دراسة تكشف أن عمر ماء زمزم 6175 عاماً في بطن الأرض

تحليل 49 عنصراً واستخدام الكربون المشع لمعرفة التاريخ

معتمرون يروون عطشهم بمياه زمزم (واس)
معتمرون يروون عطشهم بمياه زمزم (واس)
TT

دراسة تكشف أن عمر ماء زمزم 6175 عاماً في بطن الأرض

معتمرون يروون عطشهم بمياه زمزم (واس)
معتمرون يروون عطشهم بمياه زمزم (واس)

كشفت دراسة، هي الأولى من نوعها على المستوى المحلي في السعودية ودولياً، أن عمر ماء زمزم في بطن الأرض يُقدّر بنحو 6175 عاماً. وتجمّعت بعد العصر الجليدي الذي غطّى الجزيرة العربية، في حين أكدت النتائج أن عمر تدفق الماء من 3 اتجاهات في البئر لا يتجاوز نحو 5 آلاف عامٍ.

وركزت الدراسة، التي أجراها الدكتور عبد الله بن محمد العمري، على تحليل عينة من الماء في معامل أميركية متقدمة باستخدام الكربون المُشع، وتحليل 49 عنصراً فيزيائياً وكيميائياً وإشعاعياً داخل السعودية وخارجها، للخروج بهذه النتائج مع حساب الفارق الزمني بين عمر البئر وتكوين مياه زمزم في بطن الأرض التي تقدر بـ6175 عاماً.

أعداد كبيرة من حافظات المياه منتشرة في أرجاء الحرم المكي (واس)

واعتُمدت نتائج التحليل من هيئة الغذاء والدواء في السعودية، وفقاً للمشرف العام على مركز الدراسات الزلزالية بجامعة الملك سعود، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلوم الأرض، الدكتور عبد الله العمري، الذي أكد أن هذه الدراسة التي استغرقت أعواماً تُعدّ أول دراسة في تحديد عمر ماء زمزم.

الدكتور عبد الله العمري

وقال الدكتور العمري، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج تحليل المياه في المعامل الأميركية جرت باستخدام الكربون المشع، وأشارت إلى أن العمر الحقيقي لوجود الماء هو 6175 عاماً.

وأضاف، أن المصدر الرئيسي لتدفق مياه زمزم هو وادي إبراهيم عليه السلام، الذي يصب في مكة، بمكان عمق سمكه 13 متراً، وهو عبارة عن صخور رسوبية، وإذا وصلت المياه إليه فهناك 3 منافذ؛ الأول في الركن اليماني الذي يصب في زمزم، والنبع الثاني من جبل أبو قبيس، والثالث من المروة، بالإضافة إلى هذه المصادر فهناك مصادر صغيرة تتجمع وتصب في زمزم.

وتحدّث العمري، عن علاقات الهيدروجين والأكسجين، قائلاً إن الصفات الكيميائية والفيزيائية لمياه زمزم تختلف عن المياه العادية، لافتاً إلى أنه حلّل 49 عنصراً، ولم يجد خلال التحليل أي إشعاع، أو زرنيخ، أو مواد سامة في الماء.

وشدّد الدكتور العمري على أن استمرارية ماء زمزم بهذا التدفق الذي يغطي الحجاج وكل الزوار هي في المقام الأول معجزة إلهية؛ كون جميع الآبار التي بجوار الماء جفّت.

مياه زمزم تصل للمسجد النبوي في المدينة وتوزع بشكل دائم (واس)

وجمع الدكتور العمري نتائج هذه الأبحاث في كتاب سيصدر قريباً، خصوصاً أن هذه النتائج لم يتوصّل إليها أحد من المختصين من قبل، ما يجعل الباب مشرعاً أمام العلماء والمختصين للاستفادة من الكتاب الذي يتضمن فصولاً عدّة تحدث في أولها عن الجانب الديني، في حين تضمن الفصل الثاني الجانب التاريخي لماء زمزم من عهد النبي إبراهيم والنبي إسماعيل عليهما السلام، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكل المساهمات التي جرت في جميع الحقب حول البئر، وتوزعت هذه المعلومات على 40 صفحة.

ويتطرّق الكتاب في أحد فصوله إلى الشعاب والأودية والجبال ومسمياتها وتأثير المباني والمخاطر الزلزالية عليها وكيفية التعامل معها، في حين ركّز فصل آخر على التحاليل التي قام بها الدكتور العمري، ويتحدث الكتاب عن أهمية ماء زمزم وتأثيره في علاج أمراض عدّة.

معتمرون وزوار لمكة يُقبلون على شرب مياه زمزم (واس)

واهتمت السعودية منذ عهد المؤسس بماء زمزم، وأنشأ الملك عبد العزيز سبيلاً لسقيا زمزم تحت مسمّى «سبيل الملك عبد العزيز»، كما أمر بإصلاح البئر وتنظيفها ووضع غطاءٍ عليها. وفي عهد الملك سعود أمر بتركيب مضخّة لرفع مياه زمزم وأنشأ بناية لسقيا زمزم.

ومن جانبه، أمر الملك فيصل بإنشاء قبوٍ ثان للبئر، حرصاً منه على توفير الراحة لضيوف الرّحمن، كما أمر الملك خالد بعملية تنظيفٍ شاملة للبئر، وفي عهد الملك عبد الله، أمر بإنشاء محطة تنقية مياه البئر، ومحطة ومصنع للتعبئة والنقل حيث يعملان وفق نظام آلي، كما أمر بإطلاق مشروعين يختص الأول بتنظيف حاويات ماء زمزم آلياً، والثاني بإعادة تصميمها حماية للمياه.

وفي عام 1439ه صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على استكمال أعمال بئر زمزم وأعمال تأهيل العبارات، حيث جرى إنشاء عبارات الخدمات الخاصة بزمزم، وعددها 5 عبارات، كما استكملت المرحلة الأخيرة من تعقيم وإزالة الشوائب وفحص البيئة المحيطة بالبئر.


مقالات ذات صلة

الحارثي… مطوف الملوك والرؤساء يروي قصصاً لا تنسى

يوميات الشرق الحارثي مع الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله (الحارثي)

الحارثي… مطوف الملوك والرؤساء يروي قصصاً لا تنسى

لأكثر من 4 عقود، ظل دخيل الله أحمد الحارثي واحداً من الأسماء البارزة في عالم الطوافة، متنقلاً بين زحام الحجيج وحلقات الطوافة، مكرساً حياته لخدمة ضيوف الرحمن.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد أضاف القطاع السياحي الخليجي 1.5 مليون وظيفة خلال عام 2023 (كونا)

أكثر من 110 مليارات دولار قيمة العائدات السياحية لدول الخليج

أكّد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، أن القطاع السياحي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يشهد تحولاً نوعياً.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
يوميات الشرق صورة الملك فيصل وبالصفحة التي تقابلها المعلومات الشخصية في أول جواز (مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية)

جوازات سفر الملك فيصل: بين التاريخ والدبلوماسية

مثَّلت جوازات سفر الملك فيصل بن عبد العزيز الدبلوماسية، الصادرة قبل 98 عاماً، مراحل مهمة من تطور المملكة العربية السعودية.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد توقيع الاتفاقية بين صندوق قطر للتنمية وهيئة الربط الكهربائي الخليجي (وكالة الأنباء العمانية)

قطر تموّل مشروعاً جديداً للربط الكهربائي الخليجي مع سلطنة عُمان

وقّعت هيئة الربط الكهربائي الخليجي و«صندوق قطر للتنمية» اتفاقية تمويل بقيمة 100 مليون دولار لمشروع الربط الكهربائي الخليجي وعُمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)

قطر وتركيا تنضمان إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية

أعلنت اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية للإنتاج والتنمية الاقتصادية المستدامة انضمام دولتيْ قطر وتركيا للشراكة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر، وهي المقبرة الملكية الأولى التي يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية - الإنجليزية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» بمصر، ومؤسسة «أبحاث الدولة الحديثة»، للمقبرة رقم «C4»، حسب بيان صحافي أشار إلى أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي «آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر».

وأوضح البيان أنه تم العثور على مدخل المقبرة رقم «C4» وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة «وادي C» بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر (صعيد مصر)، الذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك. وقال إنه «تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أن المقبرة تخص الملك تحتمس الثاني».

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، فإنه «عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك (التحامسة)، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وكذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك».

وقال إنه «مع استكمال أعمال الحفائر، خلال الموسم الحالي، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة، وأنها تعود للملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة».

وأشار إلى «العثور على أجزاء من أواني الألبستر عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته (الملك المتوفى)، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية (حتشبسوت) مما يؤكد هوية صاحب المقبرة».

مقتنيات عثر عليها بالمقبرة المفقودة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار هذا الكشف بأنه «أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة»، مشيراً إلى أن «القطع الأثرية المكتشفة بالمقبرة تُعد إضافة مهمة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك (تحتمس الثاني)، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك، الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم».

ووجدت المقبرة في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة حيث غمرتها المياه، حسب رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري محمد عبد البديع، الذي أوضح أن «الفريق الأثري عمل على انتشال القطع المتساقطة من الملاط وترميمها».

وأضاف أن «الدراسات الأولية تشير إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة».

وتابع أن «أجزاء الملاط المكتشفة عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب (إمي دوات)، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة».

وتوفي تحتمس الثاني، وهو في الثلاثين من عمره، وعثر على موميائه في خبيئة الدير البحري، وهي موجودة حالياً في متحف الحضارة بالفسطاط في القاهرة.

من جانبه، قال رئيس البعثة الأثرية من الجانب الإنجليزي الدكتور بيرز ليزرلاند، إن «المقبرة تتميز بتصميم معماري بسيط كان نواة لمقابر من تواتر على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشرة».

وتضم المقبرة ممراً غطيت أرضيته بطبقة الجص الأبيض، يؤدي إلى حجرة الدفن بالممر الرئيسي للمقبرة، حيث ترتفع مستوى أرضيته بنحو 1.4 متر عن أرضية الحجرة ذاتها. ويعتقد أنه «قد استخدم لنقل محتويات المقبرة الأساسية بما فيها جثمان تحتمس الثاني بعد أن غمرتها مياه السيول»، وفق ليزرلاند.

وستواصل البعثة أعمال المسح الأثري التي تجريها في الموقع منذ عامين، للكشف عن المزيد من أسرار هذه المنطقة، والمكان الذي نُقلت إليه باقي محتويات مقبرة تحتمس الثاني.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير «أهمية الكشف كونه يسهم في إضافة معلومات عن تلك الفترة من تاريخ مصر القديمة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة ستسهم في توضيح جزء مفقود من تاريخ الأسرة الـ18، والملك تحتمس الثاني الذي لا يُعرف عنه الكثير من المعلومات».

مومياء الملك تحتمس الثاني (متحف الحضارة)

وتحتمس الثاني هو ابن الملك تحتمس الأول من زوجة ثانوية، وتم تأمين حكمه عبر زواجه من أخته غير الشقيقة حتشبسوت. ولا يُعرَف الكثيـر عـن عصـر تحتمس الثاني، لا سيما مع قصر فترة حكمه نسبياً، حسب موقع المتحف القومي للحضارة المصرية.

وتختلف المراجع التاريخية بشأن مدة حكم تحتمس الثاني، رابع ملوك الأسرة الـ18، ويشير بعضها إلى فترة حكم تقل عن خمس سنوات. لكن رغم قصر الفترة، تشير المصادر التاريخية إلى «نجـاح الملـك تحتمـس الثانـي فـي إخماد العديد من الثورات في النوبة، كما قضى على قبيلة تسـمى (الشاسو) في سيناء، وربما قام بحملة عسـكرية علـى سوريا، وترك وراءه بقايا مشروع بناء متواضع في الكرنك، عبارة عـن بوابة مـن الحجر الجيري مـن فناء الصرح الرابع وإلفنتيـن، وكذلـك فـي النوبـة عنـد سـمنة وقمـا»، وفق موقع المتحف القومي للحضارة.