إيلي العليا يحيي حفلاً موسيقياً وطنياً عنوانه «يا حبيبي يا لبنان»

المايسترو اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: للفنان دوره في الحروب بلحن أو قصيدة أو أغنية

إيلي العليا يحيي حفله في كازينو لبنان (إيلي العليا)
إيلي العليا يحيي حفله في كازينو لبنان (إيلي العليا)
TT

إيلي العليا يحيي حفلاً موسيقياً وطنياً عنوانه «يا حبيبي يا لبنان»

إيلي العليا يحيي حفله في كازينو لبنان (إيلي العليا)
إيلي العليا يحيي حفله في كازينو لبنان (إيلي العليا)

في أيام الحرب كما في أيام السِّلم، لا يتعب المايسترو إيلي العليا من وضع الفن في خدمة الناس. في رأيه للفنان دوره الأساسي، تبعاً لكلّ حقبة يمرّ بها وطنه. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يقول: «أدرك جيداً أن ما أقوم به في هذا الإطار يشكّل مساحة صغيرة من التفاؤل والإيجابية. والفن بشكل عام يرخي بظلاله أينما حلّ. ومن هذا المنطلق لا بدّ لكل فنانٍ المشاركة والتشجيع لإرخاء السّلام حتى في عزّ الحروب. ومن خلال قصيدة شعرية أو لحن وأغنية يستطيع أن يُحدث فرقاً».

بعد لبنان يقوم المايسترو اللبناني بجولة فنية في بلدان عدة (إيلي العليا)

وفي 8 ديسمبر (كانون الأول) يستعد المايسترو إيلي العليا لإحياء حفل «يا حبيبي يا لبنان» على خشبة «كازينو لبنان». وبمعية فرقة أوركسترالية تتألّف من نحو 25 شخصاً يقدّم حفلاً موسيقياً وطنياً بامتياز، يجمع خلاله نحو 42 أغنية وطنية اختارها من ريبيرتوار مطربين لبنانيين اشتهروا بالأغنية الوطنية. ويوضح: «اخترت هذه الأغنيات بعناية ودقّة، قولبتها بأسلوبي من ناحية التوزيع وكيفية تقديمها على المسرح. استغرق معي الأمر وقتاً طويلاً، وقد نسّقته ليؤلّف باقة أغنيات تتداخل مع بعضها، فيستمتع الحضور بسماعها لتولد عنده مشاعر الحنين والفرح معاً».

حفل «يا حبيبي يا لبنان» كان من المفترض أن يحمل عنوان «يا حبيبي يا جنوب»؛ واتُّخذ القرار بتقديمه في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، بيد أن اندلاع الحرب في لبنان وتفاقم أحداثها أدّى إلى تأجيله. واليوم وبعد أن استعاد لبنان، إلى حدّ ما، عافيته تقرّر اعتماد هذا العنوان.

سبق للمايسترو إيلي العليا أن قدّم الحفل في شهر نوفمبر (تشرين الأول) على مسرحين في جنيف وباريس، ولاقى نجاحاً باهراً، وقد نفذت البطاقات خلال أيام قليلة. الجاليات اللبنانية والعربية هناك زحفت بالآلاف لحضوره، يعلّق إيلي: «تفاعل الجمهور بشكل رائع مع أغنيات الحفل. رأيت الدموع تنهمر على وجوههم مع أغنيات وطنية تحكي عن لبنان الجميل، ولم يتوانوا عن الوقوف على الكراسي والتصفيق بحرارة لدى سماعهم لأغنيات حماسية».

جانب من حفل إيلي العليا في جنيف وباريس (إيلي العليا)

يقدّم إيلي العليا في الحفل مجموعة من الأغنيات الوطنية المختارة من ريبيرتوار زكي ناصيف ووديع الصافي وإيلي شويري وغيرهم. «أغنياتهم لا تموت وقد حفرت في ذاكرة الناس حتى صارت بمثابة أناشيد وطنية. لعلّ إنتاج الحفل وتوقيعه من قبل المخرج ميرجان بو شعيا أسهم في تنفيذه ببراعة. فهو يملك عيناً ثاقبة ورؤية إخراجية ممتازة. ومهما قلت عنه لن أوفيه حقّه مخرجاً يتّقن عمله بدقة».

لحظات وطنية بامتياز سيعيشها جمهور «يا حبيبي يا لبنان»، وفق قول إيلي العليا؛ ويتابع: «من أغنيات الحنين إلى أغنيات الثورة وحبّ الوطن، مزيجٌ من أعمال عالقة في ذاكرتنا. يستمتع الحضور بسماعها وتردادها على مدى 90 دقيقة. ومن بينها (تعلا وتتعمّر يا دار)، و(صفّ العسكر)، و(بكتب اسمك يا بلادي) وغيرها. كما أن ريع الحفل يعود لجمعية (سطوح بيروت) لداليا داغر، الناشطة والمؤثرة والإعلامية التي لم توفّر جهداً في مساعدة اللبنانيين فترة الحرب. وبسبب الهدف الخيري لهذا الحفل يصبح حماسي مضاعفاً لإقامته».من ناحية ثانية يستعدّ المايسترو إيلي العليا لمجموعة حفلات تقام بمناسبة الأعياد. «سأرافق الفنان جورج وسوف في جولة غنائية له تدور بين دبي وقطر والأردن. كما أحضر حفلات أخرى بين بونتاكانا في الدومينيكان وأميركا. وفي 1 فبراير (شباط) المقبل، أحيي أمسية فنية بعنوان (الليالي اللبنانية) في كندا».

وعمّا إذا كان هناك من أغنيات لصباح وغيرها ممن غنوا للوطن يوضح إيلي العليا: «عندما أذكر الراحل إيلي شويري أكون قد ذكرت صاحب ملكية هذه الأغنيات لأنه هو ملحنها. وبالتالي فإن صاحب الأغنية يكون الملحن والشاعر. وليس كما يعتقد كثيرون بأنه المغني. ولكن أحياناً يتنازل الملحن عن حقوقه للأخير. والقانون واضحٌ وصريحٌ في هذا الشأن وجميع الحقوق تعود للملحن والشاعر».

اختار إيلي العليا أغنيات وطنية لتطبع الحفل (إيلي العليا)

ويشير إيلي العليا إلى أن الأغنية هي عملٌ متكاملٌ، لا يمكن أن يوزّع نجاحها على شخص دون آخر. فهذا الثلاثي المؤلف من ملحن وشاعر ومغنٍّ يبقى الركيزة الأساسية للعمل. والفنان هو من يتوجّه بصوته، ومهما بلغت شهرة الملحن أو الشاعر لا يمكن أن يحقق العمل النجاح بلا المغني. والعكس صحيح لأن المغني يمكن أن يفشل أيضاً في حال لم يعرف كيفية اختيار العمل الذي يليق بصوته».

ويختم المايسترو اللبناني: «يمكن إيجاز كل هذا الموضوع بأخلاقية المهنة. فكلّما تمتّع الفنانون بهذه الميزة قلّ حجم المشكلات».


مقالات ذات صلة

5 أطعمة تجنب تسخينها في الميكروويف

يوميات الشرق تعدّ أفران الميكروويف من الأجهزة التي يعتمد عليها كثيرٌ منا بشكل يومي (رويترز)

5 أطعمة تجنب تسخينها في الميكروويف

يحذر خبراء الصحة من استخدام أفران الميكروويف في تسخين بعض الأطعمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز (د.ب.أ)

كاميرون دياز: عشت أفضل سنوات حياتي أثناء اعتزالي للتمثيل

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز إن فترة الـ10 سنوات التي اعتزلت فيها التمثيل كانت «أفضل سنوات في حياتها».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الرسوم تتحوّل انعكاساً للروح كما تغذّي الروح الفنّ فيتكاملان (زينة الخليل)

التشكيلية اللبنانية زينة الخليل... الألم خطَّاطُ المسار

يأتي الألم بوعي مختلف لم يُعهَد من قبل ويتيح النموّ الداخلي. الألم أحياناً يختار المرء؛ يتعرّف إليه. ولا ينتظره. يُناديه ليخطَّ مساره.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق لوحة المشرد كما رسمتها كاثرين غيلبي منذ 60 عاماً (صورة من موقع متحف تشيلمسفورد على فيسبوك)

لوحة مُشرَّد رسمتها ربّة منزل تنتشر على الإنترنت بعد 50 عاماً

قال رجلٌ تبرَّعت والدته المتوفّاة بلوحة لمتحف، إنه شعر بفخر كبير لرؤيتها تنتشر من جديد بعد أكثر من 50 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق للبيع... بيضة كروية «نادرة جداً» لا يملك مثلها حتى إيلون ماسك

للبيع... بيضة كروية «نادرة جداً» لا يملك مثلها حتى إيلون ماسك

اكتشفت عاملة مزرعة في مقاطعة ديفون الإنجليزية ما تعتقد أنها بيضة كروية «نادرة جداً». 

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ذاكرة المكان»... معرض فني يغوص في أعماق القاهرة التاريخية

البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«ذاكرة المكان»... معرض فني يغوص في أعماق القاهرة التاريخية

البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)

يغوص الفنان التشكيلي المصري محمد الناصر في أعماق القاهرة التاريخية، ويتوغل إلى قلب الريف المصري، ويستدعي التفاصيل اليومية والبسيطة الكامنة في الشوارع والحواري والأحياء الشعبية لينسج منها لوحات معرضه «ذاكرة المكان» الذي يستضيفه «غاليري ضي» في الزمالك (غرب القاهرة) حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي.

اختار الفنان لمعرضه اسم «ذاكرة المكان» ليكون معبّراً عن الأماكن التي تجول فيها وتشبّع بها وانتهى به الأمر إلى رصدها في أعماله بحسه الفني وأسلوبه الخاص.

يقول الفنان محمد الناصر لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض يتضمن لوحات حديثة رسمتها مؤخراً، تتجاور مع مجموعة لوحات تمثل تجارب سابقة في نوع من التواصل والتعبير عن التطوير التقني والفني في مشواري».

العمارة الإسلامية حاضرة في أعمال الفنان محمد الناصر (الشرق الأوسط)

تتضمن لوحات المعرض طابعين أساسيين؛ الصورة الشخصية «البورتريه» والمنظر الطبيعي «اللاند سكيب»، إما بشكل فردي لكلٍ منهما أو بدمج أحدهما مع الآخر وفق ما يوضح الفنان: «لدي زاويتان في لوحاتي، البورتريه والمنظر الطبيعي، كل منهما بطل بلا منازع، وأحياناً أدمج الاثنين، فحين أرسم بورتريه في شارع شعبي لا بدّ أن تكون الخلفية معبرة عن بيئة المكان، وحين أرسم بورتريه لوجه إسكندراني مثلاً، يكون البحر في الخلفية، أو ما يعبر عن البيئة الساحلية، وكذلك البورتريه للوجوه الصعيدية أختار خلفية مناسبة تُعبّر عن بيئة البورتريه».

البورتريه من الأعمال المميزة في مسيرة الفنان (الشرق الأوسط)

لا تخلو لوحات المعرض من فلسفة خاصة تتجلّى في الألوان والمنظور والموضوعات المتنوعة التي يتناولها الفنان، بيد أن السِّمات الأساسية المميزة لأعماله تظلّ الوجوه الشخصية في بيئات مختلفة، والعمارة الإسلامية في القاهرة التاريخية بدهاليزها المليئة بالتفاصيل.

يسعى الناصر لاقتناص نقاط القوة من المكان أو البورتريه، ويقول: «هناك بورتريه يجذب الفنان لرسمه، وبورتريهات عادية، وأحياناً تمثّل الأماكن بالنسبة لي وجوهاً، فهي تُعبّر عن مرحلة تاريخية معينة، وأرى أن كل وجه له فلسفة، وقد كانت دراستي في الماجستير والدكتوراه عن البورتريه. فالماجستير كان عن مكونات الصورة الشخصية في المدرسة التعبيرية، والدكتوراه كانت الصورة الشخصية وأبعادها الاجتماعية والنفسية في التصوير المصري القديم والحديث، من أول بورتريهات الفيوم التي أُعدّها بدايات الرسم والتلوين الاحترافي للوجوه وحتى اليوم».

الأفراح والاحتفالات الشعبية في أعمال الفنان (الشرق الأوسط)

وقد انعكس الفن المصري القديم في أعمال الفنان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ربما تظهر الروح المصرية القديمة في الألوان والتكوين والعناصر المستخدمة في اللوحات، وفق قوله.

وتُعدّ القاهرة التاريخية مكوّناً رئيسياً وعاملاً مشتركاً في كثير من لوحات الفنان، في معرضه الفردي الأحدث الذي يُعد رقم 15 في مسيرته الفنية، بخلاف عشرات المعارض الجماعية التي شارك فيها منذ مرحلة الثمانينات وحتى الآن. ويعِدّ الناقد الفني الراحل عز الدين نجيب، في كلمة تضمنها كتالوغ المعرض، الفنان محمد الناصر ممن راهنوا على الاختلاف وعلى التمسك بالروح المصرية الأصيلة في مقابل توجه أبناء جيله بالثمانينات والتسعينات للتجريب والتغريب.

البيئة الصعيدية استلهم منها الفنان كثيراً من أعماله (الشرق الأوسط)

«تُمثّل العمارة الإسلامية شغفاً بالنسبة لي، ويعود هذا الشغف لزياراتي المتكررة للقاهرة التاريخية مع الفنان حسني البناني، والتجول في شوارعها وأزقتها المختلفة من الجمالية إلى باب الشعرية، حتى أتشرب بروح المكان، وأعود بعد ذلك لرسمه بكل تفاصيله».

وبالنسبة للطقوس الشعبية في الموالد والأفراح والباعة الجائلين، التي تظهر في أكثر من عمل، عدّ الفنان هذه الطقوس رمزاً للأصالة والعمق والقِدَم وتاريخ البلد الممتد عبر السنين.

يُقدم الفنان محمد الناصر أعماله دون التفكير في جمهور معين، فهو يتمنى أن تصل للجميع، لذلك لا يكترث كثيراً ولا يتقيّد بمدرسة معينة وإن كانت المدرسة التعبيرية هي الغالبة على أعماله.