ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

تترجم برسوماتها أفكارها الصباحية عن لبنان

تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
TT

ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية
تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية

«اللبناني» هو عنوان مجموعة لوحات الفنانة التشكيلية ميشلين نهرا، تتناول فيها واقع المواطن اليوم، فتسرق منه لحظات عائلية وقرارات مصيرية، وتوسّعها بمشاهد التقطتها عيناها عبر الشاشة الصغيرة. يُخيّل للناظر أنه يسترجع شريط حياته الشخصية أيام الحرب. وبألوان زاهية تجذب العين تطبع ميشلين نهرا لوحاتها بالإيجابية، وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن لريشتي أن تشقّ طريقها إلى لوحة ما من دون هذه الألوان الفاقعة، حتى لو اضطررت إلى رسم الحزن والموت، وأي مشاعر أخرى سلبية يمكن أن تغمرنا، فلا أتنازل عن هذه الألوان».

«اللبناني» المثقل بالهموم

في مجموعتها «اللبناني» تطلّ ميشلين نهرا على هموم وشجون مواطن يعيش مصيراً مجهولاً في عزّ الحرب، وبدءاً من طائرة الـ«ميدل إيست» مروراً بمواطن يتردّد في هجرة الوطن، وثالث يفتخر بلبنانيته على الرغم من كل شيء، تتألف مجموعتها هذه.

لماذا اختارت «اللبناني» عنواناً لمجموعتها من الإكليريك؟ تردّ: «كان من البديهي أن أختاره كوني أعرفه جيداً، وأُدرك مشاعره المتناقضة اليوم بسبب حرب مدمّرة تدور على أرضه، ومن سيعرف اللبناني أكثر من مُواطنه؟ وكوني واحدة من أبناء هذا البلد الذي أعشقه نفّذت مجموعتي هذه».

تحرص ميشلين نهرا على استخدام رموز من لبنان في لوحاتها، وتُطوِّعها لتتحول إلى نوع من إكسسوارات محلية تشير إلى الوطن. وكما ألوان العلم اللبناني كذلك تركن إلى رسم الأرزة في وسطه، ومن هذه الثلاثية تنطلق في رسوماتها لتدلّ بسرعة مشاهدها على أصول شخصياتها.

وبريشة لبنانية بامتياز تعمّر ميشلين فسيفساء من الألوان تعبُر معها فوق الأحزان.

«بلدات مدمرة» يتصاعد منها الدخان الملوّن

وتخبر «الشرق الأوسط» عن كيفية ولادة أفكارها: «تولد معي، ما أن أستيقظ من نومي صباحاً، لا أخطّط لها مسبقاً، ولا أضع لها أي آفاق تُلزمني بتنفيذها بخطة متكاملة، كل ما في الأمر هو أني أمسك بريشتي وأبدأ بالرسم لا شعورياً، لأضع أفكاري الصباحية هذه على قطعة القماش أو الورق، إنها تخبر عن حالنا نحن اللبنانيين، وتشير إلى أفراحنا وأحزاننا، ولأني أحب رسم الشخصيات فغالبيتها تعكس صورة شخصية تجاهد اليوم من أجل العيش».

لم تخترع ميشلين نهرا شخصياتها من الخيال والحلم، وبريشتها الخفيفة تصوّر الممرضة كما الإعلامي ومتطوعي الصليب الأحمر، وكذلك النازحين والبلدات المدمَّرة، وجميعهم ينتمون إلى مرحلة حرب يمرّ بها لبنان، رغِبَت في توثيقها بلوحات ملونة. وهو ما حضّها في لوحة «البلدات المدمّرة» لأن تمزج الأحمر والأخضر والأصفر في الدخان المتصاعد منها، وتوضح: «لوّنت دخان البيوت في تلك البلدات؛ لأنها تخرج من ضحكات وجلسات عائلية كانت تنبض فيها قبل الحرب».

الطربوش الأحمر علامة فارقة في مجموعة «اللبناني»

قبل ذلك، رسمت ميشلين نهرا مجموعة خاصة بحرب غزّة. وتتابع: «لم أهتم يوماً بنشرات الأخبار المتلفزة، ولا بالصحف والإذاعات، ولكن ما أن اندلعت حرب لبنان صرت أوتوماتيكياً أجلس أمام التلفاز أتابع وأراقب ما يجري، وكل ما رسمته هو عبارة عن وقفات مع هذا الزمن القاتم الذي يحيط بنا، لم أستطع كبْت مشاعري تجاه وطني، وأردت أن أبوح بها على طريقتي، فلبنان يعني لي كثيراً، وقرّرت منذ عام 2008 الاستقرار في وطني. كان لا بد لي من الدفاع عن وجهة نظري، فالجميع يوم قررت العودة فوجئوا، وراحوا يستفسرون مني عن سبب هذه الرجعة، واليوم أردّ على هؤلاء جميعاً بأني لبنانية في الصميم، ووطني يسكن قلبي».

تشتهر ميشلين نهرا برسوماتها الساخرة التي تنقل تناقضات معينة، ومن خلالها تسلّط الضوء على تقاليد وعادات وطبيعة تصرفات مبهمة وغريبة يتبعها اللبناني. وتعلّق: «أن ترى أحدهم يدخن سيجارة في مكان تعلَّق فيه إشارة ممنوع التدخين، لهو أمرٌ مثير للجدل، وكذلك الأمر عندما تلحظ شخصاً يتجاوز صفاً طويلاً ليصبح أول الواصلين إلى صندوق الدفع».

طائرة الميدل إيست تحلّق غير آبهة بالمخاطر

«من لوحاتها تعرفها»، عبارة تطبّقها نهرا في رسوماتها، فإضافةً إلى رسمها الفم بشخطة حمراء، ترى اللسان الذي يخرج من الفم سخريةً في لوحاتها، «قد تكون هذه الأخيرة ترجمةً لرد فعل أي شخص لا يهتم بما يقوله الآخر، ولذلك استخدمته في لوحة طائرة الشرق الأوسط، وكأنها تتحدّى الجميع غير آبهة بالمخاطر التي تحيط برحلاتها من مطار بيروت».

بالنسبة لميشلين فإن القلب يلعب الدور الأساسي بين الرسام والمتفرج على لوحاته، «اللوحة تولد من حب فنان وشغفه، وكذلك من يشتري لوحته، يختارها لأنه أحبّها أكثر من غيرها، لذا أرى أن هناك علاقة متينة بين الطرفين ترتكز على القلب وحده».

وعن سبب اختيارها ألوان العلم اللبناني لتشكّل العنوان العريض لجميع لوحاتها توضح: «أولاً لأنه يعرّفنا بسرعة بأننا نتحدّث عن لبنان، كما أنه بالنسبة لي من أجمل أعلام البلدان في العالم، والأرزة أعدّها أيقونة لا يمكنني إلا أن أعطيها حقّها في رسوماتي؛ لأنها تعني السرمدية».


مقالات ذات صلة

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».