د.جوليان رابي: البينالي تجربة روحانية تمس القلب والعقل

القيّم الفني على جناح «البداية» في بينالي الفنون الإسلامية بجدة

الدكتور جوليان رابي (مؤسسة بينالي الدرعية)
الدكتور جوليان رابي (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT
20

د.جوليان رابي: البينالي تجربة روحانية تمس القلب والعقل

الدكتور جوليان رابي (مؤسسة بينالي الدرعية)
الدكتور جوليان رابي (مؤسسة بينالي الدرعية)

الدكتور جوليان رابي، أحد المديرين الفنيين للبينالي والقيّم على قاعة البداية، تحدث إلى «الشرق الأوسط» حول أهم القطع فيه ومدلولاتها.

يقول في البداية: «لم أقم بإحصاء القطع المعروضة (في البداية)، فالأهمية تكمن ليس في عدد القطع بل في العلاقات بينها. كيف يمكننا أن نُحصي قطعة مثل الكسوة؟ لا تنطبق الأرقام هنا. هي خارج الأرقام».

ويضيف: «أردنا تقديم قطع تعبر عن أفكار، ومن ناحية أخرى الجمع بين قطع لها قدسية خاصة في مكان واحد، وهو أمر صعب تقديمه في معرض. أن نعرض قطعاً كاملة من الكسوة هو أمر فائق يجعلنا نفكر فيما خلف القطع، في المقدّس حولنا الذي لا نستطيع رؤيته أو وصفه، وهنا يصبح الأمر كله معتمداً على الإحساس».

أسأله إن كان ينصح الزائر بمحاولة التغلب على الأحاسيس لمحاولة فهم علاقات القطع؟ فيجيب: «لا أريد للزائر أن يتغلب على قوة الشعور والأحاسيس التي تبعثها فيه القطع الضخمة، أرى أن العاطفة هي أهم عنصر في الزيارة، المشكلة في المتاحف والمعارض المعتادة أنها تركز أكثر على المعلومات، بالنسبة إلى التأثير العاطفي فهو يعمل بطريقتين؛ يساعد على فهم المعلومات المرتبطة على نحو أكبر من أي شيء آخر، وإن كانت المشاعر فقط هي ما يجنيه الزائر من معاينة القطع فهذا أمر يستحق الاعتزاز».

كسوة الكعبة محط الأنظار في جناح «البداية» ببينالي الفنون الإسلامية بجدة (الشرق الأوسط)
كسوة الكعبة محط الأنظار في جناح «البداية» ببينالي الفنون الإسلامية بجدة (الشرق الأوسط)

ويستطرد قائلاً: «قال لي أحد الأشخاص إنه بكى لرؤية الكسوة، وهو رد فعل لا نربطه عادةً بالزيارة المتحفية، ففي المتاحف نتحكم في عواطفنا خلال رؤية القطع التاريخية، ولكني أشعر بقوة أن الكسوة والمعروضات الأخرى في قاعة المدينة المنورة تتجاوز ذلك».

ويصف العرض بالتجربة الروحانية التي تمس القلب والعقل، ويأخذنا الوصف إلى الحديث عن كسوة الكعبة وطريقة عرضها التي جذبت زوار البينالي بجُمَلها وروحانيتها. يقول: «كانت هناك حوارات مع فريق المصممين لتحديد طريقة العرض، كنا متفقين على أن عرض الكسوة بالشكل المربع الطبيعي لها كان سيكون خطأً، ولكن عرضها متوازيةً سمح للزوار برؤية مزيد من التفاصيل على نحو أكثر. ما نريد أن نعكسه ليس فقط جلال القطعة بل أيضاً الإحساس بالرحمة وانعكاسه عبر اللون الأبيض المحيط بالجدران».

نقش كان يعلو باب الكعبة بخط صالح جلبي يعود إلى عام 1708 (الشرق الأوسط)
نقش كان يعلو باب الكعبة بخط صالح جلبي يعود إلى عام 1708 (الشرق الأوسط)

يتحدث عن الصلات بين المعاصر والمقدس ضارباً المثل بالقاعة المعنونة «الخالق»، حيث اجتمع عمل الفنان عبد القادر بن شامة الجداريّ الضخم «بين كل سماء» مع أعمدة الحرم المكي، وعمل الفنان الإيطالي أركانجيلو ساسولينو «ذاكرة التحول»، يقول: «الفنانون في غرفة (الخالق) يجعلوننا نفكر في تلك الطاقة التي لا يمكن وصفها والتي تتجلى في عملية الخلق، ليست التفاصيل، ولكن الإحساس بالحركة والاضطراب، يجعلنا نفكر في تلك الآية في القرآن (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) ثم بعد ذلك الإحساس بالقوة مقارنةً مع الضياء في الغرفة الأخيرة».

ويعلق على عمل الفنان آصف خان «مصحف الزجاج»: «لدينا عملان لآصف خان الذي اقترح علينا فكرة المصحف الزجاجي، وفي وقت قصير جداً نجح في تنفيذ العمل، بالنسبة إليه كان العمل ذا دلالة عميقة؛ أن تكون لديك القدرة على التعبير عن القرآن، وأن تستطيع جعل العمل يسبح في النور، فالنور ينبعث من داخله، ومن حوله... أراد الفنان هذا التأثير؛ أن تأخذ العين وقتاً لتتعود على كم الضوء في هذا الخزانة، ليس شيئاً سهلاً، ولكن يدفع الزائر إلى قضاء وقت في مشاهدة العمل لتتضح الرؤية شيئاً فشيئاً».


مقالات ذات صلة

تشكيل مجلس إدارة المركز السعودي للتحكيم التجاري

الاقتصاد الدكتور وليد أبانمي رئيساً للمجلس حتى فبراير 2028 (موقع المركز)

تشكيل مجلس إدارة المركز السعودي للتحكيم التجاري

صدر أمر سامٍ بإعادة تشكيل مجلس إدارة المركز السعودي للتحكيم التجاري في دورته الرابعة، ليضم وجوهاً دولية ووطنية في بدائل تسوية المنازعات، وأعضاء بخبرات متنوعة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج فهد الرويلي سفير السعودية لدى فرنسا خلال إلقائه كلمة في احتفال السفارة بيوم التأسيس (واس)

الرويلي: السياسة الخارجية السعودية تتبنى دبلوماسية نشطة وديناميكية

قال فهد الرويلي السفير السعودي لدى فرنسا إن السياسة الخارجية لبلاده تتبنى دبلوماسية نشطة وديناميكية متعددة الأطراف.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان والوزيرين حسن وجورجييف (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيريه الماليزي والبلغاري القضايا المشتركة

ناقش وزير الخارجية السعودي مع نظيريه الماليزي والبلغاري العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في الكويت 26 ديسمبر الماضي (الشرق الأوسط)

«وزاري» خليجي - مصري - سوري - مغربي - أردني في مكة الأسبوع المقبل

علمت «الشرق الأوسط» أن اجتماعاً يضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا والمغرب والأردن، سيعقد في مكة المكرمة يوم 6 رمضان.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
ثقافة وفنون الفائزان بجوائز «المُعلَّقة» في فئة في فئة الشعر الفصيح

حسن المطروشي وميثم راضي وناصر الحمادين يحصدون ملايين «المعلقة»

كما حصلت الشاعرة المغربية سكينة حبيب الله على الجائزة الثانية ومقدارها نصف مليون ريال.


فانوس مصر التراثي يحتفظ ببريقه رغم «تقلبات الزمن»

TT
20

فانوس مصر التراثي يحتفظ ببريقه رغم «تقلبات الزمن»

فوانيس رمضان المعدنية تحتفظ ببريقها (الشرق الأوسط)
فوانيس رمضان المعدنية تحتفظ ببريقها (الشرق الأوسط)

وسط أجواء مفعمة بالبهجة، وأغاني رمضان الشهيرة، تتراص شوادر بيع فوانيس وزينة رمضان بحي السيدة زينب الشعبي في العاصمة المصرية القاهرة، ورغم تنوع أحجام وأشكال المعروضات، وانتشار الفوانيس الصينية في أرجاء المكان، فإن الفانوس المصري التقليدي أو المعدني ما زال صامداً ومحافظاً على بريقه رغم تقلبات الزمن وارتفاع أسعاره مقارنة بالأخرى الصينية والبلاستيكية والخيامية.

أشكال متنوعة (الشرق الأوسط)
أشكال متنوعة (الشرق الأوسط)

يعزو باعة حي السيدة زينب هذا الصمود إلى «وجود الورش المتخصصة في صناعة الفانوس التراثي المصري (الصاج) وتطويره»، بالإضافة إلى حرص كثير من المصريين على اقتنائه لتعبيره عن «روح المحروسة» بعدّه فلكلوراً متوارثاً منذ مئات السنين.

فانوس معدني مصري (الشرق الأوسط)
فانوس معدني مصري (الشرق الأوسط)

ويبدأ سعر الفانوس المعدني من 25 جنيهاً للأحجام الصغيرة جداً (الدولار الأميركي يعادل 50.6 جنيه مصري) ويصل إلى 5 آلاف جنيه للحجم الكبير، بينما تتراوح أسعار الفوانيس الخشبية المحلية من 50 إلى 350 جنيهاً، والصينية (البلاستيكية والمضيئة) من 150 إلى 350 جنيهاً.

وتمنح أغاني «رمضان جانا» لمحمد عبد المطلب، و«وحوي يا حوي» لأحمد عبد القادر، و«والله بعودة يا رمضان»، لمحمد قنديل، و«هاتوا الفوانيس يا ولاد» لمحمد فوزي، أجواء مبهجة لحي السيدة زينب الذي تمت تسميته بهذا الاسم نسبة لوجود مسجد السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب.

فوانيس رمضان التراثية بمصر (الشرق الأوسط)
فوانيس رمضان التراثية بمصر (الشرق الأوسط)

ووفق مجدي فهمي أحد أبرز تجار ومصنعي الفانوس التقليدي بشارع «تحت الربع» الذي يتوسط باب الخلق وباب زويلة الأثري وسط القاهرة، فإنه يتم تطوير أشكال الفانوس المصري باستمرار، لاجتذاب الزبائن، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الفانوس المعدني لا يمكن أن يندثر بفعل تقلبات الزمن أو التغيرات الاقتصادية أو كثرة الفوانيس المستوردة»، مشدداً على أن «الفانوس المصري التقليدي» هو روح رمضان، و«إذا وُجد رمضان وُجد الفانوس»، على حد تعبيره.

ولفت فهمي إلى أن «العمل على صناعة الفوانيس المصرية مستمر على مدار العام ولا يتوقف حيث يتم تصديره إلى دول عربية وإسلامية من بينها الأردن وسوريا».

أشكال متعددة من الفانوس المصري (الشرق الأوسط)
أشكال متعددة من الفانوس المصري (الشرق الأوسط)

ويعدّ الرجل السبعيني الفانوس المعدني رمزاً مصرياً أصيلاً يعبر عن الهوية المصرية، حيث لا يمكن لأي بلد آخر أن ينتج مثله، وهو ما يجذب السائحين الذين يمرون من المنطقة لشرائه، وفق قوله.

وتمر صناعة الفانوس المصري المعدني بعدة مراحل يعمل فيها عدد من الحرفيين المهرة الذين ينتج كل منهم قطعة محددة قبل أن يتم تجميعها في النهاية باللحام، وهنا يؤكد فهمي أن كل خامات تصنيع الفانوس محلية. منوهاً بأنه «ورث حب الفانوس من أبيه وأجداده وأنه اعتاد على إدخال تعديلات وأشكال ورسومات جديدة كل عام على تصميمه لمواكبة التطور واجتذاب الزبائن المحليين والأجانب».

جانب من عملية تصنيع الفانوس التقليدي (الشرق الأوسط)
جانب من عملية تصنيع الفانوس التقليدي (الشرق الأوسط)

وتشتهر مناطق محددة في القاهرة التاريخية بصناعة الفانوس، من بينها السيدة زينب وتحت الربع وخان الخليلي، حيث يوجد بها ورش عتيقة.

وتتعدد الروايات المتعلقة ببداية ارتباط الفانوس بشهر رمضان؛ ومنها استقبال الحاكم بأمر الله الفاطمي بالفوانيس خلال وصوله إلى القاهرة في شهر رمضان، خلال القرن الرابع الهجري، بالإضافة إلى استخدامه في الإضاءة ليلاً خلال الشهر الكريم، وفق الدكتور مصطفى جاد، العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون.

ميدان السيدة زينب يعج بشوادر بيع الفوانيس (الشرق الأوسط)
ميدان السيدة زينب يعج بشوادر بيع الفوانيس (الشرق الأوسط)

ويؤكد جاد في تصريحات تلفزيونية أن «الحرفي المصري الماهر له فضل كبير في صمود الفانوس التقليدي أمام الفانوس الصيني الذي أحدث هزة كبيرة في مصر على مستوى بهجة اقتناء الفانوس؛ لأنه يشبه الدمية التي تغني تلقائياً، وعلى مستوى الصناعة بسبب رخص سعره مقارنة بالمحلي»، مشيراً إلى أن «الأخير بدأ في التعافي واستعادة مكانته خلال السنوات الأخيرة».

أجواء مبهجة بشوارع السيدة زينب في القاهرة (الشرق الأوسط)
أجواء مبهجة بشوارع السيدة زينب في القاهرة (الشرق الأوسط)

ويرى جاد أن «اقتناء الفانوس المعدني لا يرتبط بطبقة اجتماعية معينة في مصر، ففي الوقت الذي ينتشر فيه بشوارع وحارات الأحياء الشعبية فإنه يلمع في الوقت نفسه في كثير من المناطق الراقية وداخل بيوت الأثرياء لعدّه علامة مميزة لهذا الشهر الكريم».