ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
TT

ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)
وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)

حملت آخر أغنية أصدرها ليام باين قبل 7 أشهر عنوان «Teardrops» (دموع). تحدّث عنها حينذاك قائلاً إنّ دموعاً كثيرة ذُرفت حتى تولد تلك الأغنية. أما سطورها التي شارك باين في كتابتها فتبوح بالكثير رغم طابعها الرومانسي؛ فهو يغنّي مثلاً: «أنا مكسور... أعاني كي أرى الشمس وهي تشرق... أنا أكره نفسي مؤخراً».

منذ صعوده نحو الشهرة مراهقاً ضمن صفوف فريق One Direction، صارع المغنّي البريطاني الشاب إدماناً على الكحول وأفكاراً انتحاريّة لم تفارقه، بل هي التي رسمت شكل نهايته في سن الـ31. لا ملايين المتابعين ولا ملايين الدولارات ردعته عن القفز من على شرفة غرفة الفندق في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس حيث كان في رحلة.

عثرت الشرطة في غرفة باين على مهدّئات ومنشّطات ومخدّرات وكحول، ما يرجّح فرضيّة أنه كان تحت تأثير تلك المواد أو بعضها عندما رمى بنفسه من الطبقة الثالثة. وإذا كان باين قد استعان بما يسهّل عليه تنفيذ فعلته، فهذه ليست حال كل مَن انتحروا برمي أنفسهم من أماكن مرتفعة.

شموع ورسائل من المعجبين في موقع انتحار ليام باين في بوينس آيرس (رويترز)

قفزات انتحاريّة... رياضيّة

بعد أن أجريت الفحوص على جثة بطلة الجودو النمساوية كلوديا هيل، لم تظهر أي آثار لموادّ مخدّرة. ففي حدثٍ شكّل صدمة للمجتمع النمساوي وللساحة الرياضية العالمية، رمت النجمة الأولمبية بنفسها من الطبقة السادسة من مبنىً في فيينا، وذلك في مارس (آذار) 2011. كانت هيل في الـ29 من العمر وتعمل كمدرّبة ومعلّقة تلفزيونية، بعد أن اعتزلت المباريات قبل سنتَين. وفق زملائها وأصدقائها، لطالما تمتّعت بشخصية قوية وروحٍ إيجابية حتى آخر ساعة قبل وفاتها، لذلك كان من الصعب عليهم تبرير ما فعلت.

بطلة الجودو النمساوية كلوديا هيل أنهت حياتها بالقفز من الطبقة السادسة عام 2011 (فيسبوك)

ليست هيل البطلة الأولمبية الوحيدة التي أنهت حياتها قفزاً، فزميلتها في رياضة الجودو الروسيّة إيلينا إيفاشينكو كانت هي الأخرى في الـ29 يوم رمت بنفسها من شرفة شقّتها الواقعة في الطبقة الـ15 من أحد مباني مدينة تيومين الروسية. حدث ذلك في يونيو (حزيران) 2013 وقد عُثر على رسالة وداع في جيب إيفاشينكو. ووفق مقرّبين منها، فإنّ الرياضية العالمية غرقت في الاكتئاب بعد فشلها في إحراز ميدالية في ألعاب لندن الأولمبية عام 2012، وهي حملت ذلك الذنب حتى الموت.

بطلة الجودو الروسية إيلينا إيفاشينكو انتحرت من شرفة شقتها في الطبقة الـ15 (أ.ف.ب)

من بين الرياضيين الذين قضوا بالطريقة ذاتها، بطل الرماية بالقوس المكسيكي كارلوس فاكا، الذي رمى بنفسه من الطبقة التاسعة في مبنى في مكسيكو، في مارس 2023 وهو كان في الـ20 من عمره. كذلك فعل حارس مرمى المنتخب الإسباني لكرة الماء خيسوس رولان عام 2006، عندما أنهى حياته في سن الـ38 برمي نفسه من على شرفة إحدى عيادات برشلونة، حيث كان يتلقّى علاجاً من الاكتئاب الذي غرق فيه بعد اعتزاله الرياضة عام 2004.

في الـ20 من عمره انتحر بطل الرماية المكسيكي كارلوس فاكا قافزاً من الطبقة التاسعة (فيسبوك)

ماذا يقول علم النفس؟

عن ظاهرة الانتحار من الشرفات والمباني والجسور، يقول علم النفس إنها الطريقة الخاصة بالأشخاص الذين صمّموا على الموت، لأنّه من النادر أن ينجو مَن يعتمد تلك الوسيلة لإنهاء حياته. يوضح الطبيب النفسي آدم كابلن في مقابلة مع شبكة «ABC» الأميركية أن مَن ينتحرون قفزاً لا تتجاوز نسبتهم الـ7 في المائة بين سائر المنتحرين، وهم يفعلون ذلك على الأرجح نظراً لعدم توفّر وسائل أخرى كالسلاح والأدوية، أو لأنهم يسعون وراء موتٍ حتميّ يضمنه القفز من مكان مرتفع.

ووفق مركز الوقاية من الانتحار في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فإنّ مَن يرتكبون الانتحار برَمي أنفسهم من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عامّ. وهم يريدون بذلك أن يشاركوا معاناتهم علناً ويحرّروا الأسرار التي تؤلمهم، ويلقوا ببعض اللائمة على الآخرين، من الأقربين إلى الأبعدين كالمارّة الذين يحدث أن يشهدوا مباشرةً على هذا الموت التراجيدي.

وفق علم النفس إنها الطريقة الخاصة بالأشخاص الذين صمّموا على الموت (رويترز)

انتحار ملكة جمال من الطبقة 29

لم يرَ الناس من ملكة جمال الولايات المتحدة 2019 شيزلي كريست سوى وجهها الجذّاب وابتسامتها الدائمة ونجاحها كمذيعة ومحامية، إلى أن عُثر عليها جثة هامدة تحت أحد مباني منهاتن.

كانت كريست تقطن في المبنى المؤلف من 60 طبقة، وهي شوهدت للمرة الأخيرة في الطبقة 29 من حيث قفزت عام 2022 وهي في الـ31 من العمر. وفق والدتها، فإن كريست كانت تعاني من اضطراب الاكتئاب المستمر، حيث تبدو وكأنها بخير وتمارس حياتها بشكلٍ طبيعي ونشيط، لكنها تعاني سراً في المقابل.

ملكة جمال الولايات المتحدة 2019 شيزلي كريست التي رمت بنفسها من الطبقة 29 قبل سنتين (رويترز)

نهايات سينمائية

كان مصمّم الإنتاج أنطون فورست غارقاً في الاكتئاب، يوم قرر أن ينهي حياته عن 47 عاماً في نوفمبر (تشرين الثاني) 1991. قاوم السينمائي البريطاني الحائز على أوسكار عن فيلم «باتمان» آلامه النفسية باللجوء إلى الكحول والحبوب المهدّئة المحظورة. وقبل شهر من دخوله مركزاً للعلاج من الإدمان، غافل أصدقاءه خلال إحدى السهرات ورمى بنفسه من الطبقة الثامنة.

مصمم الإنتاج الحائز على أوسكار أنطون فورست انتحر من الطبقة الثامنة عام 1991 (فيسبوك)

كثيرون هم السينمائيون الذين اختاروا نهايةً أشبَه بمشهدٍ هوليووديّ. ففي عام 1979، وبعد أن أمضى سنواته الأخيرة بصحّةٍ واهنة، رمى المنتج والممثل الأميركي بيت سميث بنفسه من على سطح المبنى حيث يقيم. كان السينمائي الحائز على 3 جوائز أوسكار في الـ87 من عمره.

اختار المخرج الإيطالي ماريو مونيتشيللي نهايةً مشابهة عام 2010. فرغم سنواته الـ95، قفز السينمائيّ من نافذة أحد مستشفيات روما حيث كان يتلقّى العلاج من مرض السرطان الذي كان قد بلغ مراحل متقدّمة.

في سن الـ95 رمى المخرج الإيطالي ماريو مونيتشيللي بنفسه من نافذة غرفته في المستشفى (رويترز)

وفيما يشبه سلسلةً تراجيدية، سلك المخرج الإيطالي كارلو ليزاني المصير ذاته. فبعد 3 سنوات على انتحار زميله، رمى الرئيس السابق لمهرجان البندقيّة بنفسه من على شرفة منزله الكائن في الطبقة الثالثة من أحد مباني روما، وكان قد تخطّى كذلك عامه الـ90.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

الولايات المتحدة​ جنود أميركيون (رويترز - أرشيفية)

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

قال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الأميركية، إن حالات الانتحار في الجيش الأميركي زادت عام 2023، وهو ما يمثل استمراراً لاتجاه طويل الأمد كافح البنتاغون للحد منه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

من مايكل جاكسون إلى ليام باين، مروراً بماثيو بيري وغيرهم من النجوم... خيطان جمعا ما بينهم؛ الشهرة المبكّرة والوفاة التراجيدية التي تسببت بها تلك الشهرة.

كريستين حبيب (بيروت)
تكنولوجيا السيدة اتهمت روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار (رويترز)

سيدة تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها إلى الانتحار

اتهمت سيدة أميركية روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار بعد أن أصبح «مهووساً به».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق السلامة أولاً وأخيراً (أ.ب)

«وعاء» نيويورك الشبيه بخلية يُرحِّب مجدّداً بالزوار... و«سلامتهم»

صعد السياح مجدّداً درجات منحوتة «الوعاء» في مانهاتن التي تتّخذ شكل خلية نحل، وذلك بعد إعادة إتاحة زيارتها أمام الجمهور للمرة الأولى منذ 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (مانهاتن (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الكبسولة الانتحارية (أ.ف.ب)

للتخلص من معاناة المرض... وفاة أول امرأة داخل «كبسولة انتحارية»

قالت الشرطة في سويسرا إنها اعتقلت عدة أشخاص بسبب وفاة امرأة أميركية تبلغ من العمر 64 عاماً داخل «كبسولة انتحار».

«الشرق الأوسط» (برن)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».