ألبوم مصنوع من النفايات... «كولدبلاي» يطلق إصداره الجديد

كيف حقّق الفريق الموسيقي البريطاني الاستدامة البيئيّة والفنية والإنسانية؟

فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)
فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)
TT

ألبوم مصنوع من النفايات... «كولدبلاي» يطلق إصداره الجديد

فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)
فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)

استبقَ فريق «كولدبلاي» إصدار ألبومه الآتي غداً بحملةٍ دعائيّة ركّز فيها على الخصائص الصديقة للبيئة التي يتميّز بها الألبوم، أكثر من تركيزه على محتواه الموسيقيّ. ليس هذا الوعي البيئيّ جديداً على المغنّي البريطاني كريس مارتن وشركائه في الفريق، فهم مناصرون للطبيعة منذ مدّة طويلة، وأكثر من أي فنّانين آخرين.

فريق صديق للبيئة

في التفاصيل التي كشفها «كولدبلاي»، أنّ كل أسطوانة «فينيل» من الألبوم العاشر في مسيرة الفريق، الذي سيحمل عنوان «Moon Music» (موسيقى القمر)، مصنوعة من 9 قناني بلاستيكيّة مُعاد تدويرها. بذلك، يتفادى الفريق تصنيع أكثر من 25 طناً من البلاستيك الخام، ويخفّض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 85 في المائة. أما النسخة الإضافية من الألبوم، التي تتّخذ شكل دفتر، فمصنوعة من البلاستيك الذي جرى جَمعُه من أنهُرٍ في أميركا الجنوبيّة بالتعاون مع منظّمة بيئيّة.

ألبوم «كولدبلاي» الجديد مصنوع من الموادّ البلاستيكية المُعاد تدويرها (موقع الفريق)

لا يقتصر التزام «كولدبلاي» البيئيّ على تصنيع الألبومات، فحفلات الفريق وجولاته العالميّة معروفة بكَونها صديقة للبيئة وتُراعي شروط الاستدامة؛ أكان من خلال توليد الطاقة بواسطة الدرّاجات الهوائيّة والألواح الشمسيّة، أو إعادة تدوير كل المخلّفات البلاستيكيّة بعد الحفلات.

لكنّ الاستدامة ليست عنواناً بيئياً فحسب بالنسبة إلى الفريق البريطاني، فهي مكوّن أساسيّ في المسيرة الفنية الممتدّة منذ 3 عقود على المستويَين الإنساني والموسيقي.

في كل حفلات «كولدبلاي» يسهم الجمهور في توليد الطاقة من خلال ركوب الدرّاجات الهوائية (موقع الفريق)

استدامة بقوّة الصداقة

بلغَ الفريق عامَه الـ27 من دون أي حادثٍ يُذكر. انطلق كريس مارتن (غناء وبيانو)، وجوني باكلاند (غيتار)، وغاي بيريمان (غيتار)، وويل تشامبيون (إيقاع) من مقاعد الجامعة، حيث كانوا أصدقاء. منذ ذلك الحين، لم ينفصلوا يوماً ولم يهدّدوا حتى بذلك. واظبوا على الإصدارات والحفلات بإيقاعٍ منتظم، ولم يُسمَع عن خلافٍ زعزع علاقتهم.

في عالم الفنّ والأضواء، تُعَدّ هذه الاستمراريّة إنجازاً، وهي تحقّقت بقوّة الصداقة. في عام 2002، وخلال تسويقه لألبوم الفريق الثاني، تحدّث مارتن إلى الصحافة قائلاً: «أريد فحسب أن أصنع أفضل موسيقى مع أصدقائي المفضّلين». وكدليلٍ على هذا الالتزام، عاد ليكرّر الموقف عام 2011 عندما أعلن أنّ «سرّ استمراريّة الفريق هو تلك الكيمياء التي تجمع ما بين أعضائه».

«كولدبلاي»... صداقة وشراكة إنسانية مستمرّة منذ عام 1997 (إنستغرام)

تطوّر سمعي بصري

من بين المكوّنات الأساسية كذلك لوصفة الاستمراريّة، نجاح «كولدبلاي» في التطوّر عبر السنوات وعدم الوقوع في فخّ الركود. واكب الفريق بذكاء واحتراف التحوّلات التي طرأت على عالم الموسيقى. لدى انطلاقتهم من لندن عام 1997، كانت موسيقاهم توضَع في خانة الروك. لكن ما هي إلّا سنوات قليلة حتى تحرّرَ الفريق من الخانات، وصنع بصمةً خاصة به هي أقرب إلى البوب العصريّ الذي يعتمد الإيقاعات الحديثة.

يؤمن مارتن بأنّ «مستقبل الموسيقى يحتاج إلى مزيدٍ من الألوان في اللوحة، لذلك لا يجب الاكتفاء بنغمٍ واحد». ولعلّ تلك النظريّة هي التي أوصلت «كولدبلاي» إلى ما هو عليه اليوم؛ الفريق الموسيقيّ الأنجح والأكثر جماهيريّةً حول العالم خلال العقود الثلاثة المنصرمة.

مغنّي فريق «كولدبلاي» كريس مارتن (إنستغرام)

تمسّك الفريق بالهويّة الصوتيّة التي عُرف بها، إلّا أنه تبنّى في الوقت عينه الإيقاعات الرقميّة التي فرضها عصر التكنولوجيا. لم يخشَ مارتن ورفاقه من التجريب وإضافة عناصر جديدة إلى موسيقاهم. ورغم نجاحهم العالميّ الاستثنائيّ، حافظوا على تواضعهم ولم يتردّدوا في مدّ اليد إلى فنانين آخرين، ومن بينهم مَن يصغرونهم سناً وتجربةً. شكّلت تلك الديوهات خطوةً ذكيّة ورافعةً بالنسبة إليهم، لا سيّما في نظر الجيل الشابّ؛ بما أنهم اختاروا أسماء ضاربة في عالم الموسيقى للتعاون معها، أمثال سيلينا غوميز، وريهانا، والفريق الكوريّ الشهير BTS.

فنياً دائماً، عكسَ تطوّرُ التجربة البصريّة الخاصة بـ«كولدبلاي» رغبةَ الفريق في الاستمراريّة وفي التوجّه إلى الأجيال الصاعدة. العروض الموسيقيّة والحفلات قبل «كولدبلاي» شيء، وبَعدَهم شيءٌ آخر. المؤثّرات البصريّة والأضواء الملوّنة جزءٌ لا يتجزّأ من عروض الفريق، وهي لا تُشبه أياً ممّا ابتكرَه الفنانون الآخرون. على سبيل المثال، هم الذين اخترعوا الأساور المضيئة التي تُوزّع على الجمهور خلال الحفل؛ والتي أصبحت لاحقاً موضة منتشرة في الحفلات الموسيقية الضخمة حول العالم.

التجربة البصريّة في حفلات «كولدبلاي» فريدة من نوعها (إنستغرام)

جرعات من الفرح

على امتداد العقود الثلاثة من عمر الفريق، حافظ «كولدبلاي» على إنسانيّته لا بل نمّاها فباتت توأماً لموسيقاه. تأتي معظم الأغاني بمثابة جرعة فرح وأمل وأمان بالنسبة إلى الجمهور. يبثّ الفريق الطاقة الإيجابيّة في نفوس المتلقّين، كلاماً ولحناً وأداءً وتصويراً وألواناً. يتماهى المستمعون بسهولة مع الرسائل التي تتضمّنها الأغاني والحكايات التي ترويها، سعيدةً كانت أم مثيرةً لغصّةٍ عاطفيّة.

والأهمّ أنّ الفريق وفيٌّ لتلك المعاني الإنسانيّة، وكأنّ كريس مارتن ورِفاقه جنّدوا موسيقاهم لبثّ الطمأنينة في نفوس الناس، في زمنٍ يسوده القلق والخوف. وحتى في حفلاتهم، فإنّهم لا يبخلون بحُبّهم على الحضور. يبدو مارتن على تماسٍ مباشر مع الجماهير الغفيرة، فيدعو بعضَهم للصعود إلى المسرح، كما يطلب تصويب الكاميرا على بعضهم الآخر لمحاورتهم. وهو لا ينسى أن يطلب من الناس إطفاء هواتفهم، للاستمتاع بلحظة إنسانيّة صادقة بعيداً عن الضجيج الافتراضيّ.

يحرص مارتن ورفاقُه على بثّ الحب من خلال أغانيهم وتَعاطيهم مع الجمهور (إنستغرام)

بغض رغم الحبّ

غير أنّ كل هذا الحبّ الموسيقيّ لم يكن كافياً كي يقيَ الفريق موجات الانتقاد اللاذع، وحتى رسائل البغض على وسائل التواصل الاجتماعيّ. ففي المقلب الآخر لحكاية النجاح، غالباً ما يُنتَقد «كولدبلاي» بسبب أمورٍ عدّة. من بين ما يُلام عليه الفريق أنه دخل دوّامة الموسيقى التجاريّة ولم يُخلص لأسلوب البدايات المستقلّ. يُتّهم كذلك بأنه تعاون مع أسماء كبيرة في عالم الموسيقى والسوشيال ميديا، بهدف جمع الأرقام انطلاقاً من الهوَس بالنجاح. ولا تنجو الأغاني هي الأخرى من الانتقادات، إذ يُقال إنها تبالغ في بثّ الإيجابيّة.

إلّا أنّ كل ذلك لم يَحُل دون امتلاء الساحات التي يُحيي فيها «كولدبلاي» حفلاته بمئات آلاف المعجبين، ولا دون بيعه حتى اللحظة أكثر من 100 مليون ألبوم حول العالم.


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)
الوتر السادس تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتمسك الفنانة تانيا قسيس بحمل لبنان الجمال والثقافة في حفلاتها الغنائية، وتصرّ على نشر رسالة فنية مفعمة بالسلام والوحدة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.