مرزاق علواش لـ«الشرق الأوسط»: اقتبست فيلم «الصف الأول» من «السوشيال ميديا»

المخرج الجزائري قال إن أعماله الأخيرة تقدم تشخيصاً للواقع

لقطة من فيلم «الصف الأول» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «الصف الأول» (الشركة المنتجة)
TT

مرزاق علواش لـ«الشرق الأوسط»: اقتبست فيلم «الصف الأول» من «السوشيال ميديا»

لقطة من فيلم «الصف الأول» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «الصف الأول» (الشركة المنتجة)

في أحدث أفلامه «الصف الأول» يخوض المخرج الجزائري الكبير مرزاق علواش تجربة سينمائية مغايرة، عبر قصة بسيطة أبهرت الحضور، وأثارت الضحك أثناء عرضها في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، وتكشف عن أزمات يعيشها المجتمع الجزائري، أراد المخرج تسليط الضوء عليها على غرار «هجرة الشباب».

الفيلم الذي شارك بقسم «روائع عربية» بالمهرجان تدور أحداثه في أجواء عائلية كوميدية لأسرة متوسطة تستيقظ مبكراً لقضاء أول يوم في صيف الجزائر على الشاطئ، ترصدهم الكاميرا والأطفال في جلبة لحمل أمتعتهم وملابس البحر، والابنة الشابة تجمع ما سوف تحتاجه لتُعد لهم الطعام طوال اليوم، فيما تستعجل الأم الجميع للوصول للشاطئ مبكراً لحجز أول صف في مواجهة البحر، وحين يصلون ويضعون أمتعتهم تستقر العائلة في مواجهة البحر توقعاً ليوم مثالي ينتظرها بعيداً عن حرارة الجو.

إلا أن الأحوال تتبدل بوصول عائلة ثانية للشاطئ وتقع أزمة كبيرة حول من له أحقية الجلوس في الصف الأول الذي تحاول الأسرة القادمة الاستيلاء عليه، الأمر الذي يقود إلى أحداث غير متوقعة ومواجهات صاخبة بين العائلتين.

الفيلم كتبه مرزاق علواش وتم تصويره كاملاً في الجزائر، ويقوم ببطولته نبيل عصلي، وفتيحة أووارد، وهناء منصور، وبشرى روي، وهشام بن مصباح، إضافة لعدد من الوجوه الجديدة التي يقدمها علواش، حيث حصل الفيلم على دعم من صندوق البحر الأحمر السينمائي وشهد عرضه العالمي الأول مهرجان «تورونتو» خلال دورته الماضية.

المخرج علواش تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن فكرة الفيلم وكيف جاءته، قائلاً: «رغم إقامتي في فرنسا منذ سنوات طويلة، فإني أذهب كثيراً للجزائر لأن أفلامي كلها ترتبط بالمجتمع الجزائري، وأنا مهتم بشكل خاص بقصص الشباب وطريقة تفكيرهم هناك».

علواش (الشرق الأوسط)

وأضاف أنه في أوقات الفراغ يطالع مواقع التواصل الاجتماعي، وقد صادف أن قرأ عن امرأة ذهبت للبحر ودفعت أموالاً لتجلس في الصف الأول، ثم حضرت عائلة أخرى لتجلس في المكان نفسه، مما أوجد إشكالاً بينهما، وأثار جدلاً على مواقع «السوشيال ميديا»، ومنها انطلقت فكرة فيلمه الذي أراد أن يُضفي عليه لمحة كوميدية.

لا ينشغل علواش بتحميل أفلامه الأخيرة رسائل سياسية على غرار بعض أفلامه الأخرى، عن ذلك يقول: «اخترت الحديث عن مشكلات مجتمعية مع وجود مخاوف تتعلق بمشهد العنف بين المرأتين في الفيلم، ورغم أنه مشهد ضاحك لكنه يطرح إشكالية متعلقة بالمرأة، كما تكشف قصة حب شاب وفتاة قضية الهجرة التي تشمل شباب المغرب العربي كله، لذا لا أبعث برسائل بل أقدم تشخيصاً للواقع».

ويطرح الفيلم نموذجاً لفتاة شابة تنشغل طوال الوقت بخدمة أشقائها وعمل الطعام لهم طوال اليوم، وفي سؤاله عن وضع المرأة الجزائرية يقول علواش: «أنا مخرج ولست اختصاصياً اجتماعياً، وليست مهمتي أن أقوم بالتحقيق حول هذه المشكلات، لكنني أصنع أفلاماً ترتبط بالواقع».

وحول اختياره للممثلين في أفلامه، يقول علواش: «لا أفكر في الممثلين أثناء فترة كتابتي للسيناريو ولا أكتب دوراً خصيصاً لممثل محدد، بل أنهي الكتابة وأقوم ببناء الشخصيات أولاً ثم أختار الفنان الملائم بعد أن تصبح الصورة واضحة أمامي».

ويستعد المخرج الجزائري للمشاركة بفيلمه في مهرجان «قرطاج السينمائي» بتونس، ويتحدث عن المهرجان قائلاً: «لقد حضرت إلى هذا المهرجان عدة مرات وفزت من خلاله بجائزتي (التانيت الذهبي) و(التانيت الفضي)، ويسعدني أن أشارك هذا العام بأحدث أفلامي (الصف الأول) كما أقدم (مستر كلاس) لأتحدث مع الشباب التونسي عن السينما، وقد شاركت في عضوية تحكيم قرطاج مرات عدة، ولدي أصدقاء كُثر في تونس، لكن من هم من جيلي أغلبهم توفوا، لكنني سعدت باختيار المخرج فريد بوغدير مديراً لأيام قرطاج السينمائية ويعجبني أنه بصفته سينمائياً يلجأ إلى السخرية كثيراً في أفلامه».

أفيش فيلم «الصف الأول» (الشركة المنتجة)

يشار إلى أن المخرج مرزاق علواش يعد أحد كبار مخرجي السينما الجزائرية والعربية منذ انطلقت مسيرته منتصف سبعينات القرن الماضي عبر فيلم «عمر قتلاتو» الذي أثار اهتماماً كبيراً، وتوالت أفلامه، ومن بينها: «مغامرات بطل»، و«حب في باريس»، و«السطوح»، و«مرحباً ابن العم»، و«حراقة»، و«ريح رباني»، كما أخرج أفلاماً وثائقية على غرار «وما بعد الثورة»، و«صوت رمضان».



«ميني مافيا»... برنامج كارين سلامة يُثير جدلاً بين اللبنانيين

برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
TT

«ميني مافيا»... برنامج كارين سلامة يُثير جدلاً بين اللبنانيين

برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)

خطوة جريئة أقدمت عليها الإعلامية كارين سلامة في مجال التقديم التلفزيوني، تمثّلت في برنامجها «ميني مافيا» عبر شاشة تلفزيون «الجديد»؛ تستضيف خلاله مجموعة مواهب من الأطفال، يتحدّثون عن أحلامهم وهواجسهم ومشكلاتهم، ويعبِّرون عن مشاعرهم وعن مواقف تجاوزوها، ومرات يُطلُّون كنجوم في وسائل التواصل الاجتماعي. وتتماهى سلامة مع ضيوفها بأسلوب بسيط وقريب من القلب، وهو ما يُسهم في تفاعلهم مع أسئلتها بعفوية وطبيعية.

تملك كارين سلامة خبرة واسعة في التقديم التلفزيوني يتجاوز عمرها الـ20 عاماً. تنقلت بين برامج سياسية واجتماعية وفنّية، وهو ما زوّدها بخلفية إعلامية مصقولة بالتجارب والتحدّيات. ولكن ماذا عن «ميني مافيا»؟ وكيف تُفسِّر هذه الخطوة في مشوارها الإعلامي؟ توضح لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة تعود الفكرة إلى المخرج نضال بكاسيني. وعندما عرضها عليّ تحمسّت للتجربة، لا سيما أنه لم يسبق لي أن خضتها من قبل. ووجدت فيها ملعباً إعلامياً جديداً يتحدّاني ويتمتع بآفاق واسعة، فوافقت من دون التخطيط أو التحضير لها. فجاءت عفوية وتماهيت معها لا شعورياً كأمٍ تتعامل مع أولادها».

الإعلامية اللبنانية كارين سلامة (كارين سلامة)

على الرغم من أن البرنامج محوره البراءة والبساطة لارتكازه على الطفولة، بيد أنه أثار الجدل منذ حلقته الأولى التي تناولت موضوع السياسة. وهُوجمت كارين وانتُقدت إلى حدّ الطلب بإيقاف البرنامج. ولفت منتقدو الحلقة إلى أن التحدث مع الأطفال في موضوعات سياسية يُعدّ استغلالاً لهم. ويومها تضمّنت الحلقة نقاشاً بين ولدَيْن، أحدهما من بيئة «حزب الله»، والثاني من حزب القوات اللبنانية. ولكن في الوقت نفسه أظهر هذا السِّجال مدى تأثر الأطفال ببيئتهم السياسية والاجتماعية.

وتوضح سلامة: «صُدمت بردّ فعل الناس حول الحلقة الأولى من البرنامج. فـ(ميني مافيا) ليس البرنامج التلفزيوني الأول الذي يستضيف الأولاد. وكذلك لست السبّاقة إلى التكلم معهم في موضوعات سياسية. فالاعتراض طال محتوى الحلقة، ومع الأسف عندما تواجهين الإنسان بحقيقة مجتمعه يرفض الإصغاء. من ناحية ثانية ينكبّ على جَلد من أسهم في كشفها. وهناك أمثلة كثيرة عن علماء هُوجموا بسبب نظرياتهم واكتشافاتهم، لتُدرك المجتمعات بعد ذلك أنها صحيحة. ولأن مقدّم البرنامج يكون الحلقة الأضعف، تصيبه أسهم الانتقادات مباشرة».

تعتب كارين على من حوَّل الحلقة الأولى إلى تصفية حسابات وخطة ممنهجة لتشتيت هدف البرنامج. وتعلّق: «هناك أشخاص يستميتون بلغة الجَلد، ولكنني توجهت بالاعتذار إلى الأشخاص الذين وجّهوا الانتقاد بموضوعية».

قد تكون سلامة وضعت الإصبع على الجرح فتسبَّبت بالإزعاج لمن يغض النظر عن هذه المشكلة، وتُشير إلى أنها تلقّت اتصالات كثيرة تؤكد لها أن حوارات مشابهة تجري يومياً بين تلامذة المدارس وفي بيوت اللبنانيين.

تستضيف سلامة في «ميني مافيا» مواهب طفولية مشهورة (كارين سلامة)

موضوعات مختلفة تتناولها كارين في برنامجها بينها فنية واجتماعية وحالات صحية صعبة، فتسلّط الضوء عليها بحوارات مع أصحابها الأطفال بسلاسة ومن دون تصنّع. فلا تتوانى مرات عن توجيه كلمات التَّشجيع والتَّحبُب والإعجاب لهم. كما تُسهم مرات أخرى في فتح باب المساعدة لأطفال يعانون تشوّهات خلقية ويحتاجون إلى عملية جراحية للتخلّص منها. كما أنها استضافت نماذج أطفال مختلفة، من بينهم فتاة لأم إثيوبية تعاني التنمّر بسبب لونها. في حين لامست مشاعر المشاهد عن قرب عندما استضافت طفلة أُصيبت بإعاقة بسبب رصاصة طائشة. وتعلّق: «تخيلي كمية الانتقادات التي تلقيتها في الحلقة الأولى قابلها تجاهل تام فيما يخص مساعدة هذه الطفلة. فأنا أعمل في مجال المساعدات الإنسانية منذ نحو 10 سنوات، لكنني فوجئت بعدم التفاعل مع حالة هذه الطفلة حتى من السياسيين والوزراء والنواب».

وأنت تشاهد كارين سلامة تقدم «ميني مافيا» تذكّرك لا شعورياً بالمقدم الفرنسي الراحل جاك مارتان. فهو حصد شهرة واسعة طالت الشرق والغرب من خلال برنامجه التلفزيوني «مدرسة المعجبين» (L'École des fans) الخاص بالأطفال. وتميّز بأسلوبه اللطيف والسَّلس في حواراته معهم. وكارين تعتمد أسلوباً مشابهاً ينمُّ عن عاطفة كبيرة تكنّها للأطفال. فهل هي متأثرة بالفرنسي مارتان؟ تردّ: «لا شك أنه في اللاوعي عندي تأثرٌ به مثل غيري من أبناء جيلي. فهو شكّل ذكرى لا يمكننا أن ننساها في طفولتنا. بيد أن أسلوبي ينبع من شخصية الأم. فأنا متفانية في تربية أولادي والاهتمام بهم إلى آخر حدٍّ».

ولا تنسى كارين ذكر فريق إعداد البرنامج الذي تصِفه بالقوي والمُلمِّ بثقافة غنية. فتتناقش معهم حول الموضوعات المتناولة وكيفية عرضها. وتضيف إليها جرعات من عاطفة ناضجة تتمتع بها تجاه الأولاد. «محاورة الأطفال لا تحتاج إلى التعمّق والفلسفة. ما أقوم به ينبع من غريزة الأم التي تتفاعل مع طفلها بحبٍّ وعاطفة. وهو ما يُسهم في ملامسة مشاعر المشاهد من دون جهد أو مبالغة».

وعمَّا اكتشفته في أطفال لبنان تقول: «يتمتعون بنسبة عالية من الوعي، بيد أن بعضهم متأثر بمفاهيم أهلهم بشكل كبير. فهم يريدونهم نُسخة عنهم ويسيِّرونهم انطلاقاً من هذا المبدأ. فلا يتركون لهم مساحة من الحرية ليعبِّروا من خلالها عن آرائهم. وأكثر ما طبعني هو هذا الجرح العميق الذي يكسر قلوبهم لا شعورياً. فأطفال لبنان كما أطفال البلدان المجاورة يعانون تعدّيات صارخة على طفولتهم. وهو أمرٌ مؤلمٌ يترك أثره بوضوح على ملامحهم وتفكيرهم».