ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

تترجم برسوماتها أفكارها الصباحية عن لبنان

تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
TT
20

ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية

«اللبناني» هو عنوان مجموعة لوحات الفنانة التشكيلية ميشلين نهرا، تتناول فيها واقع المواطن اليوم، فتسرق منه لحظات عائلية وقرارات مصيرية، وتوسّعها بمشاهد التقطتها عيناها عبر الشاشة الصغيرة. يُخيّل للناظر أنه يسترجع شريط حياته الشخصية أيام الحرب. وبألوان زاهية تجذب العين تطبع ميشلين نهرا لوحاتها بالإيجابية، وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن لريشتي أن تشقّ طريقها إلى لوحة ما من دون هذه الألوان الفاقعة، حتى لو اضطررت إلى رسم الحزن والموت، وأي مشاعر أخرى سلبية يمكن أن تغمرنا، فلا أتنازل عن هذه الألوان».

«اللبناني» المثقل بالهموم
«اللبناني» المثقل بالهموم

في مجموعتها «اللبناني» تطلّ ميشلين نهرا على هموم وشجون مواطن يعيش مصيراً مجهولاً في عزّ الحرب، وبدءاً من طائرة الـ«ميدل إيست» مروراً بمواطن يتردّد في هجرة الوطن، وثالث يفتخر بلبنانيته على الرغم من كل شيء، تتألف مجموعتها هذه.

لماذا اختارت «اللبناني» عنواناً لمجموعتها من الإكليريك؟ تردّ: «كان من البديهي أن أختاره كوني أعرفه جيداً، وأُدرك مشاعره المتناقضة اليوم بسبب حرب مدمّرة تدور على أرضه، ومن سيعرف اللبناني أكثر من مُواطنه؟ وكوني واحدة من أبناء هذا البلد الذي أعشقه نفّذت مجموعتي هذه».

تحرص ميشلين نهرا على استخدام رموز من لبنان في لوحاتها، وتُطوِّعها لتتحول إلى نوع من إكسسوارات محلية تشير إلى الوطن. وكما ألوان العلم اللبناني كذلك تركن إلى رسم الأرزة في وسطه، ومن هذه الثلاثية تنطلق في رسوماتها لتدلّ بسرعة مشاهدها على أصول شخصياتها.

وبريشة لبنانية بامتياز تعمّر ميشلين فسيفساء من الألوان تعبُر معها فوق الأحزان.

«بلدات مدمرة» يتصاعد منها الدخان الملوّن
«بلدات مدمرة» يتصاعد منها الدخان الملوّن

وتخبر «الشرق الأوسط» عن كيفية ولادة أفكارها: «تولد معي، ما أن أستيقظ من نومي صباحاً، لا أخطّط لها مسبقاً، ولا أضع لها أي آفاق تُلزمني بتنفيذها بخطة متكاملة، كل ما في الأمر هو أني أمسك بريشتي وأبدأ بالرسم لا شعورياً، لأضع أفكاري الصباحية هذه على قطعة القماش أو الورق، إنها تخبر عن حالنا نحن اللبنانيين، وتشير إلى أفراحنا وأحزاننا، ولأني أحب رسم الشخصيات فغالبيتها تعكس صورة شخصية تجاهد اليوم من أجل العيش».

لم تخترع ميشلين نهرا شخصياتها من الخيال والحلم، وبريشتها الخفيفة تصوّر الممرضة كما الإعلامي ومتطوعي الصليب الأحمر، وكذلك النازحين والبلدات المدمَّرة، وجميعهم ينتمون إلى مرحلة حرب يمرّ بها لبنان، رغِبَت في توثيقها بلوحات ملونة. وهو ما حضّها في لوحة «البلدات المدمّرة» لأن تمزج الأحمر والأخضر والأصفر في الدخان المتصاعد منها، وتوضح: «لوّنت دخان البيوت في تلك البلدات؛ لأنها تخرج من ضحكات وجلسات عائلية كانت تنبض فيها قبل الحرب».

الطربوش الأحمر علامة فارقة في مجموعة «اللبناني»
الطربوش الأحمر علامة فارقة في مجموعة «اللبناني»

قبل ذلك، رسمت ميشلين نهرا مجموعة خاصة بحرب غزّة. وتتابع: «لم أهتم يوماً بنشرات الأخبار المتلفزة، ولا بالصحف والإذاعات، ولكن ما أن اندلعت حرب لبنان صرت أوتوماتيكياً أجلس أمام التلفاز أتابع وأراقب ما يجري، وكل ما رسمته هو عبارة عن وقفات مع هذا الزمن القاتم الذي يحيط بنا، لم أستطع كبْت مشاعري تجاه وطني، وأردت أن أبوح بها على طريقتي، فلبنان يعني لي كثيراً، وقرّرت منذ عام 2008 الاستقرار في وطني. كان لا بد لي من الدفاع عن وجهة نظري، فالجميع يوم قررت العودة فوجئوا، وراحوا يستفسرون مني عن سبب هذه الرجعة، واليوم أردّ على هؤلاء جميعاً بأني لبنانية في الصميم، ووطني يسكن قلبي».

تشتهر ميشلين نهرا برسوماتها الساخرة التي تنقل تناقضات معينة، ومن خلالها تسلّط الضوء على تقاليد وعادات وطبيعة تصرفات مبهمة وغريبة يتبعها اللبناني. وتعلّق: «أن ترى أحدهم يدخن سيجارة في مكان تعلَّق فيه إشارة ممنوع التدخين، لهو أمرٌ مثير للجدل، وكذلك الأمر عندما تلحظ شخصاً يتجاوز صفاً طويلاً ليصبح أول الواصلين إلى صندوق الدفع».

طائرة الميدل إيست تحلّق غير آبهة بالمخاطر
طائرة الميدل إيست تحلّق غير آبهة بالمخاطر

«من لوحاتها تعرفها»، عبارة تطبّقها نهرا في رسوماتها، فإضافةً إلى رسمها الفم بشخطة حمراء، ترى اللسان الذي يخرج من الفم سخريةً في لوحاتها، «قد تكون هذه الأخيرة ترجمةً لرد فعل أي شخص لا يهتم بما يقوله الآخر، ولذلك استخدمته في لوحة طائرة الشرق الأوسط، وكأنها تتحدّى الجميع غير آبهة بالمخاطر التي تحيط برحلاتها من مطار بيروت».

بالنسبة لميشلين فإن القلب يلعب الدور الأساسي بين الرسام والمتفرج على لوحاته، «اللوحة تولد من حب فنان وشغفه، وكذلك من يشتري لوحته، يختارها لأنه أحبّها أكثر من غيرها، لذا أرى أن هناك علاقة متينة بين الطرفين ترتكز على القلب وحده».

وعن سبب اختيارها ألوان العلم اللبناني لتشكّل العنوان العريض لجميع لوحاتها توضح: «أولاً لأنه يعرّفنا بسرعة بأننا نتحدّث عن لبنان، كما أنه بالنسبة لي من أجمل أعلام البلدان في العالم، والأرزة أعدّها أيقونة لا يمكنني إلا أن أعطيها حقّها في رسوماتي؛ لأنها تعني السرمدية».


مقالات ذات صلة

معرض قاهري يرصد تأثير ألعاب الكومبيوتر في الفنون البصرية

يوميات الشرق يُمكن لألعاب الفيديو أن تتحدّى المنطق المكاني والجاذبية (الشرق الأوسط)

معرض قاهري يرصد تأثير ألعاب الكومبيوتر في الفنون البصرية

في أعماله، يبني صبري عوالم هجينة باستخدام عناصر بصرية بقيت في لا وعيه منذ طفولته؛ إذ كان منغمساً إلى حدّ كبير في ألعاب الفيديو أسوةً بأبناء جيله.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق دعوة لإعادة تخيُّل البامبو بطرق جريئة وغير متوقَّعة (غوتشي)

البامبو ودار «غوتشي»... تداخُل مُلهم بين الثقافة والتصميم

يستلهم «لقاءات البامبو» فكرته من نهج «غوتشي» المبتكر في الحِرف منذ منتصف حقبة الأربعينات، عندما استخدمت الدار، البامبو، في صناعة أيدي الحقائب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق زهر الخشخاش بين الجاذبية والجذور (الشرق الأوسط)

رندة علي أحمد ترسم الحنين إلى الوطن بلوحات تعبق بطبيعته

يحتضن المعرض لوحات ومنحوتات وتجهيزات فنية، جميعها تترجم حنين رندة علي أحمد إلى تراب وطبيعة أرضها الأم. هنا تعود الذكريات وتتكلم الأرض، وتتنفّس الأشجار.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق معرض «قرية التراث» بجنوب سيناء (محافظة جنوب سيناء)

قرية في سيناء تعيد إحياء فنون التراث البدوي

في معرض تضمن كثيراً من المشغولات اليدوية والأزياء والحِرف التراثية، استعادت محافظة جنوب سيناء فنون التراث البدوي عبر «قرية التراث» في مدينة شرم الشيخ السياحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)

مصممة تتبع الخيط النيجيري لاكتشاف مجال أفريقي جديد

هدفها من المبادرة إبراز التقاليد الغنيَّة في أفريقيا عبر الفن والحِرفة والتّصميم التي تقدِّم نظرة أكثر توازناً تتجاوز السَّرد الأحادي البُعد الذي اعتاده العالم.

إيفيولوا أديديجي (نيويورك)

«مهرجانات بعلبك الدولية» تطلق برنامجها لصيف 2025

تفتتح مهرجانات بعلبك موسم الصيف بحفل «أوبرا كارمن» (فيسبوك)
تفتتح مهرجانات بعلبك موسم الصيف بحفل «أوبرا كارمن» (فيسبوك)
TT
20

«مهرجانات بعلبك الدولية» تطلق برنامجها لصيف 2025

تفتتح مهرجانات بعلبك موسم الصيف بحفل «أوبرا كارمن» (فيسبوك)
تفتتح مهرجانات بعلبك موسم الصيف بحفل «أوبرا كارمن» (فيسبوك)

تحت عنوان «أعمدة الخلود» أعلنت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية عن برنامج حفلاتها لصيف 2025، وذلك في مؤتمر صحافي عُقد في قاعة ليلى الصلح حمادة في وزارة السياحة. وكانت المهرجانات المذكورة قد غابت العام الماضي عن «مدينة الشمس»، وقدمت حفلة واحدة فقط حملت عنوان «أوتار بعلبك» على «مسرح كركلا» في منطقة سن الفيل بسبب تداعيات الحرب. وأحيا السهرة يومها شربل روحانا وفرقته السداسية، والثلاثي جبران وفرقته.

وبحضور وزير الثقافة غسان سلامة، والموسيقي أسامة الرحباني، والمصمم ربيع كيروز، ومحافظ بعلبك والهرمل بشير خضر، أعلنت رئيسة مهرجانات بعلبك نايلة دي فريج عن برنامج الحفلات لعام 2025.

ويتضمن برنامج السنة الحالية، «أوبرا كارمن» التي يعود إنتاجها للمهرجان، والثانية بعنوان «حقبات» (Stages)، مع الفنانة هبة طوجي من إنتاج أسامة الرحباني.

«أعمدة الخلود» عنوان مهرجانات بعلبك لعام 2025 (فيسبوك)
«أعمدة الخلود» عنوان مهرجانات بعلبك لعام 2025 (فيسبوك)

ويفتتح مع الحفل الأول موسم حفلات الصيف في 25 يوليو (تموز). فيما تحلّ هبة طوجي ضيفة أيضاً على قلعة بعلبك الأثرية في 8 أغسطس (آب) المقبل.

أوبرا «كارمن» لجورج بيزيه

تفتتح مهرجانات بعلبك في 25 يوليو أمسياتها الفنية بعرض عالمي بعنوان «أوبرا كارمن». وهو من إنتاج مهرجانات بعلبك الدولية. ويقام تحت إدارة المخرج اللبناني العالمي جورج تقلا، الذي ولد في بيروت وهاجر إلى البرازيل منذ 50 عاماً. ويعود إلى وطنه الأم لتكريم بعلبك ومهرجانها. بدأ مسيرته الفنية إلى جانب بوب ويلسون. ومنذ ذلك الحين، حقّق نجاحاً دولياً واسعاً في مجال المسرحيّات الموسيقية والأوبرا، التي عُرضت في ساو باولو، ونيويورك، وبوينس آيرس وفي العديد من العواصم الأخرى. اليوم يرغب جورج تقلا في العودة إلى جذوره من خلال مهرجانات بعلبك. ويقدّم إنتاجاً جديداً لأوبرا «كارمن» لجورج بيزيه. وهي الأوبرا الأكثر شهرةً في العالم.

يجمع العرض الأوركسترا الوطنية للراديو الرومانية (التي سبق أن عزفت في بعلبك مرّتين، ستابت ماتر لروسيني، وركويام لفردي) وأربعة أصوات فرنسية للأدوار الرئيسية هي: ماري غوترو في دور «كارمن»، وجوليان بير في دور «دون خوسيه»، وجيروم بوتيليه في دور «إسكاميليو»، وفانينا سانتوني في دور «ميكاييلا»، مع تسليط الضوء على مواهب محلّية في مجالات الغناء والرقص. سيتولّى القيادة الموسيقية المايسترو توفيق معتوق، ويشارك في الغناء كورس الجامعة الأنطونية. ويقوم بتصميم الأزياء اللبناني العالمي ربيع كيروز. ويتولّى تصميم اللوحات الفنية، الفنّان التشكيلي نبيل نحّاس. ويتميّز هذا العرض بترجمة فورية تنقل للجمهور قصة «كارمن» المثيرة. امرأة حرّة ومتمرّدة تتجاوز قصتها الأزمنة والحدود.

هبة طوجي نجمة مهرجانات بعلبك في حفل «حقبات» (فيسبوك)
هبة طوجي نجمة مهرجانات بعلبك في حفل «حقبات» (فيسبوك)

عرض «حقبات» مع هبة طوجي

ليلة موسيقية بامتياز تشهدها قلعة بعلبك في 8 أغسطس ضمن مهرجانها من إنتاج أسامة الرحباني بعنوان «حقبات» (Stages).

وهو بمثابة حفل استثنائي يجمع بين الأصالة والإبداع، فيصدح صوت الفنانة هبة طوجي ليروي رحلة فنية عبر التاريخ. وبقيادة الموسيقي أسامة الرحباني، يشهد هذا الحدث مشاركة أوركسترا ضخمة وجوقة مميزة، إضافة إلى العديد من المفاجآت. وترغب لجنة مهرجانات بعلبك من خلال هذا العرض في أن تُثبت مكانة لبنان الفنية الرائدة على الرغم من أوقات عصيبة يمرّ بها. وسيكون العرض مزيجاً ساحراً بين الحلم والواقع، يأخذنا في أعماقه ويجعلنا جزءاً من حكايته. كما ستتخلل هذه الأمسية تحية خاصة للراحل الكبير منصور الرحباني بمناسبة مئويته.