روائع آدم حنين الباريسية ترى النور للمرة الأولى في مصر

مكتبة الإسكندرية تستضيف معرضاً يضمّ 130 عملاً لـ«سليل الفراعنة»

مشهد من معرض «آدم حنين... سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)
مشهد من معرض «آدم حنين... سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)
TT

روائع آدم حنين الباريسية ترى النور للمرة الأولى في مصر

مشهد من معرض «آدم حنين... سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)
مشهد من معرض «آدم حنين... سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)

عبر 130 عملاً فنيّاً تتنوّع بين النحت والتصوير، يضمّها معرض «آدم حنين... سنوات باريس»، تحتفي مكتبة الإسكندرية بمرور 10 سنوات على إنشاء متحف الفنان المصري الراحل (1929-2020) بالحرانية في الجيزة (غرب القاهرة).

يتضمَّن المعرض عرض أعمال نفّذها حنين في باريس للمرة الأولى، إذ خُزِّنت في مكان يخصّ الفنان الراحل في العاصمة الفرنسية لأكثر من 20 عاماً؛ تركها في عهدة فنان فرنسي، تواصلت «مؤسّسة آدم حنين» معه لاستعادتها، وسط صعوبة عملية نقلها إلى القاهرة، وفق وَصْف مدير إدارة المعارض والمقتنيات الفنّية بمكتبة الإسكندرية، الدكتور جمال حسني، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأعمال تحتاج إلى حماية خاصة، وحرص شديد، لتصل سليمة من دون أن تتضرَّر من عمليات النقل».

زائر يتأمَّل جانباً من لوحات المعرض (مكتبة الإسكندرية)

وتضمُّ المجموعة المختارة أعمالاً متنوّعة ما بين الفرسك والتمبرا والمونوتيب والبردي والأردواز والطباعة، سواء الخشبية أو على الورق، فضلاً عن الرسم بأنواع متعدّدة من الأحبار؛ بينها الحبر الشيني. وتعكس كثيراً من السمات التي ميَّزت حنين في التصوير والنحت، إذ تكشف غلبة التجريد على لوحاته التصويرية، وسعيه إلى الوصول نحو آفاق روحية بالغة السمو والإنسانية. أما أعماله النحتية التي أنجزها أيضاً خلال إقامته في باريس، فحرص على أن تكون معبِّرة عن الخصوصية المصرية؛ ولعلَّ أبرزها تمثال «شيخ البلد»، الذي قدّمه الفنان المصري الراحل في نحت يكشف عن نوع من الأريحية وسعة العيش، والهدوء والاطمئنان للمستقبل.

تمثال «شيخ البلد» (مكتبة الإسكندرية)

«رغم إقامة حنين الطويلة في باريس، فإنه لم يتخلَّ عن مصريته ولا شخصيته»، وفق حسني. وأضاف: «ظلَّ يقدّم أعمالاً مُفعمة بالفنون المصرية القديمة، من بينها اهتمامه بتقديم أعمال نحتية للقطّ المصري الأسود بغموضه، وما يُعبّر عنه من مكانة خاصة في التراث المصري القديم، وقدرة على إضفاء الحماية، وغرس البشائر الطيّبة في النفوس».

وُصف حنين بأنه «سليل الفراعنة» (مكتبة الإسكندرية)

يضمُّ المعرض أيضاً قطعة منحوتة من النحاس على هيئة بومة برأسها المستدير، وجسمها الذي يشغل مساحة كبيرة، وسيقانها القوية المغطَّاة بالريش، فضلاً عن كثير من القطع الصغيرة التي تأخذ شكل الجراء والأحصنة والأسماك؛ وقد عُرضت ممزوجة بتماثيل لشخصيات بدت كأنها تتجاذب أطراف الحديث، وهو ما يظهر واضحاً في ركن تكوَّن من تمثال لشخص يلتفت ناحية تمثال لفرس النهر، ويرفع رأسه إلى أعلى فيما يُشبه الالتفاتة المفاجئة.

إحدى القطع النحتية في معرض «سنوات باريس» (مكتبة الإسكندرية)

المعرض الذي يستمر حتى 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، لا يضمّ كل القطع المُستعادة من فرنسا، وإنما نماذج منها، وهي أعمال نفَّذها الراحل أو بلور فكرتها خلال فترة إقامته الباريسية من 1971 إلى 1996. وتأتي أهمية هذه المجموعة بكونها تُمثّل نافذة على فنّ آدم حنين بالغ التنوّع.

ووفق حسني، فإنّ فكرة الحدث جاءت خلال اجتماع مجلس أمناء «مؤسّسة آدم حنين للفن التشكيلي»، بمناسبة بحث الاحتفال بمرور 10 سنوات على تأسيس متحفه بمنطقة الحرانية بالجيزة، وعُرض على المؤسّسة تنظيم معرض يحتفي بالمناسبة، واختيرت قطع المعرض ليراها الجمهور للمرّة الأولى، فقد كانت جميعها في مخازن المتحف، وشكّلت فرصة جيدة لإخراجها والاحتفال بها.

قطع نحتية من معرض آدم حنين (مكتبة الإسكندرية)

عشقَ حنين المولود في أسرة متوسّطة بحي باب الشعرية (وسط القاهرة) فنَّ النحت الذي برع فيه المصري القديم، وتعلّق به بعد زيارة للمتحف المصري وهو في المدرسة الابتدائية. وبعد رحلة مهنية طويلة سافر في بداية السبعينات إلى باريس مع زوجته عالمة الأنثروبولوجيا عفاف الديب؛ حيث قضى نحو ربع قرن تحوّل فنه خلالها إلى التجريد، قبل أن يعود إلى القاهرة عام 1996.

زائر في جانب من المعرض (مكتبة الإسكندرية)

وحرصاً منه على استمرار رسالته الفنّية، حوَّل منزله في منطقة الحرانية بالجيزة متحفاً يعرض أعماله، ومؤسّسة فنّية تقدّم جائزة سنوية في فنّ النحت لتربية جيل جديد من النحاتين.

وودّعت مصر النحات والفنان العالمي الذي لُقِّب بـ«شيخ النحاتين» عام 2020 عن 91 عاماً، وتسبَّب خبر وفاته في حالة حزن بالأوساط التشكيلية المصرية؛ فقد وصفته وزارة الثقافة المصرية حينها بأنه «رمز عبقري، ومثال فذّ للفنّ التشكيلي المصري، وأحد أعلام النحت الحديث والمعاصر»، كما وصفته نقابة التشكيليين المصرية بأنه «سليل الفراعنة»، و«شيخ النحاتين»، و«راهب النحت».


مقالات ذات صلة

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

يوميات الشرق مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

بات «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، يشكل تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق الطبيعة بريشة الفنانة البرازيلية (متحف لوكسمبورغ)

تارسيلا دو أمارال... الفنانة المتمردة التي رسمت البرازيل

يأتي معرض الرسامة البرازيلية تارسيلا دو أمارال، في متحف دوقية لوكسمبورغ، ليشيع دفئاً لاتينياً جنوبياً يأخذ زواره إلى بقاع تحب الألوان الحارة والإيقاعات البدائية

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

سنوات مرَّت ومحمد حافظ سوريٌّ جداً، في عزّ إمكان بزوغ الخيار الآخر؛ كأنْ يتغاضى مثلاً، أو يُشفى بعض الشيء من مرارة الأوطان. فنُّه عزاء لروحه المشتاقة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.