معرض الراهبة الأميركية كوريتا يضيء باريس بثورة البهجة

كوريتا تعلق لوحاتها (أرشيف مركز كوريتا للفنون)
كوريتا تعلق لوحاتها (أرشيف مركز كوريتا للفنون)
TT

معرض الراهبة الأميركية كوريتا يضيء باريس بثورة البهجة

كوريتا تعلق لوحاتها (أرشيف مركز كوريتا للفنون)
كوريتا تعلق لوحاتها (أرشيف مركز كوريتا للفنون)

إنها المرة الأولى التي تستضيف فيها العاصمة الفرنسية معرضاً لراهبة أميركية يرى النقاد أنها حققت، من خلال لوحاتها، ثورة من البهجة وراء أسوار الأديرة. وبما أنه معرض لراهبة، فقد كان من المناسب أن يُقام في كلية الراهبات البرنارديات، وهو دير له نشاط ثقافي ملحوظ ما بين المعارض والمحاضرات والعروض السينمائية ومركز للحوار بين أصحاب التيارات الفكرية والفنية. ويفتح هذا المعرض أبوابه للزوّار مجاناً حتى أواخر العام.

كوريتا ولوحاتها في ستينات القرن الماضي (أرشيف مركز كوريتا للفنون)

اسم الفنانة كوريتا كينت (1918 - 1986) واشتهرت في بلادها باسم الأخت ماري كوريتا، وعنوان معرضها «الثورة البهيجة». ولعل السبب في ربط أعمالها بالبهجة والمرح هو أنها لوحات متحررة من الضوابط التشكيلية والمدارس والاتجاهات. إنها تعكس مسيرة الفنانة التي لم تكتفِ بعزلتها الدينية وراء الأسوار، بل كانت ناشطة اجتماعية ورسامة ومصورة فوتوغرافية وداعية سلام؛ تستلهم أعمالها مما تراه من التحولات الحديثة في مجتمعها. وبما أنها تسعى لتوصيل رسالة تربوية فإن من الصعب تصنيف النمط الفني الذي تقدمه وفق التصنيفات المعهودة. إنه مزيج من الفن الشعبي واللوحات الحروفية والملصقات واللافتات. لكن الرابط بين كل هذا التنوع هو تلك الألوان البهيجة التي تحيل لوحاتها إلى شموس صغيرة.

ما الذي يدفع صالة باريسية للعرض إلى تقديم لوحات لرسامة مجهولة غابت عن عالمنا قبل عقود؟ الدافع هو أن لوحات الأخت كوريتا تُعدّ شاهدة على الزمن الأميركي ما بين سنوات الخمسين من القرن الماضي وسنوات الثمانين. والتحوّلات هناك لم تتوقف، بل انتقلت إلى قارات أخرى، وما زال الجديد يدهشنا كل يوم، سواء في العلوم والتقنيات الحديثة أو في الفنون والآداب. وإذا كانت كوريتا غير معروفة كثيراً على الصعيد الأوروبي فإنها أنشأت في بلدها مركزاً للفنون يحمل اسمها.

ورشة في دير الراهبات (أرشيف مركز كوريتا للفنون)

لا يتجاوز عدد اللوحات المعروضة الثلاثين، وهي منجزة بتقنية «السيريغراف»، أي الطباعة التي سخرتها الفنانة لنشر المحبة والسلام والإيمان، وهذه هي رسائلها. وهي رسائل معارضة للحروب والنزاعات تراها من خلال القصاصات التي تقتطعها من الجرائد، وتزجّ بها في لوحاتها. وبهذا فإن زائر المعرض لا يتفرج فحسب، بل يقرأ اللوحات التي تتضمن أشعاراً ونصوصاً أدبية ودينية وشعارات وكلمات أغانٍ. وبفضل تقنية «السيريغراف» تمكّنت الفنانة من طبع نسخ عدة من أعمالها، ونشرها في أماكن كثيرة.

التحقت كوريتا، في الستينات، بحركات الانتفاضات الشبابية وتحرير المرأة، ورفض التمييز العنصري وتحدي الفقر والظلم الاجتماعي، وسخرت في لوحاتها من ثقافة الاستهلاك، وسارت عكس التيار، دافعة المتلقي إلى التفكير بدلاً من أن يكون فرداً في القطيع. فهل اشتغلت الراهبة في السياسة؟ ليس بالمعنى الحرفي، لكنها كانت مناضلة على طريقتها. قادت ورشة فنية للراهبات، ونجحت في تحويلها من بقعة صغيرة إلى مركز فعال في حركة التجديد التشكيلي، ونموذج في الالتزام الاجتماعي والاهتمام بحياة الآخرين.

معرض وسط الأعمدة (أرشيف مركز كوريتا للفنون)

تتأمل اللوحات وما تنطوي عليه من رسائل، وتتوقف أمام عمل بسيط يصرخ بعبارة: «أوقفوا القصف»، وتشعر بأن روح كوريتا ما زالت تتألم لأوضاع الزمن الحالي المُثقل بالقنابل والقصف والدمار.


مقالات ذات صلة

الفن العربي الحديث وباريس في القرن الـ20 ما بين الحب والرفض

يوميات الشرق جانب من المعرض (مؤسسة فرجام)

الفن العربي الحديث وباريس في القرن الـ20 ما بين الحب والرفض

ما سرُّ عشق الفنانين والمثقفين العرب في القرن العشرين لباريس «مدينة النور»، كما كان يطلق عليها؟ في بدايات القرن مثّلت باريس الوجهة التي احتضنت الفنانين العرب،…

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق شخوصه تعدّ أشكالاً أكثر قرباً للمجسمات التي تتحرك في فضاء المسطح (الشرق الأوسط)

التشكيلي المصري كلاي قاسم يُذكّر بالأحلام الضائعة

المعرض الذي يحمل عنوان «رسائل مؤجلة» تدور فكرته حول قضية إنسانية شائكة، تعكس الأحلام الضائعة.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق الفرح والسعادة والألوان المبهجة غلبت على اللوحات (الشرق الأوسط)

«الغريزة والتاريخ» معرض قاهري يدعم البدينات

بين صخب وهمس، حزن ومرح، جدٍّ وتهكم، تتحرك المرأة باحثة عن ملاذ آمن يحميها من تقلبات الزمن.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال المعرض تعكس الحياة في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)

«إبداعات متقاطعة»... محاولة لاستدعاء ونس الأماكن ودفء البيوت

ما بين ونس الأماكن العتيقة، ودفء البيوت، وصنوف الفن المتنوعة، يطرح المعرض الجماعي «إبداعات متقاطعة» حالةً فنيةً تتداخل فيها الأفكار والمشاعر والانطباعات.

حمدي عابدين (القاهرة )
ثقافة وفنون جانب من الدورة السابقة التي حملت اسم فلسطين

انطلاق فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب

يتضمن برنامج المعرض أيضاً جلسات فكرية وثقافية عديدة يساهم فيها مثقفون وكتاب من العراق والبلدان العربية الأخرى

علاء المفرجي (بغداد)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)
تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)
TT

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)
تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف، على ما أعلنت دار «نوميسماتيكا جنيفنسيس» Numismatica Genevensis التي نظّمت المزاد.

وأفادت الدار في بيان بأنّ القطعة الذهبية بيعت بأكثر من 1.83 مليون فرنك سويسري، أي 2.09 مليون دولار بما يشمل العمولة، «لأحد هواة الجمع الأوروبيين».

وطُرحت القطعة بداية بـ845 ألف دولار.

وأشارت الدار إلى أنّ عملية البيع تمّت بعد «منافسة شديدة عبر الإنترنت بين ثمانية مزايدين».

وكان مدير الدار فرانك بالداتشي، أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» قبل بضعة أيام، أن هذه العملة الذهبية الرومانية، هي «قطعة من التاريخ» مرتبطة بالفصول الأخيرة من الجمهورية الرومانية.

ولفت إلى أنّ القطعة التي تزن ثمانية غرامات وحجمها مماثل لقطعة اليورو الواحد، سُكّت في 43 - 42 قبل الميلاد على أيدي «بروتوس وأصدقائه الذين اغتالوا يوليوس قيصر» في مارس (آذار) 44 قبل الميلاد.

عملية البيع تمّت بعد منافسة شديدة عبر الإنترنت بين ثمانية مزايدين (أ.ف.ب)

ويظهر على الجهة الأمامية من القطعة رأس بروتوس مكللاً بأوراق الغار، في حين أن الجانب الخلفي منها يذكّر بانتصاراته العسكرية الأخيرة من خلال رموز حربية. وهذه القطعة هي واحدة من 17 عيّنة معروفة، بحسب دار المزاد.

وشرح بالداتشي أن إكليل الغار هو في الحقيقة علامة «لشخص يريد الترويج لنفسه كإمبراطور»، لافتاً إلى وجود نقش IMP عليها، وهو يرمز إلى لقب Imperator (قائد الجيوش) الذي أصبح وراثياً في ظل الإمبراطورية.

وسُكَّت هذه القطعة النقدية قبل وقت قصير من معركة فيليبي الشهيرة التي خسرها بروتوس أمام مارك أنتوني وأوكتافيان وفي نهايتها «انتحر»، بحسب بالداتشي.

وسافرت القطعة عبر القرون، وتنقّلت من يد إلى يد، بعيداً عن الأنظار.

قطعة من التاريخ مرتبطة بالفصول الأخيرة من الجمهورية الرومانية (أ.ف.ب)

وظهرت القطعة مجدداً في خمسينات القرن العشرين عندما وردت في قائمة هاوي جمع خاص. ثم طُرحِت مرة أخرى في مزاد عام 2006 في زيوريخ، حيث بيعت لجامع تحف خاص آخر مقابل 360 ألف فرنك سويسري.

وأفاد بالداتشي بأن القطعة موضوعة في علبة محكمة الإغلاق تفادياً لتضررها و«لضمان كونها أصلية»، موضحاً أن المصادقة عليها من شركات متخصصة تتم خصوصاً من خلال مقارنتها بالعملات القديمة الأخرى، فضلاً عن فحص الذهب المستخدم.