خلال الصيف الماضي فرض تغيّر المناخ وارتفاع درجة الحرارة لمعدّلات تصل إلى نحو 34 درجة ولمدة زمنية طويلة واقعاً جديداً على الشعب المرجانية حول العالم، مما عرّضها للابيضاض الذي تسبّب في موت هذه الكائنات، في حين تُعدّ شعب سواحل البحر الأحمر الأقل تتضرراً.
وفي هذا الجانب، زادت السعودية منذ وقت مُبكر، مع دخول موسم الصيف، من جهودها في الحفاظ على شعبها واستعادتها، رغم تعرض الجزء الجنوبي من سواحل البلاد المطلة على البحر الأحمر، لـ«ابيضاض الشعب» بشكل أكبر منه في المناطق الشمالية، وتنخفض هذه الحالة باتجاه الشّمال وصولاً إلى سواحل مدينة حقل.
وهذا الحراك من قبل «المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية والسلاحف البحرية (شمس)» قلص، وفقاً للتقارير، الآثار الناتجة عن هذه الظاهرة على الشعب المرجانية، وهو حراك سعت فيه السعودية قبل ظاهرة الابيضاض؛ للحفاظ على شعبها المرجانية بهدف المنافسة؛ لما تمتلكه من شعب ذات جماليات وأنواع مختلفة على امتدد الساحل بنحو 2600 كيلومتر.
تعدّ الشعب المرجانية رافداً بيئياً واقتصادياً لكثير من الدول، فقد نمت فيها عوائدها لمليارات الدولارات بسبب تدفّق السياح للاستمتاع بسواحلها وبتنوع الشعب فيها، مما يدفع نحو تحرك الدول لاستعادة هذه الشعب، وهو شعار المؤتمر الأخير الذي أطلقته السعودية، في خطوة لتكاتف الجهود لتسريع استعادة الشعب في البحر الأحمر.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور عبد العزيز السويلم، كبير التنفيذين لـ«المحافظة والاستراتيجية» في «المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية والسلاحف البحرية (شمس)»: «يُعدّ البحر الأحمر من أقل السواحل تناقصاً في الشّعب المرجانية»، موضحاً أن «ابيضاضها كان واضحاً وأشد في الجنوب، ويقل باتجاه الشمال، وكان نادراً رصده في خليج العقبة الذي قد يصل فيه إلى واحد في المائة». وتحدّث السويلم عن التأثير الضّار لتغيّر المناح الذي يعدّ سبباً رئيسياً في ابيضاضها.
وأوضح السويلم أن «المرجان كائن حي (حيوان) داخل هيكل أبيض، وما يعطيه هذه الألوان هو وجود طحالب دقيقة. ومع تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة فوق المعدّلات الطبيعية، يلفظ المرجان هذه الطحالب ويخرجها، وبعد فترة ومع استمرار الحرارة تموت هذه الكائنات»، لافتاً إلى أن مؤسّسة «شمس» أجرت عمليات مسح مبكر منذ يونيو (حزيران) الماضي، و«كانت المياه حينئذ ما زالت باردة، قبل حدوث هذا التّحول، وأثناء حدوث الابيضاض تعرفنا على المواقع والنسبة، وفي آخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رصدنا عودة الحياة إلى كثير من الشّعب المرجانية، خصوصاً تلك التي سُجّلت».
ولفت إلى أن «هناك أسباباً أخرى تقضي على الشعب المرجانية، منها التلوث، والصيد الجائر، ليس في الكمية فقط؛ وإنما في نوع الأسماك المستهدفة، كذلك التّجريف... وهي عوامل جعلت الشّعب المرجانية حول العالم تتناقص بشكل خطر خلال الأعوام الأخيرة، إضافة إلى التغير المناخي، وظاهرة ابيضاض الشعب المرجانية»، مشدداً على أنها «عندما تكون مضغوطة بيئياً بالعوامل السابقة، تصبح مناعتها وقدرتها على التصدي للعوامل الخارجية أقل».
وتحدث السويلم عن أهمية الشعب وعوائدها الاقتصادية السنوية، مظهراً «أهمية التحرك لإنقاذها، عبر اللجوء إلى طرق عدّة، ومواجهة هذه المشكلة رغم التحديات».
وتُعدّ استعادة الشعب المرجانية جزءاً من المهام الملقاة على مؤسسة «شمس»؛ لذا «استقدمت خبراء من مختلف دول العالم، ومن (نيوم)، وخبراء ببيئة البحر الأحمر، وناقشت جميع الموضوعات التي تركز على كيفية معالجة هذه الظاهرة، حتى يكون لديها فهم أوضح وأشمل للتعامل مع هذه الحالة».