مصر تعيد افتتاح متحف «الخزف الإسلامي» بعد إغلاقه 14 عاماً

الأول من نوعه في الشرق الأوسط... ويضم 315 قطعة فنية نادرة

المتحف يشغل الطابقين الأرضي والأول من قصر الأمير عمرو إبراهيم (الشرق الأوسط)
المتحف يشغل الطابقين الأرضي والأول من قصر الأمير عمرو إبراهيم (الشرق الأوسط)
TT

مصر تعيد افتتاح متحف «الخزف الإسلامي» بعد إغلاقه 14 عاماً

المتحف يشغل الطابقين الأرضي والأول من قصر الأمير عمرو إبراهيم (الشرق الأوسط)
المتحف يشغل الطابقين الأرضي والأول من قصر الأمير عمرو إبراهيم (الشرق الأوسط)

في قلب جزيرة الزمالك، يقبع متحف «الخزف الإسلامي» الذي يشغل قصر الأمير عمرو إبراهيم، شاهداً على ما قدمه الخزّافون المسلمون من روائع فنية تضاهي أرقى الخزفيات في العالم.

ويضم المتحف 315 قطعة نادرة، منها 116 قطعة من الخزف المصري، و118 من الطراز التركي، و49 من الطراز الإيراني، و25 من سوريا، وقطعتان من الأندلس، وقطعتان من العراق، وقطعتان من تونس، وقطعة من المغرب.

طبق من خزف «كوباتجي» إيراني يعود للقرن الـ17 (الشرق الأوسط)

وتتنوع أشكال المعروضات وألوانها وطرق صناعتها وأساليب زخرفتها، لكنها تتلاقى في تأكيدها على أن الحضارة الإسلامية إنما هي جزء أصيل ومهم من الحضارة الإنسانية.

وبعد إغلاق استمر 14 عاماً؛ أعلنت وزارة الثقافة المصرية عن افتتاح أبواب «متحف الخزف الإسلامي» مجدداً للجمهور يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي؛ ليعود إلى الساحة الثقافية بصفته من أهم المتاحف المصرية؛ وفق علي سعيد، مدير عام المراكز الفنية في قطاع الفنون التشكيلية المصرية.

اللمسات الأخيرة قبل افتتاح المتحف (الشرق الأوسط)

ويقول سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «يضم المتحف مجموعات نادرة من الأعمال الخزفية، وأُسِّس في نهاية التسعينات من القرن الماضي؛ ليوثق لمكانة فن الخزف في مصر؛ فقد كانت الحضارة المصرية القديمة أقدم حضارات العالم ارتباطاً بهذا الفن، واستمر هذا الأمر على مر العصور».

وجاء اختيار مكانه في قصر الأمير عمرو إبراهيم، القابع بين أحضان النيل، بعد أن غادرته مقتنيات متحف محمد محمود خليل، التي كانت تحتل القصر نفسه بصفة مؤقتة، والتي عادت للعرض في مقرها الأصلي بالجيزة، لتستقر الروائع الخزفية في هذا القصر التراثي المبني على طراز العمارة الإسلامية، مع تأثره بالطراز الكلاسيكي الأوروبي، وذلك على مساحة 774 متراً مربعاً.

تناغم بين المعمار الإسلامي للمتحف ومقتنياته (الشرق الأوسط)

ويُضفي الطابع المعماري للقصر وتفاصيل التصميم الداخلي للقاعات المشبعة بالزخارف الإسلامية مزيداً من الجمال والعراقة والتناغم بين المقتنيات والمكان؛ ما يجعل الزائر يعيش حالة حضارية وفنية استثنائية، يستمتع خلالها بعرض متحفي مميز.

وتتنقل عين الزائر ووجدانه ما بين نوافذ الزجاج المعشق بالجص، بصفته أحد العناصر الإسلامية المعروفة، وأعمال الخرط العربي الثري والأسقف والحوائط والأبواب المحلاة بالزخارف والمقرنصات الجصية الزاخرة بدورها بالوحدات النباتية والهندسية والكتابات، في تشكيلات متداخلة ومتراكبة.

منتجات خزفية مختلفة (الشرق الأوسط)

ويقام حوار بين هذه الفنون المعمارية التي يزدان بها القصر وما يضمّه المتحف الذي يحتل دورين كاملين منه، فيُشاهد فيهما منتجات خزفية مختلفة من قدور وأطباق وصحون ومزهريات ومشكاوات وفناجين وأكواب وسلطانيات وبلاطات، وغير ذلك من قطع تجمع بين الجمال الخالص والوظيفية، وتؤكد إبداع الخزاف المسلم على مرّ الزمن، مستخدماً أنامله البارعة والأفران ودولاب الطين.

يضم المتحف روائع خزفية نادرة لمختلف العصور الإسلامية (الشرق الأوسط)

ويزيد من هذا الحوار الفني مراعاة العرض المتحفي عاملي الطرز والأساليب الفنية؛ حيث خُصّصت صالة بالدور الأرضي في القصر لعرض الطراز الفاطمي، وضمت صالة أخرى الطُّرز الخاصة بالخزف في كل من العصر الأموي والمملوكي والأيوبي، إضافة إلى صالة بالدور نفسه لعرض الأعمال التركية، أما الدور الأول فقد ضمت مجموعة من الفاترينات خزفيات الطراز الإيراني، وخصصت مساحة عرض لطراز الرقة السوري وسائر الطرز.

وكانت قد واجه المتحف بعض المشكلات التقنية والإنشائية، ما تطلّب تنفيذ الترميم ورفع الكفاءة، بصفته مبنى تراثياً وليس أثرياً، وفق علي سعيد: «مررنا بمراحل عدة شملت البنية التحتية والترميم الدقيق للحوائط والأسقف والأرضيات، والإضاءة، والصيانة الشاملة».

وحول القطع الخزفية، قال: «كانت حالتها جيدة للغاية، ولا تعاني أي مشكلات كبيرة، وقد رُمّمت بأحدث الأساليب العلمية الدقيقة، لاستعادة رونقها والحفاظ عليها، وقمنا بما يُسمى بـ(التنظيف الميكانيكي) لها».

دورق مزخرف من تركيا يعود للقرن الـ17 (الشرق الأوسط)

ورغم عدم الانتهاء الكامل من جميع مراحل ترميم القصر، فإنه كان هناك إصرار على إعادة افتتاحه للجمهور الشهر الحالي، وفق سعيد «لا تزال هناك أعمال ترميم لبعض الحوائط وللزخارف المستترة»، مبرراً ذلك بقوله «كان لا بد أن يُصبح المتحف متاحاً للجمهور على الرغم من عدم جاهزيته الكاملة؛ وذلك لنلحق الموسم الفني الجديد؛ فكما هو معروف يُمثّل حي الزمالك وجهة فنية بمتاحفه وكلياته وقاعاته التشكيلية والثقافية، التي تجتذب الزوار، خصوصاً في الشتاء، وهكذا يتمكّن محبو الخزف ودارسوه من زيارته».

وشدّد علي سعيد على أن «أعمال الترميم القائمة لن تُزعج الزوار في شيء؛ لأنها تتعلق بمهام بسيطة وغير مؤثرة على العرض المتحفي، ويحدث ذلك في متاحف العالم، منعاً للإغلاق لفترات طويلة»، مشيراً إلى أن «ما يزيد من متعة الزيارة أن متحف الخزف الإسلامي ملحق به متحف آخر هو متحف الفن والحديقة، فبفضل ضخامة الحديقة الملحقة به، صُمّمت لتكون متحفاً فنياً يضمّ قطعاً نحتية من الغرانيت والحديد، التي تتحمل الظروف الجوية الخارجية».

صحن من الخزف ينتمي لإسبانيا ويعود للقرن الـ17 (الشرق الأوسط)

«يُعد الفن الإسلامي من أكثر الفنون انتشاراً وأطولها عمراً، فقد امتدت الحضارة الإسلامية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وفي ظل هذا الامتداد ازدهرت الفنون؛ ولذلك كان من المنطقي أن تحتضن مصر أول متحف نوعي للخزف الإسلامي في الشرق الأوسط»، حسب الفنان مصطفى الرزاز؛ الرئيس الأسبق للهيئة العامة لقصور الثقافة.

طبق من الخزف من مصر يعود للقرن الـ11 الميلادي (الشرق الأوسط)

ويلفت الرزاز إلى أن «جانباً من هذا الزّخم الذي يتميز به المتحف، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأن مصر احتضنت الحِرفيين والفنانين من مختلف الدول الإسلامية الذين تركوا بلادهم لظروف سياسية أو اقتصادية أو كوارث طبيعية؛ ما أدى إلى تنوع التقنيات والأساليب الفنية في الخزف المصري».

ويُغني المتحف محبي الخزف والباحثين والطلبة عن زيارة أماكن عدة للتعرف على تاريخ هذا الفن، وفق الرزاز الذي يضيف: «لقد جُمعت القطع الخزفية تحت سقف واحد لتُصبح متاحة للجميع؛ إذ جاءت مجموعة المتحف من مصدرين رئيسيَين هما متحف الجزيرة، الذي قدّم نحو 150 قطعة، و159 قطعة من متحف الفن الإسلامي، إضافة إلى 6 قطع خزفية كانت من مقتنيات خاصة في قصر الأمير عمرو إبراهيم».


مقالات ذات صلة

أيادٍ ماهرة تُرمِّم كنوز «المدينة المحرَّمة» الصينية

يوميات الشرق يدٌ ماهرة تعيد الألق (أ.ف.ب)

أيادٍ ماهرة تُرمِّم كنوز «المدينة المحرَّمة» الصينية

يُعمَل حالياً على ترميم الآلاف من هذه الكنوز الثقافية، على أمل عرضها، بمجرّد إعادة البريق إليها، أمام زوار القصر السابق لأباطرة أسرتي مينغ وتشينغ.

«الشرق الأوسط» (بكين)
عالم الاعمال معرض «فنّ المملكة» يحُط رحاله بالمتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس

معرض «فنّ المملكة» يحُط رحاله بالمتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس

بعد النجاح الذي حققه في أولى محطاته الدولية في ريو دي جانيرو - البرازيل، افتتحت هيئة المتاحف اليوم معرض «فنّ المملكة»، في محطّته الثانية في الرياض.

علوم باحثون يقولون إن روائح المومياوات في المتحف المصري كانت لطيفة (أ.ف.ب)

بعد شم رائحة المومياوات المصرية القديمة… مفاجأة تصيب العلماء

عند عرض القطع الأثرية في المتاحف، فإن أحد أبرز الأشياء التي تفتقدها هي رائحة القطعة المعروضة وملمسها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المتحف المصري الكبير أهم مشروع سياحي مصري في القرن الـ21 (الشرق الأوسط)

مصر تعول على «المتحف الكبير» لتعزيز «قواها الناعمة»

تواصل مصر استعداداتها المكثفة لتنظيم حفل افتتاح باهر لـ«المتحف الكبير»، في 3 يوليو المقبل، معوّلة على إسهام المتحف في تعزيز «قواها الناعمة».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
عالم الاعمال هيئة المتاحف تستعرض رؤيتها ومشاريعها في أول لقاء افتراضي مفتوح لعام 2025

هيئة المتاحف تستعرض رؤيتها ومشاريعها في أول لقاء افتراضي مفتوح لعام 2025

أطلقت هيئة المتاحف رؤيتها الطموح لتحويل قطاع المتاحف في المملكة خلال أولى جلسات الحوار المفتوح لعام 2025.


عرض أزياء «الملحمة الرائعة» يُعيد البريق إلى بيروت

المُصمِّم عمران عثمان (الشرق الأوسط)
المُصمِّم عمران عثمان (الشرق الأوسط)
TT

عرض أزياء «الملحمة الرائعة» يُعيد البريق إلى بيروت

المُصمِّم عمران عثمان (الشرق الأوسط)
المُصمِّم عمران عثمان (الشرق الأوسط)

منذ أكثر من 5 سنوات تغيب حفلات عروض الأزياء عن العاصمة اللبنانية. وباستثناء تلك التي نُظّمت في معاهد وجامعات لطلاب وهواة تصميم الأزياء، افتقدت بيروت هذا النوع من الحفلات.

عمران عثمان بزِّي، المُصمِّم اللبناني الأصل والبنمي الجنسية، قرَّر المجازفة وافتتاح أول عرض أزياء رسمي له في بيروت.

المصمم عثمان كرّم بيروت بزَيٍّ يحمل الأرزة اللبنانية (الشرق الأوسط)

جرى العرض تحت عنوان «الملحمة الرائعة» (epica esplendida)، وتميزت تصاميم عثمان بالأناقة والفخامة، وبرزت فيها أزياء الـ«هوت كوتير» وفساتين زفاف تخرج عن المألوف رغم تصاميمها البسيطة.

تشكّل تصاميم «الملحمة الرائعة» مجموعة ربيع وصيف 2025 لعثمان عمران. واستهل العرض بلفتة تكريمية للعاصمة اللبنانية. وعلى نغمات أغنية «لبيروت» كان المرور الأول لعارضة أزياء أجنبية ترتدي فستاناً أبيض مرصَّعاً برسمٍ لأرزتين مطليتين باللون الذهبي. وكلّل الفستان «كاب» بطول 4 أمتارٍ، مرسومة عليه الأرزة اللبنانية الخضراء. وقد رسمتها يدوياً على الزَّي الفنانة التشكيلية نجلاء حبيش.

فستان زفاف بسيط وأنيق في آنٍ (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، عدّ المُصمِّم عثمان عمران أنه رغب في تكريم بيروت على طريقته. ويتابع: «إنه الزَّي الأعزّ إلى قلبي في هذه المجموعة. وقد تعاونت فيه مع الرَّسامة نجلاء لتنفيذه. وقدّمناه في هذا العرض هدية منا لعهد لبنان الجديد الذي نتفاءل به. وهو تعبيرٌ عن جمال العاصمة وناسها وخصوصيتها التي لا نصادفها في أي مدينة أخرى في العالم».

تميَّزت تصاميم عثمان بألوان دافئة وأخرى هادئة. وقد ازدانت بالورود وببريق أحجار الماس من عيار 1.5 قيراط. كما لفت أحد تصاميمه الحضور، وهو مؤلف من «كورسيه» ذهبي، مرصّع بالماس. ويعلّق عثمان: «لم أجد أفضل من الماس والذهب للتعبير عن فخامة بيروت وغلاوتها عندي. مع ألوانٍ تتراوح بين الليلكي والأسود والأبيض، رمزت إلى العلاقات المتشابكة. وعكست الصراعات العاطفية والمادية في عصر بابلو إسكوبار من سبعينات وثمانينات القرن الماضي».

تميزت تصاميمه بقصات مخفية وأخرى فضفاضة (الشرق الأوسط)

استوحى عمران عثمان مجموعته لربيع وصيف 2025 من عصر «الباروك» المميز بالفخامة والتَّرف والعلاقات المعقدة بين إسكوبار وزوجته ماريا فكتوريا هيناو وحبيبته فرجينيا فالليخو. وترجمها في قصّات مختلفة لـ25 فستاناً تألفت بغالبيتها من قطع خارجية على شكل رداء. وبين الذهبي والفضي والأزرق البترولي والفوشيا والزَّهري الفاتح تراوحت ألوان تصاميمه. وغلب عليها إبراز الخصر من خلال قصَّاتٍ ضيقة. وقد حاكها عمران بشكل مخفي لتبدو المرأة تتمتع بالغموض والأناقة في آن.

ومن الأقمشة التي استخدمها في مجموعته هذه الساتان والكريب والتفتا والحرير والتول والموسلين. واعتمد عثمان في تصاميمه على التَّطريز اليدوي، فبرز في 6 فساتين. وقد طرّزها بتقنية تعرف بالكافيار، وتُنفَّذ بالخيط والإبرة. وإضافة إلى هذه التِّقنية اعتمد المُصمِّم اللبناني الأصل أخرى تعرف بتكتيك كورنيللي. واستخدم أحجار الشواروفسكي وأقراط الأذن بأحجام كبيرة لإبراز فخامة اللحظة.

فستان زفاف ثانٍ عُرض في «الملحمة الرائعة» (الشرق الأوسط)

وللإشارة إلى ليلة الأحلام، لجأ عثمان عمران في فستان الزفاف إلى القَصَّة التي تُظهِر قامة العروس من الرأس حتى أخمص القدمين، وأرفقه بشلحة على الرأس من الدانتيل، مطرّزة بأحجار الكريستال لتعكس الرومانسية.