3 علماء يفوزون بـ«نوبل الكيمياء» لأبحاثهم المذهلة حول البروتينات

إنجازهم المتفرد قد يسهم في تطوير الأدوية واللقاحات

عالم الكيمياء الحيوية الأميركي ديفيد بيكر والباحث الأميركي جون جامبر وديميس هاسابيس (أ.ب)
عالم الكيمياء الحيوية الأميركي ديفيد بيكر والباحث الأميركي جون جامبر وديميس هاسابيس (أ.ب)
TT

3 علماء يفوزون بـ«نوبل الكيمياء» لأبحاثهم المذهلة حول البروتينات

عالم الكيمياء الحيوية الأميركي ديفيد بيكر والباحث الأميركي جون جامبر وديميس هاسابيس (أ.ب)
عالم الكيمياء الحيوية الأميركي ديفيد بيكر والباحث الأميركي جون جامبر وديميس هاسابيس (أ.ب)

منحت أكاديمية نوبل السويدية، الأربعاء، جائزة الكيمياء لعام 2024 إلى الأميركي ديفيد بيكر، من جامعة واشنطن الأميركية، لأبحاثه حول «تصميم البروتينات باستخدام التقنيات الحاسوبية»، في حين تقاسم النصف الآخر من الجائزة كل من البريطانيين ديميس هاسابيس وجون إم جامبر من مختبر «غوغل ديب مايند» بالمملكة المتحدة، لنجاحهما في «فك شفرة البنى المذهلة للبروتينات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي».

وكان بيكر قد نجح في تحقيق إنجاز يكاد يكون مستحيلاً، وهو بناء أنواع جديدة تماماً من البروتينات، كما طوَّر هاسابيس وجامبر نموذجاً للذكاء الاصطناعي نجح في حل مشكلة عمرها 50 عاماً، وهي التنبؤ بالهياكل البنائية المعقدة للبروتينات، ما يحمل في طياته إمكانات غير محدودة.

وهو ما علَّق عليه هاينر لينكه، رئيس لجنة نوبل للكيمياء، في بيان صادر عن لجنة نوبل الأربعاء: «أحد الاكتشافات التي تم الاعتراف بها هذا العام يتعلق ببناء بروتينات مذهلة. والآخر يتعلق بتحقيق حلم عمره 50 عاماً، وكلا الاكتشافين يفتح الباب لإمكانات هائلة».

ووفق محمد شعبان الباحث في مجال البيولوجيا البنيوية بكلية إمبريال كوليدج لندن ومعهد فرانسيس كريك في المملكة المتحدة، فإنه «تم منح العلماء الثلاثة جائزة الكيمياء لهذا العام، لتطبيقاتهم الرائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي لحل إحدى أكبر التحديات في علم الأحياء، وهو التنبؤ بالبنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات».

وتمكنت خوارزمية «AlphaFold2»، التي طورتها شركة «ديب مايند» بقيادة هاسابيس وجامبر، من تحقيق قفزة نوعية في فهم كيفية طي البروتينات استناداً إلى تسلسل الأحماض الأمينية.

وأضاف شعبان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الخوارزمية تجاوزت الأساليب التقليدية التي كانت تعتمد على التجارب المعملية المكلفة والمعقدة، مثل حيود الأشعة السينية والرنين المغناطيسي النووي، والمجهر الإلكتروني فائق البرودة، ما جعلها تقنية استثنائية في قدرتها على التنبؤ بدقة تصل إلى 90 في المائة من شكل البروتينات، مما ساعد على تحديد آلاف من البنى البروتينية، بما في ذلك 98.5 في المائة من البروتينات البشرية».

وشدَّد شعبان على أن هذا الإنجاز يفتح الباب أمام تحسينات كبيرة في مجالات تطوير الأدوية، واللقاحات، والعلاجات القائمة على البروتينات؛ حيث أصبحت المعلومات حول البنية البروتينية الدقيقة متاحة بشكل مجاني للعلماء عبر قاعدة بيانات ضخمة.

عالم الأحياء الحاسوبي ديفيد بيكر الحائز على جائزة نوبل (رويترز)

وعمل بيكر على تصميم بروتينات جديدة تماماً يمكن استخدامها في التطبيقات الطبية والصناعية»، وفق الباحث في مجال البيولوجيا البنيوية بكلية إمبريال كوليدج لندن، الذي أكد على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة في علم الأحياء، بل أصبح ركيزة أساسية للتقدُّم في فهم الوظائف الحيوية وتصميم العلاجات المبتكرة.

لبنات الحياة

وتتكوَّن البروتينات عموماً من 20 حمضاً أمينياً مختلفاً، يمكن وصفها بأنها لبنات بناء الحياة. ويشهد التنوع المذهل لأشكال الحياة المختلفة على قدرتها كأدوات تتحكم في جميع التفاعلات الكيميائية الحيوية، وتنظم عمل الهرمونات والمواد الحاملة للإشارات الحيوية والأجسام المضادة وكعناصر بناء للأنسجة المختلفة.

ووصفت آنا ويديل، أستاذة علم الوراثة الطبية في معهد كارولينسكا بالسويد وعضو الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، هذه الاكتشافات، عبر تصريح لشبكة «سي إن إن» بأنه «اختراق علمي ساهم في حل (الكأس المقدسة) في مجال الكيمياء الفيزيائية».

وعرف الكيميائيون منذ القرن التاسع عشر أن البروتينات مهمة لعمليات الحياة، لكن الأمر استغرق حتى خمسينات القرن العشرين عندما أصبحت أدواتنا البحثية دقيقة بما يكفي ليبدأ الباحثون في استكشاف البروتينات بمزيد من التفصيل.

البريطانيان ديميس هاسابيس وجون إم. جامبر من مختبر جوجل ديب مايند بالمملكة المتحدة (أ. ب)

لقد توصل الباحثان في كمبردج، جون كيندرو وماكس بيروتز، إلى اكتشاف رائد عندما استخدما بنجاح في نهاية ذلك العقد تقنية قادرة على تحليل البلورات الحيوية بالأشعة السينية لتقديم أول نماذج ثلاثية الأبعاد للبروتينات. وتقديراً لهذا الاكتشاف، حصلا على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1962.

استفاد الباحثون من تقنية تحليل البلورات بالأشعة السينية؛ حيث بذلوا جهوداً مضنية لإنتاج صور ناجحة لنحو 200 ألف بروتين، وهو ما وضع الأساس لجائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام؛ فقد نجح ديفيد بيكر، في عام 2003، في استخدام هذه الكتل البنائية في تصميم بروتين جديد لا يشبه أي بروتين آخر. ومنذ ذلك الحين، أنتجت مجموعته البحثية بروتينات جديدة مبتكرة، الواحد تلو الآخر، بما في ذلك البروتينات التي يمكن استخدامها كأدوية ولقاحات ومواد نانوية وأجهزة استشعار صغيرة.

اختراق مذهل

ويتعلق الاكتشاف الثاني بالتنبؤ بهياكل البروتينات. إذ ترتبط الأحماض الأمينية معاً في خيوط طويلة مطوية لتكوين بنى ثلاثية الأبعاد تلعب دوراً حاسماً في وظيفة البروتين. ومنذ سبعينيات القرن العشرين، حاول الباحثون التنبؤ بهياكل البروتين من تسلسلات الأحماض الأمينية، لكن هذا كان صعباً للغاية.

ومع ذلك، قبل أربع سنوات فقط، كان هناك اختراق مذهل. ففي عام 2020، قدم ديميس هاسابيس وجون جامبر نموذج "AlphaFold2" للذكاء الاصطناعي والذى بمساعدته تمكنا من التنبؤ ببنية جميع البروتينات البالغ عددها 200 مليون، والتي حددها الباحثون جميعها تقريباً.

شعار Google DeepMind في لندن (أ.ب)

ومنذ اكتشافهما، تم استخدام «AlphaFold2» من قبل أكثر من مليوني شخص من 190 دولة، فهو بمنزلة محرك البحث «غوغل»، ولكن عن هياكل البروتين، مما يوفر وصولاً فورياً إلى النماذج المتوقعة للبروتينات، مما يسرّع التقدم في علم الأحياء الأساسي والمجالات الأخرى ذات الصلة.

تقول ويديل، التي تستخدم هذه الأداة في عملها الخاص بالبحث عن الأمراض النادرة: «لقد جعلوا كل شيء متاحاً، لذلك يمكن لكل باحث تقريباً الآن اللجوء إلى قاعدة البيانات هذه واستخدام هذه الأدوات لمعالجة مشكلته البحثية؛ ما يمكن أن يسهم في تحقيق قفزات علمية في العديد من المجالات».

عالم الكيمياء الحيوية الأميركي ديفيد بيكر، والباحث الأميركي جون جامبر، وديميس هاسابيس (أ.ب)

ويرى الدكتور طارق قابيل، عضو هيئة التدريس في قسم التقنية الحيوية بكلية العلوم، جامعة القاهرة، أن «فوز العلماء بنوبل في الكيمياء 2024 لحلهم لغز البروتينات باستخدام الذكاء الاصطناعي يُعدّ نقلة نوعية في مجال العلوم، كما يفتح هذا الإنجاز آفاقاً جديدة لتطوير علاجات وأدوية جديدة، ويؤكد على دور التقنيات الحديثة في تسريع الاكتشافات العلمية».

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الكيمياء الحيوية، مما ساهم في تسريع عجلة الاكتشافات الجديدة في هذا المجال، وفتح آفاقاً واسعة في الطب والصناعة»، مؤكداً: «أصبحنا على عتبة عصر جديد في العلوم، فالتقنيات الحديثة، كالحوسبة والذكاء الاصطناعي، ستسهم في حل التحديات الصحية والبيئية المستقبلية».


مقالات ذات صلة

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم الشرع خلال إلقائه كلمته (سانا)

أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025

فيما يأتي لمحة عن أبرز 5 شخصيات طبعت سنة 2025 في مختلف المجالات ومن مختلف أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أميركا اللاتينية زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو (رويترز)

فنزويلا تعتزم اعتبار زعيمة المعارضة «هاربة» في حال سفرها لتسلم جائزة نوبل

تعتزم فنزويلا اعتبار زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو «هاربة من وجه العدالة» في حال مغادرتها البلاد إلى النرويج لتسلم جائزة نوبل للسلام التي نالتها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
آسيا ساناي تاكايتشي لدى وصولها إلى مقر رئاسة الوزراء في العاصمة اليابانية طوكيو (أرشيفية - أ.ب)

رئيسة وزراء اليابان تعتزم ترشيح ترمب لجائزة نوبل

تستعد رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي لترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لجائزة نوبل للسلام، مشيرة إلى أنها تقوم بالترتيبات اللازمة لإبلاغه بنواياها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق عالم الفيزياء النظرية الحائز جائزة نوبل تشين نينغ يانغ (صحيفة تشينا ديلي)

وفاة العالم الصيني نينغ يانغ حائز «نوبل» في الفيزياء عن 103 أعوام

توفي عالم الفيزياء النظرية الحائز جائزة نوبل، تشين نينغ يانغ، في بكين اليوم (السبت) عن عمر ناهز 103 أعوام.

«الشرق الأوسط» (بكين)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.