طريقة مبتكرة لإنتاج إسمنت صديق للبيئة

تتسبب الطريقة التقليدية لتصنيع الإسمنت في انبعاثات كربونية هائلة (جامعة غرونوبل)
تتسبب الطريقة التقليدية لتصنيع الإسمنت في انبعاثات كربونية هائلة (جامعة غرونوبل)
TT

طريقة مبتكرة لإنتاج إسمنت صديق للبيئة

تتسبب الطريقة التقليدية لتصنيع الإسمنت في انبعاثات كربونية هائلة (جامعة غرونوبل)
تتسبب الطريقة التقليدية لتصنيع الإسمنت في انبعاثات كربونية هائلة (جامعة غرونوبل)

طوّر باحثون من معهد إدارة الكربون التابع لجامعة كاليفورنيا الأميركية، طريقة جديدة يمكنها القضاء على نحو 98 في المائة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في أثناء عملية إنتاج الإسمنت، الذي يمثل نحو 8 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العالمي.

وفي دراستهم الجديدة المنشورة في دورية «إيه سي إس سيستنابل كيمستري أند إنجينيرينج - (ACS Sustainable Chemistry & Engineering)»، يصف الباحثون كيف يمكن دمج هذا النهج الجديد بسهولة في عمليات إنتاج الإسمنت، مما يوفر بديلاً للحلول الحالية الأكثر تكلفة لإزالة الكربون من الصناعة.

وقال فابيان روزنر، المؤلف المشارك في الدراسة، والأستاذ المساعد في الهندسة المدنية والبيئية، في بيان منشور، الاثنين، على موقع الجامعة: «لقد أصبح من الواضح تماماً أن التخفيف من تغير المناخ يتطلب إجراءات عاجلة ومغايرة للنماذج القائمة حالياً، خصوصاً فيما يتعلق بإزالة الكربون».

ووفق الدراسة يُعد الإسمنت البورتلاندي العادي، وهو النوع الأكثر شيوعاً من الإسمنت، مادة أساسية تستخدم كعامل رابط لجميع الخرسانات الحديثة تقريباً، والمادة الأكثر استخداماً في العالم بعد الماء. ويتم تصنيع هذا الإسمنت باستخدام الحجر الجيري، وهو مصدر طبيعي متوفر وفعّال من حيث التكلفة.

ومع ذلك، فإن الطريقة التقليدية لإنتاج الإسمنت، التي تنطوي على تسخين الحجر الجيري في فرن يعمل بالوقود الأحفوري لكسر روابطه الكيميائية، تترك بصمة كربونية هائلة، مما يؤدي إلى انبعاث ما يقرب من كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام واحد من الإسمنت المنتج.

ويقول الباحثون إن التحلل الكيميائي الحراري للحجر الجيري لإنتاج الجير، أو أكسيد الكالسيوم المادة الأولية لإنتاج الإسمنت يشكل نحو 60 في المائة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث، في حين يشكل احتراق الوقود الأحفوري لتسخين الفرن الذي يحدث فيه التفاعل الكيميائي نحو 40 في المائة. كما تستهلك هذه العملية قدراً هائلاً من الطاقة. إذ يتطلب إنتاج طن متري من الجير نحو 1.4 ميغاواط/ساعة، وهو ما يكفي لتشغيل منزل ونصف منزل أميركي لمدة شهر كامل.

على النقيض من الحجر الجيري، فإن هيدروكسيد الكالسيوم، المادة الأولية الخالية من الكربون لإنتاج الجير والإسمنت، لا ينبعث منه سوى الماء عند تسخينه في فرن لإنتاج الجير.

وبإلهام من هذه الحقيقة العلمية، طوّر فريق من كلية صامويلي للهندسة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس بقيادة جاراف سانت، مدير معهد إدارة الكربون، وأستاذ الهندسة المدنية والبيئية، نهجاً جديداً لإنتاج هيدروكسيد الكالسيوم.

وأطلق الباحثون على طريقتهم اسم «زيرو كال - (ZeroCAL)»، ويعني الجير الخالي من الكربون، وقالوا إن النهج يمكن أن يزيل 98 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالعملية الكيميائية الحرارية لإنتاج الجير.

وتشمل المنتجات الثانوية لهذه الطريقة حمض الهيدروكلوريك المستخدم بشكل شائع هو وصودا الخبز في الصناعة، بالإضافة إلى غازي الأكسجين والهيدروجين، ويمكن استخدام الأخير كوقود نظيف لتسخين أفران الإسمنت.

وهو ما علّق عليه سانت، الباحث المراسل للدراسة وأستاذ الاستدامة في جامعة كاليفورنيا قائلاً: «يقدّم هذا النهج حلاً أنيقاً للقضاء على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بعملية إنتاج الإسمنت».

وأضاف: «يعالج هذا النهج انبعاثات الكربون الناتجة عن تحلل الحجر الجيري مع توفير غازي الهيدروجين والأكسجين النظيفين لتسخين فرن الإسمنت. كما أنه يتيح إزالة الكربون مع الاستفادة من الأفران الحالية ومواد خام الحجر الجيري دون الحاجة إلى بناء مرافق منفصلة لالتقاط الكربون وتخزينه».

وبينما تتطلب العملية حالياً طاقة أكبر من طرق إنتاج الجير الحالية، فإن الأبحاث الجارية تشير إلى مسارات يمكن من خلالها لهذا النهج الجديد تحقيق التكافؤ في استخدام الطاقة من خلال تبسيط وإزالة العمليات المعقدة والاستفادة بشكل أفضل من المنتجات الثانوية.

ولتلبية الطلب على المياه، يقترح الفريق التركيز على مصانع الإسمنت الموجودة بالقرب من السواحل أو الأنهار، أو المصانع التي لديها إمكانية الوصول بسهولة إلى إمدادات المياه.


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.