرئيس السيسي: «افتُتح المتحف جزئياً، ويجري اختبار الأنظمة، وإجراء افتتاح رسمي يليق به»، مؤكداً أن «الدولة بذلت جهوداً ضخمة في المناطق المحيطة بالمتحف، وإنشاء شبكة طرق حوله».

وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدأت مصر تشغيلاً تجريبياً جزئياً لـ«المتحف الكبير» لا يتضمن الجناح الرئيسي المخصص لعرض مقتنيات الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.

من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لـ«المتحف الكبير» الدكتور أحمد غنيم، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستعدادات مستمرة لتجهيز احتفالية باهرة لافتتاح «المتحف الكبير» في 3 يوليو المقبل.

«المتحف الكبير» يتميز بقربه من الأهرامات (الشرق الأوسط)

وكان غنيم قال في تصريحات متلفزة الأسبوع الماضي: «تُعدّ حالياً سيناريوهات مقترحة لحفل افتتاح (المتحف الكبير) الذي قد يمتد إلى أكثر من يوم».

والأسبوع الماضي عقد رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي اجتماعاً لاستعراض التجهيزات الجارية لاحتفال افتتاح «المتحف الكبير»، بحضور طارق نور رئيس مجلس إدارة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، وعدد من مسؤولي الشركة. وقال مدبولي إن «حفل الافتتاح فرصة عظيمة للترويج لكل المشروعات التي نفذتها الدولة خلال الفترة الماضية، وما حدث من نقلة نوعية في البنية الأساسية، وغيرها. كما أنه فرصة لجذب أكبر عدد من السياح الوافدين».

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري أكد في مؤتمر صحافي، الشهر الماضي، أن «فعالية افتتاح (المتحف الكبير) ستكون شيئاً يرقى لأهمية هذا الصرح العالمي الذي يُعدّ أكبر متحف على مستوى العالم».

وتتولى «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» مسؤولية إعداد حفل الافتتاح بالكامل، وسبق أن نظمت الشركة حفل موكب المومياوات الملكية، وحفل افتتاح طريق الكباش في الأقصر.

إحدى قاعات العرض الأثري بالمعرض (الشرق الأوسط)

وكانت مصر تخطط لافتتاح المتحف في منتصف عام 2020، في «حفل باهر بحضور قادة وزعماء العالم»، لكن الافتتاح تأجل بسبب جائحة «كوفيد- 19»، ثمّ تأجل مرة أخرى بسبب التطورات الجيوسياسية في المنطقة وحرب غزة.

وأكد عبد البصير «أهمية ما تم من تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، وربط مبنى المتحف مع منطقة الأهرامات في تسهيل الزيارة السياحية»، وقال إن «المتحف هدية مصر للعالم، ويضمّ مقتنيات وكنوزاً تعرض بأحدث أساليب العرض المتحفي؛ ما يجعله أداة من أدوات القوة الناعمة للبلاد»، متوقعاً أن «يدفع المتحف لزيادة معدّلات السياحة». وأضاف أن «المتحف سيكون مزاراً عالمياً على غرار (ديزني لاند)».

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدّلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031، ورهنت تحقيق ذلك بعدم حدوث «متغيرات جيوسياسية جديدة في المنطقة»، وفق تعبير شريف فتحي وزير السياحة والآثار المصري. واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024؛ ما يُعدّ أعلى رقمٍ تحققه البلاد في تاريخها.

المتحف من الخارج (الشرق الأوسط)

وقال مدبولي في إفادة رسمية مطلع الشهر الحالي: «لولا الاضطرابات الإقليمية التي تحيط بمصر لارتفع هذا الرقم إلى 18 مليون سائح».

ويعود تاريخ إنشاء المتحف إلى عهد وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني الذي وضع حجر الأساس في عام 2002. ولاستكمال تكلفة المتحف التي كانت تبلغ في بداية المشروع نحو 550 مليون دولار، حصلت مصر على قرض ميسّر من اليابان بقيمة 300 مليون دولار. وتعرقل تنفيذ المشروع بسبب أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وزادت تكلفة الإنشاء، فتم زيادة القرض الياباني.


مقالات ذات صلة

العثور على كتاب مجلد بجلد بشري في مكتبة متحف بريطاني

يوميات الشرق يعتقد موظفو المتحف أن غلاف وزوايا هذا الكتاب مصنوعة باستخدام جلد القاتل ويليام كوردر في القرن الـ19 (بي بي سي)

العثور على كتاب مجلد بجلد بشري في مكتبة متحف بريطاني

سيُعرض كتابٌ مُجلّدٌ بجلدٍ بشريٍّ لأحد أشهر القتلة في المملكة المتحدة بعد العثور عليه في مكتبة أحد المتاحف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إحدى مراحل إنشاء المتحف المصري الكبير (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

مصر تسابق الزمن للانتهاء من تحسين الصورة البصرية لمحيط المتحف الكبير

تسابق مصر الزمن للانتهاء من مشروع تحسين الهوية البصرية للمنطقة المحيطة بالمتحف الكبير، قبل افتتاحه المقرر بعد نحو 3 أشهر، في 3 يوليو 2025.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تدرّج رمزي ملاط في محاولة قراءة المجتمع من النظرة المبسّطة إلى التعقيد (الشرق الأوسط)

العين الزرقاء وأسئلة لبنان الصعبة في معرض رمزي ملاط البيروتي

شغلت الفنان اللبناني رمزي ملاط استفسارات مُرهِقة، مثل «كيف نتعاطى مع الريبة والمجهول؟». شعر بالحاجة إلى ملء فراغات الفَهْم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق سيدات في سيارة... من صور المعرض (المتحف الوطني للتاريخ الأميركي)

معرض صور عن أميركا التي لا يحبّ ترمب رؤيتها

يقدّم «فوتوغراف أميركي» 200 صورة لعدد من أساطير فنّ الفوتوغراف، تمثّل جوانب من الحياة الاجتماعية منذ أواخر القرن الـ19 حتى اليوم.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
يوميات الشرق جانب من المعرض الأثري (متحف الحضارة)

معرض أثري يحتفي بالمرأة المصرية «أيقونة الصمود» عبر العصور

يضمّ المعرض مجموعة متميّزة من مقتنيات المتحف القومي للحضارة المصرية، يُعرض بعضها للجمهور للمرة الأولى، ويُقدّم لمحة عن مكانة المرأة المصرية ودورها الفعّال.

محمد الكفراوي (القاهرة )

الصين تنافس بالروبوتات الشبيهة بالبشر في سباق نصف الماراثون للمرة الأولى

في أثناء تقليد الروبوت الفائز «تيانغونغ ألترا» بالميدالية الذهبية (أ.ب)
في أثناء تقليد الروبوت الفائز «تيانغونغ ألترا» بالميدالية الذهبية (أ.ب)
TT

الصين تنافس بالروبوتات الشبيهة بالبشر في سباق نصف الماراثون للمرة الأولى

في أثناء تقليد الروبوت الفائز «تيانغونغ ألترا» بالميدالية الذهبية (أ.ب)
في أثناء تقليد الروبوت الفائز «تيانغونغ ألترا» بالميدالية الذهبية (أ.ب)

انضم واحد وعشرون روبوتاً شبيهاً بالبشر إلى آلاف العدائين في نصف ماراثون ييتشوانغ في بكين يوم السبت، وهي المرة الأولى التي تتسابق فيها هذه الآلات إلى جانب البشر على مسار طوله 21 كيلومتراً (13 ميلاً)، حسب صحيفة «الغارديان».

جاءت الروبوتات من شركات صينية؛ مثل: شركة «درويد في بي»، و«نويتيكس روبوتيكس» بجميع الأشكال والأحجام، بعضها أقصر من 120 سم (3 أقدام و9 بوصات)، والبعض الآخر بطول 1.8 متراً (5 أقدام و9 بوصات). وتفاخرت إحدى الشركات بأن روبوتها يبدو بشرياً تقريباً، بملامح أنثوية وقدرة على الغمز والابتسام. وقد اختبرت بعض الشركات روبوتاتها لعدة أسابيع قبل السباق، ووصف المسؤولون في بكين هذا الحدث بأنه أقرب ما يكون من سباق السيارات، نظراً إلى الحاجة إلى فرق الهندسة والملاحة.

وقال أحد الحضور، ويُدعى «هي سيشو»، الذي يعمل في مجال الذكاء الاصطناعي: «تعمل الروبوتات بشكل جيد جداً ومستقر للغاية. أشعر أنني أشهد تطور الروبوتات والذكاء الاصطناعي».

رافق الروبوتات مدربون من البشر وكان على بعضهم دعم الآلات جسدياً في أثناء السباق (رويترز)

رافق الروبوتات مدربون من البشر، وكان على بعضهم دعم الآلات جسدياً في أثناء السباق. ارتدى عدد قليل من الروبوتات أحذية الجري، وارتدى أحدهم قفازات الملاكمة، في حين ارتدى آخر عصابة رأس حمراء مكتوباً عليها عبارة «ملزم بالفوز» باللغة الصينية.

كان الروبوت الفائز هو الروبوت «تيانغونغ ألترا»، من مركز بكين للابتكار في الروبوتات البشرية، بزمن قدره ساعتان و40 دقيقة. أما الفائز في سباق الرجال فكان زمنه ساعة ودقيقتَيْن. وتعود ملكية 43 في المائة من أسهم المركز إلى شركتَيْن مملوكتَيْن للدولة، في حين أن فرع الروبوتات التابع لشركة «شاومي» التكنولوجية العملاقة رفقة شركة «يو بي تك» للروبوتات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات البشرية تمتلكان حصتَيْن متساويتَيْن من الأسهم المتبقية.

قال كبير مسؤولي التكنولوجيا في مركز الروبوتات، تانغ جيان، إن أداء الروبوت «تيانغونغ ألترا» كان مدعوماً بأرجله الطويلة وخوارزمية تسمح له بمحاكاة كيفية ركض البشر في الماراثون. وقال تانغ: «لا أريد أن أتباهى، ولكنني أعتقد أنه لا توجد شركات روبوتات أخرى في الغرب قد حققت إنجازات تماثل روبوت (تيانغونغ) الرياضية»، مضيفاً أن الروبوت قام بتبديل البطاريات ثلاث مرات فقط خلال السباق. ولم يمر السباق دون مشكلات؛ حيث سقط أحد الروبوتات عند خط البداية، واستلقى على الأرض لبضع دقائق قبل أن ينهض وينطلق. واصطدم روبوت آخر بحاجز حديدي بعد أن ركض بضعة أمتار، مما تسبب في سقوط مشغله البشري.

هي المرة الأولى التي تتسابق فيها هذه الآلات إلى جانب البشر على مسار طوله 21 كيلومتراً (إ.ب.أ)

على الرغم من ظهور الروبوتات الشبيهة بالبشر في سباقات الماراثون في الصين خلال العام الماضي، فإن هذه هي المرة الأولى التي تتسابق فيها الروبوتات جنباً إلى جنب مع البشر. وتأمل الصين أن يساعد الاستثمار في الصناعات الرائدة، مثل الروبوتات، في خلق محركات جديدة للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، يتساءل بعض المحللين فيما إذا كان دخول الروبوتات في سباقات الماراثون يمكن اعتباره مؤشراً موثوقاً على إمكاناتها الصناعية.