«الهوى سلطان» يُعيد منة شلبي إلى الرومانسية بعد مغامرات درامية

نالت إشادات لافتة عن دورها في الفيلم أمام أحمد داود

ملصق ترويجي يجمع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)
ملصق ترويجي يجمع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)
TT

«الهوى سلطان» يُعيد منة شلبي إلى الرومانسية بعد مغامرات درامية

ملصق ترويجي يجمع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)
ملصق ترويجي يجمع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

يُعيد الفيلم المصري «الهوى سلطان»، الذي بدأ عرضه قبل أيام في القاهرة، بطلته الفنانة منة شلبي إلى الأفلام الرومانسية، بعد سنوات من الغياب انشغلت خلالها بتقديم أعمال سينمائية وتلفزيونية تناولت الإرهاب والقضايا الاجتماعية والكوميديا، على غرار مسلسل «بطلوع الروح»، وأفلام «من أجل زيكو»، و«الجريمة»، و«الإنس والنمس».

وحظي فيلم «الهوى سلطان» بحفاوة كبيرة من فنانين وصُنّاع أفلام وجمهور على مواقع «السوشيال ميديا» وتصدَّر إيرادات شُباك التذاكر في مصر محقّقاً نحو 7 ملايين جنيه، «الدولار الأميركي يعادل49.27 جنيه مصري»، خلال 4 أيام فقط من بدء عرضه.

وكتب المخرج يسري نصر الله، عبر حسابه في «فيسبوك»، أنه «سعيد لمشاهدته فيلماً جميلاً»، ووصفته رانيا فريد شوقي بأنه «فيلم رومانسي اجتماعي خفيف الدم». وقالت دنيا سمير غانم إنه «فيلم حلو جداً استمتعت به وبكل فريق العمل»، ووصفت زميلتها منة شلبي بأنها «خطيرة».

منة شلبي خلال حضورها العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

يطرح الفيلم قصة جريئة عن الحب والصداقة، من خلال بطليه «سارة» و«علي» (منة شلبي وأحمد داود) اللذين تجمعهما علاقة صداقة وجيرة بدأت بين أجدادهما ووالديهما منذ طفولتهما، وبينهما ذكريات لا تنتهي وتفاهم كبير، ويبدو كل منهما كتاباً مفتوحاً أمام الآخر.

تعمل «سارة» موظفة في إحدى المصالح الحكومية، وتعيش بمفردها بعد وفاة والدتها، وزواج والدها الذي يؤدي دوره الفنان عماد رشاد، فتقطع علاقتها به، لتجد عوضاً في صديقها «علي»، ووالدته سوسن بدر التي رغم ظهورها المحدود في الفيلم تثير الضحك في مواقف عدة، خصوصاً في مشهد ذهابهم إلى قريتهم في الساحل الشمالي.

لا يتسرّب الشّك للمشاهد من صداقة «سارة» و«علي»، إذ يسعى علي للزواج، ويأخذ برأي «سارة» فتوجه له النصائح حتى يحظى بالقبول، ويصدمها بقوله: «ربما تكون علاقتنا قد عطّلت كلاً منا عن الارتباط»، في حين تلتقي «سارة» طبيب الأسنان «رامي»، الذي يؤدي دوره أحمد خالد صالح، الذي يُعجب بها ويرغب في الزواج منها. وفي المقابل يفاجئ علي سارة بارتباطه بفتاة أخرى تُدعى «جيهان الشماشرجي»، ويدفعها ذلك لاتخاذ الخطوة نفسها، ومع ارتباط كلٍّ منهما لا يشعران بالسعادة، وتحدثُ مواقف عدة تؤدي لاكتشاف مشاعرهما تجاه بعضهما، فتُنهي سارة ارتباطها قبل أن يحدث، كما ينفصل «علي» عن خطيبته، بعد تأكُّد كلٍّ منهما من عمق مشاعره تجاه الآخر.

المخرجة هبة يسري تتوسط منة شلبي وأحمد داود خلال تصوير الفيلم (الشركة المنتجة)

تُعبّر أغنيات المطرب بهاء سلطان، الذي تعشقه البطلة، عن مواقف درامية تمرّ بها، ومنها «أنا عايش عشان بهواك»، في حين حققت أغنيته للفيلم «أنا من غيرك» أكثر من مليون مشاهدة على موقع «يوتيوب» بمجرد طرحها، كما يتردّد صوت شيرين عبد الوهاب بأغنية «حاجات كتير في حياتنا اتسببت في حيرتنا».

وبرعت مديرة تصوير الفيلم نانسي عبد الفتاح في تصوير القاهرة ليلاً بأضوائها ومبانيها العتيقة والحديثة ونيلها الساحر؛ حيث صُوّرت أغلب مشاهد الفيلم.

يُعد الفيلم أول الأفلام الطويلة لمؤلفته ومخرجته هبة يسري، التي تنتمي لعائلة فنية، فجدّتها هي المطربة الراحلة شهرزاد، وجدّها مدير التصوير عبد المنعم بهنسي، أما والدها فهو عازف الأورغ يسري رمزي.

ملصق ترويجي يجمع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وعَدّ الناقد أندرو محسن الفيلم «مميزاً جداً ومختلفاً، فهو رومانسي كوميدي كلاسيكي»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»: «من السهل تصديق هذا الفيلم، ومشاهدته أكثر من مرة؛ لأنه حقيقي جداً وبه حوار بسيط، وشخصيات تُشبهنا، كما أنه مميز في اختيار الممثلين»، لافتاً إلى أن «منة شلبي قدّمت به أفضل أدوارها منذ سنوات طويلة، وكذلك أحمد داود، وأن مخرجته هبة يسري واضحة فيما تريده، معتمدة اللقطات البسيطة بجانب الإحساس العالي بالسيناريو، عبر تفاصيل عدة للشخصيات، ما يجعل الفيلم ميلاداً جديداً لها بصفتها مخرجة سينمائية»، وفق تعبيره.

وعن قصة حب علي وسارة، وهل تمثل حكاية حقيقية، قالت المخرجة والمؤلفة هبة يسري إنها «قصة تحدث كثيراً، وأحب فكرتها، وكنت أتمنى أن تحدث لي شخصياً». وأضافت، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أحمد داود كان بالنسبة لها أقرب ممثل لشخصية علي، وأن منة شلبي كانت حُلماً ولم تكن تتخيّل أنها ستوافق على الفيلم بسهولة».

وأكّدت أن تنفيذ أي فيلم يُعد أمراً صعباً، فقد أرهقتها الكتابة، وكانت تتخوّف من خطوة إخراج فيلم طويل، وسعت لتأجيلها قدر المستطاع، وبرّرت اختيارها أغنيات بهاء سلطان في الفيلم بقولها: «هو بالنسبة لها أجمل صوت في الوطن العربي، فصوته يملأ قلبي منذ كنت صغيرة».

وطول مدة عرض الفيلم، التي استغرقت لساعتين، تقول هبة يسري: «الأفلام مؤخراً هي التي باتت قصيرة، وأرى أن مدة الفيلم مناسبة».

لكن الناقد طارق الشناوي يرى أن الفيلم به قدر من «الثرثرة الدرامية التي كان يمكن اختصارها عبر المونتاج».

في السياق نفسه، اتهمت المؤلفة رشا عزّت مخرجةَ فيلم «الهوى سلطان» بسرقة قصة فيلمها الذي كتبته تحت عنوان «حبي الأول» عام 2017، وذكرت، عبر حسابها في «فيسبوك»، أن قصة الفيلم كاملة مسروقة من فيلمها»، على حدّ تعبيرها.

وعَدّت المخرجة هبة يسري هذا الاتهام «محاولة لإفساد فرحة صُناع الفيلم بنجاح العمل وتصدُّره شُباك التذاكر وحصده إشادات عدة من الجمهور والنقاد»، مشدّدة على أن فكرة الفيلم من بنات أفكارها منذ كانت طالبة في معهد السينما، ونشرت جانباً من (درافت) السيناريو خلال عملها عليه.

جانب من كواليس تصوير مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

من جانبه، أيّد طارق الشناوي رأي المخرجة، نافياً سرقته، مؤكداً أنه «خط درامي عام عملت عليه المخرجة طويلاً». وأضاف الناقد المصري، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفيلم جريء اجتماعياً، إذ إننا لم نعتدْ مناقشة علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة، ومن ثمّ تحوّلها لمشاعر حب؛ لأنها قضية شائكة»، لافتاً إلى أنه «شاهد فيلم هبة يسري عن جدتها (ستو زاد)، وشعر بأنها مخرجة لديها شيء خاص جداً».

وأشار إلى أن «الفيلم يُراهن على المرأة بطلةً، وهو رهان جديد ومختلف»، مؤكداً أن «جمال الفيلم يكمن في أنه لا يُشبه الأفلام الأخيرة التي تُظهر المجتمع المصري متحفّظاً خوفاً من ردود فعل البعض»، وأن المخرجة كان «لديها جرأة كبيرة وارتباط بالواقع»، وعَدَّ «جرأة الفيلم وراء تحقيقه أعلى الإيرادات».


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
TT

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

واحد من الأعمال الفنية التي يُفترض ألا تُفوّت، هو «نشيد الحب» ويُعرض في «جناح نهاد السعيد» الذي افتتح حديثاً، ملحقاً بـ«المتحف الوطني اللبناني».

تجهيز شرقي، وهذا نادراً ما نراه، بارتفاع 6 أمتار، يملأ ما يوازي غرفة كبيرة، مركّب من تحف وأثريات حرفية، من الخشب والنحاس، والزجاج والحديد والقماش، ومواد أخرى كثيرة، يعود عمر بعضها إلى 200 سنة وأكثر.

ركّب الفنان ما يشبه الثريا المتدلّية من السّقف (خاص الشرق الأوسط)

فلا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني الذي تستدعي زيارته الدخول إليه، والتجول في أنحائه، تفحّصه قطعة بعد أخرى، التّمعن في أبيات شعر محفورة هنا، وأشكالٍ هندسية هناك. ولا بدّ أيضاً أن تزور التّجهيز بالالتفاف حوله لاكتشاف مختلف جوانبه. لا بل قد يحلو لك أن تعود تكراراً إلى هذه التحفة الإبداعية، لتستمتع بتفاصيلها الصغيرة الكثيرة، التي تميزت بها حرفياتنا الشرقية.

ألفريد هو سليل عائلة اشتغلت لأجيال في بيع التّذكارات والقطع الحرفية، وفي تنفيذ الحَفريات على النحاس والخشب والزجاج، وإليها يعود الفضل في تزيين أجمل القصور في دمشق وحلب وطرابلس وبيروت، ومدن أخرى في المنطقة. ورِث ألفريد عن عائلته تركة ثمينة، بعضها من أعمالهم وبعضها الآخر اقتنوه بمرور الوقت ليعيدوا بيعه. وجد الفنان نفسه أمام ثروة، لا متحف مخصصاً لعرضها، أو وسيلة ناجعة للاستفادة منها، فكانت سلسلة تجهيزات كلّ واحد منها تحفة يتوقف عندها الزمن. وقد شغلته في السنوات السابقة بشكل خاص تيمة الحرب، لكنه هذه المرة، يغوص في الذاكرة بطريقة أخرى.

والدة ألفريد عالمة الآثار التي تتوسط التجهيز (جناح نهاد السعيد)

التجهيز البديع الموجود في المتحف ضمن معرض «بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال»، نظّمه بمهارة «متحف بيروت للفن»، هو وليد قريحة ألفريد، الذي أراد أن يستخدم موروثه، بتنوعه، ليحكي قصة أهله، وتاريخ المنطقة، وقيمة العمل اليدوي، ومعنى التراث، من خلال تركته العائلية.

في وسط التجهيز رأس امرأة تعتمر قبعة، ينتصب داخل قطعة موبيليا شرقية ترتفع بأعمدة يعلوها سقف، ومفرغة من جوانبها، يتدلّى منها فوق الرأس، مجموعة من الصور الفوتوغرافية الصغيرة، تُخلّد ذكرى أصدقاء العائلة الذين قضوا في الحرب. والرأس هو منحوتة لوالدة ألفريد، السيدة ريناتا أورتالي التي تدور حولها كل المعاني المعروضة. كانت المرأة عالمة آثار، عملت لخمسين سنة مع الأمير موريس شهاب في المتحف الوطني، وساهمت في حملات البحث عن الآثار في وسط بيروت، بعد توقف الحرب الأهلية. وعن قطعة الموبيليا التي تحمل الرأس، أقام ما يشبه السور الخشبي المزخرف الذي يسيج الأم.

كرسي والد الفنان جورج (خاص الشرق الأوسط)

وفي مقابل الوالدة، زوجها جورج حاضر من خلال كرسيه الخشبي المنجد بالأصفر الذي اعتاد الجلوس عليه، وقد رفع على قاعدة خشبية. واصطفت حول المقعد أعمدة وألواح وبقايا محفورات، كأنها تَصنع بتعدّد مشغولاتها عرشاً لهذا الوالد الغائب/ الحاضر.

أنت أمام تجهيزٍ مليء بالتّفاصيل ولكلٍّ منها قصتها، ومعناها وأهميتها. ثمّة ألواح أخشاب على كلٍّ منها حفريات مختلفة، نُسّقت، لتبدو ذات مهابة وحضور، تُخرجها من معناها الفردي، وفي مكان آخر مجموعة من الأواني النّحاسية مع أغطيتها كانت تُستخدم لوضع احتياجات الحمام من صابون وليفٍ، بعضها شغل تركي ومنها شامي ولبناني وبيروتي. تعدّد المصادر يزيدها غنى. هناك الحلل على أنواعها، والفوانيس ومجموعة عصافير معدنية، ورؤوس حجرية متدلية. وفي إحدى الزوايا قطعة موبيليا، هي مقرنصة، يعلوها حفر لبيت شعر غزلي، وتحتها من المفترض أن توجد بركة الماء.

اعتمد ألفريد بشكل خاص على عرض مجموعات متشابهة إلى جانب بعضها البعض، وأن يجعل من أطر الأبواب الخشبية، بأقواسها وزخرفها نوعاً من الحواجز الوهمية بين المعروضات، وثمة قطع أثاث، وصمديات، وقناديل وإكسسوارات.

ابتكر لكل منها دوراً في هذا التركيب، وأتت على مستويات بحيث بدت وكأنها طبقات متداخلة حتى تصل إلى السّقف، حيث صنع ما يشبه الثريا، من مجموعة قطع معدنية صغيرة محفّرة، لكلٍ منها شكلها وهويتها، علّقها إلى جانب بعضها البعض، لتبدو كنجوم متلألئة تظلّل التجهيز.

توارثت عائلة طرزي، مهنة الحفر، أجيالاً متعاقبة، عرفت بمهارتها الفنية في صناعة خشبيات القصور، من أبواب ونوافذ وجدران وسقوفيات، وغيرها. في الأصل كانت العائلة تبيع الأثريات والأنتيكا، تَوّزع عملها بين القدس ودمشق وبيروت. الابن ألفريد البالغ من العمر اليوم 40 سنة، ومتخصص في الفن الغرافيكي، وجد نفسه أمام ثروة أثرية حرفية تركها له والده، لا يعرف أين يمكن أن تُعرض. نحتفي غالباً بالقديم والحديث، وهذا الإرث المشرقي الذي يعود للقرن الـ19 وبداية القرن العشرين، غالباً ما نجده متناثراً ومهملاً عند بائعي الأنتيكا، ولم تُخصّص له متاحف تُنصفه، وهو ما يُشغل بال الفنان.

«نشيد السعادة» هو ربط إبداعي بين هذه القطع الكثيرة، ذات الاستخدامات المختلفة، تمزج بينها تلك القناطر الجميلة بزخرفها اليدوي البديع، والبوابات الخشبية المليئة بالمحفورات.

مجموعة النحاسيات التي كانت تُستخدم لوضع الليف والصابون (خاص الشرق الأوسط)

ومما لا يعرفه زوار هذا التجهيز، أن ألفريد سرسق، ابن العائلة الأرستقراطية، نهاية الحكم العثماني، قرّر أن يستأجر حرش بيروت، من بلدية المدينة لمدة 80 سنة، وبنى في المكان كازينو أطلق عليه اسم «عزمي». كانت عائلة طرزي قد كُلّفت باشتغال أبواب ونوافذ وسقوفيات الكازينو الذي لم يكن من مثيل له، في تلك الفترة. واستغلّت الأرض حوله في تنظيم سباق الخيل. عندما خسِر العثمانيون الحرب ودخل الفرنسيون البلاد، حوّلوا الكازينو إلى مستشفى، لعلاج المرضى، ومن ثَمّ اتفقوا مع بلدية بيروت وصاحب المبنى سرسق، على شراء هذه الملكية وتحويلها إلى منزل للسفير الفرنسي، ولا يزال كذلك. واللطيف أنك من الواجهات الزجاجية لمكان العرض يمكنك أن تطلّ على ميدان سباق الخيل والمبنى الذي صار اسمه «قصر الصنوبر».

ومن ضمن الأبواب التي ركّب منها تجهيز «نشيد السعادة» هو المجسم الأصلي لبوابة «قصر الصنوبر»، وضعه طرازيّ على الزاوية الأمامية من المجسم، ويقول عنه «إنه الباب الصغير للبنان الكبير»، لأنه أمام هذه البوابة، تحديداً، أعلن الجنرال غورو ولادة لبنان بشكله الحالي.