«سبيل الغاب» يناجي الصحراء في أبوظبي

«مجمع 421 للفنون» يستضيف 19 فناناً من آسيا وأفريقيا

زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«سبيل الغاب» يناجي الصحراء في أبوظبي

زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يتقاطر محبو الفن التشكيلي، زرافاتٍ وفرادى، إلى «مَجمع 421 للفنون» في أبوظبي لمشاهدة لوحات وأعمال 19 فناناً من جنوب آسيا، وجنوب غربي آسيا، وأفريقيا، يعبّرون من خلالها عن معاناة أهالي بلادهم خلال فترات الاستعمار واستغلاله مقدرات بلادهم البشرية والطبيعية.

فالمعرض الذي افتُتح في 22 سبتمبر (أيلول) الجاري، يضمّ لوحات وأعمالاً، بأحجام مختلفة وبمواد متنوعة وأساليب شتّى تصب كلها في تظهير أساليب القهر والاضطهاد اللذين كانا يمارَسان على شعوب تلك البلاد في حقبة معينة.

نظرة تأمل في أسرة آسيوية تزركش بملابسها جفاف الصحراء (الشرق الأوسط)

أُطلق على المعرض اسم «سبيل الغاب» (Way of the forest)، وهو نسخة متنقلة من مهرجان كولومبوسكوب للفنون في سريلانكا. وبعد جولة في المعرض يتبادر إلى ذهن الزائر أن يربط التسمية بالتعبير الشائع عن «شريعة الغاب» حيث يأكل القوي خيرات الضعيف، ولا توجد قوانين تحمي للإنسان حقوقه ومقدرات بلاده. وهذا الوجع ربما لا يزال سائداً في مناطق مختلفة، وبأشكال متنوعة.

ومن خلال المعرض الذي يقدمه «مَجمع 421 للفنون»، وهو منصة مستقلة في أبوظبي تُعنى بالفنانين الواعدين والممارسين المبدعين، يلتقي الفنانون بعضهم مع بعض، وكذلك مع الجمهور لا سيما النشء الجديد الذي يراد له أن يكبر محباً للفن، من أجل إعادة إحياء المعرفة المتعلقة بالترابط والوصاية والممارسات الاستعادية عبر الغابات المطيرة والبرية والمزارع الجبلية والأراضي الرطبة النهرية.

زائرة تدقق بأحد الأعمال الخشبية في المعرض (الشرق الأوسط)

وحسب القيِّمين على المركز، فإن المعرض يدعو إلى التحرر من المناهج التقليدية والانتقال من منهج النهب والتفوق المتهور والانقراض، إلى تبني الاستماع الفاعل الذي يتجاوز الحواس البشرية.

تشارك في المعرض، المستمر إلى 29 ديسمبر (كانون الأول)، نخبة من الفنانين من دول عدة هم؛ من سريلانكا: إم تي إف روكشانا، وباثوم دارماراثنا، وبوشباكانثان باكياراجاه، تامارا جاياسوندرا، وثافا ثاجندران، وجاياتو شاكما، وسارميلا سوريكومار وبيراينيلا كريشناراجاه وكاروناسيري ويجيسينغ، ويو. أرولراج. ومن بنغلاديش: راكيبول أنوار. ومن الهند: سانجيتا مايتي، وشيراز بايجو (يعيش في موريشيوس). ومن نيبال: سانود ماهارجان. ومن أوزباكستان: سودت إسماعيلوفا. ومن نيجيريا: أوتوبونغ نكانغا. ومن الإمارات: موزة المطروشي. ومن الأردن: نهلة الطباع. إضافةً إلى مجموعتين من باكستان باسم «كاراتشي لا جامعة»، ومن الفلبين باسم «كولاجو تو بوفونجان».

زائرة تتأمل بعض الأعمال في المعرض (الشرق الأوسط)

وتوضح مديرة البرامج والمبادرات المجتمعية في «مجمع 421 للفنون» ميس البيك، لـ«الشرق الأوسط» أن «سبيل الغاب» هو أول معرض يحتل هذه المساحة من بين المعارض التي يقيمها المجمع منذ افتتاحه في عام 2015. وتشير إلى أن السبب يعود إلى «المواضيع التي يطرحها الفنانون في أعمالهم، وهي مواضيع معقَّدة ومتشابكة بين حياة الطبيعية والناس، وما يجب أن نقوم به للحفاظ عليها». وتضيف: «الأعمال تعبّر عمّا تعرَّض له السكان الأصليون في مناطق مختلفة، مما تسبب في تغيير نمط حياتهم، فكان بعضهم يلجأ إلى الغابة ليحافظ على هويته وطبيعته. هذه الأعمال تقول لنا إن علينا أن نفهم هذا التشابك بين حياتنا وحياة الطبيعة من أجل أن نحافظ على حياتها وبالتالي على حياتنا. هذا ما أردنا أن نقدمه لجمهورنا في الإمارات، وهو جمهور من خلفيات متنوعة».

ويشكل المعرض، بلوحاته وأعماله، دراسةً معقدة لتواريخنا البيئية المتآكلة، وللحكمة البيئية المفقودة، وللأجندات التنموية المتوحشة، ولأشباح الاستخراج، ويسعى إلى تتبع إرث استعمار الموارد والعقول الذي يعمل في الخفاء. ففي ظل المشاهد الطبيعية المتحولة، يتساءل الفنانون عمَّن يمتلك أراضي الغابات، ومن يتم تهجيره، ومن يُمنَع من دخول المواقع المخصصة للحفظ.

أحد مداخل «مجمع 421 للفنون» زيَّنته فنانة سريلانكية برمل من صحراء أبوظبي (الشرق الأوسط)

من جانبها، تقول مديرة التواصل الاستراتيجي في «مجمع 421 للفنون» دارة الغانم، إن المعرض يضمّ أكثر من 20 مشروعاً للفنانين المشاركين، مؤكدةً أن السبب وراء إحضار معرض يركز على الغابة إلى طبيعة صحراوية هو «جعل الناس يستكشفون ما يمكن أن ترويه الغابات، كما الصحراء، للناس وكيف يمكن أن نحافظ على الطبيعة، وبالتالي يحافظ بعضنا على بعض».

في أحد أجنحة المعرض، يصدر صوت آتٍ من الطبيعة لتهمس أرواح هذه الأراضي والأنهار والغابات في آذان السامعين كثيراً من الحكايات الشعبية والأساطير، خصوصاً أن الغابات ترتبط بالأشباح والساحرات وغيرها من الكائنات الغامضة، وغالباً ما تُصوَّر هذه الكيانات على أنها قوية ومستقلة، وتحضر خارج حدود القيود المجتمعية، كما أنها مساحات تثير الخوف من الأشياء المجهولة والقوى التي تتجاوز سيطرة الإنسان. ومع صعود الإمبريالية، تفاقم استغلال الموارد الطبيعية وإساءة معاملة السكان الأصليين بوصفه ذلك نوعاً من تحقيق الجشع والسلطة والغرور، وبذلك، صُور إخضاع الأدغال والبراري على أنه انتصار على رحابة الغابات وجموحها وغموضها، حسب منظمي المعرض.


مقالات ذات صلة

الفعاليات الثقافية تفتح مساحة للحوار في «معرض مسقط للكتاب»

ثقافة وفنون يحفل معرض مسقط الدولي للكتاب بنحو 211 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية (العمانية)

الفعاليات الثقافية تفتح مساحة للحوار في «معرض مسقط للكتاب»

استقطبت 211 فعالية في «معرض مسقط الدولي للكتاب 2025» حضوراً لافتاً من الجمهور المهتم الذي يتوافد إليه، توزعت بين ندوات حوارية وأمسيات ثقافية وعروض مسرحية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
يوميات الشرق الألوان تتداخل مع مفردات التراث في حكاية شعبية بلوحة للفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)

«حكاية لون»... معرض يحتفي بالتراث في أكاديمية الفنون المصرية

تحت عنوان «حكاية لون»، استضافت أكاديمية الفنون بالقاهرة معرضاً لأربعة فنانين من مصر وسلطنة عمان، عبّروا بلوحاتهم المتنوعة عن قدرة الألوان على تجسيد المشاعر.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المراكب تحمل سمات الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

​«الرحلة» منحوتات رمزية تستكشف المجهول

ينتقل الفنان التشكيلي المصري هاني السيد باستمرار من المعلوم إلى المجهول في تحدٍ لنفسه محاولاً استكشاف مزيد عن مشاعره وأفكاره والعالم حوله

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق صفحة من مصحف بالخط الكوفي يعود تاريخه إلى دمشق في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين (كريستيز)

سجاد القصر المحرم نجم مزاد كريستيز لفنون العالم الإسلامي والهندي في لندن

المزاد يضم مجموعة متميزة من القطع من بينها شمعدان مملوكي، وحليٌّ ذهبية من العصر الفاطمي، وسجاد من قصور الصين، ونسخة نادرة من كتاب «الشاهنامة».

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق لوحة للفنانة أماني زهران تستعيد شخصية «زبيدة» (الشرق الأوسط)

«مراسم رشيد» تستعيد مشروع «وصف مصر» تشكيلياً

بمشاركة 17 فناناً يمثلون مختلف المدارس والأجيال الفنية في مصر، افتتح الفنان طارق الكومي، نقيب الفنانين التشكيليين، معرض «ملتقى مراسم رشيد للرسم والتصوير».

محمد الكفراوي (القاهرة )

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
TT

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)

قامت «نقابة الموسيقيين» المصرية خلال الأيام القليلة الماضية بحملة موسعة ضد «تجاوزات» أغنيات المهرجانات بالحفلات والإصدارات الخاصة، خصوصاً بعد رصد ومتابعة عدد منها، وبدأت الحملة بمؤدي المهرجانات حمو بيكا، بعد تداول فيديو منسوب له عبر مواقع «سوشيالية»، وهو يغني كلمات اعتبرها البعض غير لائقة، بل وتسيء لإحدى مؤسسات الدولة.

ووفق بيان لـ«نقابة الموسيقيين»، فإن بيكا الذي يمارس نشاطه الفني كأحد حاملي تصريح شعبة «الأداء الصوتي»، تم إيقاف تصريحه وتحويله للشؤون القانونية للتحقيق العاجل، وذلك على خلفية ظهوره بإحدى الحفلات وغنائه كلمات لا تليق، كما شددت النقابة في بيانها على أنها لن تتهاون تجاه أي تجاوز أو إساءة، لا سيما فيما يتعلق بالثوابت المجتمعية أو مؤسسات الدولة.

ولم يتوقف الأمر عند بيكا، الذي دافع عن نفسه عبر حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، عقب قرار إيقافه، متذرعاً بأن الأغنية موال قديم، وأنه لم يقصد الإساءة، وأوضح خلال منشوره أن «الكثير من المطربين يقومون بغناء هذه الأغنية في حفلاتهم»، واستشهد بفيديوهات لبعض منهم، من بينهم المطرب الشعبي رضا البحراوي.

بدورها أعلنت النقابة، في بيان رسمي، التحقيق مع المطرب الشعبي رضا البحراوي بعد الاطلاع على الفيديو المنسوب إليه أثناء غنائه الكلمات نفسها التي قدمها بيكا في إحدى حفلاته، حيث أكد الدكتور محمد عبد الله، المتحدث الإعلامي لـ«نقابة الموسيقيين»، بأن النقابة لن تتهاون مع أي تجاوز.

حمو بيكا (حسابه بموقع فيسبوك)

وأوضح عبد الله، في بيان، أن عدم إيقاف البحراوي عن العمل أسوة بإيقاف حمو بيكا، يعود لكون الإيقاف عقوبة في حد ذاته، ولا يجوز توقيع عقوبة من دون تحقيق، طبقاً لنص المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون النقابات الفنية الثلاث، الذي ينص على أنه يحق لمجلس النقابة إيقاف عضوية المنتسب في أي وقت، بينما لم تنص على إحالته للتحقيق، لكن في حالة العضو العامل فالقانون يشترط إحالته للتحقيق أولاً.

وبجانب بيكا والبحراوي، أعلنت «نقابة الموسيقيين»، مؤخراً التحقيق مع مؤدي المهرجانات عصام صاصا، بعد انتقادات واسعة طالت بعض أعماله الأخيرة، ورصد تجاوزات في كلمات أغنياته، ومن بينها أغنية «محكمة ودخلنا على المفرمة»، التي طرحها صاصا عبر قناته الرسمية بموقع «يوتيوب»، وحققت أكثر من 12 مليون مشاهدة خلال أسبوعين.

من جانبه، قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي، تعليقاً على تجاوزات بعض مؤدي المهرجانات: «لا يمكن لأحد الدفاع عن الخطأ بأي شكل من الأشكال، ومن أخطأ فعليه تحمل نتيجة ذلك»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعميم بارتكاب إساءات أو تجاوزات على كل مطربي المهرجانات لا يجوز، خصوصاً أن ثقافة البعض منهم محدودة، ولا يعلمون جيداً خطورة ما يقدمون، وبرغم ذلك فإن الجهل بالشيء لا يمنع من العقوبة».

رضا البحراوي (حسابه بموقع فيسبوك)

وتطرق الشناوي إلى وقائع قديمة، قائلاً: «إن محمد عبد الوهاب وأم كلثوم تعرضا لاتهامات من إحدى المؤسسات الدينية بسبب كلمات أغنياتهم؛ لذلك فإن الخطأ لا يقتصر على مؤدي المهرجانات أو المطربين الشعبيين فقط، لكن ربما يكون هناك غيرهم؛ لذلك فمن يتجاوز في أعماله يجب محاسبته ومعاقبته، من دون وصم فئة بعينها».

وبعيداً عن الغناء، تحفظت الأجهزة الأمنية بمصر على حمو بيكا قبل أشهر عدة؛ بتهمة «حيازة سلاح أبيض»، و«الهروب من تنفيذ أحكام قضائية»، إلا أنه خرج بعد قضاء العقوبة في فبراير (شباط) الماضي، بينما قضى عصام صاصا فترة حبسه 6 أشهر مع الشغل في واقعة قيادة سيارة تحت تأثير المخدرات.