الروابط الاجتماعية تحفز القرود على تعلم مهارات جديدة

قردة الكابوشين تتعلم مهارات جديدة من خلال الروابط الاجتماعية (جامعة دورهام)
قردة الكابوشين تتعلم مهارات جديدة من خلال الروابط الاجتماعية (جامعة دورهام)
TT

الروابط الاجتماعية تحفز القرود على تعلم مهارات جديدة

قردة الكابوشين تتعلم مهارات جديدة من خلال الروابط الاجتماعية (جامعة دورهام)
قردة الكابوشين تتعلم مهارات جديدة من خلال الروابط الاجتماعية (جامعة دورهام)

أظهرت دراسة برازيلية أن قردة «الكابوشين» في حديقة سيرّا دا كابيفارا الوطنية بولاية بياوي البرازيلية قادرة على اكتساب مهارات جديدة من خلال الملاحظة المباشرة لأفراد آخرين من نفس المجموعة، بشرط أن يتم تحمّل وجودهم اجتماعياً داخل المجموعة.

وأوضح الباحثون من جامعة ساو باولو، بالتعاون مع باحثين من جامعة دورهام البريطانية، أن النتائج تسلط الضوء على أهمية الروابط الاجتماعية في تسهيل التعلم لدى الحيوانات، وفق النتائج المنشورة، الجمعة، في دورية (PNAS).

وتعيش قردة «الكابوشين» في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في أميركا الجنوبية، خصوصاً في البرازيل. وتتميز هذه القردة بقدرتها على استخدام الأدوات لأغراض متعددة، مثل فتح المكسرات، وهي معروفة أيضاً بسلوكياتها الاجتماعية المعقدة. وتتعاون القردة في البحث عن الطعام والأنشطة الأخرى داخل المجموعة.

وخلال الدراسة، راقب الباحثون سلوكيات قردة «الكابوشين» في البيئة شبه الجافة بالبرازيل لدراسة تأثير الروابط الاجتماعية، وهي التفاعلات والعلاقات التي تنشأ بين الأفراد داخل المجموعة.

وتُعتبر هذه الروابط أساسية لبقاء المجموعة وتطورها، حيث تشمل التعاون والمشاركة في الأنشطة اليومية مثل البحث عن الطعام واللعب، مما يسهم في رفاهية جميع الأفراد. كما تدعم هذه الروابط الهيكل الاجتماعي داخل المجموعة.

وأظهرت الدراسة أن التسامح الاجتماعي بين أفراد المجموعة كان عاملاً رئيسياً في تسهيل تعلم المهارات. ومن خلال الملاحظة المباشرة لأفراد آخرين في المجموعة، تعلمت القردة تقنيات جديدة.

وكشفت النتائج أن هذا النوع من التعلم يعتمد بشكل كبير على التعاون الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة الجماعية. كما تم التأكد من أن القردة التي تنتمي إلى مجموعات كبيرة ومقسمة بشكل دقيق كانت أكثر قدرة على نقل المهارات الجديدة، حيث تعلم 57.5 في المائة من الأفراد في المجموعات الكبيرة المهارات الجديدة، مقارنةً بـ36.7 في المائة في المجموعات الصغيرة.

وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تفيد بأن الروابط الاجتماعية داخل المجموعة مهمة ليس فقط لبقاء القردة، بل أيضاً لنقل المعرفة والمهارات بين الأجيال داخل المجموعة، مما يعزز قدرتها على التكيف مع بيئتها.

وأضافوا أن النتائج تُظهر أيضاً كيف يمكن للروابط الاجتماعية بين أفراد المجموعة أن تؤثر على قدرة الحيوانات على تعلم تقنيات جديدة، مما يعزز من فهمنا لكيفية تطور الثقافات في الأنواع غير البشرية.

ووفق الباحثين، فإن التسامح الاجتماعي ليس مفيداً فقط في الحياة الاجتماعية اليومية بين الحيوانات، بل يمكن أن يكون محركاً رئيسياً للابتكار الجماعي وتبادل المعرفة داخل المجموعة، وهذا يفتح الباب لفهم أعمق حول التعلم وتطور الثقافات في المجتمعات الحيوانية.


مقالات ذات صلة

التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

يوميات الشرق الأشجار تُعزِّز جودة الحياة في المدن (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ)

التوزيع الجيّد للأشجار في المدن يُقلّل الوفيات

توزيع الأشجار في المدن لا يقل أهمية عن عددها، إذ يمكن لتخطيط المساحات الخضراء بشكل مترابط أن يُسهم في تقليل معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض المزمنة والشيخوخة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك حَبّ الشباب من أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً في العالم (جامعة كاليفورنيا)

الحبّة السوداء والخلّ علاج طبيعي لحَبّ الشباب

كشفت دراسة سريرية هندية عن فاعلية مزيج موضعي من الحبّة السوداء والخلّ في علاج حَبّ الشباب، مما يجعله بديلاً طبيعياً محتملاً للعلاجات التقليدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أطفال يظهرون إلى جانب أولياء أمورهم خلال إحدى الحملات في واشنطن (أ.ب)

ما «الأمر الأساسي» الذي يغفل الآباء تعليمه لأطفالهم؟

العديد من الأطفال السعداء يكبرون ليصبحوا بالغين تعساء- هناك فرق بين الاستمتاع بالحياة في الصغر والاستعداد للاستمتاع بها كبالغين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا نساء يسرن في أحد شوارع مدينة دريسدن الألمانية (أ.ف.ب-أرشيفية)

استطلاع: 61 % من مسلمات ألمانيا يشكون من التعرض للتمييز العنصري

وفق استطلاع حديث، أفادت 61 في المائة من النساء المسلمات بألمانيا بأنهن تعرضن، خلال العام الماضي، للتمييز، مرة واحدة على الأقل شهرياً.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
TT

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

يخوض المسلسل المصري «قهوة المحطة» تجربة جديدة في عالم الجريمة والغموض؛ إذ تنطلق أحداثه من خلال الشاب «مؤمن الصاوي» (يقدم شخصيته الفنان أحمد غزي) الذي نزح من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن حلم النجومية، لكنه يواجه سلسلة من الأزمات؛ إذ يتم سرقة حقيبته التي تحوي مصوغات والدته الذهبية فور وصوله إلى محطة القطار، لتتوالى بعدها الأحداث التي تبدأ بمقتله في ظروف غامضة داخل قهوة المحطة خلال لحظة انقطاع مفاجئ للكهرباء لا يتجاوز بضع ثوانٍ، وهو ما يضع الجميع أمام لغز معقد تحاول التحقيقات كشفه، لتتكشف خلاله شخصيات المسلسل تباعاً.

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى؛ إذ الأبطال محاصرون في دوائر مأساوية تلاحقهم دون رحمة.

بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان ضمن المسلسلات القصيرة (15 حلقة) حظي باهتمام لافت، ولا سيما أن مؤلفه الكاتب عبد الرحيم كمال بات من أهم مؤلفي الدراما المصرية خلال الـ15 عاماً الأخيرة، ومن أعماله: «الرحايا»، و«ونوس»، و«جزيرة غمام»، و«الحشاشين». كما تولى مؤخراً مسؤولية الرقابة على المصنفات الفنية.

يعتمد عمل «قهوة المحطة» على البطولة الجماعية بامتياز من خلال أبطاله: أحمد غزي، وأحمد خالد صالح، وبيومي فؤاد، وهالة صدقي، ورياض الخولي، وانتصار، وحسن أبو الروس، وفاتن سعيد، وعلاء عوض، وعلاء مرسي، وضياء عبد الخالق. وهو من إخراج إسلام خيري، ومن إنتاج «سينرجي» التي أقامت مسابقة بين المشاهدين للبحث عن القاتل بجوائز مالية.

أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

وأشاد مغردون على منصة «إكس» (X) بالمسلسل، وقالوا إنه يغرد خارج السرب من خلال عمق الحوار والشخصيات، وإن به غموضاً وفلسفة وروحانيات، وتأخذنا المَشاهد لعمق الحياة عبر شخصية بسيطة عادية. ووصفوه بـ«الفن الراقي» و«الإحساس العالي».

ويحمل بطل المسلسل الباحث عن فرصة ليصبح ممثلاً، كتاب «المآسي الكبرى» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يحوي داخله مسرحياته المأساوية («هاملت»، و«ماكبث»، و«عطيل»، و«الملك لير»)، كما لو كانت إشارة رمزية إلى طبيعة القصة التي ترمز لمأساة الإنسان، في حين تأتي أغنية تتر المسلسل لتؤكد المعنى: «يا وعدي على الأيام... بتعدي بينا قوام»، والتي كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي من ألحان وغناء أحمد منيب، وقد طُرحت قبل 40 عاماً.

بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)

المقهى في المسلسل ليس مجرد مكان لتناول المشروبات، بل هو عالم قائم بذاته، تملأه الحركة، والحكايات التي لا تنتهي، حيث يلتقي المسافرون القادمون من الجنوب والشمال في رحلتهم إلى قلب العاصمة القاهرة، بحثاً عن فرصة عمل، أو لتحقيق أحلام طال انتظارها، وسط زحام الحياة. ويسلط المسلسل الضوء على تفاصيل الحياة اليومية داخل المقهى المتواضع الذي يقع بجوار محطة سكك حديد الجيزة.

يقدم أبطال العمل أداء لافتاً بإتقان اللهجة الصعيدية والتوحد مع شخصياتهم، وكأن العمل يعيد اكتشافهم. وأشاد الناقد محمود عبد الشكور بأداء الفنان أحمد غزي، مؤكداً أنه مشروع ممثل مهم، وكتب عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «لا تصدق أن هذا الشاب الصعيدي الجالس على (قهوة المحطة) قد درس إدارة الأعمال في إنجلترا، بل ملامحه مصرية وصعيدية جداً، وهو من أفضل اختيارات الممثلين في المسلسل».

ولا يكتفي عبد الرحيم كمال بصياغة حبكة بوليسية للعمل، بل يغوص في أعماق الشخصيات ليكشف عن جراحهم الداخلية؛ فنجد «المعلم رياض» (بيومي فؤاد)، صاحب المقهى، يخفي خلف قوته الظاهرية مرض السرطان الذي ينهش جسده، في حين يعاني خذلان ابنه المدمن؛ ما يجعله في مواجهة مزدوجة مع الموت وعقوق الأبناء. أما «المقدم عمر موافي» (أحمد خالد صالح) الذي يحقق في القضية، فهو نموذج آخر للمعاناة؛ إذ يحمل عبء فقدان زوجته، ويحاول التكيف مع مسؤولية تربية ابنه بمفرده، ليصبح جزءاً من شبكة الألم التي تربط شخصيات العمل ببعضها.

رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)

وبحسب الناقد خالد محمود، فإن المسلسل يبدو كما لو كان «قهوة الحياة»؛ إذ يكشف في كل حلقة شخصية جديدة مرتبطة بالجريمة التي اتخذها المسلسل ذريعة يُدين بها المجتمع بأسره، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال التحقيقات تتكشف حقيقة هذه الشخصيات، ليكشف العمل عن عوالم جديدة وشخصيات مُدانة، محتفظاً بلغز الحادثة حتى النهاية.

ويلفت محمود إلى أن «المسلسل أتاح فرصة كاملة لمجموعة من الممثلين ليكشفوا عن لحظات إبداعهم الكبيرة؛ فقدم كل من بيومي فؤاد وعلاء مرسي أداء مدهشاً، كما راهن العمل على أحمد غزي في تقديم شخصية مثقفة ومركبة للشاب الباحث عن حلمه في القاهرة، والممثلة فاتن سعيد في شخصية (شروق)». وخلص إلى أن «المسلسل تم تقديمه بذكاء ولغة مختلفة عبر دراما بوليسية تعتمد على كشف وتشريح وإدانة شخصيات المجتمع خلال رحلة البحث عن المجرم».

ويشيد الناقد ببراعة الكتابة لعبد الرحيم كمال عبر سرد مغاير، والإخراج الذي استوعب الرسالة، وبرع في اختيارات الممثلين.