«إبداعات متقاطعة»... محاولة لاستدعاء ونس الأماكن ودفء البيوت

معرض جماعي يضم 120 عملاً تشكيلياً

أعمال المعرض تعكس الحياة في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال المعرض تعكس الحياة في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

«إبداعات متقاطعة»... محاولة لاستدعاء ونس الأماكن ودفء البيوت

أعمال المعرض تعكس الحياة في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال المعرض تعكس الحياة في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)

ما بين ونس الأماكن العتيقة، ودفء البيوت، وصنوف الفن المتنوعة، يطرح المعرض الجماعي «إبداعات متقاطعة» حالةً فنيةً تتداخل فيها الأفكار والمشاعر والانطباعات، ليقدم للمتلقي قطعةً أصيلةً من الفن المصري.

المعرض الذي يستضيفه «بيت السناري» الأثري بوسط القاهرة، يضم 120 عملاً فنياً متنوعاً ما بين لوحات ومنحوتات بالحديد، والرسم على قطع خشبية، ويقدِّم الفنانون المشاركون في المعرض والقادمون من خلفيات سينمائية ومسرحية أعمالاً تصور راقصي باليه في ساحات مفتوحة، وتماثيل من الحديد لموسيقيين وفرق غنائية، فضلاً عن أعمال جرى تشكيلها من مخلفات الخشب، ورسومات بألوان مبهجة تحاكي جلسات المقاهي والبيوت وونس الليالي الدافئة، في حوار متجانس سعى منسقو المعرض، الذي يستمرّ حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى أن يكون ممتعاً للجمهور.

اللوحات التي شاركت بها المخرجة والمنتجة السينمائية عبير فريد شوقي، ابنة الفنان الراحل فريد شوقي، قالت إنها رسمتها قبل الاتفاق على المعرض مع زملائها، واختارتها لتلائم المشارَكات المعروضة بشكل عام. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «راعيت التوافق مع الحالة التي يطرحها المعرض. هناك بالطبع اختلاف في الموضوعات والتكنيك والخامات والعناصر المستخدمة، لكنها جميعها تنتظم في سياق واحد، وترسل برسائل تعبر عن الونس، ومحبة الأماكن، والاحتماء بها، والحنين إليها، وقد سعينا من خلال طريقة عرض اللوحات إلى أن تحقق الانتقالات بين كل مجموعة وأخرى نوعاً من التوافق يكون مريحاً للمتلقي».

بعض أعمال المخرجة السينمائية عبير فريد شوقي (الشرق الأوسط)

ويأتي هذا المعرض «نتاج عمل جماعة تكوَّنت من عدد من الفنانين من خريجي وأساتذة أكاديمية الفنون المصرية، بينهم مخرجون سينمائيون، وفنانو سينوغرافيا، وراقصو باليه، ومهندسو ديكور وإضاءة وصوت، وفنانو رسوم متحركة، وجميعهم يعدّون الفن التشكيلي عملاً احترافياً موازياً لإبداعاتهم الأصلية»، وفق ما توضِّح عبير.

وتضيف أنها تعلقت بالفن التشكيلي منذ صغرها: «كنت وقتها أرسم لنفسي، واستمرَّ ذلك لوقت طويل حتى أقمت 5 معارض، آخرها منذ عامين في الأوبرا».

شخصية عبير، حسب ما وصفت نفسها، محبة للتجربة والدراسة، لذا تسعى دائماً للانخراط في ورش الفن التشكيلي لتستزيد من تجارب الآخرين، وبصفتها مخرجةً سينمائيةً ترى أن أي صورة تظهر على الشاشة بمثابة لوحة تشكيلية، لا بد أن تتوافق عناصرها مع بعضها بعضاً لتعطي في النهاية الانطباع المقصود منها.

وأشارت إلى أن والدتها سهير ترك، الفنانة التشكيلية، كانت تشجِّعها على الرسم، وتوزِّع لوحاتها على جدران البيت، فقد اهتمت والدتها بهذا الأمر بخلاف والدها الذي كان يدفعها للقراءة ودراسة السينما التي كانت أهم شيء في حياته، وهو ما أفادها في الرسم بالتعامل مع اللوحة بوصفها كادراً تقوم بتصويره بالألوان.

بعض أعمال الفنانة حنان سمير (الشرق الأوسط)

لوحات الدكتورة حنان سمير، فنانة الرسوم المتحركة التي شاركت بها، كانت جزءاً من معرض بعنوان «شعبيات» أقامته في أتيليه القاهرة، موضوعه الحياة الشعبية، ركزت فيه على حلي المرأة وتيمات الأقراط بأنواعها والأساور والكردان، وسعت خلاله لإظهار مصاغ المصريات بدلالاته العميقة، وقد استخدمت ذلك في تشكيل لوحاتها بتكوينات مختلفة وألوان متعددة برزت فيها «الحلي» وكأنها أحجبة تزيد من فتنة النساء وتحميها من القوى الشريرة.

وتحرص حنان على المشاركة في المعارض الجماعية، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تنوع الأعمال مفيد للفنان، يمنحه الفرصة للتعرف على أساليب وتجارب مختلفة تثري خياله وتدفعه للدخول في عوالم جديدة».

جانب من أعمال المعرض (الشرق الأوسط)

وشارك راقص الباليه كمال ربيع بلوحات عنوانها «خطوة عزيزة»، قام بتنفيذها وقت جائحة «كورونا»، وقتها جمع القطع الخشبية والمخلفات الموجودة لديه وبدأ في تشكيلها، وقام بتلوينها بالأزرق، وجسَّد فيها شخصيات أبطال رقصات الباليه العالمية، والأساطير الشعبية المصرية، وأعطاها طابع راقص الباليه المنطلق بخفته وحيويته المعروفة، وجعلها حرة دون إطار يحيط بها، ليتخيلها كل متلقٍ وفق رؤيته الخاصة.

وجسَّدت أعمال رئيس شعبة مهندسي الصوت بنقابة السينمائيين، الفنان جاسر خورشيد، راقصي باليه، وعازفي كونترباص مع أعمال أخرى لفرقة غنائية يعزف أفرادها على آلات موسيقية مختلفة. وقال خورشيد لـ«الشرق الأوسط» إنه يتعامل مع خامة الحديد بحساسية شديدة، وإن معرفته بأسرارها جعلتها طيعة بين يديه، يشكِّل منها تماثيله وتصميماته المختلفة.


مقالات ذات صلة

«الغريزة والتاريخ» معرض قاهري يدعم البدينات

يوميات الشرق الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)

«الغريزة والتاريخ» معرض قاهري يدعم البدينات

بين صخب وهمس، حزن ومرح، جدٍّ وتهكم، تتحرك المرأة باحثة عن ملاذ آمن يحميها من تقلبات الزمن.

محمد الكفراوي (القاهرة )
ثقافة وفنون جانب من الدورة السابقة التي حملت اسم فلسطين

انطلاق فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب

يتضمن برنامج المعرض أيضاً جلسات فكرية وثقافية عديدة يساهم فيها مثقفون وكتاب من العراق والبلدان العربية الأخرى

علاء المفرجي (بغداد)
يوميات الشرق أحدث لوحات زنتوت عن مدينة بيروت «سيعود بريقها» (راوية زنتوت)

راوية زنتوت تنفصل بريشتها عن لبنان الحرب

لم تنسَ راوية زنتوت أن تخصص لأرزة لبنان لوحةً خاصةً بها، وتحت عنوان «رمز الصمود» رسمتها خضراء على خلفية سماء زرقاء صافية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أمام صف من المخطوطات النادرة (وزارة الثقافة)

ألفا مخطوطة نادرة تعكس الإرث العلمي والتاريخي في «معرض المخطوطات السعودي»

في «معرض المخطوطات السعودي» يجد الزائر نفسه محاطاً بتراث ثقافي وحضاري يعكس قروناً من المعرفة والتطور الإنساني.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق «لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم (واس)

معرض فنيّ مفتوح في محطات قطار الرياض

كشف برنامج «الرياض آرت» عن احتضان محطات قطار الرياض 4 أعمال فنية مميزة أبدعها فنانون محليون ودوليون، بهدف إثراء المساحات والأماكن العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
TT

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

استقبلت دور العرض السينمائية في مصر فيلم «الحريفة 2: الريمونتادا» ليسجل الفيلم سابقة تاريخية بالسينما المصرية؛ لكونه أول فيلم مصري يعرض جزأين في الصالات السينمائية خلال عام واحد، بعدما طرح جزأه الأول مطلع العام الجاري، وحقق إيرادات كبيرة تجاوزت 78 مليون جنيه (الدولار يساوي 49.75 جنيه مصري في البنوك) بدور العرض.

واحتفل صناع الجزء الثاني من الفيلم بإقامة عرض خاص في القاهرة مساء (الثلاثاء)، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء (الأربعاء).

الجزء الثاني الذي يخوض من خلاله المونتير كريم سعد تجربته الإخراجية الأولى كتبه إياد صالح، ويقوم ببطولته فريق عمل الجزء الأول نفسه، نور النبوي، وأحمد بحر (كزبرة)، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي.

إياد صالح ونور النبوي في العرض الخاص لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

تنطلق أحداث الجزء الثاني من الفيلم حول العلاقة بين فرقة «الحريفة» مع انتقالهم من المدرسة الثانوية إلى الجامعة وحصولهم على منحة دعم للدراسة في فرع إحدى الجامعات الأجنبية بمصر، بالإضافة لشراكتهم سوياً في امتلاك وإدارة ملعب لكرة القدم بمبلغ المليون جنيه الذي حصلوا عليه بعد فوزهم بالبطولة في نهاية الجزء الأول.

وعلى مدار نحو ساعتين، نشاهد علاقات متشابكة ومواقف متعددة يتعرض لها الأبطال في حياتهم الجديدة، ما بين قصص حب ومواقف صدام في الجامعة؛ نتيجة تباين خلفياتهم الاجتماعية عن زملائهم، بالإضافة إلى الخلافات التي تنشأ بينهم لأسباب مختلفة، مع سعي كل منهما لتحقيق حلمه.

وفيما يواجه ماجد (نور النبوي) مشكلة تعيق حلمه بالاحتراف في الخارج بعدما يقترب من الخطوة، يظهر العديد من المشاهير في الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو كضيوف شرف بأدوار مؤثرة في الأحداث، منهم آسر ياسين الذي ظهر بشخصية رئيس الجامعة، وأحمد فهمي الذي ظهر ضيف شرف باسمه الحقيقي مع فريق الكرة الخماسية الذي يلعب معه باستمرار في الحقيقة، ومنهم منتج العمل طارق الجنايني.

إياد صالح مع أبطال الفيلم في الكواليس (الشرق الأوسط)

يقول مؤلف الفيلم إياد صالح لـ«الشرق الأوسط» إنهم عملوا على الجزء الجديد بعد أول أسبوع من طرح الفيلم بالصالات السينمائية لنحو 11 شهراً تقريباً ما بين تحضير وكتابة وتصوير، فيما ساعدهم عدم وجود ارتباطات لدى الممثلين على سرعة إنجاز الجزء الثاني وخروجه للنور، مشيراً إلى أن «شخصيات ضيوف الشرف لم يفكر في أبطالها إلا بعد الانتهاء من كتابة العمل».

وأضاف أنه «حرص على استكمال فكرة الفيلم التي تعتمد على إبراز أهمية الرياضة في المرحلة العمرية للأبطال، بالإضافة لأهمية الأصدقاء والأسرة ودورهما في المساعدة على تجاوز الصعوبات»، مشيراً إلى أن «إسناد مهمة إخراج الجزء الثاني للمخرج كريم سعد الذي عمل على مونتاج الجزء الأول جعل صناع العمل لا يشعرون بالقلق؛ لكونه شارك بصناعة الجزء الأول، ولديه فكرة كاملة عن صناعة العمل».

من جهته، يرى الناقد المصري محمد عبد الرحمن أن «الجزء الجديد جاء أقل في المستوى الفني من الجزء الأول، رغم سقف التوقعات المرتفع»، ورغم ذلك يقول إن «العمل لم يفقد جاذبيته الجماهيرية في ظل وجود اهتمام بمشاهدته ومتابعة رحلة أبطاله».

إياد صالح مؤلف الفيلم مع عدد من أبطاله (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحداث شهدت محاولات لمد الدراما من أجل إتاحة الفرصة لاستكمال الفريق نفسه المشوار سوياً، مما أظهر بعض السياقات التي لم تكن مقنعة درامياً خلال الأحداث، وبشكل ترك أثراً على الاستفادة من وجود أسماء عدة ضيوف شرف».

ويدافع إياد صالح عن التغيرات التي طرأت على الأحداث باعتبارها نتيجة طبيعية لانتقال الأبطال من مرحلة الدراسة الثانوية إلى مرحلة الجامعة، بالإضافة إلى انتهاء التعريف بالأشخاص وخلفياتهم التي جاءت في الجزء الأول، وظهورهم جميعاً من أول مشهد في الجزء الثاني، لافتاً إلى أن «فكرة الجزء الثاني كانت موجودة من قبل عرض الفيلم».

وأوضح في ختام حديثه أن لديه أفكاراً يمكن أن تجعل هناك أجزاء جديدة من الفيلم ولا يتوقف عند الجزء الثاني فحسب، لكن الأمر سيكون رهن عدة اعتبارات، من بينها رد الفعل الجماهيري، واستقبال الجزء الثاني، والظروف الإنتاجية، ومدى إمكانية تنفيذ جزء جديد قريباً في ظل ارتباطات الممثلين، وغيرها من الأمور، مؤكداً أن «اهتمامه في الوقت الحالي يتركز على متابعة ردود الفعل».