الذكاء الاصطناعي يقي عازفي البيانو من الإجهاد

سعى الباحثون لفهم القوى الحيوية المشاركة في حركات يد عازفي البيانو المحترفين (جامعة ستانفورد للهندسة)
سعى الباحثون لفهم القوى الحيوية المشاركة في حركات يد عازفي البيانو المحترفين (جامعة ستانفورد للهندسة)
TT
20

الذكاء الاصطناعي يقي عازفي البيانو من الإجهاد

سعى الباحثون لفهم القوى الحيوية المشاركة في حركات يد عازفي البيانو المحترفين (جامعة ستانفورد للهندسة)
سعى الباحثون لفهم القوى الحيوية المشاركة في حركات يد عازفي البيانو المحترفين (جامعة ستانفورد للهندسة)

طوّر باحثون في جامعة ستانفورد الأميركية للهندسة نموذجاً مدرباً على الذكاء الاصطناعي؛ لإعادة إنشاء حركات اليد لعازفي البيانو المحترفين بدقة، بهدف تقليل الضغوط الجسدية التي يتحملونها في أثناء العزف.

وقدّم الباحثون نموذجهم الجديد الذي نجح في إعادة إنشاء حركات لعزف مقطوعات موسيقية معقّدة مع تقليل الضغوط الجسدية التي تتعرّض لها أيدي العازفين، مع عرض ورقتهم البحثية في مؤتمر «سيجراف آسيا» (SIGGRAPH Asia 2024)، المقام في 3 - 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

سعى الباحثون إلى فهم القوى الحيوية المشاركة في حركات يد عازفي البيانو المحترفين، وكيف تتغيّر هذه القوى مع اختلاف أحجام اليد وعرض لوحة مفاتيح البيانو.

ويقضي عازفو البيانو المحترفون ساعات لا حصر لها على المفاتيح، لإتقان حرفتهم. وبالنسبة إلى الأشخاص ذوي الأيدي الصغيرة، يمكن أن يؤدي هذا التفاني في العمل إلى إجهاد جسدي بالغ. إذ يمكن أن يؤدي التمدد المتكرر في الأوتار للوصول إلى مفاتيح بعيدة إلى إجهاد العضلات والمفاصل، وقد يؤدي إلى التهاب الأوتار ومتلازمة النفق الرسغي -واحدة من أكثر الحالات الشائعة التي تصيب اليدين- وإصابات أخرى.

ووفق الباحثين فإن هذه هي الخطوة الأولى ضمن الجهود الرامية إلى الحد من مخاطر الإصابات طويلة الأمد لدى عازفي البيانو واختبار الحلول -مثل لوحات المفاتيح الضيقة- التي يمكن أن تجعل العزف على البيانو أكثر إنصافاً للجميع.

قالت مديرة دراسات لوحة المفاتيح في جامعة ستانفورد، المؤلفة المشاركة في البحث، إليزابيث شومان، في بيان صادر، الجمعة: «لا نتوقع أبداً أن يتعامل عازفون من الطراز العالمي مع معدات لا تناسب أجسامهم. ومع ذلك، فإننا نطلب من عازفي البيانو، خصوصاً النساء، التكيف مع تصميم واحد للجميع لا يراعي طبيعة كل عازف».

جدير بالذكر أنه جرى تصميم لوحة مفاتيح البيانو الحديثة في القرن التاسع عشر مع وضع الرجل الأوروبي العادي في الاعتبار. اليوم، يُقدّر أن 87 في المائة من النساء البالغات، و24 في المائة من الرجال البالغين، لديهم أيدٍ أصغر من المثالية للبيانو القياسي.

جنّدت شومان وزملاؤها 15 عازف بيانو من مستوى النخبة، لعزف ما مجموعه 10 ساعات من الموسيقى، في حين صوّرت الكاميرات أيديهم من كل زاوية.

لم يتمكّن الباحثون من وضع أي أجهزة استشعار على العازفين دون التدخل المحتمل في أدائهم، لذلك استخدموا تقنيات الرؤية الحاسوبية المتقدمة، لدمج مقاطع الفيديو وإعادة بناء حركات أيدي اللاعبين في ثلاثة أبعاد. كما استخدموا معالجات إضافية، للتأكد من أن هذه الحركات متزامنة تماماً مع الصوت.

قالت أستاذة علوم الكومبيوتر في جامعة ستانفورد، المؤلفة الرئيسة للورقة البحثية، كارين ليو: «إن جودة البيانات التي تمكنا من تحقيقها غير مسبوقة».

وأوضحت: «لا يتعلّق الأمر فقط بأن الحركات ثلاثية الأبعاد المعاد بناؤها دقيقة ونقية؛ بل إن جودة الأداء نفسها رائعة حقاً».

واستخدم طالب الدراسات العليا في مختبر «ليو»، روتشينج وانج، وباحث ما بعد الدكتوراه، بي شو، مجموعة البيانات هذه لتدريب نموذج لتوليد بيانات عزف البيانو الجديدة بدقة. عندما أعطيا النموذج نوتة موسيقية لم يرها من قبل، تمكّن من توفير حركات اليد ثلاثية الأبعاد الصحيحة اللازمة لعزف القطعة.

قال شومان: «لقد صُدمت حقاً من مدى دقة هذا النموذج في محاكاة تقنية المستوى النخبوي»، مضيفاً: «إنه أمر لا يُصدق».

في الوقت الحالي، يمكن للنموذج محاكاة حركات اليد، لكنه لا يحاكي العضلات والأوتار التي تخلق هذه الحركات أو الضغط الذي تتعرّض له.

قال ليو: «يحتاج نموذجنا إلى أن يكون قادراً على التنبؤ بمستوى توتر العضلات واحتمالية الإصابة».

يعمل الباحثون الآن على تطوير نموذجهم الجديد، من أجل استخدامه لمساعدة عازفي البيانو -خصوصاً أولئك الذين لديهم أيدٍ صغيرة- على تجنّب الإصابات. كما يكيّفون عملهم لنمذجة حركات الموسيقيين الآخرين الماهرين.

قال ليو: «هذا ليس نموذجاً يحل محل البشر؛ نحن نعمل مع الموسيقيين للمساعدة في فهم مشكلاتهم البدنية وحلها. فهذا المشروع يتعلّق بتطوير البشر، والذكاء الاصطناعي مجرد أداة لذلك».


مقالات ذات صلة

شركة «ديب سيك» تتعرّض لهجوم إلكتروني مع زيادة عدد مستخدمي تطبيقها للذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا شعار تطبيق «ديب سيك» في صورة ملتقطة يوم 27 يناير 2025 (رويترز)

شركة «ديب سيك» تتعرّض لهجوم إلكتروني مع زيادة عدد مستخدمي تطبيقها للذكاء الاصطناعي

قالت شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة، اليوم (الاثنين)، إنها ستحد مؤقتاً من عدد من يُسمح لهم بتسجيل الدخول على موقعها، بسبب هجوم إلكتروني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في مكتبه بالبيت الأبيض 20 يناير 2025 بالعاصمة واشنطن (أ.ب)

كيف غيّر ترمب السياسة الأميركية خلال أسبوع من توليه الرئاسة؟

من الهجرة إلى المناخ والطاقة ومن الصحة والطب إلى التكنولوجيا والتوظيف الفيدرالي كيف غيّر ترمب السياسة الأميركية خلال أسبوع من توليه الرئاسة؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا «هلاوس الذكاء الاصطناعي» قد تكون ميزة في بعض الأحيان (رويترز)

«هلاوس الذكاء الاصطناعي» قد تساعد في تطوير أدوية جديدة

بعض العلماء يرون أن هلاوس الذكاء الاصطناعي قد تكون مفيدة، على عكس المتوقع، حيث يمكن أن تساعد في تغذية الابتكار وفي تطوير أدوية وعلاجات جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أمراض الرئة تتطلب تشخيصاً دقيقاً للعلاج المناسب (جامعة العلوم الصحية والصيدلة في سانت لويس)

الذكاء الاصطناعي يُشخِّص أمراض الرئة بدقة فائقة

نجح فريق بحثي في أستراليا في تطوير نموذج ذكاء اصطناعي قادر على تشخيص أمراض الرئة، بما فيها الالتهاب الرئوي، بدقة فائقة.

عالم الاعمال «آركابيتا» و«باركواي» تستثمران في محفظة شركات ذكاء اصطناعي سريعة النمو

«آركابيتا» و«باركواي» تستثمران في محفظة شركات ذكاء اصطناعي سريعة النمو

أعلنت «آركابيتا غروب هولدنغز ليمتد» إنشاء محفظة مشتركة للاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع «باركواي فينتشر كابيتال» (باركواي).


بشرى روي: فيلم «الصف الأول» أعادني للتمثيل بالجزائر

الفنانة الجزائرية بشرى روي تبدي سعادتها لعودتها للسينما (الشرق الأوسط)
الفنانة الجزائرية بشرى روي تبدي سعادتها لعودتها للسينما (الشرق الأوسط)
TT
20

بشرى روي: فيلم «الصف الأول» أعادني للتمثيل بالجزائر

الفنانة الجزائرية بشرى روي تبدي سعادتها لعودتها للسينما (الشرق الأوسط)
الفنانة الجزائرية بشرى روي تبدي سعادتها لعودتها للسينما (الشرق الأوسط)

قالت الفنانة الجزائرية بشرى روي إن فيلم «الصف الأول» للمخرج الكبير مرزاق علواش أعادها مجدداً للتمثيل في السينما الجزائرية، بعد فترة من الغياب عن بلدها، وأكدت في حديثها مع «الشرق الأوسط» أنها تشعر بالارتياح في العمل مع علواش الذي اعتاد أن يوجه أبطاله بمحبة وهدوء يماثل شخصيته.

وكان مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» قد شهد العرض الأول للفيلم بقسم «روائع عربية»، وتدور أحداث «الصف الأول» في إطار كوميدي اجتماعي من خلال أسرة جزائرية بسيطة تذهب مبكراً إلى الشاطئ ليتمكن أفرادها من قضاء يوم أمام البحر، وحجز مكان لهم بالصف الأول، وعندما تصل عائلة أخرى إلى الشاطئ تحدث كارثة غير متوقعة، وتؤدي بشرى دور زوجة رجل ثري تتعامل بتعالٍ وتشتبك مع امرأة أخرى على الشاطئ.

وتترقب الفنانة الجزائرية عرض الفيلم في السينمات الجزائرية، حيث يعد أول عمل تعود به منذ غادرت الجزائر إلى باريس قبل 14 عاماً.

وتعبر بشرى عن سعادتها بالفيلم: «الأساس في قبولي للعمل يرجع للمخرج مرزاق علواش الذي تعاملت معه منذ أكثر من 25 عاماً، فأنا أشعر بروحي كممثلة معه، وهناك احترام كبير بيننا، وهو كمخرج يُثَمن دور المرأة الجزائرية في المجتمع».

وعن دورها في الفيلم توضح: «أقوم بدور زوجة رجل ثري، لديها إحساس بذاتها وتتعامل بتعالٍ مع الآخرين لاعتقادها أنها أفضل منهم بحكم ثرائها، وعليهم أن يفسحوا الطريق أمامها».

وتستدرك أن دورها على النقيض من شخصيتها: «أنا بطبيعتي متواضعة وأتعامل ببساطة مع الآخرين، لكن كان عليّ أن أتعامل بطريقة أخرى أمام الكاميرا وأن يعلو صوتي، وهذا ما يفرضه التمثيل من تحديات على الفنان في تقديم شخصيات بعيدة عنه».

وعن استقبال الفيلم عند عرضه الأول بمهرجان «البحر الأحمر» تقول: «الحقيقة أنه أثار ضحك الحاضرين الذين امتلأت بهم الصالة، وهذا كان مؤشراً رائعاً من جمهور المهرجان بمختلف جنسياته».

ملصق فيلم «الصف الأول» خلال عرضه بمهرجان تورنتو (الشرق الأوسط)

وعن كواليس الفيلم تقول بشرى: «كنا نصور في نهاية الصيف، وكانت هناك أوقات تنخفض فيها درجة الحرارة ونحن على الشاطئ بملابس الصيف، لكن روح المحبة كانت موجودة، والفيلم كوميدي بالدرجة الأولى، وقد ضحكت حينما قرأت السيناريو الذي كتبه مرزاق فهو ثري بالمواقف الكوميدية».

وترصد الفنانة الجزائرية حجم الاختلاف بين مرزاق علواش في لقائهما الأول قبل ربع قرن عبر فيلم «باب الواد سيتي» والآن، موضحة: «زمان كان يهتم بالسياسة ومشاكل الإرهاب، لكنه دائماً يعمل مع الشباب ولأجل الشباب، يطالبهم أن يتغيروا ولا يتجهوا للهجرة».

الفنانة الجزائرية بشرى روي (الشرق الأوسط)

وتضيف: «أما أسلوبه مع الممثل فيتسم بالهدوء والرقي، بالنسبة لي تكفي نظرة منه لأفهم ما يريد، ورغم أنه يعيش في باريس بحكم ظروف الإرهاب منذ فترة (العشرية السوداء) بالجزائر حيث يتصدى في أفلامه لهذه الظاهرة، فإن أفلامه كلها تتوجه للشباب الجزائري».

وكانت بشرى روي قد رحلت عن الجزائر أيضاً في ظروف مماثلة تقول عنها: «رحلت مضطرة إلى فرنسا عقب تهديدات عدة تلقيتها في تلك الفترة، بحكم كوني ممثلة وناشطة وأستاذة رقص كلاسيكي، وقد غبت عن الجزائر 14 عاماً، وأخيراً عُدت للتمثيل بها».

وشاركت بشرى في أفلام سينمائية وتلفزيونية قبل تركها الجزائر، من بينها فيلم مع المخرج مالك حامينا، وفيلم تلفزيوني بعنوان «المرافعة» مع المخرج علي سرية.

وفي باريس أسست مدرسة لتعليم الرقص الشعبي الجزائري، وانضم لها جزائريون وفرنسيون وأعضاء من مختلف الجنسيات، ومثلت الجزائر في عدة دول من بينها اليابان وسويسرا، كما شاركت في عروض بالمسرح الفرنسي، حسبما تؤكد.

وبشرى روي هي ابنة الممثلة الجزائرية الكبيرة ذهبية الشهيرة بـ«نسيمة»، وتقول عن تأثير والدتها عليها: «أثرت أمي عليّ في الأداء باللغة الفصحى التي تتمتع بموهبة خاصة وهي تؤدي بها على المسرح، حتى إن الفنان كرم مطاوع حينما قدم مسرحية (أهل الكهف) بالجزائر اختارها لتمثل أمامه لعلمه بقدرتها على الأداء الفصيح، وكانت والدتي حريصة على إجادتي اللغة الفصحى».