مصر تستعيد «روائع» أم كلثوم في ذكرى ميلادها الـ126

حفل غنائي بالأوبرا... وندوة ترصد مشوارها الفني

أم كلثوم قدمت العديد من الأغنيات التي استقرت في وجدان المصريين (مشروع «القاهرة عنواني»)
أم كلثوم قدمت العديد من الأغنيات التي استقرت في وجدان المصريين (مشروع «القاهرة عنواني»)
TT

مصر تستعيد «روائع» أم كلثوم في ذكرى ميلادها الـ126

أم كلثوم قدمت العديد من الأغنيات التي استقرت في وجدان المصريين (مشروع «القاهرة عنواني»)
أم كلثوم قدمت العديد من الأغنيات التي استقرت في وجدان المصريين (مشروع «القاهرة عنواني»)

في ذكرى ميلادها الـ126 تستعيد مصر «روائع كوكب الشرق» أم كلثوم، في حفل غنائي كبير ضمن سلسلة «كلثوميات» التي تنظمها دار الأوبرا المصرية، وندوة لمبادرة «القاهرة عنواني» يرصد فيها مؤرخون وكُتاب مشوارها الفني ومحطاتها المختلفة.

ففي ليلة رأس السنة، ونحن على مشارف العام الجديد، تقيم دار الأوبرا المصرية حفلاً لفرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشي، على مسرح معهد الموسيقى العربية في وسط القاهرة.

ويشهد الحفل تقديم عددٍ من أهم أعمال «كوكب الشرق» أم كلثوم، التي كانت ثمرة تعاون بينها وبين كبار الشعراء والموسيقيين، ومن بينها «فات الميعاد» و«الحب كده» بأداء المطربتين رحاب مطاوع وبسملة كمال.

وتأتي سلسلة «كلثوميات» التي تنظمها الأوبرا المصرية ضمن مساعي وزارة الثقافة المصرية ودار الأوبرا لتخليد أعمال «كوكب الشرق» ونشرها وإتاحتها للأجيال الجديدة، بوصفها جزءاً أصيلاً من التراث الموسيقي العربي، وفق بيان للأوبرا، الثلاثاء.

أم كلثوم بدأت مشوارها الغنائي في عشرينات القرن الماضي (مشروع «القاهرة عنواني»)

وُلدت أم كلثوم عام 1898 في محافظة الدقهلية بدلتا مصر، وانتقلت إلى القاهرة مع والدها في عشرينات القرن الماضي، وتتلمذت على يد الشيخين أبو العلا محمد وزكريا أحمد، وبدأت مشواراً فنياً زاخراً مع الموسيقار محمد القصبجي، ومن ثَم محمد عبد الوهاب، بالإضافة إلى كبار الملحنين والشعراء. ومن أعمالها «الأطلال»، و«أنت عمري»، و«ثورة الشك»، و«لسه فاكر»، و«يا مسهرني»، و«مصر تتحدث عن نفسها»، و«رباعيات الخيام».

ويستعيد المشروع الثقافي «القاهرة عنواني»، مسيرة «كوكب الشرق» ومشوارها في ندوة بالمسرح الصغير لدار الأوبرا المصرية في مستهل العام الجديد، وذلك ضمن خطة «الثقافة» لتخليد رموز الإبداع المصري، حيث تُعقد سلسلة «أرواح في المدينة» من تقديم الكاتب الصحافي محمود التميمي، وندوة بعنوان «الليلة السنوية في حب الست أم كلثوم».

ويتضمن اللقاء تأمّلات في أرشيف إبداعات وذكريات وحب «كوكب الشرق»، بمشاركة نخبة من المتخصصين والكُتاب والمثقفين من بينهم «عاشق التراث الموسيقي» الدكتور محمد أحمد الباز، والكاتب الصحافي سيد محمود رئيس التحرير السابق لـ«جريدة القاهرة»، وهيثم أبو زيد الباحث في مجال التِلاوة والإنشاد الديني، والكاتب الصحافي محمد دياب أحد مؤرخي الغناء المصري.

أم كلثوم تعد من أبرز نجوم الغناء العربي في القرن العشرين (مشروع «القاهرة عنواني»)

وأوضح التميمي، مؤسس مشروع «القاهرة عنواني» أنه حين بدأ في تنظيم «ليالي أرواح» في المدينة قبل سنوات، حرص على تناول الأصول الثابتة للهوية المصرية التي استقرت عبر الزمن، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي أعمال أم كلثوم من أكثر أصول الهوية المصرية رسوخاً، لأنها عبّرت عن تطوّر مجتمعها منذ كانت تغني أناشيد دينية وتواشيح في بدايات مشوارها، ومن ثَمّ واكبت التطور وقدمت الأغنية بشكلٍ حداثي مختلف عمّا قدمه غيرها في بدايات القرن، فكما طوّر عبد الوهاب في الموسيقى، طوّرت هي أيضاً في الغناء».

وحرصت أم كلثوم لفترة طويلة على إقامة حفل دوري كل شهر، في مصر والدول العربية، تقدم فيه أغنيات جديدة، وكان هذا الحفل حدثاً مميزاً يشهد حضوراً لافتاً، ويحرص على متابعته جمهور الغناء المصري والعربي، كما لعبت دوراً وثّقته كتب كثيرة في دعم المجهود الحربي بعد نكسة يونيو (حزيران) عام 1967.

الحفلات الشهرية لأم كلثوم كانت حدثاً مميزاً في القاهرة (مشروع «القاهرة عنواني»)

ووصف التميمي صوت أم كلثوم بـ«المتفرد»، مضيفاً أن هذا الصوت «يُعبّر عن طين الأرض المصرية، وأنها لآخر يومٍ في حياتها قدّمت هذا المزيج بين المحافظة والحداثة. المحافظة على كل ما يتعلق بأصولها المصرية، والحداثة فيما يتعلق باستخدام أدوات العصر وبُنية العقل القائمة على التفكير الذكي والخلّاق، فهي لطالما كانت نموذجاً للبحث عن كل ما هو جديد».

وأكد التميمي أن «صوت أم كلثوم ظلّ خالداً في مواجهة التّغيرات والطفرات التي مرت بالمجتمع المصري، وظل يتردّد في كلّ مكان وفي كل بيت، وما زالت معيناً لا ينضب، تُكتب عنها الكتب والدراسات بوصفها إحدى علامات الإبداع المضيئة في التاريخ المصري».

وإلى جانب الأغنيات المتنوعة التي قدمتها أم كلثوم، فقد قدمت أيضاً أفلاماً غنائية، بداية من عام 1936 وحتى عام 1947، وهي: «وداد» و«نشيد الأمل» و«دنانير» و«عايدة»، و«سلامة» و«فاطمة»، بالإضافة إلى أغنيات فيلم «رابعة العدوية».


مقالات ذات صلة

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

يوميات الشرق أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ملصقات وسلع تحمل صور إلفيس بريسلي في برمنغهام ببريطانيا (إ.ب.أ)

سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

تعمُّ الاحتفالات أرجاء بريطانيا إحياءً للذكرى الـ90 لميلاد أسطورة الغناء إلفيس بريسلي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل بن أفليك وزوجته السابقة جنيفير لوبيز (رويترز)

بعد زواج دام عامين... جينيفر لوبيز وبن أفليك يتوصّلان إلى تسوية طلاق

توصّل النجمان الأميركيان بن أفليك وجينيفر لوبيز إلى تسوية بشأن طلاقهما، بعد 5 أشهر من الانفصال الذي أنهى زواجهما الذي دام عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

تصدرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما «تريند» موقع «يوتيوب».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

بعد أن كان نجوم الغناء يُرمَون بالورود خلال حفلاتهم، باتوا يُرشَقون بالأغراض المؤذية التي تنتج عنها إصابات. ما خلفيَّة هذه الظاهرة المستجدة؟

كريستين حبيب (بيروت)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.