معرض إسطنبول للفن المعاصر يغازل السوق الفنية بأعمال الرواد والمعاصرين

عرض في دورته التاسعة عشرة 809 قطع فنية من أعمال 503 فنانين

عمل للفنان التركي بلال هاكان (الشرق الأوسط)
عمل للفنان التركي بلال هاكان (الشرق الأوسط)
TT

معرض إسطنبول للفن المعاصر يغازل السوق الفنية بأعمال الرواد والمعاصرين

عمل للفنان التركي بلال هاكان (الشرق الأوسط)
عمل للفنان التركي بلال هاكان (الشرق الأوسط)

«المترجم الثقافي ما بين الشرق والغرب» هكذا يصف العاملون في مجال الفنون في تركيا المحفل السنوي «معرض إسطنبول للفن المعاصر» فهو الأكبر والأقدم في إسطنبول، واحتفل هذا العام بدورته الـ19.

وبدا أنه يؤكد الصفة الفخرية التي حملها بوصفه صلة وصل بين الشرق والغرب، فاستضاف هذه الدورة إسبانيا ودول أميركا اللاتينية لتكون في خانة ضيف الشرف، ليجمع المعرض بين إنتاج فناني تركيا وبين الإبداعات المقبلة من إسبانيا والأرجنتين والبرازيل وغيرها.

من معرض إسطنبول للفن المعاصر (الشرق الأوسط)

تكشف الجولة بين الصالات الفنية المشاركة عن جو فني ثري، ومع أن المعرض بحسب اسمه يركز على الفن المعاصر إلا أن أرجاءه لم تخلُ من إبداعات لأساتذة الفن، كما يطلق على فناني الحداثة.

التجول والمطالعة والتعرف إلى أسماء وإبداعات مختلفة تجربة ثرية ثقافياً، وبحسابات السوق الفنية يضعنا المعرض أمام سوق نامية وأسماء لفنانين وضعوا أقدامهم داخل السوق الفنية العالمية.

الشرق الأوسط تجولت بين الصالات، وهنا بعض اللمحات من الجولة.

غاليري نيف... 37 عاماً من الفن التركي

البداية مع «غاليري نيف» حيث تعرض مجموعة من أجمل الأعمال في دورة هذا العام، يثبت الغاليري موقعه في الوسط الفني بتركيا عبر أكثر من 37 عاماً منذ إنشائه.

أتحدث مع القائمة على العرض، وأسألها: «كيف تطور الجو الفني في 37 عاماً، وكيف تشكلت السوق الفنية التركية؟»، تبدأ حديثها بالإشارة إلى أن الغاليري يمثل مجموعة من الفنانين الراسخين «ليس لدينا فنانون شباب»، وتضيف قائلة: «منذ عام 2005 عندما تأسس «معرض إسطنبول للفن المعاصر» شهدنا بناء متاحف جديدة وبينالي وفعاليات جمعت ممثلين عن الإعلام في العالم ومختصين، كان المشهد مزدهراً، وإن كنت أعتقد أنه تراجع مؤخراً ربما لأسباب سياسية واقتصادية وتحديات عالمية».

من الأعمال المعروضة في «غاليري نيف» (الشرق الأوسط)

نتعرف إلى بعض الفنانين المعروضة أعمالهم في «غاليري نيف»، ونبدأ من الفنان تيفون أردوغموش، وتقول إنَّه يبحث في كيفية تحويل الطبيعة إلى عمل فني جمالي وصوفي.

طور أردوغموش أسلوباً مثيراً للاهتمام، فهو يشكل ملامح خطية من سيقان وأوردة الأوراق، وينتج صوراً تشبه الحروف المكتوبة، تتدفق أفقياً في خطوط.

يجلب أردوغموش منظوراً جديداً للعلاقة الراسخة بين العمل الفني والطبيعة. تصف محدثتي أسلوب الفنان: «يستخدم أوراقاً من نباتات وأشجار مختلفة، ويصنفها ويتركها لتجف، ثم يجمع هذه العناصر عن طريق وضعها في طبقات على القماش بعد معالجتها بتقنيته الفريدة باستخدام مواد كيميائية مختلفة».

عمل «آفاتار» للفنانة بوركاك بينغول (الشرق الأوسط)

في جانب آخر، نرى لوحة مصنوعة من السيراميك تصور هيكلاً إنسانياً أطرافه وعمقه محددان بصور النباتات المختلفة تتخللها كتابات بالإنجليزية، العمل جاذب للبصر بجماليات عالية، ويتميز عن غيره من الأعمال.

تشير مسؤولة المعرض إلى أن العمل للفنانة بوركاك بينغول، ويحمل عنوان «آفاتار»، ويصور هيكل الفنانة نفسها، تشرح لنا أن الفنانة تخصصت في فن السيراميك، وتضيف: «شاركت بينغول في إقامة فنية في مدينة سانت آيفز ببريطانيا في متحف النحاتة الإنجليزية باربرا هيبورث، ومن حديقة المتحف جمعت بعض النباتات، ونقلتها على لوحة السيراميك التي حرصت على أن تحمل مقاسها بالحجم الطبيعي، (استلقت على الأرض، وطلبت من معاونيها رسم حدود جسدها لتستخدم الهيكل على قطع السيراميك، ثم أضافت لها رسوم نباتات من حديقة باربرا هيبورث تداخلت مع كلمات وجمل للنحاتة الراحلة. تشير إلى أن العمل مقدَّر له سعر 50 ألف يورو.

من عرض «غاليري نيف» أعمال للفنان التركي مورات موروفا (الشرق الأوسط)

يعرض الغاليري أيضاً أعمالاً للفنان التركي مورات موروفا: «في السبعينات من عمره، وله اهتمام كبير بالرموز الصوفية وبالخط الذي يرسم به أشكالاً إنسانية. في لوحاته هنا يستخدم الكواكب ورمزية الرقم 7 في التراث الإسلامي، كما يستخدم الطيور، ولها رمزية في الفن الصوفي».

عودة من الثمانينات

في غاليري خوسيه دو لا مانو من مدريد نرى عدداً من اللوحات الزيتية، لافتة بألوانها الزيتية وضربات الفرشاة المحملة بالألوان الكثيفة، تبعث بنفحات من فناني الانطباعية وفان جوخ، في جانب آخر رسوم لنفس الفنان بعضها يحمل لمسات من تأثير الفنان الفرنسي ماتيس، يتحدث صاحب الغاليري عن اللوحات، وعن الفنان الذي يعده من أشهر الرسامين في تركيا خلال السبعينات والثمانينات، وهو جوزيف تيرجان، ولكنه غاب عن السوق الفنية لسبب ما.

الفنان تيرجان وُلد في عام 1924 في تركيا من أصل أرميني، ثم انتقل مع عائلته في طفولته لبيروت، حيث تعلم فن الرسم من والده ثم درس الرسم بالمراسلة في مدرسة «إيكول ABC» هناك على يد فنان فرنسي، وفي عام 1947 التحق بمعهد الآداب العالي لدراسة الفن في بيروت، وانتقل لاحقاً للعيش في باريس حيث كون علاقات صداقة مع فنانين من الشرق الأوسط، ومع كثير من النقاد والكتاب في عصره.

يقول خوسيه دي لا مانو: «اكتشفنا الاستوديو الخاص به منذ أشهر، وحالياً نقوم بفحص محتوياته لعمل أرشيف بأعماله وصوره. لدينا من أعماله لوحات ورسوم تعود للأربعينات والخمسينات، وشهدت تلك الفترة تغيراً في أسلوبه أخذه للتجريد، وتغيرت ألوانه من الألوان الغامقة للألوان الفاتحة الأكثر حيوية.

أعمال الفنان جوزيف تيرجان (الشرق الأوسط)

تعرض لوجات تيرجان بأسعار معقولة بحسب لامانو: «أرخص لوحة هنا تقدر بـ2000 دولار والأغلى بـ9000 دولار».

محاكاة الطبيعة بالسيراميك

خلال الجولة نتوقف في غاليري ليلا هيلر تلفتنا لوحات الفنانة التركية ميليس بوروك، وهي فنانة تستخدم تشكيلات من الخزف في أعمالها. نلتقي الفنانة التي تتحدث لنا عن أعمالها، وعن سبب اختيارها السيراميك في أعمالها حيث تقول إنها درست استخدامات السيراميك من خلال دراستها الجامعية: «بعد التخرج بدأت التجريب باستخدام الخامة، ولم أتوقف عن استخدامها منذ ذلك الوقت. لديَّ أسباب عدة لتفضيل السيراميك في تشكيل لوحاتي؛ فأنا أحب أن أشكله بيدي، وأرى في ذلك نوعاً من التأمل، أيضاً أنا مهتمة بالتفاصيل الدقيقة، وتساعدني مادة السيراميك في التشكيل الدقيق، فهي مادة رقيقة، وهو ما يسبغ معنى على أعمالي التي تتناول تفاصيل الطبيعة، وهي أيضاً هشة ورقيقة».

تفصيلة من عمل للفنانة التركية ميليس بوروك (الشرق الأوسط)

الأعمال المعروضة للفنانة في غاليري ليلا هيلر تنتمي إلى سلسلة «Habitat (الموطن)». تتباين القطع في تصويرها لتفاصيل من الطبيعة مثل الأزهار وأوراق الشجر، وتبرز من ثناياها رؤوس حيوانات مثل ابن آوى أو ثعابين أو ضفادع، لا نراها كاملة، بل نلمح أجزاءً منها تطل من تحت طبقة مزدحمة بالقطع.

هناك كثافة كمية في كل لوحة، وهو ما يؤكد حب الفنانة للخامة، ويتأكد ذلك عندما نعرف أنها تحرص على صنع كل قطعة بيدها، وهو أمر يستغرق وقتاً طويلاً ومجهوداً: «أعمل 16 ساعة في اليوم في الاستوديو، وقد أستغرق شهوراً لعمل قطعة واحدة، وذلك يعتمد على حجم القطعة. أحب ملمس السيراميك وتشكيله، أستمتع بذلك، لكن أيضاً أريد أن تكون كل تفصيله متفردة ومتميزة؛ لأن إذا لاحظنا في الطبيعة تنسجم كل الأنواع والتفاصيل رغم اختلافها وتفردها تماماً مثل مثل الأشخاص كل منهم له ما يميزه».

قد تتشابه اللوحات بصرياً للوهلة الأولى، ولكن بالاقتراب من كل واحدة يمكننا ملاحظة أن هناك تركيباً أو بنية تمثل فصائل وأنواعاً مختلفة من الطبيعة، هناك تفاصيل من الحيوانات مثل القرون والذيول: «بعض الأوقات أستخدم حيوانات معينة في أعمالي مثل ابن آوى أو الثعالب والثعابين والأرانب والضفادع».

هل تصور أيضاً حيوانات أسطورية؟ تجيب: «في الحقيقة لا، دائماً أصور أشياء من الطبيعة، ولكن خلال الوباء صنعت ذلك العمل، وكنت وقتها مهتمة بالقصص، قرأت لافونتين، وبعدها تعرفت إلى كليلة ودمنة، وبحثت فيها، وعرفت أنها أول القصص الخيالية المروية على لسان الحيوانات، وتساءلت لماذا لا أضيف هذه الحيوانات وشخصيات كليلة ودمنة لسلسلة أعمالي (هابيتات)».

وتحكي لنا قصة عرض عملها «كليلة ودمنة» في معرض باللوفر - أبو ظبي هذا العام، فتقول إنَّ المسؤولين عن المعرض تعرفوا إلى أعمالها لدى عرضها في معرض دبي للفنون: «رأوا أن لديَّ عملاً يتعلق بكليلة ودمنة، ولهذا دعوني للمشاركة في المعرض».

تعبر بوروك في أعمالها عن رسالة بسيطة، وهي التعايش بين مختلف الأجناس والفصائل والأنواع: «كل أنواع الحياة تعيش جنباً لجنب في الطبيعة، وتتعايش معاً من دون تراتبية».

أختتم حواري مع الفنانة قائلة: «هل يرى البعض أعمالك على أنها تزيينية؟»، سؤال لا تستريح كثيراً له، وتجيب: «عندما يرى البعض أعمالي يلمح فيها الجانب الزخرفي والزينة مثل الزهور أو اللون الذهبي، ولكن عندما يقتربون من العمل يلاحظون أن هناك ما هو أكثر من ذلك، ويبدأون بمحاولة معرفة أكثر والقصص خلفها وموضوع التعايش والطبيعة وغيرها».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».