حلم الإسكندر في العلا... روائع «متحف نابولي» تعرض لأول مرة في الشرق الأوسط

تجربة ثقافية استثنائية لكنوز نادرة من المجموعات الكلاسيكية

يحتضن المعرض كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية (الشرق الأوسط)
يحتضن المعرض كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية (الشرق الأوسط)
TT

حلم الإسكندر في العلا... روائع «متحف نابولي» تعرض لأول مرة في الشرق الأوسط

يحتضن المعرض كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية (الشرق الأوسط)
يحتضن المعرض كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية (الشرق الأوسط)

تفتح قاعة مرايا بالعلا أبوابها لاستقبال مجموعة مميزة من التحف الأثرية من موقعي بومبي وهركولانيوم في إيطاليا، حيث يضم المعرض عدداً من القطع المهمة مثل تمثال لرأس الإمبراطور الإسكندر، وتمثال لرأس يوليوس قيصر، وتمثال لرأس الإمبراطور هادريان. وفيما يعد تجربة ثقافية استثنائية، يقام المعرض الذي يحمل عنوان «روائع متحف نابولي الوطني للآثار» للمرة الأولى في الشرق الأوسط، ليقدم للجمهور كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية.

تماثيل رأس للإمبراطور الإسكندر ويوليوس قيصر والإمبراطور هادريان (الشرق الأوسط)

ويبدأ هذا المعرض بحُلْم الإسكندر الأكبر الذي لم يتحقق، عندما انطلق في رحلته نحو الشرق متطلعاً لأنْ يصبح مركز العالم المعروف آنذاك، حين كانت العلا مفترق طرق محورياً ربط الممالك والإمبراطوريات ببعضها. وفي المنطقة ذاتها برزت المدينتان التاريخيتان دادان ثم الحجر، بوصفهما مركزيْن للتبادل التجاري والثقافي على طريق البخور.

ويستكشف المعرض الظاهرة الاجتماعية والثقافية والتصويرية المعروفة بـ«اميتَاتيو الكْسَنْدرِي»؛ أي الرغبة في تقليد الإسكندر، فحتى روما في أوج مجدها استلهمت من شهرة الإسكندر في سعيها لإدراك مكانتها في العالم.

مجموعة من الأسلحة والدروع التقليدية (الشرق الأوسط)

في قلب المسرح الزجاجي الفريد

وتعرض العلا نخبة من التحف الأثرية في قلب المسرح ذي الواجهة الزجاجية الفريدة في وادي عشار، ضمن تعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومتحف نابولي الوطني، ويأتي المعرض الذي بدأ استقبال زواره، بصفته أحد المعالم الثقافية الرئيسية في مهرجان الممالك القديمة 2024 الذي يقام في العُلا خلال الفترة من 7 وحتى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال البرفيسور ماسيمو أوسانا، مدير متحف نابولي للآثار، إن هذه خطوة بارزة لتعزيز الترابط الثقافي بين البلدين، والحفاظ على التراث والبحث العلمي، وأن هذا المعرض يعكس العلاقة بين الشرق والغرب، ويضمّ 15 تحفة تاريخية تغادر إيطاليا للمرة الأولى، وتقدم القطع التاريخية سردية عن المجتمعات القديمة وشجاعتها في مواجهة التحديات.

تمثال من الرخام لتراجان وهو مدرع من أواخر القرن الميلادي الأول (الشرق الأوسط)

وأشار أوسانا إلى أن المتأمل في المعرض ومقتنياته العريقة يلمس حب الإسكندر وجيله للاستكشاف والتطلع للمعرفة، آملاً أن يعزز هذا المعرض الاحتفاء بالتراث المشترك بين الحضارات والإرث الخالد بينها، على الرغم من الفواصل الجغرافية.

ويُعد متحف نابولي الوطني للآثار، الذي أنشئ في عام 1777، معلماً بارزاً في إحدى عواصم التراث الإيطالية، ويحتضن بعضاً من أغلى الكنوز الثقافية في أوروبا، بما في ذلك تماثيل رومانية ويونانية محفوظة بحالة ممتازة، وقطع برونزية، وفسيفساء، وأعمال فنية أخرى.

يحتضن المعرض كنوزاً نادرة من أشهر المجموعات الكلاسيكية (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

معرض «بيروت عدتُ إليك»... عندما يصبح الحنين إلى الوطن حاجة ملحّة

يوميات الشرق ماجدة شعبان في معرضها «بيروت عُدتُ إليك»... (الشرق الأوسط)

معرض «بيروت عدتُ إليك»... عندما يصبح الحنين إلى الوطن حاجة ملحّة

سبق أن عبّرت ماجدة شعبان عن أحاسيسها خلال الحرب الأخيرة التي شهدها لبنان. يومها، تأثرت بمشهد طائرة تابعة لـ«طيران الشرق الأوسط» تشق طريقها بين دخان القذائف.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تأثيرها هائل في الذوق (سوذبيز)

سِحر ماري أنطوانيت في قلب لندن

سيُفتَتح أول معرض في المملكة المتحدة مخصّص لحياة الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت، في متحف «فيكتوريا وألبرت» بجنوب كنسينغتون في لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق عمل زينة وريّا بدران يتجاوز الجماليات البصرية ليلامس مشاعر المرضى (المُلحقة الإعلامية)

8 فنانين يُعيدون تشكيل المشهد الاستشفائي في بيروت

يتقاطع الفنّ مع الطبّ، من موقع الضرورة، مثل نافذة ضوء في قلب التجربة، وصوت داخلي يقول للمريض بهدوء: «لستَ وحدك».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق لقطة للواقعة التي صوّرتها كاميرات المراقبة بالمتحف

شاهد... سائح يُحطّم كرسي «فان غوخ» أثناء التقاط صورة تذكارية

حطم سائح كرسي الرسام الهولندي فينسنت فان غوخ بمتحف بالازو مافي للفنون في فيرونا بإيطاليا، أثناء التقاطه صورة تذكارية خلال جلوسه عليه.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الفنان المصري هاني مجلي الفقي (الشرق الأوسط)

«أثر مكتشف»... منحوتات خشبية تُعبّر عن التراث ببساطة مفرطة

النظر إلى إحدى القطع الفنية الخشبية، والتجول حولها يعني رؤية الفن ذاته والشعور والتأثر به، من دون الحاجة إلى لمسه، أو محاولة الوصول إلى الأفكار التي تقف وراءه.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)

عادت قضية «الأفروسنتريك» للواجهة مجدداً في مصر، مع انتشار إعلان لأحد قيادات حركة «الأفروسنتريك» ودعاتها المشهورين، يدعي البروفسير كابا كاميني، عن إنتاج فيلم وثائقي حول الأصول الأفريقية للحضارة المصرية القديمة، والإعلان عن قرب زيارته لمصر، وفق متابعين له.

وتصاعدت حملةٌ على وسائل التواصل تشير إلى أن «وجود كابا في مصر غير مرحب به»، وتصدر اسمه «الترند» على «إكس» في مصر، الأربعاء، تحت عنوان «مش عايزين كابا في مصر».

وأعلن «البروفسور كابا»، كما يسمي نفسه على صفحته بـ«فيسبوك»، عن فيلم وثائقي تم إنتاجه بالفعل، ومن المقرر عرضه يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي بعنوان «نيجوس إن كيميت»، وترجمتها «الملك في مصر» أو «الملك في الأرض السوداء»، وقُوبل هذا الإعلان بسيل من التعليقات على صفحة الناشط الأميركي مفادها أنه «غير مرحب به في مصر».

ونشرت صاحبة حساب على «إكس» تدعى «جيسي يسري» صورة لكابا وهو يمسك مفتاح الحياة «عنخ» وكتبت معلقةً أن هذا هو «كابا» زعيم «الأفروسنتريك» الذين يقولون إنهم أحفاد المصريين القدماء، وإن المصريين الحاليين دخلاء على مصر. ولفتت إلى أن «كابا» سيأتي إلى مصر الجمعة المقبل 20 يونيو (حزيران) الحالي، وأنه نظم تجمعاً اسمه «زنوج كيميت»، ومن المعروف أن «كيميت» هو اسم قديم لمصر، ويعني «الأرض السوداء»، وطالبت صاحبة التعليق الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والسياحة بأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة، وأن يحرصوا على أن يرافقه مرشدون سياحيون مثقفون وطنيون، لمنع المهازل التي حصلت في زياراته السابقة، وفق تعبيرها.

وعلّق البعض متسائلاً لماذا لا تمنعه وزارة الداخلية من دخول مصر طالما أنه غير مرغوب فيه؟ وتصاعدت تعليقات أخرى ترفض حضوره إلى مصر وتدعو لمنعه من دخولها، في مقابل تعليقات أخرى تدعو لتجاهله وعدم إعطائه قيمة كبيرة لأن الاهتمام به بهذا الشكل يمنحه شهرة.

بينما نشر آخرون ما يفيد بأن المصريين القدماء رسموا الأفارقة على المعابد كأسرى وعبيد مقيدين، رداً على مزاعم «الأفروسنتريك».

وتتكرر بين فترة وأخرى مزاعم من بعض أنصار «الأفروسنتريك» تنسب الحضارة المصرية القديمة إلى الأفارقة السود، وتدعي أن مصر الحديثة تستولي على هذا الإرث وتنسبه إلى غير أصله، وهو ما يصفه عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، بأنها «ادعاءات تفتقر إلى الأساس العلمي، ولا تستند إلى أي أدلة أثرية، لغوية، أو بيولوجية معتمدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف النيل، وتميزت باستقلالها الثقافي والديني واللغوي، ولم تكن حضارة معزولة، بل تفاعلت مع محيطها، مع احتفاظها بهويتها المتفردة، والدراسات العلمية المستندة إلى تحليل المومياوات، والنقوش، والفن الجنائزي، واللغة المصرية القديمة، تؤكد جميعها أن سكان مصر القديمة كانوا من أصول محلية تشكلت تاريخياً داخل وادي النيل، ولا يمكن اختزالهم في تصنيفات عرقية حديثة».

أحد منشورات كابا حول الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويدعو عبد البصير إلى التعامل مع مثل هذه الحركات على 3 مستويات، «أولاً المنع إذا ثبت الضرر بالأمن القومي أو التحريض على الكراهية، ثانياً عدم التضخيم الإعلامي لهم حتى لا يحصلوا على شهرة لا يستحقونها، ثالثاً تقوية أدوات المعرفة والدفاع الثقافي الوطني عبر برامج وخطط التوعية المتنوعة».

وتأسست حركة «الأفروسنتريزم» أو «الأفروسنتريك» في ثمانينات القرن العشرين على يد الناشط الأميركي أفريقي الأصل موليفي أسانتي، الذي قدم العديد من الكتب، بل وأنشأ معهداً للأبحاث باسمه يسعى من خلاله لإعادة تقييم وتقدير الثقافة الأفريقية وإثبات مركزيتها في الحضارات القديمة، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.

فيما يشير عالم الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى وجود «حرب شرسة من (الأفروسنتريك) على الحضارة المصرية تتعدد أشكالها، تمثلت في عرض شبكة (نتفليكس) فيلم (الملكة كليوباترا) الذي يسيء إلى الحضارة المصرية، ويُظهر الملكة كليوباترا ببشرة سوداء ترويجاً لفكر (الأفروسنتريك) بأن الحضارة المصرية أصلها أفريقي في تحدٍ واضحٍ للرفض المصري من متخصصين وغيرهم لهذا الطرح».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعوات التي تطالب بمنع دخول دعاة هذه الحركة إلى مصر تعتمد على رأي الجهات الأمنية، وإذا لم تتمكن فصراعنا هو صراع هوية ومجابهة الغزو الفكري تعتمد على تعزيز الهوية وبناء الإنسان المصري، وتأكيد عمق وجذور الشخصية المصرية وهو أقوى الأسلحة»، مطالباً بـ«خطة ممنهجة وممولة من وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار لمجابهة (الأفروسنتريك) عبر برامج إعلامية موجهة باللغة العربية وعدة لغات لتوضيح حقيقة الهوية والشخصية المصرية عبر العصور، لأن هذه الحركات هدفها الطعن في الهوية».

وسبق أن تصاعدت قضية «الأفروسنتريك» في مصر مع إنتاج شبكة «نتفليكس» فيلماً عن الملكة كليوباترا عام 2023، يظهرها ببشرة سمراء وشعر مجعد، وهو ما اعترضت عليه وزارة السياحة والآثار، ووصفته بـ«تزييف التاريخ» و«المغالطة الصارخة»، ونشرت أدلة تؤكد الملامح اليونانية التي كانت تتمتع بها الملكة البطلمية، صاحبة البشرة البيضاء والملامح الرقيقة، وأكدت الوزارة وقتها بالأدلة وفحوصات الحمض النووي للمومياوات أن «المصريين القدماء لا يحملون ملامح الأفارقة».

جانب من الصور التي نشرها كابا عن الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويرى الخبير السياحي والباحث في الحضارة المصرية القديمة، بسام الشماع، أن «(الأفروسنتريك) الذين يدّعون أن الحضارات الأفريقية القديمة التي كانت قائمة جنوب الصحراء تم السطو عليها من المصريين، لم ينجحوا في إثبات ما يدعونه، بل وأرى هناك مبالغة في إعطائهم أكثر من قدرهم»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من واقع خبرتي كمرشد سياحي أرى مبالغة كبيرة في إعطاء هذه الحركة قيمة، فهم يحاولون منذ نحو 100 سنة أن يرسخوا فكرهم ولكنهم فشلوا، وحين تم إنتاج فيلم (الملكة كليوباترا) السمراء أثبتت الإحصاءات أنه حصل على أقل نسبة مشاهدة في تلك الفترة».

وأشار إلى محاولات أخرى لسرقة الحضارة المصرية أو تزييفها، موضحاً: «هناك محاولات من اليهود للسطو على الحضارة المصرية ومحاولات من الأميركيين والتقنيين لترويج فكرة أن الكائنات الفضائية هي التي صنعت الحضارة المصرية، وهذه الدعاوى هي ما يجب أن نواجهها بالتوعية العلمية المنضبطة».

وأضاف الشماع أن «زمن المنع انتهى، لن نستطيع منع هؤلاء من دخول مصر، بل بالعكس فكرة تصويرهم على أنهم عبيد أو المنع سيجذب التعاطف معهم عالمياً، لذلك يجب أن يتم مواجهتهم بشكل عملي أكثر جدية»، ودعا إلى «إقامة مؤتمر دولي أمام الأهرامات يضم كبار العلماء في الحضارة، ينتهي بتوصيات تنفي كل المزاعم التي تشاع عن الحضارة المصرية القديمة، مثل مزاعم (الأفروسنتريك) أو الكائنات الفضائية أو المزاعم اليهودية حول الحضارة المصرية».