اليهود يحتفلون به هذا الأسبوع... ماذا نعرف عن رأس السنة العبرية؟

العيد يُعرف بـ«روش هشانا»... وله طقوسه الخاصة

حاخام ينفخ في «الشوفار» بجوار بعض الماعز مع ابنته الصغرى خلال استعدادهما لعيد رأس السنة العبرية (أ.ب)
حاخام ينفخ في «الشوفار» بجوار بعض الماعز مع ابنته الصغرى خلال استعدادهما لعيد رأس السنة العبرية (أ.ب)
TT

اليهود يحتفلون به هذا الأسبوع... ماذا نعرف عن رأس السنة العبرية؟

حاخام ينفخ في «الشوفار» بجوار بعض الماعز مع ابنته الصغرى خلال استعدادهما لعيد رأس السنة العبرية (أ.ب)
حاخام ينفخ في «الشوفار» بجوار بعض الماعز مع ابنته الصغرى خلال استعدادهما لعيد رأس السنة العبرية (أ.ب)

يحتفل اليهود حول العالم، هذا الأسبوع، بما يُعرف بـ«روش هشانا»، أي رأس السنة العبرية. فمثل عدد من الشعوب حول العالم، لا يلتزم اليهود بليلة 31 ديسمبر (كانون الأول) للاحتفال بنهاية عام وبداية آخر، بل يجرون طقوسهم الخاصة على مدى يومين في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وأحياناً قد تقع الاحتفالات في سبتمبر (أيلول).

تختلف تواريخ الاحتفال بالعيد من عام إلى آخر. وهذه السنة، بدأت الاحتفالات يوم الأربعاء 2 أكتوبر، وتنتهي يوم الجمعة 4 أكتوبر.

تأتي تواريخ المهرجانات اليهودية من التقويم العبري، لذا فإن رأس السنة اليهودية يبدأ في الخريف، وليس في الأول من يناير (كانون الثاني).

ويبدأ المهرجان هذا في اليوم الأول من شهر «تشري»، الشهر السابع من التقويم العبري، الذي يقع في أكتوبر عادة.

رجال يهود يتجمعون قبل رأس السنة العبرية وسط أوكرانيا (أ.ف.ب)

ما الذي يرمز إليه العيد؟

رأس السنة اليهودية عبارة عن احتفال رئيسي يستمر يومين ويُعرف الآن بوصفه افتتاحاً للعام الديني الجديد في الأول من أكتوبر.

ولأن العام الجديد يبشّر بفترة 10 أيام من فحص الذات والتوبة، يُطلق على رأس السنة أيضاً «يوم الدينونة» السنوي، وخلال هذه الفترة يراجع اليهود علاقتهم الفردية مع الله.

على عكس احتفالات رأس السنة الحديثة، التي غالباً ما تكون عبارة عن حفلات صاخبة، فإن احتفالات رأس السنة العبرية تشتهر بأنها عطلة هادئة وتأملية. ولأن النصوص اليهودية تختلف حول مدة المهرجان، فإن بعض الأشخاص يحتفلون برأس السنة ليوم واحد، بينما يحتفل آخرون لمدة يومين. ويُحظر العمل خلال العيد، ويقضي اليهود المتدينون معظم العطلة وهم يصلون، بحسب ما نقله موقع «هيستوري».

ويعدّ رأس السنة لدى اليهود «احتفالاً بخلق العالم، ويمثل بداية جديدة»، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). ويعدّ هذا اليوم مقدساً؛ حيث لا يُتوقع من اليهود العمل خلاله أبداً.

بدلاً من ذلك، فهو وقت مهم لهم، مخصص للتفكير في العام الماضي وطلب المغفرة عن أي خطأ يشعرون بأنهم ارتكبوه. يمكنهم أيضاً التفكير في أولوياتهم في الحياة، وما هو مهم بالنسبة لهم.

يمثل المهرجان أيضاً وقتاً للحكم، فيعتقد اليهود بأن الله يوازن بين أعمال الشخص الصالحة على مدار العام الماضي وأعماله السيئة، وبناءً على ذلك يقرر كيف ستكون الأشهر الـ12 المقبلة بالنسبة له، بحسب تقرير لـ«بي بي سي».

أشخاص يهود يتجمعون قبل رأس السنة العبرية وسط أوكرانيا (أ.ف.ب)

كيف يحتفلون به؟

خلال رأس السنة العبرية، يتبادل اليهود التحية التقليدية بـ«لشاناه توفاه»، التي تعني «سنة طيبة».

يقضي كثير من العائلات اليهودية بعضاً من رأس السنة العبرية في الكنيس اليهودي.

أحد تقاليد رأس السنة العبرية هو النفخ في بوق كبير يُسمى «الشوفار». يتم نفخ مائة نغمة على البوق لخلق إيقاع خاص. والشوفار إحدى أقدم آلات النفخ المعروفة في العالم.

ويعتقد اليهود بأن نغمات الشوفار تدعوهم إلى صحوة روحية. وخلال الصلاة الإضافية في الكنيس، يُنفخ الشوفار بعد تلاوة كل مجموعة من 3 مجموعات من الصلوات، بحسب موقع «الموسوعة البريطانية (بريتانيكا)».

يشير صوت الشوفار إلى بداية فترة الـ10 أيام التي تُسمى «أيام الرهبة»، التي تسبق مهرجان يهودي آخر يُسمى «يوم الغفران».

«يوم الغفران» هو الأكثر احتفالاً في التقويم اليهودي، حيث يمتنع الناس عن الأكل والشرب لمدة 25 ساعة، ويعدّ فرصة للتأمل في العام الماضي وطلب المغفرة عن أي خطايا.

وكما هي الحال في كل الأعياد اليهودية الكبرى، تشعل النساء الشموع في كل مساء من رأس السنة خلال تلاوة الصلوات المناسبة.

رئيس مركز التعليم اليهودي ينفخ في «الشوفار» خلال حفل استقبال رأس السنة اليهودية في برلين (إ.ب.أ)

أطباق مهمة

خلال رأس السنة العبرية، يكون الطعام أيضاً مهماً جداً.

يتم غمس شرائح التفاح في العسل لترمز إلى «العام الجديد الحلو» المقبل، كما يتناول الناس كعكة العسل أيضاً.

ويعمل بعض اليهود على طهي طبق من الجزر يسمى «tzimmes»، ويقومون بتحضير خُبز الـ«Challah» على شكل دائري كي يرمز إلى دائرة الحياة ونهاية العام. وهذا يختلف عن الخبز المجدول الذي يتناوله اليهود عادة يوم السبت.

بعض اليهود يشترون الخبز قبل رأس السنة العبرية (أ.ف.ب)

قد تجد أيضاً رماناً على المائدة؛ لأن هناك تقليداً يقول إنه يحتوي على 613 بذرة. وتمثل هذه البذور الوصايا التي من المفترض أن يلتزم بها الفرد اليهودي.

يتجنب بعض اليهود تناول المكسرات في هذا العيد؛ بسبب تفسير في علم الجيماتريا، وهو نظام أعدادي يهودي قديم، يربط المكسرات بالخطيئة، وفقاً للموسوعة البريطانية.

بعض اليهود يلجأون لتناول الرمان للاحتفال برأس السنة (أ.ب)

ومن الممارسات الأخرى التي يتبعها اليهود خلال رأس السنة العبرية ما يُسمى «التاشليخ»، حيث يقوم الأشخاص الذين يحتفلون بالعيد بإلقاء فتات الخبز في مسطح مائي. وترمز هذه الطقوس إلى التخلص الروحي من الخطايا. وهناك جدال داخلي بينهم حول ما إذا كان ينبغي إلقاء فتات الخبز في الماء، أو ما إذا كان ينبغي التخلص من الخطايا دون تمثيل مادي. وهناك أيضاً جدال حول ما إذا كان المسطح المائي يجب أن يحتوي على أسماك، بحسب موقع «بريتانيكا».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

شؤون إقليمية مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
ثقافة وفنون المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز) play-circle

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جانب من زيارة وفد مجلس الأمن إلى الجامع الأموي في دمشق (سانا)

وفد مجلس الأمن في أول زيارة من نوعها لدمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس، وفد ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في قصر الشعب بدمشق.

المشرق العربي دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:36

مقتل 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب غزة

قتل 6 فلسطينيين وأصيب آخرون مساء أمس الأربعاء، في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود من الجيش اللبناني ينظرون إلى موقع حانيتا العسكري الإسرائيلي (يسار) وموقع اللبونة، أحد التلال الخمسة التي احتلتها القوات الإسرائيلية منذ العام الماضي (يمين)، من موقع عسكري لبناني في قرية علما الشعب في جنوب لبنان، 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تشيد بـ«أجواء إيجابية» في محادثاتها مع لبنان

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المحادثات المباشرة التي جرت الأربعاء بين إسرائيل ولبنان للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاما، عُقدت «في أجواء إيجابية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.