ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

تُعد زراعة هذا النبات العطري تقليداً وطريقة حيوية لكسب العيش

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل
TT

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

في قلب دلتا النيل، تحتل زراعة الياسمين مكانة خاصة، حيث يُعد هذا النبات العطري جزءاً من تقاليد متوارثة وعصباً اقتصادياً للعديد من العائلات. وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

بلدة شبرا بلولة، الواقعة على مسافة نحو 50 ميلاً (80 كيلومتراً) شمال القاهرة، تضم نحو 300 فداناً من مزارع الياسمين، الذي يُعرف علمياً بـ«Jasminum grandiflorum»، ويساهم بنسبة 90 في المائة من إنتاج مصر من هذا النبات، بنحو 2500 طن من الأزهار سنوياً.

وعملية قطف الياسمين تتطلب الدقة، حيث تُجمع الزهور في الفجر، وتُنقل إلى معامل خاصة لاستخراج عطرها بطريقة تقليدية؛ إذ تُمرر عبر خزانات مملوءة بالمذيبات، وتخضع للتقطير والتبخير قبل أن تتحول إلى معجون شمعي يُصدّر للعالم لاستخدامه في تصنيع العطور الفاخرة.

ورغم أن الياسمين ليس أصيلاً في مصر، فإن له تاريخاً عريقاً يضرب بجذوره منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. ويُقال إن التجار جلبوه من بلاد ما بين النهرين، حيث وجدت هذه الزهور طريقها إلى الأدب والشعر العربيين، وأصبحت رمزاً للحب والجمال.

تعود جذور صناعة استخراج الياسمين إلى خمسينات القرن العشرين في مصر، ومع الزمن تحولت بلدة شبرا بلولة إلى مركز رئيسي لهذه الصناعة، معتمدة عليها أنها مصدر رزق رئيسي. ورغم التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، يواصل السكان، الذين يبلغ عددهم نحو 20 ألف نسمة، العمل في زراعة الياسمين كجزء من تراثهم الثقافي.

واليوم، يمثل ياسمين مصر نحو نصف مستخلصات العطور العالمية.

خارج مزارع شبرا بلولة، ينتشر «الياسمين العربي» أو «الفل» ذو العطر الزكي في شوارع مصر، حيث يُباع على نواصي الطرق، ويُقدم كهدايا ترمز للمحبة والنقاء، ليبقى الياسمين مكملاً للمشهد اليومي في حياة المصريين ورابطاً عاطفياً بين الأجيال.


مقالات ذات صلة

القمح يتصدر الحبوب المزروعة في السعودية بـ1.3 مليون طن خلال 2023

الاقتصاد مجموعة من حبات القمح بعد نضجها (وزارة البيئة والمياه والزراعة)

القمح يتصدر الحبوب المزروعة في السعودية بـ1.3 مليون طن خلال 2023

احتل محصول القمح المرتبة الأولى بمساحات الحبوب المزروعة بالسعودية، خلال العام المنصرم، حيث شكل 63.4 في المائة من الإجمالي، وبكمية إنتاج بلغت 1.3 مليون طن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير البيئة والمياه والزراعة وعدد من المسؤولين خلال المعرض الزراعي السعودي (الشرق الأوسط)

المعرض الزراعي بالسعودية ينطلق بتوقيع استثمارات تتجاوز 213.3 مليون دولار

شهد المعرض الزراعي السعودي في نسخته الحادية والأربعين، توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم باستثمارات تجاوزت قيمتها الإجمالية أكثر من 800 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تتبُّع تحركات النحل باستخدام جهاز استقبال مُثبّت على طائرة من دون طيار (جامعة أكسفورد)

تتبُّع تحركات النحل بتقنية الرادار

طوّر فريق من جامعة أكسفورد في بريطانيا تكنولوجيا جديدة تهدف إلى تتبع تحركات النحل باستخدام رقائق رادارية صغيرة تُثبت على ظهره، بهدف تعزيز الزراعة المستدامة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد المملكة ترسّخ مبدأ مكافحة التصحر ومقاومة الجفاف (واس)

وكيل «البيئة»: السعودية تقود جهوداً عالمية لمكافحة التصحر في مؤتمر «كوب 16»

لمناسبة انعقاد مؤتمر «كوب 16» لمكافحة التصحر في السعودية، كان لـ«الشرق الأوسط» لقاءٌ مع الدكتور أسامة بن إبراهيم فقيها، وكيل وزارة البيئة ومستشار رئاسة «كوب 16»

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد إحدى مزارع إنتاج الدواجن في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تُحقق قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول

حققت السعودية قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول من 2024، بتسجيلها رقماً قياسياً بلغ 558 مليون كيلوغرام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«عريسين مدري من وين» استعادة الابتسامة في زمن لبنان - الحرب

الكاتب الراحل مروان نجار (زياد نجار)
الكاتب الراحل مروان نجار (زياد نجار)
TT

«عريسين مدري من وين» استعادة الابتسامة في زمن لبنان - الحرب

الكاتب الراحل مروان نجار (زياد نجار)
الكاتب الراحل مروان نجار (زياد نجار)

الدعوة مفتوحة لمشاهدة مسرحية «عريسين مدري من وين» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، على مسرح «مونو» في العاصمة اللبنانية بيروت، وباستطاعة كلّ مَن يرغب في استعادة الابتسامة في زمن الحرب، أن يُتابعها ضمن عرض مصوّر. وبذلك سيتسنّى للبنانيين مشاهدة واحد من أجمل أعمال مسرح الفودفيل الذي اشتهر به الكاتب الراحل مروان نجار.

يحضّر زياد نجار لسلسلة عروض مسرحية (زياد نجار)

عائلة الكاتب المسرحي الراحل رغبت في هذه الخطوة من باب تحريك عروض المسرح في زمن الحرب. واليوم بعد مرور نحو 40 عاماً على عرضها الأول تعود إلى الحياة. ويعلّق زياد مروان نجار لـ«الشرق الأوسط»: «راودتنا الفكرة أثناء أحد الاجتماعات التي عقدناها في مسرح (مونو)، وكانت لقاءاتنا تهدف إلى إيجاد حلول لإعادة الحركة إلى خشبة بيروت. وعندما اقترحت علينا جوزيان بولس عرضها وافقت عائلتي على الفور».

سبق وفكّر الكاتب والممثل والمخرج المسرحي زياد نجار في إعادة عرض هذه المسرحية على الخشبة مع شخصياتها. وجاءت الحرب لتلغي مشروعات مسرحية عدة كان ينوي تقديمها. ومع غياب ميزانية ودعم مطلوبين لتقديم مسرحية كاملة حالياً، وجد نجار أن عرضها مصوّرة فكرة جيّدة.

عُرضت هذه المسرحية لأول مرة في عام 1986، ومرة ثانية في عام 2000 على مسرح جورج الخامس في منطقة أدونيس. وهي تحكي عن شابين يقعان في حبّ فتاتين ابنتي رجل محافظ جداً وقاسٍ، فقررا أن يتحولا إلى عاملين في منزلهما كي يستطيعا التقرّب منهما. وبذلك تحوّلا إلى جنايني وعامل منزل، فيواجهان مواقف طريفة ومربكة تحضّ مشاهد العمل على الضحك طوال عرض المسرحية.

زياد نجار في مسرحيته «وعيتي؟»

من المسرحيات التي خطر على بال زياد تقديمها من جديد «فارس والصبايا» و«سولد» و«وين بدو يروح». وعندما بحث عن العمل الذي صُوّر بالجودة المطلوبة وقع خياره على «عريسين مدري من وين». «إنها من الأقدم التي كتبها والدي الراحل مروان نجار. وكانت محطة (إل بي سي آي) قد تسلّمت حينها مهام تصويرها، فجاءت النتيجة جيدة في الصورة والصوت. كنت أرغب في إضافة ترجمة مكتوبة على شريط العمل، ولكن لضيق الوقت لم أنفّذ هذا الأمر».

يشير زياد نجار إلى أن مَن يشاهد «عريسين مدري من وين» يخيّل إليه أنها تتناول أوضاعنا اليوم. ويوضح: «التاريخ يعيد نفسه في لبنان. ولذلك نلاحظ أن جميع أعمالنا المسرحية تحظى بهذه الميزة. فكأنها كُتبت للتو لتتناول هواجس ومشكلات نعيشها حالياً».

في أمسية العرض في 15 الحالي في مسرح «مونو» يحضر بعض من أبطالها. «سيلتقي المشاهد بجورج دياب وديانا إبراهيم وروز الخولي. في حين سيغيب طوني مهنا أحد نجومها البارزين بداعي هجرته إلى أميركا، أمّا الممثل جوزيف سعيد فلن يكون حاضراً بسبب المرض».

بطلا «عريسين مدري من وين» طوني مهنا وجورج دياب (زياد نجار)

يؤكّد زياد نجار أن المسرحية ستروق لجيل الشباب كما لجيلٍ سبق وشاهدها في الثمانينات والألفية الثانية. «لو تسنّى لي إجراء تغييرات، لكنت استغنيت عن تلوين وجهَي نجماها بالأسود. يومها كانا يجسّدان دور عاملين منزليين من التابعية السريلانكية. اليوم قد ينتقد كثيرون هذه المشهدية ويضعونها في خانة العنصرية. ولذلك يمكنني أن أختار شخصين من جنسيات أخرى».

يرى نجار في عرض هذا العمل بمثابة فترة استراحة بالنسبة لرواد المسرح في زمن الحرب. «اللبناني يحتاج اليوم لابتسامة أكثر من أي وقت مضى. وبفعل ضغوط حياتية واجتماعية كثيرة سيجد كثيرون فيها فسحة ترفيهية».

يُستهلّ العرض بكلمة مختصرة يلقيها زياد أمام الحضور. وفي نهايته يُناقش العمل مع مَن يهمه الأمر من الجمهور.

وعن دور المسرح في زمن قاتم يعيشه اللبناني، يردّ زياد نجار: «يمكن القول إن المسرح هو من الفسحات المطلوبة في أزمنة الحرب. فيشكّل حاجة أساسية ومتنفساً لمجتمع ينوء تحت تراكمات من الهموم والشجون والحزن. وما نقوم به من نشاطات مماثلة هو لإخراج اللبناني من قوقعته. واستطاعت جوزيان بولس مديرة مسرح (مونو) بأن تُخرج المسرح من عزلته بفضل هذا النوع من الأعمال».

«عذرنا يا وطن» حوار يديره النجار على مسرح «مونو»

بعد عرض «عريسين مدري من وين» يحضّر زياد نجار لعمل مسرحي جديد. ويتابع: «في 19 نوفمبر سأقدم عملاً بعنوان (عذرنا يا وطن) على مسرح (مونو). وهو كناية عن حوار يديره زياد مع ضيوفه، وهم مجموعة ممثلين ومخرجين، هم فؤاد يمين وأنجو ريحان وهادي زكاك.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن موضوعه يتعلّق بالنشيد الوطني اللبناني. «فنقف على مدى تطبيق اللبنانيين كلماته بالفعل وليس بالاسم فقط. فمن الضروري أن نتذكّر اليوم هذا النشيد ومعانيه الحقيقية».

ومن ناحية أخرى، أنهى زياد نجار التحضير لعملين مسرحيين جديدين. «إنهما شبه جاهزين، وسنختار الوقت المناسب لعرضهما. فالمسرح قبل الأحداث الأخيرة كان في نهضة ملحوظة؛ ولذلك علينا أن نبقيه نابضاً بأعمال ونشاطات مختلفة».