داليدا خليل: الإقامةُ في دبي ولبنانُ يشتعلُ ألمُها مُضاعَفٌ

الفنانة اللبنانية تُشارك «الشرق الأوسط» دورها الإنساني لنجدة المتضرّرين

داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)
داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)
TT

داليدا خليل: الإقامةُ في دبي ولبنانُ يشتعلُ ألمُها مُضاعَفٌ

داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)
داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)

قبل عام، غادرت الممثلة اللبنانية داليدا خليل إلى دبي، مُستجيبةً لنداء عمل. لمست ضآلة الفرص وما تصفه بسيطرة «المحسوبية» على المهنة. ولمّا أتى العرض الأنسب، استقالت من الانتظار. تشتعل الحرب وهي على مسافة تحصرها فقط بالجسد. وأوجاع المسافات أمام الأوطان الذبيحة تغدو مُضاعَفة. سجَّلت عبر رابط يُلحِقها بجمعيات خيرية لدعم أبناء أرضها بالمساعدات، وتعمل بلا توقُّف لتكون يداً خيِّرة وسط الأيادي الممدودة.

تُقاطع غصّةٌ حديث الفنانة مع «الشرق الأوسط». تطلَّب الأمر وقتاً لاستيعاب خراب الأرض والدمار العميم، ثم راحت الإقامة خارج الأرض المحترقة تُصعِّب عليها التفاعل مع ما يعصُف. تقول: «كففتُ عن الكتابة والتعليق. كلما فعلتُ، تلقّيتُ كلاماً قاسياً. كأن أُتَّهم بالرخاء والسعادة لمجرّد أنني بعيدة. (أنتم في دبي، ما همَّكم؟)، يرشقوننا بالحُكم الجاهز. وجدتُ في الفعل ما هو أجدى من حصر المحبّة بالكلام. أعمل بتواصل مع حملة (معك يا لبنان) لإيصال المساعدات إلى النازحين تحت النار».

المبادرة التي يستضيفها مقرّ «إكسبو» في دبي، فردية، تحت رعاية «الهلال الأحمر الإماراتي». تُشدّد داليدا خليل على اتّساع الدائرة المعطاءة: «تشمل لبنانيين وجنسيات من العالم. خلية النحل تضمّ هنوداً وباكستانيين وصينيين. حجم التضامن هائل، امتدّ إلى أبوظبي والشارقة». أسوةً بالمُلوَّعة قلوبهم على مآلات وطنهم، انضمّت الفنانة من تلقائها إلى المُنهمكين بنجدة مَن هجروا المنازل والتحقوا بأي ملاذ: «حيث نحن، نستطيع أن نكون في وطننا. ليس الحضور الجسدي هو وحده ما نملك. بإمكاننا العطاء بأشكال أخرى».

تسأل صاحبةَ السطور: «أتدرين ما يؤلمني؟»، وتجيبُ نفسَها: «أنّ لبنان يستكمل مأساة غزة». تؤكد «تضاعُف الوجع»، إذ إنه يأتي «بعد اختباره في مكان آخر، ثم انتقاله إلينا؛ إلى أرضنا وأهالينا. شعرنا بالوجعَيْن معاً وتمرّسهما فينا».

وإنما شعورٌ بالتخبُّط يحلّ، فيستبدّ بها وهي تواصل تقديم عروضها الفنية. فداليدا خليل على موعد مع روّاد «ذي ثياتر» الضخم في دبي، استكمالاً لأمسيات تدخُل عامها الثاني، مُقدِّمةً للجمهور تركيبة غنائية استعراضية راقصة مُبهِجة. ولأنّ العقود تقيُّد موقّعيها بالالتزام، تواصل عملها المُرتكز على جَعل المتلقّي يفرح. هنا يكمُن التضارُب. هنا تحتدم المشاعر المضطربة.

تنضمّ إلى الأيادي الخيِّرة لنجدة المتضرّرين (حسابها الشخصي)

تروي ما يتسلّل خلال العروض: «أعترف أنني أخجل من إقدامي على إسعاد الناس. كنتُ أهرع إلى ذلك باندفاع وحماسة. الحرب غيَّرت كل شيء. لا أقدّم عروضي لجنسية واحدة. جميع الجنسيات تحضُر. في داخلي ذلك الصوت الذي يرجو دائماً ألا يحضُر أي لبناني. يصيبني هاجس يتعلّق بكون وطني يحترق وأنا أغنّي. لكنه عملي ورزق كثيرين غيري. أرتدي ابتسامتي وأُخفي دموع القلب. أؤدّي أمسياتي وفي داخلي عدم راحة».

هطلت صواريخ وعمَّ خراب على أراضٍ مرَّت عليها داليدا خليل وهي تصوّر مسلسلاً أو تزور أصدقاء. يؤرقها مصير النازحين، ويخطر لها السيناريو المضاد: «ماذا لو هُجِّر أهلي في الشمال أسوةً بأهالينا في الجنوب؟ طَرْح كلّ منا هذا الاحتمال على دائرته الصغرى يجعله أشدّ انخراطاً بآلام الآخرين. لم يغادرني هذا الهاجس، وقرّبني ممَن يعانون على اتّساع الخريطة. لذا كان العمل الفعلي أهم بالنسبة إليّ من الاكتفاء بالتكاتُف الافتراضي. أمارس مسؤوليتي منذ التحاقي بالمتطوّعين. وجدتُ لي دوراً يُخفّف عني أنني آمنة في دبي، ولديّ عمل، وبلدي نازف وشعبه مشرّد تعطَّلت أشغاله».

لا توافق على الجَلْد المُمارَس على فنانين بذريعة أنهم لا يرتقون إلى مستوى الوجع: «إنْ تبرَّع فنان وذَكَر اسمه، يُجلَد على ذلك ويُتّهم بالتفضُّل على الناس المحتاجة. وإنْ ساند في الخفاء اتُّهم بالتقاعس. نؤدّي المطلوب والاستثناءات قليلة. وليس الوقت المناسب للتراشق. البلد دُمِّر، وأمامه سنوات من التعثُّر المُضاف إلى ما سبق أن راكمه. التفرُّغ للفنان وسط هذا المصاب مُضخَّم».

أخافتها على أحبَّتها المجزرة المُرتكبة في بلدة أيطو الشمالية البعيدة دقائق عن بلدتها. في ذلك اليوم، تاهت أرقام الهاتف: «ارتبكتُ بمَن أتّصل. عائلتي، أقاربي، ومَن أخشى عليهم من السوء. تعلّقي بهم يُصعِّب عليَّ التنعُّم بالأمان. لربما وجب التفكير في إنقاذهم بإحضارهم للإقامة معي».

تترقّب عرض الفيلم في جميع الصالات (حسابها الشخصي)

وإذ امتنعت لمدّة عن الترويج لأعمالها وحصرت نشرها الصور والفيديوهات على ما يمتُّ لأرضها، وجدتْ في الحديث عن طَرْح فيلم «دراكو رع» في الصالات استثناءً: «عملٌ كوميدي صوّرتُه في مصر قبل عام ونصف العام. إنها المرّة الأولى التي أؤدّي فيها شخصية ابنة دراكولا. الفيلم مشوّق وسيُطرح قريباً في الصالات العربية. كان تحدّياً امتهانُ اللهجة المصرية، لكنني خضتُه».


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
الاقتصاد صائغ يعرض قطعة من الذهب في متجره بمدينة الكويت (أ.ف.ب)

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، للجلسة الرابعة على التوالي مدعومة بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
شؤون إقليمية آموس هوكستين (أ.ف.ب)

هوكستين يصل إلى تل أبيب قادماً من بيروت: هناك أمل

وصل المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، إلى إسرائيل قادماً من لبنان، في إطار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» والدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.