بثّ مباشر «بلا دراما» لزوجَي طيور يتقاسمان رعاية البيض

ملايين شاهدوه... وهدفه التوعية حول الأنواع المهدَّدة بالانقراض

الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
TT

بثّ مباشر «بلا دراما» لزوجَي طيور يتقاسمان رعاية البيض

الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)

شاهد آلاف المعجبين المتحمّسين برامج واقعية عن أزواج ينتظرون وصول مواليدهم الجدد، لكن نجمَي برنامج «رويال كام»، الذي يُعرَض موسمه العاشر حالياً، ليسا من الشخصيات الاجتماعية أو الباحثين عن الحبّ، وإنما طيرَا القطرس الملكي الشمالي (الباتروس)، وهي طيور بحرية مهيبة من نيوزيلندا ذات أجنحة تمتدّ لمسافة 3 أمتار.

ووفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، أُطلق البثّ المباشر طوال 24 ساعة لموسم تكاثُر هذه الطيور في منطقة رأس تاياروا الصخرية النائية بجزيرة نيوزيلندا الجنوبية، بهدف زيادة الوعي حول هذه الأنواع المهدَّدة بالانقراض، والتي شهد نمو أعدادها زيادة بطيئة على مدى عقود من إجراءات حفظ الأنواع المضنية. وقد شاهد ملايين الأشخاص هذا البثّ منذ انطلاقه عام 2016.

وقالت شارين بروني من إدارة الحفاظ على البيئة، التي عملت مع هذه الطيور لـ3 عقود: «قبل ذلك، كانت تصعب متابعة دورة حياة طيور القطرس؛ لأنها لا تطأ اليابسة إلا لـ15 في المائة من الوقت. لذلك توجَّب السفر مسافات طويلة لرؤية أحدها».

«رويال كام» نادراً ما يتضمَّن مواقف درامية (أ.ب)

زادت شهرة برنامج «رويال كام» بشكل كبير خلال جائحة «كورونا». فعلى صفحة التعليقات المزدحمة التي تستضيفها إدارة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا، يتتبَّع المعجبون المُخلصون مواقع الطيور عبر تطبيق، ويناقشون اللحظات المهمّة، ويستحدثون فنوناً مستوحاة من القطرس.

وفكرة تلفزيون الواقع الخالي من الدراما هذه تبدو بسيطة. ففي كل موسم، يختار حراس المحميات زوجين من القطرس ليكونا النجمَيْن. وتتبع كاميرا مثبتة في الرأس الطيور المُختارة؛ وَضْعها للبيض واحتضانه، ثم مرحلة الفقس بحلول فبراير (شباط)، فالنمو، حتى البلوغ والطيران.

على عكس برامج الواقع التي يظهر فيها الإنسان، فإنّ «رويال كام» نادراً ما يتضمَّن مواقف درامية؛ ذلك لأنّ طيور القطرس الملكية عادةً ما تتزاوج طوال حياتها. كما أنّ الحراس الذين يختارون الطيور التي سيتابعها المشاهدون كل موسم، يتجنّبون تلك ذات الطبيعة العدوانية أو الغاضبة أو التي تبيض للمرة الأولى.

أما الطيران اللذان اختيرا للموسم الحالي، فهما «RLK»؛ ذكر يبلغ 12 عاماً، و«GLG»؛ أنثى تبلغ 14 عاماً، وقد رُبّيا فرخَيْن من قبل، واسماهما مشتقّان من ألوان أشرطة يضعها الحراس على أرجلهما. قالت بروني: «إنهما زوجان في مرحلة الشباب نسبياً، لكنهما ليسا صغيرَيْن إلى درجة أنهما لا يعرفان ما يفعلانه».

طائر القطرس الملكي الشمالي يعيش طويلاً ويتكاثر ببطء (أ.ب)

تتطوَّر الأحداث ببطء، وهو ما يعدُّه كثير من المعجبين «متعة العرض»؛ إذ تمرُّ السحب ببطء، وتبحر السفن في الأفق، وتغيب الشمس بألوان ورديّة متوهّجة. وخلال شهر يناير (كانون الثاني)، يجلس أحد طيور القطرس على البيض. لكنّ المشاهدين المنتظمين يتوقّعون بعض اللحظات المميّزة، مرّة كل 10 أيام تقريباً، حين يعود الطائر الثاني إلى الراحة بعد التغذية في البحر ليحلَّ محل الطائر الآخر الذي يعتني بالعشّ. ومن بين أبرز اللحظات المفضَّلة، هبوط طيور القطرس المفاجئ، ورقصات التزاوج.

معجبون يصبحون أصدقاء

لم تزُر فرانس بيلير، وهي فنانة تعيش في مونتريال، نيوزيلندا من قبل، لكنها اكتشفت «رويال كام» للبثّ المباشر خلال الجائحة، وأحبَّت هذه الكائنات «الغامضة»، وأصبحت من المشاهدين الدائمين. تقول إنها ترى الطيور وكل مغامراتها وحياتها وكفاحها من أجل تربية صغارها.

استمرَّت أيضاً في المشاهدة بسبب المجتمع العالمي للمعلِّقين عبر التطبيق. فعلى عكس مواقع الإنترنت عادةً، تبدو التعليقات البالغة نحو 75 ألفاً مُشجِّعة وتعليمية للجميع.

تتطوَّر الأحداث ببطء... وهو ما يعدُّه معجبون «متعة العرض» (أ.ب)

وقائع...

كان موسما التكاثر الماضيان من الأكثر نجاحاً على الإطلاق بالنسبة إلى الطيور؛ إذ بلغ عدد فرخها 33 كل عام، وبات هناك أكثر من 60 زوجاً من الطيور القادرة على التكاثر في المستعمرة، بعدما بدأت إجراءات حفظ الأنواع عام 1937 بزوج واحد. لكن التقدُّم يبدو بطيئاً؛ فطائر القطرس الملكي الشمالي يعيش طويلاً ويتكاثر ببطء. وبعد أول رحلة له، يبقى الصغار في البحر بين 4 و10 سنوات. كما أنه يسافر حتى 118 ألف ميل في السنة، ثم يقضي نحو ثلاث سنوات في اختيار شريك، ويعيش حتى نحو 40 عاماً.

وتُعدُّ مستعمرة البرّ الرئيس في نيوزيلندا، وهي واحدة من 4 مواقع، موطناً لـ1 في المائة من الطيور البالغ عددها 170 ألفاً على مستوى العالم. وإذ أثبتت تدابير التكاثر نجاحها؛ تقول بروني إنّ الطيور أصبحت مهدَّدة أكثر من أي وقت بسبب التلوّث الناجم عن مخلّفات البلاستيك، والصيد الجائر، وارتفاع درجات حرارة البحار.

أما بيلير فقالت إنّ موت أحد الفراخ بسبب ابتلاعه البلاستيك عام 2023، جعلها تقلّل بشكل كبير من استخدام هذه المواد في منزلها، كما أنّ طائر القطرس الملكي أصبح جزءاً من عملها لكونها فنانة لنحت الحيوانات.

ووصفت البثّ المباشر من رأس تاياروا بأنه «مكان مهدّئ للأعصاب بشكل حقيقي». وأضافت: «هنا لا ترى سوى الأمور الإيجابية، وغالباً ما يقول المعلِّقون إنه أفضل مكان يمكن أن يكونوا فيه».


مقالات ذات صلة

شجرة تاريخية في بريطانيا تُواجه الفأس

يوميات الشرق لا تستحق تذوُّق الفأس (حملة إنقاذ الشجرة)

شجرة تاريخية في بريطانيا تُواجه الفأس

لطالما كانت جميلة تثير الإعجاب ولا تستحقّ هذه المعاملة. إنها أقدم من المنازل، وأقدم كثيراً من ساحة رَكْن السيارات...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المركز يعمل منذ تأسيسه على تنفيذ حزمة من الخطط الفاعلة لحماية الحياة الفطرية (واس)

مجلة عالمية تكشف عن تنوع أحيائي ثري في موائل السعودية

أكدت دراسة علمية حديثة أن موائل السعودية تستضيف تنوعاً أحيائياً ثرياً من الكائنات المفترسة التي تنتشر في عدة مواقع مثل المنطقة الجنوبية الغربية من البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ نفوق حيوانات في أميركا بسبب إنفلونزا الطيور (رويترز)

نفوق نمر و20 قطة بسبب إنفلونزا الطيور في محمية بواشنطن

نفقت عشرون قطة، بالإضافة إلى نمر بنغالي، وأربعة أُسود، بعد إصابتها بإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة في محمية للحيوانات بولاية واشنطن الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مجموعة الصيد طاردت الدب إلى شجرة عندما أطلق أحدهم النار عليه فسقط وأصاب أحد أفراد المجموعة (أرشيفية- أ.ب)

أميركيون يصطادون دبّاً من أعلى شجرة فيسقط على أحدهم ويقتله

لم يتخيل صياد أميركي أنه بإطلاقه النار على دب أعلى شجرة بغرض اصطياده، سيتسبب في وفاة أحد رفاقه الصيادين أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رمزُ أيام الصيف المُشمسة (أ.ب)

​«الفراشات الملكية» مُهدَّدة... واستنفار في أميركا

أعلن مسؤولون معنيّون بالحياة البرّية في الولايات المتحدة تمديد دائرة الحماية الفيدرالية لتشمل «الفراشات الملكية» بعد سنوات من تحذيرات أطلقها خبراء البيئة...

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

مصر لإزالة «التشوهات البصرية» بمحيط المتحف الكبير

تصميم المتحف الكبير في بعض مساحاته بمجال مفتوح على المنطقة المحيطة (رئاسة الوزراء)
تصميم المتحف الكبير في بعض مساحاته بمجال مفتوح على المنطقة المحيطة (رئاسة الوزراء)
TT

مصر لإزالة «التشوهات البصرية» بمحيط المتحف الكبير

تصميم المتحف الكبير في بعض مساحاته بمجال مفتوح على المنطقة المحيطة (رئاسة الوزراء)
تصميم المتحف الكبير في بعض مساحاته بمجال مفتوح على المنطقة المحيطة (رئاسة الوزراء)

اقتربت مصر من إزالة «التشوهات البصرية» بمحيط المتحف الكبير، تمهيداً لافتتاحه الرسمي المرتقب خلال العام الحالي، بعد وضع اللمسات النهائية على المتحف، وبالتوازي الانتهاء من أعمال التطوير في محيطه.

وخلال جولة ميدانية في المتحف لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، تم استعراض جهود التطوير بالمنطقة المحيطة بالمتحف. وأوضح اللواء عاطف مفتاح، المشرف الهندسي على مشروع المتحف والمنطقة المحيطة، الموقف التنفيذي لمشروعات التطوير، بما تشمله من تنفيذ مسطحات خضراء، وتصميمات جمالية، وتطوير الميادين، وأعمال الإضاءة وشبكات الري في المنطقة المحيطة بالمتحف، وكذلك مشروع تحسين وتطوير الصورة البصرية للطريق الدائري بمحافظتي القاهرة والجيزة، في ميدان الرماية، وأسفل الطريق الدائري، وعلى طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، ومختلف الطرق المؤدية إلى المتحف.

رئيس الوزراء يتفقد محيط المتحف الكبير (رئاسة الوزراء)

وأكد رئيس الوزراء المصري ضرورة تكثيف العمل خلال الأيام المقبلة؛ للانتهاء من جميع الأعمال المتبقية، بالتوازي مع الإجراءات المطلوبة لتنظيم احتفالية كبرى لافتتاح المتحف المصري الكبير ترقى لمستوى الاحتفاليات الدولية، بما يظهر عراقة الشعب المصري والحضارة المصرية القديمة، وفق بيان لرئاسة مجلس الوزراء.

وتراهن مصر على المتحف الكبير لزيادة عدد السياح الوافدين إليها، وقد تخطوا 15.7 مليون سائح في العام الماضي، 2024، وفق تصريحات سابقة لوزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، الذي أكد خلال الجولة الميدانية، السبت، أن «العالم بأسره يترقب افتتاح هذا الصرح الكبير الذي من المتوقع أن يضيف لمصر أعداداً كبيرة من السياح الوافدين إليها».

وبني المتحف المصري الكبير بالتعاون بين مصر واليابان على مساحة نحو 117 فداناً، ومن المقرر أن يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها، وللمرة الأولى، عرض المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون، وهي أكثر من 5 آلاف قطعة، ومن المتوقع أن يستقبل المتحف 5 ملايين زائر سنوياً، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وضع اللمسات النهائية على المتحف الكبير (رئاسة الوزراء )

وكانت محافظة الجيزة، التي يقع المتحف في نطاقها، قامت قبل سنوات عدة بطلاء البيوت المبنية بالطوب الأحمر على الطريق الدائري المؤدي للمتحف بلون موحد (البيج الفاتح) ضمن خطة لتقليل التشوهات البصرية، وإضفاء طابع جمالي على مبانٍ عشوائية بُنيت على جانبي الطريق في مرحلة الانفلات الأمني الذي عانت منه مصر عقب أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011.

وخلال الجولة الميدانية، السبت، أشار محافظ الجيزة إلى قيامه بمتابعة أعمال التطوير في محيط المتحف المصري الكبير وقطاع حدائق الأهرام، وعدّ ذلك «ضمن خطة الدولة لرفع كفاءة البنية التحتية وتطوير المناطق المحيطة بالمتحف والطرق المؤدية إليه»، وفق البيان.

المتحف المصري الكبير (رئاسة الوزراء)

ورصدت «الشرق الأوسط» أعمال تطوير في محيط المتحف، حيث تمت توسعة الطرق والمحاور الرئيسية المؤدية إليه، والربط بينه وبين منطقة الأهرامات المجاورة له، كما تم تجميل المنطقة المحيطة، بالتزامن مع إنشاء محطة مترو ضمن المرحلة الرابعة لمترو أنفاق القاهرة لتربط منطقة الأهرامات والمتحف بوسط المدينة.

وأوضح خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن «الدولة تستعد لافتتاح المتحف المصري الكبير هذا العام، وتعمل على تحسين الرؤية البصرية في محيط المتحف، وفي طرق الوصول إليه، بتطوير ورصف ورفع كفاءة الطرق والمحاور المرورية، ومعالجة وطلاء واجهات المباني السكنية المطلة على الطريق الدائري للظهور بالشكل الحضاري، بدءاً من نزلة شارع البحر الأعظم، حتى بداية الطريق السياحي بطول تقريبي 14 كيلومتراً للاتجاهين».

وفي وقت سابق، انتقد رئيس جهاز التنسيق الحضاري في مصر، المهندس محمد أبو سعدة، «القبح الذي تظهر به مبانٍ على الطريق الدائري الموصل للمتحف». وأكد في تصريحات صحافية أن «الجهاز وضع خطة تستهدف طلاء جميع المباني الواقعة على طول الطريق الدائري كمرحلة أولى»، مؤكداً على وجود «إرادة سياسية قوية لوقف التلوث البصري في كل محافظات مصر».

إحدى قاعات المتحف المصري الكبير (رئاسة الوزراء)

ومن ضمن أعمال التطوير التي يرصدها الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان لـ«الشرق الأوسط» استكمال أعمال تطوير ترعة المريوطية في المنطقة الممتدة من شارع الملك فيصل حتى كوبري الصحابة، بالإضافة إلى إزالة أي تعديات على خطوط التنظيم، وكذلك رفع كفاءة طريق المنصورية، وإنشاء ممشى سياحي به، وتطوير الأرصفة والتشجير والإنارة بطريق الفيوم لإبراز الطابع الجمالي للمنطقة.