إشارتان من شأنهما أن تفضحا الكاذب... تَعَرَّف عليهما

بحث جديد يُظهر كيف يمكن للحديث والعيون أن يكشفا الخداع

يريد الكاذبون أن يبدوا أكثر صدقاً من خلال الحفاظ على تواصل بصري ثابت (سيكولوجي توداي)
يريد الكاذبون أن يبدوا أكثر صدقاً من خلال الحفاظ على تواصل بصري ثابت (سيكولوجي توداي)
TT
20

إشارتان من شأنهما أن تفضحا الكاذب... تَعَرَّف عليهما

يريد الكاذبون أن يبدوا أكثر صدقاً من خلال الحفاظ على تواصل بصري ثابت (سيكولوجي توداي)
يريد الكاذبون أن يبدوا أكثر صدقاً من خلال الحفاظ على تواصل بصري ثابت (سيكولوجي توداي)

تعد القدرة على اكتشاف الخداع أمراً أساسياً في جميع الاتصالات البشرية تقريباً. ويريد الإنسان أن يشعر بأن الناس من حوله صادقون. لكن، ما الذي يمكن أن يُشْعِرك في ردود الأشخاص من حولك بأنه لا يجري إخبارك بالحقيقة؟

إن سيكولوجيا كشف الكذب لها ماضٍ طويل ومعقَّد، وليس بالضرورة ناجحاً. ويلجأ الباحثون إلى التركيز فيها على التلميحات غير اللفظية مثل نظرة العين، وتعبيرات الوجه، ووضعية الجسم، وفقاً لما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المَعْنِيّ بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، الذي رصد «الإشارات الأسهل والأكثر وضوحاً» لكشف الكذب.

وفقاً للباحث برام دي كيرسماكر وزملائه من جامعة غنت البلجيكية، تنقسم النظريات حول كشف الخداع إلى فئتين: دلالية وغير دلالية. وكما يشير المصطلح، تقول النظريات غير الدلالية إنه لا توجد إشارات ترشدك إلى الشخص المخادع. في المقابل، تؤكد النظريات الدلالية أن «العمليات النفسية الأساسية للكذب تختلف جوهرياً عن تلك المرتبطة بقول الحقيقة». بمعنى آخر، يكون من الصعب على الكاذب أن يكذب، ويتطلب الأمر جهداً معرفياً أكبر لتوليد «اختلاقات كاذبة» تتماسك معاً بدلاً من قول الحقيقة.

«أمر مرهق للغاية»

تستنزف العواطف المرتبطة بالكذب - بدءاً من الخوف من الوقوع في قبضة الشعور بالذنب لاحقاً - الطاقة، ويمكن أن يتسرب هذا الضغط العاطفي إلى قنوات الاتصال اللفظية وغير اللفظية؛ ما يجعل اكتشاف الكذبة أسهل.

ويؤكد الباحثون البلجيكيون الذين يتبنون النظريات الدلالية أن الإشارات الأكثر موثوقية لكشف الكذب هي عدم الطلاقة سواء في الكلام أو التواصل البصري. يراقب المتحدثون باستمرار ما يقولونه وكيف يقولونه؛ لذلك عندما يكذبون، يجب عليهم حقاً التركيز على كيفية إيصال رسالتهم.

وتقترح فرضية الطلب المعرفي «CDH» أنه نظراً لأن الكذب أمر مرهق جداً، فإن الكاذبين سوف يملأون حديثهم بمزيد من التردد، ويتعثرون في كلماتهم. وفي المقابل، تشير فرضية محاولة التحكم «ACH» إلى أن الكذابين يكونون أكثر ترتيباً وتنظيماً عندما يكذبون؛ لأنهم يتدربون كثيراً، ويبذلون جهداً إضافياً للتحدث بسلاسة.

وعندما يتعلق الأمر بالعيون، ترى فرضية الطلب المعرفي أن الكاذبين يتجنبون التواصل البصري؛ لأنهم «يشعرون بالخجل من أنفسهم، بالإضافة إلى أنه يتعين عليهم بذل جهد لاختراع أكاذيبهم». وترى فرضية محاولة التحكم العكس، حيث تشير إلى أن الكاذبين يريدون أن يبدوا أكثر صدقاً من خلال الحفاظ على تواصل بصري ثابت.

نوعان من الخداع

ترى دراسة كيرسماكر وزملائه أن هناك نوعين من الخداع يجب التمييز بينهما، وهما قول حقيقة تريد أن تظهر ككذبة، وقول كذبة تريد أن تظهر كحقيقة؛ ولذلك، يصبح من المهم أخذ نية المتحدث في الحسبان.

وبإجراء اختبار تجريبي على عينة شملت عدداً من المشاركين طُلب منهم الخداع، أظهرت النتائج أن نية المشاركين في الكذب كانت كافية للتأثير في سلوكهم، وهو دليل قوي لصالح فرضية محاولة التحكم وما تتبناه، أي أن الناس يدركون أن «أعينهم الكاذبة وحديثهم السلس» بحاجة إلى التحكم إذا أرادوا أن يكونوا قابلين للتصديق؛ لذلك فإن مراقبة استخدام الأشخاص لنظراتهم وكلامهم السلس ومحاولاتهم الزائدة للسيطرة عليهما يمكن أن تساعد على إرشادك إلى تشكيل صورة أوضح نحو من يقول الحقيقة.


مقالات ذات صلة

خدش بـ50 مليون يورو: لوحة روثكو ضحية «لحظة سهو» في متحف هولندي

يوميات الشرق في مهبّ العبث (غيتي)

خدش بـ50 مليون يورو: لوحة روثكو ضحية «لحظة سهو» في متحف هولندي

أتلف طفلٌ لوحة فنّية تُقدَّر بملايين الجنيهات الإسترلينية من إبداع الفنان الأميركي الشهير مارك روثكو، وذلك خلال عرضها في متحف بمدينة روتردام الهولندية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة أرشيفية لقرية باكلبيري في جنوب إنجلترا (رويترز)

أريكة على قارعة الطريق تتحول إلى معلم سياحي في قرية بريطانية

في قصة غريبة، تحولت أريكة قديمة مُلقاة على جانب الطريق في إحدى القرى البريطانية إلى معلم سياحي شهير يتوافد مئات الأشخاص إليه يومياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعض المشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا (رويترز)

من بينها «الشغف»... مشاعر جوهرية قد تؤدي إلى تدمير حياتك

الحياة مليئة بالتحديات، والتي ينبع بعضها عن مشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا، على الرغم من أن بعضها يبدو إيجابياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق حتى أقوى أسعد العلاقات قد تتعثر عندما تُترك عادات مُحبِطة دون علاج (رويترز)

العادات الخمس الأكثر إزعاجاً في العلاقات العاطفية

حتى أقوى وأسعد العلاقات قد تتعثر عندما تُترك عادات تبدو صغيرة ومُحبطة دون علاج؛ حيث تتراكم هذه العادات تدريجياً حتى تصبح فجأة لا تُطاق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الأشخاص الذين يحصلون على إجازة للسفر مرة واحدة في السنة أقل عرضة لخطر الوفاة (رويترز)

ما مدة الإجازة المثالية لتعزيز صحتك العقلية والجسدية؟

هناك كثير من الفوائد الصحية لأخذ إجازات من العمل للحصول على قسط من الراحة والسفر والاستجمام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT
20

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ضمن خطة مصر لتطوير القاهرة التاريخية، بدأتْ خطوات تحويل ميدان السيدة عائشة الذي يقع على أطراف المنطقة التاريخية، جنوب قلعة صلاح الدين، إلى ممشى سياحي عالمي، بعد تطويره وإزالة الإشغالات حوله، وربطه بباقي الأماكن الأثرية المحيطة والقريبة منه.

وظهرت أعمال التطوير بميدان السيدة عائشة والمنطقة المحيطة بالقلعة خلال فيديو بثه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، يشرح ما يتم اتخاذه من خطوات لتطوير المنطقة، لتحويلها من مكان مزدحم بالسيارات والباعة وفي خلفيته كوبري قديم متهالك إلى ممشى سياحي عالمي، يتضمن الخدمات الترفيهية التي تجذب السياح من كل أنحاء العالم، وفق ما ورد بمقطع الفيديو.

وأوضح الفيديو أن الممشى سيتم تسميته «ساحة السلطان»، وسيضم ميدان السيدة عائشة ومسجدي السلطان حسن والرفاعي ومنطقة القلعة، وخلال أعمال التطوير تم اكتشاف أجزاء من سور القاهرة القديمة الذي سيعاد ترميمه ودمجه في الممشى السياحي الذي سيحافظ على الهوية البصرية للقاهرة التاريخية، بالإضافة لاستحداث مسطحات خضراء كبيرة بالمنطقة.

المساجد والوكالات القديمة أبرز ما يميز القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)
المساجد والوكالات القديمة أبرز ما يميز القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)

يذكر أن مصر أعلنت من قبل عن خطة لتطوير القاهرة التاريخية التي تتضمن آثاراً من العصر الفاطمي مروراً بالأيوبي ثم المملوكي، وتضم مساجد ومدارس وأسبلة وقصوراً ووكالات تجارية قديمة، وأشهر هذه الآثار الإسلامية توجد في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وشارع الأزهر وحي الغورية ومحيط منطقة القلعة وشارع الصليبة بالخليفة.

وفي ضوء هذا أشار خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن إزالة كوبري السيدة عائشة كان مطلباً مهماً منذ فترة، ليس فقط لأنه يمثل تشويهاً للمنطقة الأثرية بل أيضاً لكثرة الحوادث عليه.

من مدخل شارع الغورية بمنطقة القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)
من مدخل شارع الغورية بمنطقة القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)

بخصوص خطة التطوير، قال ريحان لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المنطقة ضمن حدود القاهرة التاريخية التي تشمل الآثار الإسلامية والقبطية في ثلاث نطاقات، وهي منطقة القلعة وابن طولون والجمالية، والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودي، وقد اعتمدت حدود واشتراطات تلك المنطقة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية طبقاً للقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية في 2011».

وأشاد الخبير الآثاري بهذا التطوير، وعدّه «ضمن سلسلة تطوير شاملة بالقاهرة التاريخية، شملت مشروع تطوير ورفع كفاءة إضاءة شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية ومشروع قباب مقابر الأسرة العلوية الأثرية الموجودة بالمنطقة، واختراق منطقة المدابغ وإعادة صياغتها لتكون منطقة تراثية ومنفذاً للنزهة لكل المصريين للسياحة الداخلية ومقصداً للأجانب».

شوارع القاهرة التاريخية بها العديد من المساجد والأسبلة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
شوارع القاهرة التاريخية بها العديد من المساجد والأسبلة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتضم القاهرة التاريخية أو الإسلامية 537 مبنى أثرياً مسجلاً، وهي منطقة مدرجة ضمن التراث العالمي في اليونيسكو، وفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، لافتاً إلى اتخاذ قرارات كل فترة لترميم أجزاء في المنطقة التاريخية دون نظرة عامة، وتسعى الحكومة حالياً لتطوير شامل للمنطقة، لما تمثله من كنز تراثي وتاريخي، وفق قوله.

ولفت عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة إلى أن «هذا المشروع سيخلق موقعاً تراثياً خاصاً أطلق عليه (ساحة السلطان) يشمل ممشى سياحياً يربط القلعة بمساجد الرفاعي والسلطان حسن والسيدة عائشة مع زيادة المسطحات الخضراء وغلق الميدان أمام حركة السيارات، وإزالة مواقف السيارات التي تشوه المنطقة مما يسهم في تحسين الصورة البصرية للقاهرة التاريخية».

في الوقت نفسه، حذر ريحان من أن «يمس المشروع هدم أي مقابر تراثية، ضمن حدود القاهرة التاريخية المسجلة باليونسكو، حتى وإن كانت غير مسجلة كآثار»، حسب تعبيره.