كيف تؤثر المشاهد العنيفة في التلفزيون على سلوك الأطفال؟

محتوى العنف التلفزيوني يشكل خطراً على سلوك الأطفال (جامعة مونتريال)
محتوى العنف التلفزيوني يشكل خطراً على سلوك الأطفال (جامعة مونتريال)
TT
20

كيف تؤثر المشاهد العنيفة في التلفزيون على سلوك الأطفال؟

محتوى العنف التلفزيوني يشكل خطراً على سلوك الأطفال (جامعة مونتريال)
محتوى العنف التلفزيوني يشكل خطراً على سلوك الأطفال (جامعة مونتريال)

كشفت دراسة كندية وجود ارتباط طويل الأمد بين التعرُّض لمحتوى عنيف على التلفزيون في سنٍّ مبكرة، وزيادة احتمالية السلوكيات العدوانية والمعادية للمجتمع لدى المراهقين بعد أكثر من عقد من الزمن.

وأوضح باحثون من جامعة مونتريال، في الدراسة التي نُشرت نتائجها، الاثنين، في «المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة»، أن تأثير العنف التلفزيوني لا يقتصر على التصرفات الفورية؛ بل يمتد لسنوات، مما يهدد الصحة النفسية للأطفال وقدرتهم على التكيف الاجتماعي.

علاوة على ذلك، قد تؤثر مشاهدة التلفزيون المفرطة على نمط النوم، وتقلل من النشاط البدني، مما يعزز من مخاطر السمنة والقلق. ولرصد تأثير مشاهدة العنف على سلوكيات الأطفال، اعتمدت الدراسة على بيانات من الدراسة الطولية لتنمية الأطفال في كيبيك، وشملت نحو 2000 طفل من الذكور والإناث وُلدوا بين عامَي 1997 و1998. وقامت عائلات الأطفال بالإبلاغ عن مدى تعرُّض الأطفال لمحتوى عنيف على التلفزيون عندما كانت أعمارهم بين 3.5 و4.5 عام. ثم قدَّم المراهقون تقارير ذاتية عن سلوكياتهم المعادية للمجتمع في سن 15 عاماً.

وتمَّ تعريف «العنف التلفزيوني» في الدراسة على أنه «أي محتوى يتضمَّن العنف الجسدي أو اللفظي أو الاجتماعي، الذي يسعى إلى إيذاء الآخرين عمداً». ووفق الدراسة، فإن الأطفال ينجذبون إلى المحتوى العنيف، السريع الإيقاع، الذي يضم شخصيات جذابة، مثل الأبطال الخارقين الذين يمارسون أفعالاً عدوانية ويُكافَأون عليها، مما يزيد من احتمال تعرضهم لهذا النوع من المحتوى.

وأظهرت التحليلات أن مشاهدة المحتوى العنيف في سنٍّ مبكرة تؤدي إلى زيادة السلوكيات العدوانية في المراهقة، خصوصاً لدى الذكور. وتشمل هذه السلوكيات، الاعتداء الجسدي؛ مثل الضرب أو السرقة لتحقيق أهداف معينة، والتهديدات والإهانات، والمشارَكة في معارك جماعية، واستخدام الأسلحة. في المقابل، لم تُظهر الدراسة أي تأثيرات مشابهة لدى الفتيات، وهو أمر متوقع نظراً لأن الأولاد يتعرَّضون للمحتوى العنيف أكثر.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة مونتريال، الدكتورة ليندا باغاني، إن «الدراسة تقدِّم دليلاً قوياً على أن التعرُّض المبكر لمحتوى عنيف على التلفزيون يمكن أن تكون له تأثيرات خطيرة وطويلة الأمد، خصوصاً على الذكور». ودعت، عبر الموقع الإلكتروني للجامعة، إلى إطلاق مبادرات صحية عامة تستهدف توعية الأهالي والمجتمعات حول هذه المخاطر، وتشجيعهم على اختيار المحتوى المناسب لأطفالهم بعناية. وتابعت أن الأهالي والمجتمعات لديهم دور حاسم في الحد من المشكلات المستقبلية من خلال منع الأطفال من التعرُّض للمحتوى العنيف على التلفاز، مما قد يسهم في تقليل احتمالية ظهور سلوكيات عدوانية أو معادية للمجتمع في المستقبل.

يشار إلى أن مشاهدة التلفزيون تؤثر بشكل كبير على الأطفال، حيث تعرضهم لمحتويات تعليمية وترفيهية، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تأثيرات سلبية مثل زيادة السلوك العدواني، خصوصاً إذا كانوا يتعرَّضون للمحتوى العنيف.


مقالات ذات صلة

صحتك الأطباء يؤكدون وجود صلة راسخة بين النشاط البدني وصحة الدماغ (رويترز)

كيف تعتني بدماغك؟ أطباء يقدمون 10 طرق بسيطة

كلما تقدمنا ​​في العمر، ازداد خطر إصابتنا بالضعف الإدراكي. ويتساءل الكثير من الناس حول كيفية تأخير ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أفادت الدراسات بأن الكركمين يؤثر على معدل حيوية الخلايا وتنظيم دورة الخلية للخلايا الدهنية (موقع ايفري دا هيلث)

الكركمين... فاعلية مذهلة لعلاج السمنة والالتهابات والأمراض العصبية

يُظهر الكركمين فعالية واعدة في علاج السمنة والالتهابات والأمراض العصبية التنكسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

أظهرت دراسة جديدة أن مرض بطانة الرحم المهاجرة يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من أمراض المناعة الذاتية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التمارين الرياضية قد تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان (رويترز)

ممارسة مرضى السرطان للرياضة تقلل الآثار الجانبية للعلاج

يمكن للتمارين الرياضية أن تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
TT
20

معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية، ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة، يشجع عليها معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية، بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم.

وفي وقت يتسارع فيه نمو المشهد الفني في منطقة الشرق الأوسط، تستضيف الرياض معرض «شذرات من الفلكلور»، الذي يُجسّد الهوية الثقافية من خلال الفن، ويجمع بين الموروث والتجريب المعاصر، ويُعيد صياغة مفهوم الوصول إلى التعبير الفني داخل السعودية وخارجها، ويتزامن المعرض مع عام الحِرف اليدوية 2025 في المملكة، وهي مبادرة تحتفي بالإرث الحرفي وتُعيد تقديمه ضمن السياق الفني المعاصر.

ويتجاوز المعرض النظر إلى التراث الشعبي، من مجرد موروث شفهي، من حكايات وأساطير يتم تناقلها عبر الأجيال، إلى لغة من الرموز والنقوش، ووسيلة لحفظ الثقافة وتوارثها، إذ لطالما كان التراث حاضناً للتاريخ ومحفزاً للابتكار.

من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)
من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)

وفي معرض «شذرات من الفلكلور»، تعيد كل من حمرا عباس، لولوة الحمود، راشد آل خليفة، ورائدة عاشور تقديم مكونات من الموروث الثقافي ضمن رؤى معاصرة، حيث لا يُقدَّم الفلكلور بوصفه أثراً جامداً من الماضي، بل بوصفه أرشيفاً حيّاً للهوية، يُعاد تشكيله عبر الزمن والمكان.

ويعمل كل فنان من خلال «شذرات» من المعرفة المتوارثة، سواء في الهندسة، الخط، المواد، أو التجريد، وتُمثل أعمالهم صدىً للماضي، مع إثبات وجودها في الحاضر من خلال تصورات معاصرة للأشكال والرموز المتجذرة.

وعبر اجتماع الفنانين الأربعة معاً لأول مرة، يفتح المعرض باباً لحوار ثقافي متعدد الأطراف حول التراث والرمزية والسرد البصري.

المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)
المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)

الفلكلور: حوار مستمر بين الماضي والحاضر

وحسب السردية التي يقدمها معرض «شذرات من الفلكلور»، فإن المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة، بل يقدمه كحوار مستمر بين الماضي والحاضر، وامتداد للتفسير وإعادة الاختراع، وأن كل فنان مشارك، يقدم جزءاً من هذه القصة الكبرى، داعياً لإعادة النظر فيما يرثه الأفراد والمجتمع، وما يحتفظون به، وما يعيدون تشكيله.

ويمتد الحوار بين التقليد وإعادة الاختراع ليشمل تصميم المعرض ذاته، حيث يستلهم خطوطه من المتاهات المعمارية التقليدية في منطقة نجد، وقد صُممت المساحة كمتاهة متداخلة، مقسمة إلى أجزاء منفصلة لكنها مترابطة، تماماً كما هو الحال في الفلكلور، إذ تقف كل قصة بذاتها، لكنها تظل جزءاً من نسيج أكبر، لتأخذ الزوار في رحلة استكشافية غنية بالتفاصيل.

كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)
كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)

وتتيح الممرات الواسعة والزوايا الخفية لحظات من التقارب والاكتشاف، بينما يشكل العمود المركزي ركيزة رمزية تربط المعرض بجذوره التراثية، وتحتضن في الوقت ذاته روح التغيير والتجديد.

كما أن المواد المختارة تضيف عمقاً جديداً لهذه التجربة، من خشب الأكاسيا الذي يشكل الإطار الهيكلي، مستحضراً قدرة التراث على البقاء؛ مع دمج التاريخ في نسيج المكان ذاته، وفي هذه البيئة الغامرة، يتعزز التباين بين الماضي والحاضر، مما يسمح لأعمال الفن المعاصر بالتفاعل المباشر مع التراث المعماري والمادي الذي تعيد تفسيره.

المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)
المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)

تحوّل المشهد الثقافي في السعودية

تقول ليزا دي بوك، القيّمة الفنية للمعرض، إن (شذرات من الفلكلور) لا يقتصر على عرض أعمال فنية؛ بل يُجسّد حراكاً فنياً يُسلّط الضوء على الأصوات التي تُعيد تشكيل المشهد الفني في السعودية وخارجها.

وتضيف: «من خلال إبراز هذه الأصوات، يُساهم المعرض في صياغة التاريخ الفني، ويضمن أن يُصان الإرث الثقافي ويُعاد تخيّله بشكل حيوي للأجيال القادمة».

ومن جهته، يرى حسن القحطاني، مؤسس مبادرة «ثاء» المشاركة في تنظيم الحدث، أن الفلكلور «سرد حي ومتغيّر، يربط الماضي بالحاضر، ويُساهم في تشكيل الهويات المستقبلية»، مبيناً أن «المعرض يُعيد تخيّل التقاليد ضمن سياق معاصر، ويحتفي بالقصص المتجددة التي تُعرّف من نكون وإلى أين نمضي».