كيف أصبحت مصر من أعلى دول العالم بمعدلات الولادة القيصرية؟

بنسبة بلغت 72 %

تدريب كوادر طبية لدعم الولادة الطبيعية (وزارة الصحة والسكان المصرية)
تدريب كوادر طبية لدعم الولادة الطبيعية (وزارة الصحة والسكان المصرية)
TT

كيف أصبحت مصر من أعلى دول العالم بمعدلات الولادة القيصرية؟

تدريب كوادر طبية لدعم الولادة الطبيعية (وزارة الصحة والسكان المصرية)
تدريب كوادر طبية لدعم الولادة الطبيعية (وزارة الصحة والسكان المصرية)

جدّدت تصريحات رسمية الجدل حول ارتفاع نسب الولادة القيصرية في مصر ووصفها بـ«الكارثية»، على الرغم من تبني وزارة الصحة والسكان المصرية خطاباً يدعو للاتجاه للولادة الطبيعية، في محاولة للسيطرة على الإقبال المتزايد على «القيصرية».

فقد أعلنت الدكتورة عبلة الألفي، نائبة وزير الصحة والسكان المصري، الأربعاء، أن مصر من «أعلى معدلات العالم في الولادة القيصرية»، وذلك خلال ورشة عمل مشتركة نظمتها وزارة الصحة المصرية بالتعاون مع منظمة «اليونيسيف» الدولية.

وأشارت المسؤولة المصرية إلى أن «نسبة الولادة القيصرية في مصر بلغت نحو 72 في المائة مما يجعلها أعلى نسبة في العالم»، ووصفت تلك النسبة بـ«الكارثية التي يجب التصدي لها».

ويتماشى حديث الدكتورة عبلة مع الاتجاه العام لوزارة الصحة والسكان المصرية الداعي للحد من العمليات القيصرية «دون ضرورة طبية»، وتشير نائبة وزير الصحة والسكان المصري، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «نسبة المواليد الجدد في العام الماضي سجلت مليوني طفل، من بينهم 72 في المائة بولادة قيصرية، بما يمثل نحو مليون ونصف مليون طفل، وهذا من الملفات التي تعمل عليها الوزارة منذ سنوات، ونأمل خفض هذا الرقم بنهاية العام الحالي».

وتُرجع الدكتورة عبلة الألفي ارتفاع تلك النسب إلى أسباب عدة مشتركة بين الأطباء والسيدات، قائلة: «هناك استسهال للولادة القيصرية بشكل عام، وعدم الانتباه لمخاطرها، فالسيدات يطلبن من الأطباء عدم الخضوع للولادة الطبيعية، خوفاً من الألم أو لعامل السرعة، رغم أن قرار الولادة القيصرية يجب أن يخضع لقرارات وآليات طبية وليس للتفضيلات الشخصية».

نصائح توعوية من مبادرة «الألف يوم الذهبية» (وزارة الصحة والسكان المصرية)

وتضيف نائبة وزير الصحة: «هناك كذلك عامل افتقار المنظومة الصحية لمقومات الولادة الطبيعية وأبرزها عدم وجود قابلات مدربات، لمساعدة الطبيب ومرافقة السيدة خلال عملية التوليد، ونقوم حالياً بتدريب كوادر من القابلات في المحافظات، سواء للمستشفيات الحكومية أو الخاصة بواقع 30 قابلة في كل محافظة».

كما أشارت إلى «العمل على تدريب كوادر للمشورة الأسرية قبل الزواج لتوعية السيدات بأهمية الولادة والرضاعة الطبيعية؛ خصوصاً أن هناك ميراثاً طويلاً من السينما والدراما روّج لفكرة الألم الشديد في الولادات الطبيعية، رغم أن تلك العمليات تقدمت بشكل كبير، وهو ما نحتاج فيه إلى دور الإعلام في التوعية لرفع وعي الأمهات بمخاطر القيصرية».

وتتراوح أسعار عمليات الولادة القيصرية في المستشفيات الخاصة من 15 إلى 50 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 48.3 جنيه مصري)، وذلك حسب مستوى تقديم الخدمة، وتقول الدكتورة عبلة: «نرصد كل أسبوع في الوزارة معدل الولادات القيصرية في المستشفيات، وتحديداً في المستشفيات الخاصة التي تُسجل أكثر من 60 في المائة من معدل الولادات، وبالتالي نقوم بتوحيد المعايير الطبية لتطبيقها على المستشفيات الحكومية والخاصة والجامعية على السواء».

وترى عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، الدكتورة إيرين سعيد، أنه «على الرغم من اتجاه وزارة الصحة المصرية للمساواة في أجور الطبيب في العمليات الطبيعية والقيصرية، وكذلك مبادرات التوعية بأضرار العمليات القيصرية على السيدات والأطفال، فإن أرقام العمليات القيصرية ما زالت مرتفعة بشدة».

وتضيف، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ما زالت المستشفيات، خصوصاً الحكومية، غير مُجهزة لتمضي سيدة ما قد يزيد على 12 ساعة لممارسة تمارين تواجه آلام وتقلصات الولادة؛ خصوصاً مع انخفاض معدلات الكادرات الطبية والتمريض، علاوة على الخلفية التي رسختها الدراما حول الألم الذي يُحيط بظروف الولادة الطبيعية، ما يجعل السيدات يخشينها».

وتشير إيرين إلى أن «للأمر جانباً مادياً أيضاً، فحتى لو تساوى أجر الطبيب في العمليتين، فإنه يستطيع في مقابل الوقت الطويل الذي يجري فيه عملية طبيعية واحدة أن يحصل على أضعاف هذه التسعيرة عن طريق إجراء أكثر من عملية قيصرية في زمن عملية طبيعية واحدة، خصوصاً في العيادات الخاصة».

وكانت وزارة الصحة المصرية قد أطلقت مبادرة «الألف يوم الذهبية» في أغسطس (آب) الماضي، تعنى بالأيام الأولى في حياة الطفل منذ بدء الحمل وحتى أول سنتين من حياته، وتوضح الدكتورة عبلة الألفي، المشرف العام على هذه المبادرة، أن «الولادة الطبيعية من الخطوات المبكرة لضمان توفير مقومات صحية وجسدية صحية للطفل المولود، خصوصاً أن الولادة القيصرية قد تتسبب في الكثير من الأمراض، على رأسها التوحّد والتقزم وضعف التحصيل المدرسي».

وتضيف أن «الوزارة تعمل على تساوي أجور الأطباء في العمليتين، حتى لو ارتفع في العمليات الطبيعية فهذا أمر منطقي لأن الطبيب يتحمل مسؤولية أكبر ووقتاً أطول، ولكن الفكرة والأولوية تتمثل في تحقيق رعاية صحية مثالية للأم وتجنب ممارسات خاطئة، وهذا اتجاه عالمي؛ حيث يُنظر للعمليات القيصرية بوصفها عنفاً ضد السيدات اللاتي يتعرضن لجراحة وتخدير دون الحاجة لذلك».


مقالات ذات صلة

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

تواجه شركة «هرفي» السعودية نزاعات بين كبار المساهمين وصلتْ إلى مطالبات بعزل رئيس مجلس الإدارة بسبب تراجع الأداء المالي للشركة.

عبير حمدي (الرياض)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».