قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

مسؤول في «الهيئة الملكية» لـ«الشرق الأوسط»: يجب إعادة كتابة تاريخ الجزيرة العربية

إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)
إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)
TT

قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)
إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية الرياض، اكتشافاً فريداً من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر، شمال غربي السعودية، ضمن بحثٍ أثري جديد نُشر في مجلة «بلوس ون» العلمية المتخصصة.

وقال محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، إن الاكتشاف الأثري «يبرز أهمية السعودية في مجال الآثار على الصعيد الدولي، وما تكتنزه أرضها من عمق حضاري، يعزّز من جهودها في حماية التراث الثقافي والتاريخي»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أهمية تبادل المعرفة والخبرات مع العالم لتعزيز الوعي بالتراث الإنساني المشترك.

وعدّ أن هذا الاكتشاف يؤكد التزام بلاده بـ«الحفاظ على التراث العالمي وتعزيز التراث الثقافي، وفقاً لما نصت عليه رؤية السعودية 2030، مع أهمية تعزيز الشراكات الدولية لتقديم هذا الإرث الغني إلى الأجيال القادمة والعالم».

صورة جوية تُظهر قرية النطاة حيث يُغطى قسم كبير منها بالكتل البازلتية التي أخفت القرية لقرون (مشروع خيبر عبر العصور)

من جانبه تحدّث نائب الرئيس للثقافة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، الدكتور عبد الرحمن السحيباني، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن هذه القرية «تُعيد طرح التساؤل فيما يخص الاستقرار في شمال غربي الجزيرة العربية، والاستقرار في الجزيرة العربية إلى فترات أقدم بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، وأيضاً السور الذي أحاط بهذه القرية، والممرات الجنائزية التي وصل عددها إلى الآلاف في خيبر، وتتصل بالواحات الأخرى المسورة في العلا أو في تيماء».

إعادة كتابة تاريخ الجزيرة العربية

وسلّط السحيباني الضوء على أهمية هذه الاكتشافات بأنها «تكمن في ضرورة أن نعيد النظر مرة أخرى في تاريخ الجزيرة العربية، وأنها لم تكن صحراء خالية، ولم تنشأ ولم تزدهر إلا بعد مرور الطرق التجارية في الألف الأول قبل الميلاد»، موضحاً أن «الجزيرة العربية كانت مركزاً حضارياً مهماً جداً، ولعبت دوراً مهماً في نشأة الحضارة والاستقرار الإنساني».

وطالب السحيباني بإعادة كتابة تاريخ الجزيرة العربية، معللاً: «يجب أن ننظر إلى هذا الاكتشاف مع غيره من الاكتشافات الأخرى في الجزيرة العربية بأكملها مع ما يُكتشف خارج الجزيرة العربية من تواصل حضاري لإعادة كتاب تاريخ الجزيرة الذي حان وقته الآن بعد هذا العمل الذي نقوم به في الهيئة مع الشركاء المحليين والدوليين كافّة».

«خيبر عبر العصور»

وأظهر الاكتشاف الذي جرى في إطار مشروع «خيبر عبر العصور» -وضم فريق البحث، بالإضافة إلى الدكتور غيوم شارلو، مديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا الدكتورة منيرة المشوح، والمؤرخ صيفي الشلالي من أهالي خيبر- الانتقال من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، مما يُغيّر من المفاهيم السابقة بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غربي الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط.

خيبر وتيماء

وتشير الدراسة إلى أن مناطق مثل خيبر كانت مراكز حضرية مهمة تدعم استقرار مجتمعاتها بشكل دائم، خصوصاً مع ظهور الزراعة فيها، فضلاً عن كونها مراكز للتجارة والتعاملات مع المجتمعات المتنقلة، وكان لظهور هذا النمط الحضري أثر كبير في النموذج الاقتصادي الاجتماعي في المنطقة.

مخطط لمسكنين من قرية النطاة (مشروع خيبر عبر العصور)

وتُظهر الأدلة أنه على الرغم من وجود عدد كبير من المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غربي الجزيرة العربية في العصر البرونزي، فإن المنطقة كانت تضم عدداً من الواحات المسورة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصّنة مثل تيماء.

ووفقاً لمسؤولين في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، تُعد تيماء واحة في شمال غربي الجزيرة العربية، وتتميّز بتاريخ حافل بالاكتشافات من العصر البرونزي، وُيعتقد أنها أرض آخر ملوك بابل.

قرية النطاة

وتقدّم القرية المكتشفة التي تُدعى النطاة، دليلاً على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى نحو 2400 - 2000 قبل الميلاد وحتى 1500 - 1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كيلومتراً يحيط بواحة خيبر لحمايتها.

وتمت الدراسة بوساطة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بالتعاون مع «الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا»، و«المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية»، ووفقاً للمسؤولين في الهيئة، يتولّى قسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة الملكية لمحافظة العلا إدارة واحد من أكبر برامج البحث الأثري في العالم، في إطار جهوده لتعزيز الوعي العالمي حول العلا، بوصفها وجهة عالمية للتراث الثقافي.

وتقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وتشكّلت عند التقاء ثلاثة أودية في منطقة جافة، ووجدت قرية النطاة في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت حيث كانت مدفونة لآلاف السنين.

منطقة سكنية في قرية النطاة باتجاه الغرب (مشروع خيبر عبر العصور)

وتمكّن فريق البحث من تحديد الموقع الأثري في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، إلا أنه كان من الصعب تمييز هياكل القرية وتخطيطها، وفي فبراير (شباط) 2024، استعان الفريق بعمليات مسح ميداني وأعمال بحث مخصصة وتصوير عالي الدقة؛ لفهم ما يكمن تحت السطح، ومن المتوقع أن تُسهم عمليات التنقيب الأكثر شمولاً في المستقبل في تقديم صورة أوضح عن الموقع.

ملامح من حياة سكان «النطاة»

وترسم الدراسة صورة أولية لملامح حياة سكان قرية النطاة؛ حيث كانوا يقيمون في مساكن تقليدية من عدة أدوار، وكانوا يخصصون الدور الأرضي للتخزين في الغالب، في حين كانت معيشتهم في الطابقين الأول أو الثاني، وكانت الطرقات بين المساكن التي تقود إلى مركز القرية ضيقة، وكانوا يدفنون موتاهم في مدافن ومذيلات برجية متدرجة؛ مما يشير إلى علو مكانة المدفون من خلال وضع قطعٍ ثمينة في بعض المدافن مثل الفخار، أو الأسلحة المعدنية مثل الفؤوس والخناجر، وكان سكان القرية يستخدمون الخرز في ملابسهم، ويصنعون الفخار ويتاجرون به، وكانوا يعملون بالمعادن، ويزرعون الحبوب ويربون الكائنات الحية؛ حيث كان النظام الغذائي المحلي يعتمد بشكل كبير على الأغنام والماعز، ويظهر تعاون السكان لتعزيز أسوارهم بالحجارة الجافة والطين.

سلسلة من الاكتشافات

وتُضاف الاكتشافات الجديدة إلى سلسلة من الدراسات التي بدأت منذ عام 2018 باستكشاف معالم وخبايا العلا وخيبر القديمة، بما في ذلك المنشآت الحجرية الضخمة المعروفة باسم «المستطيلات»، و«المصائد الحجرية»، و«الطرق الجنائزية» الطويلة التي ربطت بين المستوطنات والمراعي عبر ممرات محاطة بالمدافن، بالإضافة إلى المساكن المعروفة باسم «الدوائر الحجرية المنصوبة».

وتشير هذه الدراسات في مجملها إلى أن المجتمعات في العصر البرونزي في شمال غربي شبه الجزيرة العربية كانت أكثر تعقيداً وارتباطاً بالمنطقة الأوسع مما كان يُعتقد سابقاً.

وتشرف الهيئة الملكية لمحافظة العلا على 10 مشروعات أثرية، بمشاركة 100 عالم آثار ومختص في العلا وخيبر؛ ليُسهم الاكتشاف في ترسيخ مكانة العلا والمملكة بوصفها مركزاً عالمياً للأبحاث الأثرية والحوار الثقافي، ويأتي الإعلان بعد انعقاد «ندوة العلا العالمية للآثار 2024» التي أُقيمت خلال الأسبوع الماضي، وشهدت مشاركة مجموعة متعددة التخصصات من علماء الآثار وخبراء التراث الثقافي من جميع أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الرئيس الفرنسي خلال جولته في منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا (واس)

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية ومكوناتها التاريخية

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محافظة العلا شهدت إطلاق مشروع «فيلا الحِجر»، أول مؤسسة ثقافية فرنسية - سعودية على أرض المملكة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

وُلِدت مجموعةٌ نادرة من التوائم الثلاثية للنمر العربي المهدد بالانقراض، في ظل التحديات المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وإعادة تأهيلها في البرية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
عالم الاعمال منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

«بانيان تري العُلا» يكشف عن تقديم مجموعة متنوعة من العروض لموسم العطلات


«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.